رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مواقف «الإرهابية» تجاه الإعدامات الميدانية فى غزة فضحتهم.. الإخوان الداعشية


24-10-2025 | 19:09

.

طباعة
بقلم: طارق أبو السعد

للإخوان وجه واحد إرهابى داعشى، ومئات الأقنعة، وعندما تسقط الأقنعة يظهر الوجه الحقيقى، وقد ظهر الوجه الحقيقى عقب ثورة يونيو 2013 وحتى الآن، لا يكاد يمر يوم أو حدث، إلا ويظهر هذا الوجه الدموى الإرهابى بوضوح.

أربعة مشاهد متطابقة لأربع جماعات مختلفة، الأسماء تؤكد أن المضمون واحد، المشهد الأول قيام جماعة داعش بقتل ضحايا أبرياء وإعدامهم فى الرقة علنًا، المشهد الثانى جماعة جبهة النصرة تقوم بإعدام مواطنين فى إدلب ميدانيا، المشهد الثالث قيام حماس بإعدام مواطنين غزاويين ميدانيًا، الرابع قيام عناصر من الإخوان بإلقاء الأطفال من أعلى بناية فى منطقة سيدى جابر لمجرد أنهم يخالفونهم.

 

 

القاسم المشترك بين المشاهد الأربعة ليس أن الإعدامات تمت دون محاكمة أو شهود أو دفاع، بل رضا الجماعة الإرهابية عن هذه الإعدامات وتلك الجرائم، فلم يصدروا بيانًا واحدًا يندد بهذا السلوك الهمجى الدموى، بل حتى إن بعض المتحدثين باسم الجماعة أضفوا عليها طابع البطولة، واعتبروها «عملا مشروعا»، متجاهلين أن ضحايا تلك العمليات لم يكونوا «جنود الاحتلال»، بل مدنيون أبرياء من بينهم أسر وعائلات بكاملها قُتلت بعبوات ناسفة أو إطلاق نار عشوائى، كما قدموا تبريرًا ودفاعًا مستميتًا عن الحركة وروّجوا للاتهامات الباطلة التى أطلقتها الحركة، وهى ذات التهم التى قتلوا بها مخالفيهم، حتى من أعضاء حماس نفسها.

الروح الداعشية إخوانية فى الأساس

هذه الروح الداعشية التى تمتلئ بها جماعة الإخوان الإرهابية وكذا (التنظيمات الإسلاموية) ليست حديثة ولا يمكن اعتبارها ردة فعل طارئة، بل هى روح أصيلة كوَّنها المؤسس «حسن البنا» وبثها فى أتباعه ويتوارثونها جيلًا بعد جيل. هذا الوجه الداعشى الإخوانى انعكاس لبنية فكرية تمجد القتل وسفك الدماء، وهو التطبيق العملى لأفكار»البنا» و»سيد قطب» و»أبو الأعلى المودودي»، ولو أُتيحت الفرصة لجماعة الإخوان الإرهابية فى مصر أن يعدموا مخالفيهم ميدانيًا لفعلوا، ولماذا نذهب بعيدًا، ألم يعدوا قوائم بأسماء المخالفين لهم عقب فوز «مرسى» بـ»انتخابات الرئاسة»، وهددوا بالفعل شخصيات عامة وحاصروا مدينة الإنتاج الإعلامى وحاصروا المحكمة الدستورية؟ هل هذه سلوكيات جماعة سياسية تؤمن بالتعددية أم عصابات مسلحة لا تتفاهم إلا بالرصاص؟

«الإرهابية» توافق على القتل الجماعى وترفض أحكام القضاء

تقبل الجماعة الإرهابية مبدأ الإعدامات الميدانية طالما موجه ضد خصومها وتبرره دينيًا، فالجماعة قسمت المسلمين إلى «نحن» و»هم»، أو الفسطاطين، وجعلت من الانتماء لـ«الإرهابية» معيارًا للحق، فترى نفسها دائمًا هى الحق، وفوق القانون، والآخر متهمًا دائمًا، يحق لها ولعناصرها تطبيق قانونهم عليه، لذا لم يعقدوا محاكمات لمَن اتهموهم بالعمالة، هم أصدروا الحكم وقاموا بتنفيذه بقوة السلاح، فالجماعة لا تحترم القانون، ولا تعترف بشرعية أى قضاء لا يخضع لسلطتهم، ولا بأى نظام عدالة لا يصدر أحكامه وفق تصوراتهم، إنهم يتحدثون باسم العدالة فقط عندما تكون فى صالحهم، أما إذا أدانتهم فهى «عدالة الطغاة»، هذه المواقف فضحت الروح الداعشية الإخوانية، كيف يمكن أن نستمع لجماعة تبرر القتل الجماعى ثم تتحدث عن العدالة، كيف نقبل حركة ترفض حكم القضاء، ثم تزعم أنها تحترم القانون.

المفارقة، أن الإخوان حين يتحدثون عن «الدماء المظلومة»، فإنهم يقصرون الحديث على أعضاء الجماعة وأنصارها، ويتجاهلون تمامًا ضحاياهم من المدنيين ورجال الجيش والشرطة والقضاة، فالإعلام الإخوانى يقدّم «قتلى رابعة» رمزًا للظلم، لكنه لا يذكر أن أول مَن سقط هم شهداء الداخلية برصاص المجتمعين فى «رابعة»، ولا يذكرون «شهيد كمين المنصورة» أو «طفل المطرية» الذى قتلته عبوة ناسفة وضعها أحد عناصره، ولا الأطفال الذين تم رميهم من أعلى أسطح عمارات سيدى جابر.

خطاب «الإرهابية» المزدوج لم يعد يقنع أحدًا، اليوم المجتمع المصرى والعربى بات يدرك أن الإخوان لا يؤمنون بالقانون إلا حين يخدمهم، ولا يعترفون بالعدالة إلا إذا كانت على هواهم، والوقائع كشفت أنها تمارس العنف وتستنكره فى الوقت نفسه، فحين يُقتل خصمٌ لهم، يبررون القتل بفتوى «دفاع عن الدين»، وحين يُسجن أحدهم بحكم قضائى، يعتبرون ذلك «انتهاكًا للعدالة»، جماعة تتحدث عن حقوق الإنسان فى المحافل الدولية، بينما تحتفى باغتيال خصومها فى الداخل، تبكى على أحكام السجن ضد عناصرها، بينما تبرر قتل رجال القضاء والشرطة والمدنيين وتبرر الإعدامات الميدانية.

الفارق بين الدولة والعصابة

أما الدولة المصرية، رغم ما تواجهه من تحديات تحرص على إجراء محاكمات علنية ووفق القانون، حتى فى القضايا الإرهابية الحساسة، فلم تسجل حالات إعدام أو عقوبة إلا بعد مرورها على كل درجات التقاضى، بما فى ذلك محكمة النقض، بينما فى المقابل، لا تعترف الجماعة بأى من هذه الإجراءات، وتطالب العالم بإدانة القضاء المصرى، وهذا هو الفارق بين حكم الدولة وحكم العصابة.

الإرهاب.. الأب الشرعى للإعدامات الميدانية

إن موجة العنف المسلح التى استهدفت مؤسسات الدولة وقوات الأمن والقضاء، وتبنتها «الإرهابية» ونفذتها لجانها المسلحة، مثل «حسم» و»لواء الثورة» و»كتائب حلوان» وغيرها، هذه العمليات لا تقل جرمًا عن الإعدامات الميدانية، و«الإرهابية» فى كلا الحالتين قدمت خطابًا تبريريًا لإراقة الدماء وانحازت لكل عملية سقط فيها جنودنا البواسل. فالجماعة منذ نشأتها وهى تحمل بين جنباتها بذور التطرف والإرهاب، وهو الأب الشرعى لما يطلق عليه حاليًا الداعشية، ولأسباب تتعلق بالمناخ السياسى والاجتماعى أخفت الجماعة حقيقتها، وادعت أنها جماعة دعوية متسامحة، وعند الاختبار يظهر «الوجه الداعشى»، ظهر عند اغتيالها لخصومها مثل (اغتيال القاضى أحمد الخازندار/ مقتل حكمدار العاصمة بقنبلة أُلقيت عليه من عناصر الإخوان/ مقتل بعض الطلاب المخالفين لهم فى دمنهور/ حرق مقرات الوفد عام 1946 فى بورسعيد ومقتل أكثر من شخص وإصابة العشرات من المواطنين/ واغتيال سيد فايز قائد التنظيم السرى من قِبل عناصر مناوئة له/ اغتيال محمود باشا النقراشى رئيس وزراء مصر/ الاعتداءات على الجماهير فى الجامعات المصرية فى السبعينيات/ فى قضية الفنية العسكرية/ ومؤخرًا ظهر فى تجمع رابعة المسلح)، هذه الجرائم لم يرَ الإخوان وهم يرتكبونها أى خطأ، لذا فلا حق لأى جهة أن تحاكمهم، فقد كانوا ينفذون حكم الله فى أعداء الله.

الجذور الفكرية الداعشية للإخوان

لفهم كيف تم بناء الروح الداعشية فى تنظيم الإخوان الإرهابى، لا بد من العودة إلى الأساس الأيديولوجى الذى بنى عليه حسن البنا مؤسس الجماعة رؤيته للعالم وللمجتمع، لنفهم كيف يتحول الفرد الذى ينتمى للجماعة من إنسان إلى إخوانى داعشى، يقول حسن البنا فى رسالة «دعوتنا» (1934): «كل نظام لا يقوم على أساس الإسلام فهو باطل، وكل مجتمع لا يقوم على هذا الأساس فهو مجتمع جاهلى مهما زخرف من الأقوال والأعمال، وكل قانون لا يُستمد من الشريعة الإسلامية فهو اعتداء على حق الله فى التشريع، وعلى حق الأمة فى السيادة الإسلامية» هنا يقرر البنا أن التشريع -أى القانون- يمثل اغتصابًا لسلطة الله، وأن مصدر القوانين الوحيد هو الشريعة، ومن رسالة «إلى أى شيء ندعو الناس؟» (1935) يعود البنا فيؤكد: «نحن نؤمن بأن التشريع لله وحده، وأن الحاكم فى الإسلام مقيّد بكتاب الله وسنة رسوله، وليس له أن يشرّع أو يحكم بهواه» هنا يضع البنا الأساس النظرى لفكرة «الحاكمية»، التى سيطوّرها لاحقًا سيد قطب فى قوله: «الحاكمية لله»، فالبنا لا يرى التشريع من مهام البشربل من الوظائف الإلهية التى لا يجوز أن ينازعها أحد، بهذا المبدأ يسمح الإخوانى لنفسه أن يحاكم المجتمعات وأفرادها ومؤسساتها ويصدر حكمه عليه وينفذه.

ومن مقالٍ له فى جريدة «الإخوان المسلمون» (العدد 17، يوليو 1938)، يقول: «لقد نقلنا عن الغرب دستورًا لا يمت إلى عقيدتنا بصلة، وأقمنا نظمًا لا تمت إلى شريعتنا بسبب، فكانت النتيجة أن انفصلنا عن الإسلام فى الحكم والتشريع، وضاعت روح الأمة الإسلامية».. هنا يرى البنا أن الدستور المصرى مستورد من الغرب، وبالتالى فاقد للشرعية الدينية، ويدعو إلى استبداله، ومن كلمته فى المؤتمر الخامس للإخوان (1939)، يقول: «نظل نعمل على أن تعود شريعتنا الغراء لتكون أساس الحكم والتقنين فى بلادنا، حتى تنقشع هذه القوانين الدخيلة التى لا تمت إلى الإسلام»، هذا إعلان صريح بأن الجماعة لا تعترف بالقانون وتدعو لإلغائه.

من رسالة «بين الأمس واليوم» (1940) «إن النظام الإسلامى لا يعرف هذه الفوارق المصطنعة بين السلطات، ولا يقر هذا الفصل بين الدين والدولة، فالحكم لله وحده، والسلطان للقانون الإلهى»، هنا يرفض البنا أسس الدولة الحديثة، وأهمية «الفصل بين السلطات، والعقد»، ويعود ويؤكد على تصوره للأمة بأنها أمة دينية وليست مدنية. فيقول فى رسالة «نحو النور» (1947): إن الأمة الإسلامية ليست أمة مدنية تستمد نظمها من رغبات الناس (أى ارادة الشعب)، البنا هنا يرفض فكرة أن إرادة الشعب هى مصدر القوانين، وأساس الدساتير الحديثة.

ثم جاء سيد قطب ليحوّل هذه الرؤية إلى عقيدة تكفيرية متكاملة، حين اعتبر أن المجتمع بأسره يعيش فى جاهلية، وأن «الطليعة المؤمنة» أى جماعة الإخوان ومَن سار على نهجها تملك حق إقامة الحدود وتنفيذ أحكام الله دون انتظار دولة أو قضاء، ومن هنا ترسخت فكرة أن القتل يمكن أن يكون وسيلة مشروعة «لإقامة الحق»، وأن العنف ليس جريمة إذا صدر من «المؤمنين»، بل فقط إذا مارسه «الطغاة أو الكفار أو الأنظمة».

الآن وقد ظهر الحق

لا يكاد يمر يوم حتى يتبين جانب مظلم من الجماعة الإرهابية، لم يكن أحد يتوقع أنها وصلت إليه، لم يعد ينظر الناس إلى الإخوان كقوة سياسية اجتماعية كما كانوا يفعلون، الآن أدركوا أنهم أمام قوة مظلمة ظالمة إذا خسرت فى الانتخابات شككت فى النتائج ونزاهة القضاء، وإذا حوكمت بالقانون وأصدرت المحاكم حكمًا ضدها اعتبرته ظلمًا وعدوانا، جماعة تقوم ليل نهار بتشويه الدولة وتنحاز لأعدائها، جماعة إذا انفردت بالحكم سترفض البرلمان وسترفض القوانين، وسترفض مبدأ «الفصل بين السلطات، جماعة لا تؤمن بأسس الدولة المدنية، جماعة حاولت تأسيس قوة مسلحة موازية للشرطة وقوة عسكرية موازية للجيش، جماعة إذا ثار الشعب ضدها خرجت عليه بالسلاح، جماعة ترى أنها هى الحق وأن غيرها هو بالباطل، وأن من حقها إعدام مخالفيها لأنهم على الباطل، حتى دون محاكمة ودون شهود ودون دفاع، جماعة عندما حملت السلاح اغتالت وقتلت وحرقت، صوبت سلاحها نحو صدور المصريين.

الشعب المصرى، الذى رأى بأم عينيه تفجيرات الكنائس، واغتيالات القضاة، ومحاولات استهداف مؤسسات الدولة، واكتشف أن الإخوان الإرهابية لا يختلفون كثيرًا عن الجماعات التكفيرية الداعشية التى تبرر العنف باسم الدين، جماعة هذه هى ممارساتها، وتلك هى أفكارها لا يمكن له أن يقبلها فى المجتمع مرة ثانية، ولن يسمح لها أن ترتدى قناعًا جديدًا لتخدعنا مرة أخرى؟

    كلمات البحث
  • الإخوان
  • إرهابى
  • داعش
  • ثورة
  • يونيو

الاكثر قراءة