استطاع نادى بيراميدز أن يكتب واحدة من أبرز حكايات الصعود فى تاريخ كرة القدم القارية، محققا أربعة ألقاب فى وقت قياسى، كان آخرها التتويج بلقب كأس السوبر الإفريقى 2025، وقبله بطولة دورى أبطال إفريقيا وكأس القارات الثلاثة وكأس مصر، هذا الإنجاز ليس مجرد إضافة رقمية، بل هو تتويج لمسار استثنائى لفريق استطاع فى سنوات قليلة أن يتحول من نادٍ حديث العهد "صفر" بطولات، إلى قوة كبيرة فى القارة فرضت نفسها بقوة.
تحدث أحمد حسام «ميدو»، عضو لجنة التخطيط السابق بنادى الزمالك، قائلا: تجربة فريق بيراميدز تدرس فى أكاديميات كرة القدم، ما يشهده "الأهرام" ليس مجرد صدفة أو حظ عابر، بل هو نموذج متكامل يُحتذى به فى التخطيط الرياضى الحديث، لقد استطاع النادى فى سنوات قليلة أن يحقق ما فشلت فيه أندية عريقة ذات تاريخ طويل.
وأضاف أن المذهل فى التجربة هو الرؤية الشاملة التى تتعامل مع الكرة كمنظومة متكاملة وليس مجرد فريق يلعب داخل المستطيل الأخضر، من نظام الاكتشاف المبكر لاحتياجات الفريق بتدعيمات اللاعبين المميزين، إلى البنية التحتية المتطورة، لا سيما أن الفريق يتدرب فى استاد الدفاع الجوى وهو من أفضل الملاعب فى مصر، وصولًا إلى التخطيط التكتيكى المحترف من خلال المدرب الكرواتى "يورتشيتش"، كل هذه العناصر صنعت الفارق.
وتابع «ميدو» حديثه، عن التسارع الكبير فى إنجازات بيراميدز، فهل نحن أمام نموذج استثنائى أم أننا نشهد ظاهرة طارئة؟، الإجابة تكمن فى قدرة النادى على الاستمرارية وبناء جيل جديد من اللاعبين المحليين، وليس الاعتماد فقط على الاستثمار والصفقات الخارجية، لا سيما أن تجربة بيراميدز، كما يراها الأغلبية من الرياضيين، نموذج مزدوج يجمع بين الإعجاب والحذر، وإعجاب بقدرتها على تحقيق المستحيل رياضيا فى وقت قياسى نظرا لحداثة الفريق.وحذر من استمرارية هذا النموذج على المدى البعيد، ولكن تبقى التجربة جديرة بالدراسة والتحليل، سواء فى نجاحاتها الباهرة، أو فى التحديات التى تنتظرها فى المستقبل.
وأشار إلى أن بيراميدز أمام تحدٍّ تاريخى الآن وهو تحويل التجربة إلى مدرسة تُخرج أجيالا جديدة، وتؤسس لثقافة رياضية مختلفة، النجاح الحقيقى ليس فى جمع الألقاب، بل فى صناعة منهجية تظل تثمر حتى بعد رحيل المستثمرين.
ومن جانبه، قدم حازم إمام، عضو اتحاد الكرة السابق، رؤية نقدية أعمق، قائلًا: بيراميدز يمثل كسرًا للتقاليد فى الكرة المصرية والعربية، لقد أثبت أن الإدارة العلمية المدعومة بإرادة قوية يمكنها أن تحدث ثورة حقيقية، متحدية كل المعايير التقليدية البائتة، لكن التحدى الحقيقى الذى يواجه بيراميدز الآن هو تحويل النجاح الرياضى إلى تراث جماهيرى حقيقى، فالفريق لا يزال يعانى من أزمة هوية جماهيرية إذا قورن بالأندية العريقة، المهمة القادمة هى بناء جذور عميقة فى الوجدان الجماهيرى، وهو تحدٍّ أصعب من الفوز بالألقاب نفسها.
وأكد «إمام» أن بيراميدز بالفعل حصل على بطولات قارية فى وقت قياسى، وهذه السرعة فى الحصول على البطولات تعكس فجوة إدارية كبيرة بين بيراميدز وبقية الأندية، لكنها تذكرنا بأهمية التوازن بين العاطفة والعقلانية فى إدارة الكرة، متابعًا: "التاريخ الرياضى يحفل بأندية ظهرت كنيازك ثم اختفت، ولكن ما يميز إدارة بيراميدز أنها مدعومة برؤية واضحة يمكنها أن تحدث تغييرا جذريا فى المنظومة الرياضية المصرية فى القريب العاجل، لأنها نموذج يستحق الدراسة».
ورأى محمود فتح الله، مدرب بيراميدز السابق، أن ما يقدمة النادى السماوى ظاهرة فريدة فى كرة القدم المصرية، حيث نجح فى فرض هيمنته على البطولات القارية فى وقت قياسى شديد السرعة، محققًا أربعة ألقاب قارية ودولية، هى: دورى أبطال إفريقيا، والسوبر الإفريقى، وكأس القارات الثلاث (بطل نصف العالم)، بالإضافة إلى كأس مصر المحلى، مما يجعله يحقق "ثلاثية قارية" غير مسبوقة وضعته فى مكانة "ملك إفريقيا" بحق، وقد انعكس هذا النجاح إيجابا على خزينة النادى، حيث جنى ما يقرب من 6.5 مليون دولار من جوائز هذه البطولات، أما سر هذا التفوق القارى المفاجئ، فيكمن فى روح الفريق الواحد الذى أشيد به باستمرار، مؤكدا أن "جميع اللاعبين فى بيراميدز على قلب رجل واحد، ولا يوجد فارق بين لاعب أساسى واحتياطى، والعمل كمجموعة واحدة والثقة المتبادلة بين المدرب واللاعبين، مشيدًا بالكرواتى يورشيتش، الذى شكل عاملا حاسما فى تحقيق هذه الإنجازات المتتالية.
وقال «فتح الله»: «على الرغم من هذا المد القارى، يظل حلم الفوز بالدورى المصرى يطارد النادى»، مشيرًا إلى أن المعوقات تأتى من الخارج، فلماذا هذا القتال ضد فوز نادى بيراميدز بالدورى المحلى، فغياب العدالة الكاملة ومبدأ تكافؤ الفرص يتجلى فى قرارات رابطة الأندية خاصة العام الماضى، وبالفعل هى موجهة ضد بيراميدز بشكل خاص، مثل إقامة المباريات الحاسمة على ملاعب سيئة، أو فى توقيتات ظهرية حارة، أو تعيين طاقم حكام لا يناسب أهمية اللقاءات، مما يجعل المنافسة على اللقب غير متكافئة، متوقعًا أن يبذل الفريق خلال الموسم الجارى كل ما بوسعه لتحقيق لقب الدورى، ولمَ لا؟، فهو لديه جميع مقومات الفوز وحصد اللقب.