رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

شارع إبراهيم باشا بالكوربة.. «ماضٍ أنيق ومستقبل منظّم»


18-10-2025 | 22:39

.

طباعة
تقرير: رحاب فوزى

تضم العاصمة القاهرة، عديداً من الشوارع والميادين التاريخية التى يمتد عمرها إلى قرون طويلة، وبعضها تخطى حاجز الألف عام، التى يقصدها السياح والزوار المحليون للاستمتاع بجمال ورونق قاهرة المعز، ولعل الجميع يعرف شارع إبراهيم باشا بالكوربة فى مصر الجديدة، شارع الحياة والتاريخ وأولاد الطبقة الأرستقراطية، ولا يمكن أن تمر بالقاهرة، دون أن تخص شارع إبراهيم باشا بزيارة، ولو عابرة، خاصة إذا كنت تحتفظ لهذا الشارع العريق، بذكريات قديمة أو حديثة.. وإذا كنت لم تتجول على قدميك أو سيرًا عابرًا، منذ نحو العام، فلن ترى حجم التغيير الذى طرأ على هذا الشارع عما كان عليه، الأرصفة الجديدة من الإنترلوك مرتبة بشكل متجانس وباتت أكثر اتساعًا، المرافق العامة الكهربائية على ما يرام، والصرف الصحى تمّت معالجة تراكماته، والإنارة بكشافاتها الجديدة تعطى هالة ترحيبية حين تغرب الشمس عن المنطقة، حيث يعود بك رونق المكان إلى سابق عصره حين سكنها أرقى الطبقات الاجتماعية، حتى واجهات المحال والمقاهى تبدو متناسقة الألوان، السلالم مزيّنة، واللافتات موحّدة التصميم تقريبًا، والزُرع يختلط بالخضرة فى بعض الزوايا، بينما المقاعد الثابتة تنتظر المارة ليستريحوا قليلًا، ويتأملوا الشارع من منظوره الجديد.

 

وبحسب تصريحات الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، فإن مشروع التطوير الرسمى يبدأ من شارع الأهرام إلى شارع بغداد، بالتنسيق بين المحافظة ووزارة التنمية المحلية والجهاز القومى للتنسيق الحضارى، موضحًا أن الهدف من المشروع هو الحفاظ على الطابع المعمارى التاريخى للمنطقة، وتحسين جودة الحياة، وتحويل الشارع إلى مسار للمشاة بالكامل، أما عن الوحدات التجارية والمقاهى فقد تم رفع كفاءتها، كما تم الانتهاء حتى الآن من تطوير واجهات حوالى 64 محلًا تجاريًا، مع توحيد الألوان والدهانات والواجهات الخارجية، وتنظيم أجهزة التكييف، وإزالة الامتدادات التى تعوق حركة المشاة، كما تم إنشاء اتحاد شاغلين للشارع من سكان المنطقة، وتم التشاور معهم لتحديد الاحتياجات والمقترحات، وإدخالها فى التصميم، ونسبة التنفيذ تجاوزت 80 فى المائة حتى بداية شهر أكتوبر الجارى.

وقال «صابر» إن محافظة القاهرة تلعب دورًا تنفيذيًّا وإشرافيًّا، حيث تشارك فى التنسيق الحضارى، والمتابعة الميدانية لأعمال التطوير، وتقديم الدعم اللوجستى المطلوب، كما تعمل على إصدار اللازم للمرافق، كالصرف الصحى والغاز والكهرباء، وذلك لضمان استمرارية المشروع دون مشاكل خدماتية بعد الانتهاء من مراحل البناء والتجميل.

وأضاف «صابر»، أن المحافظة تتعاون مع إدارة المرور لتنظيم حركة السيّارات بما لا يعوق الاستفادة من الشارع بعد تحويله لمسار مشاة، والخوف هنا من عودة الفوضى فى الامتدادات الخارجية والإشغالات إن لم تكن هناك متابعة مستمرة، وسيكون شارع إبراهيم باشا نموذجًا يُحتذى به فى تطوير الشوارع التاريخية والتراثية فى القاهرة، كما أنه يفتح أبوابًا للتطويرات المماثلة فى الأحياء التى تجمع بين الطابع الحضارى والتراثى، لإعادة الوجه الجمالى للعاصمة، وإحياء روح القاهرة التراثية، بما يتماشى مع رؤية الدولة لتطوير مراكز المدن والأحياء والميادين التاريخية.

المهندسة منى البطراوى، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، قالت إن الهدف من المشروع ليس فقط تطوير الشكل الجمالى، لكن أن يصبح الشارع نموذجا للعودة إلى الطابع التراثى لمنطقة مصر الجديدة، ونحن نراجع ونتابع بشكل يومى كل الأعمال، وخلال الأيام المقبلة سنعلن عن الانتهاء الكامل من خطة الصيانة الدورية ومتابعة إشغالات المقاهى والمحال أولًا بأول.

وفى جولة استمرت أكثر من ساعة على امتداد شارع إبراهيم باشا بالكوربة، التقت «المصور» عدداً من الأهالى وأصحاب المحال والمارة، لرصد انطباعاتهم عن التطويرات الأخيرة التى غيّرت ملامح الشارع الشهير، وقال مجدى زكريا، أحد قاطنى المنطقة وصاحب أحد المحال، إنه يشعر بالرضا والتفاؤل، ويستشعر ذلك من المحيطين أيضًا، لأن كثيرًا من أهالى المنطقة يثنون على النظافة الجديدة، الإنارة الجيدة، الفراغات المفتوحة، وإمكانية التنزه الآمن ليلًا، مضيفًا: «أخيرًا أقدر أمشى فى الشارع من غير خوف على رجلى أو من سيارات تنتظر على الرصيف، خاصة أن الموضوع كان قد وصل لمرحلة مخيفة»، على حد وصفه، موضحًا قلقه من عودة الإشغالات بعد التطوير أو أن يعود شبح التعدى على الرصيف والشارع من المقاهى، مطالبًا بتشديد دور الجهات الرقابية واتحاد الشاغلين.

وفى الإطار ذاته، قالت سليمة الجندى، من أقدم قاطنى المنطقة، إنها تبنى آمالا كبيرة على تأثير المشروع، مؤكدة أن التطوير لا يقتصر على الجمال فقط، بل قد يُسهم فى رفع قيمة العقارات، وجذب أنشطة تجارية راقية، وتحسين الأمان والراحة، مما قد يجعل المنطقة مقصدًا للتجوال عند الأهالى والزوار، مضيفة أن الشارع الذى شهد عقودًا من التغير، يبدو الآن كأنه بدأ فصلًا جديدًا بين الماضى الأنيق والمستقبل المنظّم.

أما هدى عبد الرحمن، صاحبة الـ52 عامًا، من سكان الكوربة القدامى، فعلقت بابتسامة واضحة: «أنا وُلدت هنا، ورأيت الشارع فى عزّ أمجاده، وأسوأ حالاته كذلك، وبكل صدق شاهدت التطوير الذى أعاد الروح والحياة إلى الشارع التاريخى، وأصبحت أتجول ليلًا بدون أى قلق، والإنارة أصبحت تحفة، وأتمنى من ديوان عام محافظة القاهرة متابعة التزام المقاهى حتى لا نعود إلى فترات ما قبل التطوير» .

أما كريم صادق، صاحب مقهى صغير فى منتصف الشارع، فيرى أن التطوير انعكس بشكل إيجابى على حركة البيع، واصفًا المشهد: «بقينا نحس أن المكان بقى زى وسط البلد القديمة أو أوروبا، الناس بتيجى مخصوص تتصور وتشرب قهوة هنا، طبعًا فى الأول كنا متضايقين من أعمال الحفر، لكن النتيجة تستاهل»، حسبما وصف.