تحت رعاية وزارة الخارجية المصرية وبتنظيم من اللجنة المصرية للتضامن، نُظِّم يوم الأحد الماضى المؤتمر الثانى عشر لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية، تحت شعار «ميلاد جديد»، فى إطار تجديد وترسيخ الاستراتيجيات الجديدة للمنظمة، فى ظل ما تواجهه المنطقة من تحديات، وفى ظل الرؤية المصرية الجديدة للمنظمة بأن تلعب دورًا أكثر فاعلية وحزمًا فى الفترة القادمة.
بيان وزارة الخارجية المصرية، على لسان السفير إبراهيم الخولى نيابةً عن الدكتور بدر عبد العاطى، جاء حاسمًا فيما يخص الرؤية المصرية للدور الذى يجب أن تلعبه المنظمة فى الفترة القادمة، حيث أكد بيان الوزارة أن الاجتماع يأتى فى ظروف صعبة، بين أزمات اقتصادية وصراعات مسلحة تهدد الأمن الإقليمى، وكذلك تغيرات مناخية تهدد الحياة فى القارتين، لذا شدد بيان «الخارجية» على ضرورة أن تكون منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية منصة فاعلة ومتكاملة لتعزيز الدفاع عن المصالح المشتركة فى المحافل الدولية.
وأكد «الخولى» ضرورة توفير التمويل اللازم لتحقيق التنمية، بالإضافة إلى تعزيز آليات التمويل الحالية مع استحداث آليات جديدة قادرة على الاستجابة لتحديات الدول النامية، المتمثلة فى أزمات الديون وتفاقم العجز فى الموازنات، مما يُجبر الدول المتقدمة على التحول إلى شراكات تساهم فى دفع التعاون الاقتصادى وتعزيز النمو الشامل واللازم للدول. وتطرق أيضًا إلى ضرورة النظر إلى تغير المناخ وتأثيره على مناحى الحياة المختلفة، وكذلك الذكاء الاصطناعى وانعكاساته السلبية والإيجابية، وكيف يمكن الحفاظ على ثقافات الشعوب فى ظل ذلك.
وبالطبع، كانت القضية الأكثر حضورًا وإلحاحًا فى المؤتمر وفى بيان الخارجية المصرية، هى الدور الذى يجب أن تلعبه المؤسسة فى حق الشعوب فى تقرير مصيرها، وعلى رأس ذلك، بالطبع، القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، لأنه يُعد الشعب الوحيد فى العالم الذى لم يُتح له تقرير مصيره حتى الآن.
وقبل بيان «الخارجية»، تحدث الكاتب الصحفى عبد القادر شهيب، الرئيس الحالى للجنة المصرية للتضامن، وذلك للإعلان والتصديق على اختيار السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، رئيسًا للمنظمة. «شهيب» قال إنه تم اختيار السفير العرابى من قبل اللجنة المصرية لتوفر عدة ميزات رئيسية فيه؛ الأولى بالطبع أنه ابن وزارة الخارجية المصرية، وهذا يعنى أنه على علاقة طيبة بوزارة الخارجية. وكانت هناك محاولة من وزير الاتصالات السابق ياسر القاضى لأن يتولى رئاسة المنظمة، لكن كان هناك جدل بين مؤيد ومعارض من الشخصيات المختلفة، الدبلوماسية وغير الدبلوماسية، مما دفع إلى تعزيز اختيار السفير العرابى كابن من أبناء الخارجية، لأنه من الطبيعى أن تدعم الخارجية ابنها أكثر من أى شخصية أخرى.
وأضاف «شهيب» أن الأهم من ذلك أن السفير العرابى لديه رغبة فى تنشيط المنظمة وإحيائها من جديد، وهو ما أكد عليه السفير العرابى نفسه فى كلمته التى ألقاها أمام اللجان المختلفة، وفى الشعار الذى تم اختياره لإحياء المؤتمر الثانى عشر للمنظمة، وهو «ميلاد جديد»، حيث أكد العرابى فى كلمته على ضرورة إحياء المنظمة من أجل أن يكون لها دور فاعل فى حياة شعوبها.
وجاء خلال المؤتمر أيضًا انتخاب السكرتير العام الجديد للمنظمة، حيث تنافس كل من طالع السعود الأطلسى، مرشح اللجنة المغربية، ومحمد إحسان، مرشح اللجنة العراقية، وقد فاز إحسان بعد تصويت 18 لجنة حضرت المؤتمر، من بينها مصر ولبنان وسوريا والعراق واليمن وموريتانيا وبنجلاديش واليابان وروسيا والهند، مع تمثيل قليل للدول الإفريقية التى تعذر عليها القدوم، وفاز إحسان بفارق 11 صوتًا عن الأطلسى، الذى حصل على 7 أصوات.
وبعد اكتمال تشكيل الإدارة الجديدة، سيطر الحماس على الوفود ورؤساء اللجان، وسرعان ما عبَّر كل منهم عن مطالبه وحتى المبادرات التى يمكن أن تنهض بالمنظمة. حيث اقترحت اللجنة الروسية مبادرة تحت مسمى «ميديا هَب» أو «نادى الميديا» لتعزيز الروابط وتبادل المعلومات والثقافات والأخبار بين دول المؤسسة.
أما لجنة الكويت فطالبت بتكثيف جهود التضامن بين الدول المنكوبة والدول التى تنعم بالرخاء، كما طالبت بضرورة تخصيص جزء من تمويل المنظمة للتمثيل الفعلى للمنظمة ولجانها فى مقر ثابت، حتى وإن كان صغيرًا، لكن أن يكون له وجود مادى حتى يكون له تأثير فعّال. أما اللجنة العراقية، فطالبت أن تستضيف الفعالية والمؤتمر القادم فى العراق، حتى يكون للمؤتمر آفاق جديدة.
وبالطبع، لم تُخفَ القضية الفلسطينية عن أحاديث جميع اللجان المختلفة، حيث أعرب الجميع عن ضرورة التضامن مع الشعب الفلسطينى المنكوب، وكذلك دعم خطوات السلام لضمان إيقاف دائم للحرب وإعادة إعمار غزة، وكذلك ضرورة توحيد الصف ليتمكن الشعب الفلسطينى من الحصول على حق تقرير مصيره الكامل.
«اللجنة المصرية» شددت على ضرورة إنهاء الحروب والصراعات الداخلية الناشبة فى العديد من الدول، وحثت جميع المعنيين على تسخير جهودهم لإنهاء كل حالات الشقاق والخلاف هذه، وكذلك دعم كل الشعوب، وشعوب أمريكا اللاتينية التى تسعى للتحرر والبناء، مع ضرورة التطرق لتحديات التغير المناخى ومحاولات التصدى لها.
المشاركون أيضًا طالبوا بإضافة بعض الخطط لأجندة البيان الختامى، منها تشجيع الدبلوماسية الشعبية، وذلك من أجل إزالة الخلافات بين الشعوب، ووضع إنهاء الحرب فى السودان على أجندة المؤتمر، والتفكير فى إعادة إعمار المناطق والمدن هناك. كما اقتُرح أيضًا وضع الحرب الأوكرانية الروسية على أجندة المنظمة، ومحاولة إيجاد حل سلمى وفورى للأزمة.
واختتم «العرابى» بالتأكيد على ضرورة سداد اشتراكات اللجان، وذلك بمعاونة المنظمة للوقوف على أرجلها، ومحاولة معاونة الدول غير القادرة، لتتمكن على الأقل من حضور المؤتمر وتحمل تكاليف السفر.
«شهيب» أيضًا أكد أن «اللجنة المصرية» تعمل فى الفترة القادمة على توسيع اللجنة، حيث رحل عدد من أعضاء اللجنة المصرية، فى حين تقدم آخرون فى السن وأصبحوا أقل نشاطًا وحركة، لذا كان يجب تجديد شباب اللجنة المصرية، وهو ما تم بالفعل بضم عناصر من جيل الشباب وجيل الوسط خلال الأشهر الماضية، حتى يكونوا قادرين على الحركة والنشاط، كما تعاونت اللجنة مع منظمات وجمعيات نشطة سياسيًا، وأثمر هذا التعاون عن عقد عدد من المؤتمرات والفعاليات الثقافية والفكرية، وستستمر اللجنة فى هذا الاتجاه من أجل تطوير شباب اللجنة وإعادة إحيائها مرة أخرى.