رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

اللواء خالد مبارك.. محافظ جنوب سيناء: التنمية فى «أرض الفيروز» لا تقل أهمية عن نصر أكتوبر


10-10-2025 | 11:40

.

طباعة
حوار: راندا طارق

فى ذكرى انتصار أكتوبر المجيد، حيث تحول المستحيل إلى واقع وسُطرت صفحات التاريخ بدماء الشهداء وعزيمة الأبطال، التقت «المصور» اللواء خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، فى حديث امتزج بين عبق الماضى وأمجاد النصر، وبين حاضر يبنى مستقبلاً جديداً على أرض الفيروز.

المحافظ كشف عن حجم الإنجازات العملاقة التى تحققت فى الصحة والتعليم والطرق والمياه والطاقة، وعن مشروعات كبرى تُغير وجه سيناء وتضعها على خريطة الاستثمار والسياحة العالمية، مؤكداً أن التنمية اليوم لا تقل أهمية عن عبور 1973.. فإلى نص الحوار:

 

كيف ترى العلاقة بين نصر أكتوبر العظيم وما تحقق من تنمية وبناء على أرض سيناء اليوم؟

نصر أكتوبر كان نقطة الانطلاق الحقيقية لما نعيشه اليوم من تنمية وتعمير، ففى عام 1973 استعدنا الأرض، ثم خضنا معركة السلام، مروراً بمعركة التحكيم، وجميعها معارك خضناها وانتصرنا فيها بفضل قواتنا المسلحة الباسلة، وتضافر جهود مؤسسات الدولة وأدواتها الدبلوماسية والقانونية والسياسية، واليوم نهنئ الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى قرر أن يرسخ أركان الدولة ويثبت مؤسساتها، ويقود مسيرة البناء عبر التنمية والتعمير والدعوة إلى السلام، ما نشهده الآن من مشروعات قومية عملاقة على أرض سيناء هو الامتداد الطبيعى لملحمة العبور، حيث تحولت سيناء من مجرد أرض حدودية إلى أرض استثمارات ومجتمعات عمرانية متكاملة، وأصبحت الملاذ الآمن وسط تحديات إقليمية ودولية غير مسبوقة، وإذا كان العبور فى 1973 قد تحقق بالسلاح، فإن العبور اليوم هو عبور بالتنمية، وهو لا يقل أهمية لأنه يضمن أن تبقى سيناء عامرة بالحياة، ومقصداً للسياحة العالمية، وأرضاً للسلام والأمن والنماء.

وما الذى يمثله السادس من أكتوبر لأبناء جنوب سيناء بصفة خاصة؟

هذا اليوم يحمل معنى مضاعفاً بالنسبة لأبناء جنوب سيناء، فهم كانوا أول منْ عانى من الاحتلال، وأول منْ شارك فى المقاومة والدفاع عن الأرض وواجه الاحتلال، وأول منْ استقبل جنود العبور، واليوم يرون أن تضحيات الشهداء لم تذهب سدى، وأن التنمية التى يعيشونها فى مدنهم وقراهم ووديانهم هى الثمرة الحقيقية للنصر، أبناء جنوب سيناء يعتبرون أن أكتوبر ليس مجرد ذكرى، بل عهد متجدد بأن تبقى سيناء دائماً فى قلب الوطن، وفى قلب العالم كوجهة للسياح والزائرين من شتى بقاع الأرض.

بصفتك من أبناء المؤسسة العسكرية، كيف تلهمك ملحمة العبور فى إدارة الملفات التنموية بالمحافظة؟

كونى ابن القوات المسلحة شرف وفخر وعزة ومسئولية، هذا الانتماء يعنى أن الخدمة للوطن والأهل واجب مقدس، أستحضر دائما روح أكتوبر فى عملى التنفيذي، ففى معركة العبور كان هناك إصرار على تحويل المستحيل إلى ممكن، واليوم أستلهم نفس الروح فى مواجهة تحديات التنمية، فعندما نخطط لإقامة مشروع فى منطقة جبلية أو وادٍ بعيد، نضع أمامنا نموذج العبور، ونثق أن الإرادة والعمل الجماعى قادران على تحقيق ما يراه البعض صعباً، هذه الروح هى سر نجاحنا فى دفع المشروعات التنموية بجنوب سيناء رغم كل التحديات.

وما أبرز المشروعات القومية التى تم تنفيذها فى جنوب سيناء مؤخراً، وكيف انعكست على حياة المواطنين؟

خلال الأعوام الأخيرة، تم تنفيذ عشرات المشروعات القومية التى انعكست مباشرة على حياة المواطنين، فعلى سبيل المثال، قاربت نسبة التنفيذ فى مستشفى نويبع المركزى 98 فى المائة، ليقدم خدمات طبية حديثة للمواطنين والسائحين، ويجرى استكمال مستشفى دهب الجديد بنسبة 78 فى المائة، وفى قطاع المياه، تم الانتهاء بنسبة 97 فى المائة من محطة تحلية طابا ومحطة تحلية شرم الشيخ «خليج القرش»، لتأمين مياه الشرب للسكان والقطاع السياحي، وفى الكهرباء، وصل مشروع توصيل التيار الكهربائى للتجمعات البدوية فى وادى العين ومشيش ومسيع إلى 90 فى المائة، ما غير حياة مئات الأسر، كما جرى تطوير عدد من المدارس فى مدن شرم الشيخ والطور، هذه المشروعات لم تعد مجرد خطط على الورق، بل واقع يلمسه المواطن يومياً.

البنية التحتية والطرق دائماً هى أساس التنمية.. حدثنا عن أهم الإنجازات فى هذا المجال بالمحافظة؟

الطرق والبنية التحتية هى العمود الفقرى للتنمية، فى جنوب سيناء، وتم استكمال الطريق الدائرى بشرم الشيخ لتسهيل الحركة السياحية، كما نُفذت مشروعات الحماية من السيول فى رأس سدر وأبو زنيمة وأبو رديس بنسبة تجاوزت 92 فى المائة، بما يحمى الأرواح والممتلكات، ونعمل كذلك على ربط المدن والتجمعات بشبكة طرق حديثة، مع إدخال تقنيات النقل الذكى فى شرم الشيخ كتجربة أولى نسعى لتوسيعها، لتواكب زيادة السكان، وتجعل التنقل أكثر أماناً وسرعة، ولدعم الاستثمار والسياحة.

إلى أى مدى أثرت مشروعات التنمية على جذب الاستثمار والسياحة فى شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء؟

التنمية هى أساس جذب الاستثمار، فعندما يجد المستثمر شبكة طرق حديثة، ومطارات مطورة، ومياها وكهرباء متوفرة يكون الاستثمار أمراً طبيعياً، وتحويل شرم الشيخ لمدينة خضراء رفع من قيمتها عالمياً، أما مشروع التجلى الأعظم فى سانت كاترين فسيجعلها مركزاً عالمياً للسياحة الروحية، كذلك مشروعات المياه والكهرباء والبنية فى نويبع ودهب تجعلها مؤهلة لاستقبال استثمارات سياحية ولوجستية جديدة.

وماذا عن مشروعات الإسكان والخدمات المقدمة للأهالى خاصة الشباب؟

تم تنفيذ وحدات إسكان اجتماعى وتجمعات بدوية حضارية مجهزة بالخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وصرف صحي، وتم الانتهاء بنسبة 98 فى المائة من مركز تأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة فى الطور، وإنشاء حديقة الزهور بديوان عام المحافظة بنسبة 98 فى المائة كمتنفس للأسر، مع تخصيص أراضٍ جديدة للشباب ضمن رؤية تعمير سيناء ليكونوا شركاء فى التنمية، وتخصيص أراضٍ لهيئة التنمية العمرانية لبناء مشروعات إسكان جديدة للمواطنين.

ما الذى قدمته المحافظة فى مجالات الصحة والتعليم لأبناء سيناء؟

فى الصحة أطلقت الدولة منظومة التأمين الصحى الشامل التى تغطى جميع المواطنين، وجرى تطوير مستشفيات طابا وأبو رديس ونويبع ودهب، وأصبح مستشفى شرم الشيخ الدولى من أهم المراكز المتكاملة للخدمات العلاجية، ويتم إدخال وحدات جديدة للتأهيل والرعاية الطبية المتخصصة.

وفى التعليم تم تطوير ورفع كفاءة العديد من المدارس مثل مدرسة النور ومدرسة الفيروز بشرم الشيخ، ومدرسة على بن أبى طالب ومدرسة الزهور بالطور، وإدخال تقنيات المدارس الذكية فى التجمعات الجديدة.

وفى الرياضة يتم استضافة فعاليات دولية من سباقات سيارات وراليات، إلى بطولات سباحة وتنس، بجانب تنفيذ برامج شبابية وثقافية داخل المدينة الشبابية بشرم الشيخ، وإنشاء مراكز شباب حديثة فى الطور ورأس سدر.

كيف يتم إشراك أهالى سيناء فى عملية التنمية وبناء مستقبل المحافظة؟

نحن نؤمن بأن التنمية الحقيقية لا تُفرض من أعلى، بل تُصنع بالشراكة، لذلك نحرص على إشراك شيوخ القبائل فى التخطيط، وتشغيل أبناء سيناء فى المشروعات القومية، وتقديم قروض وتدريبات للمرأة والشباب، كما نعمل على دعم الحرف التراثية البدوية وتسويقها كجزء من المنتج السياحي، هذا الدمج يحافظ على هوية المجتمع السيناوى ويجعله شريكاً أصيلاً فى التنمية.

ما الجهود المبذولة لتمكين المرأة والشباب فى جنوب سيناء؟

لدينا برامج خاصة لتمكين المرأة فى الحرف اليدوية والمشروعات الصغيرة، مع توفير معارض لتسويق منتجاتهن محلياً ودولياً، أما الشباب فيتم إشراكهم فى معسكرات ومبادرات تدريبية، مثل تطوير مراكز الشباب بنسبة 95 فى المائة فى الطور ورأس سدر، كما نوفر أراضى وفرص عمل للشباب فى المشروعات القومية، والهدف منها تحويل طاقات المرأة والشباب إلى قوة إنتاجية وتعزيز التنمية، وتم تخصيص لجنة للمرأة البدوية بتمثيل من جميع المديريات، تقوم بزيارات ميدانية للأودية والاجتماع بالمجتمع المحلى لبحث الاحتياجات، ما يثمر عن قرارات مهمة مثل استثناء طلاب وادى ميعر من الحد الأدنى للالتحاق بالثانوى التجاري، دعماً لاستكمال تعليمهم.

فى رأيك، كيف أسهمت التنمية الشاملة فى تعزيز الأمن القومى على أرض سيناء؟

الأمن القومى يتحقق بقوات مسلحة قادرة على الردع وحماية مصالح الدولة جنباً إلى جنب مع التنمية الشاملة، فعندما نوفر للمواطن مياهاً وكهرباء وتعليماً وصحة وسكناً لائقاً، نقطع الطريق على أى محاولة للتطرف أو الاستغلال، التنمية رسخت الانتماء الوطنى وأوجدت مجتمعات عمرانية جديدة تحمى الأرض وتثبت السيادة.

ما خطتكم خلال السنوات المقبلة لجعل جنوب سيناء محافظة عالمية فى السياحة والتنمية؟

خلال الخمس سنوات القادمة تركز الدولة على تنفيذ مشروعات وزارة النقل والصناعة لميناء طابا كممر تجارى عالمي، إلى جانب استكمال مشروع التجلى الأعظم فى سانت كاترين بالتعاون مع وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية، واستكمال تحويل شرم الشيخ إلى أول مدينة خضراء ذكية فى المنطقة، هذا إلى جانب التوسع فى زراعة القطن الذى حققه معهد بحوث القطن ومديرية الزراعة كمحصول استراتيجي، مع إطلاق مشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى مدينة الطور.

هل هناك مشروعات جديدة ستطلق قريباً بمناسبة ذكرى أكتوبر أو ضمن خطة الدولة 2030؟

نعم، هناك مشروعات جاهزة للافتتاح قريباً منها مستشفى نويبع المركزي، محطة تحلية طابا، استكمال مشروعات حماية السيول وتوصيل الكهرباء للتجمعات البدوية، كما نسعى لإطلاق مشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى الطور، لترسيخ مكانة جنوب سيناء كمركز عالمى للسياحة والتنمية.

البعض يقول إن «سيناء رغم المشروعات الكبرى ما زالت تعانى من فجوات فى الخدمات الأساسية».. كيف ترد على هذه الانتقادات؟

التحديات موجودة فى كل مكان، وهى تدفعنا لمزيد من العمل، حجم الإنجاز غير مسبوق، ولا توجد دولة فى العالم تحل كل مشكلاتها دفعة واحدة، لكننا نسير بخطة مدروسة، الفجوات التى كانت موجودة فى المياه والكهرباء والصحة يجرى سدها الآن، والأهم أن المواطن يلمس التغيير الحقيقى فى حياته اليومية، وصوته مسموع، وهو شريك فى اتخاذ القرار.

وفى السياق.. هناك منْ يردد أن التنمية فى شرم الشيخ تسير بوتيرة سريعة بينما القرى والوديان ما زالت تنتظر نصيبها؟

شرم الشيخ مدينة عالمية وتحتاج لمشروعات سريعة لتواكب السياحة الدولية، لكننا لم نغفل القرى والوديان، مشروعات الكهرباء والمياه وصلت إلى التجمعات النائية مثل وادى العين ومشيش ومسيع، وهذا دليل واضح على أن التنمية تصل لكل مواطن، كذلك قوافل الصحة والتعليم تصل إلى القرى الجبلية، مع دراسة كل المستجدات ضمن رؤية مصر 2030.

بعد 52 عاماً من نصر أكتوبر.. ما تقييمك لمستوى التنمية فى الجنوب؟ وهل نالت ما تستحقه؟

ما تحقق فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى غير مسبوق، حجم الأنفاق التى تنقل المواطنين من الوادى لسيناء، شبكة من الطرق الأكبر فى إفريقيا، مشروعات التعمير والاستصلاح، إقامة الفعاليات العالمية والمؤتمرات التى جعلت مصر محط أنظار العالم، ومع ذلك طموح الدولة أكبر لأن سيناء تستحق الكثير، ما تحقق حتى الآن نقلة تاريخية، لكننا نطمح لأن تصبح كل مدن جنوب سيناء نموذجاً عالمياً فى التنمية المستدامة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة