رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

انتصار أكتوبر.. يتحدى الذكاء الاصطناعى


10-10-2025 | 11:39

.

طباعة
بقلـم: محمد الشافعى

منذ أن استطاع جيش مصر العظيم تحقيق انتصاره الكبير فى السادس من أكتوبر 1973.. لم تتوقف محاولات العدو على مدى أكثر من نصف قرن لسرقة هذا الانتصار.. عن طريق تزوير الوقائع والأحداث والمعلومات.. والدفع بها إلى وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث فى الغرب بشكل خاص.. ثم فى كل العالم بعد ذلك.. وعندما ظهرت منصات السوشيال ميديا منذ عدة سنوات.. ازدادت محاولات العدو شراسة.. فى محاولة يائسة وبائسة للسيطرة على الذاكرة الجمعية للعالم.. بمعلومات مغلوطة وأحداث ملفقة.. وتحليلات مكذوبة.

 

وعندما ظهرت محركات البحث فيما يسمى الذكاء الاصطناعى خلال الفترة الماضية.. ثم استغلالها هى الأخرى.. فى ترويج تلك المزاعم الواهية.. ومن السهل على أى باحث أن يكتشف كل هذا التزوير والتلفيق.. فى سعى دءوب من العدو لترسيخ مفهوم (احتلال التاريخ) بعد أن امتلأ سجله الأسود بحوادث (احتلال الأرض).

ونتوقف بداية عند اعترافات العدو بهزيمته وانكساره.. خلال حربى الاستنزاف وأكتوبر.. تلك الاعترافات التى يحاول بكل آليات التزوير والتلفيق أن يمحوها..

فبعد الهزة العنيفة.. التى أحدثها انتصار أكتوبر داخل الكيان المحتل.. بادرت حكومته فى الحادى والعشرين من نوفمبر 1973.. إلى تشكيل لجنة تحقيق.. اشتهرت باسم لجنة أجرانات وهو رئيس قضاة المحكمة العليا.. والذى ترأس تلك اللجنة.. التى عقدت 140 جلسة استماع لأكثر من 55 شاهدا.. كما تلقت أكثر من 185 شهادة مكتوبة.. كل ذلك للبحث عن أسباب الانهيار الذى أصاب جيش العدو خلال الأيام الأولى من حرب أكتوبر.. وفى يناير 1975 أصدرت اللجنة تقريرا من 1500 صفحة لم يُنشر منه إلا المقدمة (42 صفحة).. وفى يناير 1995 أى بعد عشرين عامًا.. تم نشر التقرير كاملًا.. مع حجب 48 صفحة فقط.. وفى عام 2007 تم نشر التقرير كاملا.. وقد أحسن المركز القومى للترجمة التابع لوزارة الثقافة المصرية.. عندما أصدر خمسة أجزاء من هذا التقرير المهم.. الذى يؤكد أن (الحق ما شهدت به الأعداء).. حيث يؤكد هذا التقرير المهم على هزيمة جيش الاحتلال.. وانتصار الجيش المصرى فى معارك أكتوبر 1973.

وهناك أيضا الكتاب المهم.. والذى يحمل اسم التقصير.. أو (المحدال) باللغة العبرية.. ويحمل شهادة عن حرب أكتوبر كما رآها مجموعة من الصحفيين الذين عملوا مراسلين عسكريين مع جيش العدو.. ويقدم هذا الكتاب شهادة عن الحرب يرويها أشخاص مطلعون على بواطن الأمور.. ويركز على تقصير جيش العدو وعيوبه.. التى أدت إلى هزيمته خلال حرب أكتوبر 1973.

ورغم كل هذه التأكيدات.. التى تحمل الصبغة الرسمية والأكاديمية.. والتى خرجت من قلب الكيان المحتل ذاته.. فإنهم يواصلون دسّ السم فى العسل.. وترويج مزاعمهم الكاذبة.. مستغلين بعض أحداث ثغرة الدفرسوار.. التى حدثت يوم 16 أكتوبر 1973.

رغم أن محصلة تلك الثغرة كانت فشلا ذريعا للعدو.. الذى كان يخطط إلى احتلال مدينتى الإسماعيلية والسويس وإجبار الجيشين الثانى والثالث على العودة من سيناء إلى غرب القناة.. ولكن هذا المخطط فشل وتبدد أمام بسالة الجندى المصرى، حيث لقى العدو هزيمة قاسية.. قبل أن يصل إلى مشارف مدينة الإسماعيلية.. عندما فوجئ بأبطال الصاعقة.. تحت قيادة العقيد (اللواء) أحمد أسامة إبراهيم.. يخرجون من كل مكان فى حدائق المانجو.. التى تنتشر فى تلك المنطقة.. ليتكبد العدو خسائر فادحة فى الأفراد والمعدات.. وما زالت دباباته المدمرة.. والموجودة عند قرية كفر أبو عطوة.. قبل الإسماعيلية بعدة كيلومترات.. شاهدة على قسوة الهزيمة التى تلقاها فى تلك المنطقة، ولم تستطِع جحافل العدو أن تحتل مدينة السويس.. حيث تصدى لها أبطال منظمة سيناء العربية من الفدائيين.. ومعهم بعض أبطال الجيش الثالث.. مما أجبر قوات العدو على الوقوف خارج مدينة السويس.. التى ظلت محاصرة لمدة (101 يوم حتى تم توقيع فض الاشتباك الأول فى نهاية يناير 1974.. وعندما انتهى هذا الحصار.. راح جنود العدو يطلقون الأعيرة النارية فرحا وابتهاجا.. وذلك لأن أبطال السويس.. استطاعوا حصار محاصريهم.. وأذاقوهم كل ألوان الرعب والعذاب طوال فترة الحصار.. ورغم كل هذه الحقائق.. والوثائق.. فإن سردية العدو تواصل حلقات الزيف والتبجح.. لدرجة أنهم يقيمون بعض الفعاليات الاحتفالية.. كل عام فى ذكرى السادس من أكتوبر.

وعلينا ألا نغفل نجاح هذا العدو.. فى خلق تلك الأسطورة الزائفة عن (الهولوكوست).. وأفران الغاز.. حيث استغل ما فعله النازى هتلر ضد كل الأوروبيين.. فالحرب العالمية الثانية راح ضحيتها 60 مليون قتيل.. ولكن هذا العدو ركز فقط على بضعة آلاف من اليهود.. وراح ينفخ ويضخم فى الأرقام.. حتى وصل بهم إلى ستة ملايين يهودى.. وقد نسف الفيلسوف الكبير روجيه جارودى كل هذا فى كتابه المهم (الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل).

ونحن بالطبع لن نستطيع منع هذا العدو.. من ترديد أكاذيبه وأباطيله.. ونشر زيفه وتسويفه.. لكننا نستطيع صناعة سردية صدقنا وحقائقنا.. ونشر صدقنا ومصداقيتنا.. ويتطلب هذا بذل الكثير من الجهد الوطنى.. خاصة أن هذا العدو يحرص على إرضاع أبنائه كل هذا الزيف.. من خلال مناهج التعليم.. ومن خلال وسائل الإعلام وروافد الثقافة، والسؤال هو: ماذا نفعل لتحقيق الهدفين المهمين؟.. دحض كل هذه الأكاذيب.. ونشر كل ما لدينا من حقائق ووثائق.. ويمكن تحقيق الهدفين معا من خلال الخطوات الآتية:

أولا: كانت القوات المسلحة المصرية سباقة فى هذا السياق.. حيث أقامت عام 1998.. فى ذكرى مرور ربع قرن على انتصار أكتوبر.. ندوة استراتيجية موسعة.. دارت خلالها مناقشات مهمة وفاعلة.. ترتكز على الكثير من المعلومات والوثائق والحقائق.. وقد تم نشر فعاليات تلك الندوة فى كتابين كبيرين.. أصبحا مرجعين مهمين لكل مَن يريد دراسة انتصار أكتوبر 1973.. واحتفالًا باليوبيل الذهبى لهذا النصر العظيم عام 2023.. قدمت القوات المسلحة الكثير من المعلومات والوثائق إلى وسائل الإعلام المختلفة.. ورغم أهمية كل هذا، فإن هذا النصر العظيم ومن قبله انتصارات حرب الاستنزاف، تحتاج إلى مشروع قومى شامل ومتكامل لتسجيل أحداثها لحظة بلحظة.. وتحويل تلك التسجيلات.. إلى وثائق وحقائق يتم نشرها فى وسائل النشر.. المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية.

ثانيا: قدم المراسلون العسكريون.. الذين شاركوا فى تغطية أحداث الاستنزاف وأكتوبر.. العديد من الدراسات والكتب.. فقرأنا الكثير من تأليف.. جمال الغيطانى.. محمد عبدالمنعم.. حمدى الكنيسى.. حمدى لطفى.. فاروق الشاذلى.. عبده مباشر.. صلاح قبضايا.. إلخ.

ورغم أننى لم أشرف بالعمل كمراسل عسكرى خلال حربى أكتوبر والاستنزاف.. حيث كنت فى عام 1973.. فى الثالثة عشرة من العمر.. ورغم ذلك شاركت بجهد متواضع.. من خلال مجموعة كتبى.. التى تعدت العشرين كتابا.. كلها عن بطولات أكتوبر والاستنزاف.. وكل هذه الجهود مشكورة ولكنها غير كافية للرد على هجمات الزيف والتزوير.. التى يمارسها العدو.. فى محاولة يائسة منه.. لترسيخ مفهوم احتلال التاريخ.

ثالثا: نحن فى احتياج أكيد لوجود مشروع قومى.. يسعى بكل الجدية.. لتسجيل كل بطولات انتصارات أكتوبر والاستنزاف.. مشروع يقوم على أكتاف مجموعة كبيرة من الباحثين.. يذهبون إلى ما تبقى من أبطال أكتوبر والاستنزاف.. ويسجلون بطولاتهم.. وقد سبق أن عرضت هذا المشروع أكثر من مرة.. ولكن لم يُكتب له الخروج إلى النور.. ودعوت لأن يتم هذا المشروع تحت الإشراف المباشر للقوات المسلحة.. وخاصة هيئة البحوث العسكرية.. وإدارة الشئون المعنوية.. ولن يتوقف دور مجموعة الباحثين.. على تسجيل بطولات الأحياء والراحلين من الأبطال.. ولكن هذه التسجيلات ستكون مجرد جزء من الوثائق والمستندات.. التى كتبها الخبراء العسكريون والمؤرخون المصريون والعرب والأجانب.. وهذا الجهد لن يكون مجرد إنتاج لسردية وطنية مصرية عن حقائق ووثائق انتصارات أكتوبر والاستنزاف ولكنه سيكون المرجعية الأهم.. لدحض كل أكاذيب العدو.. لكى نقطع عليه الطريق.. ونمنع مخططاته البغيضة.. لترسيخ مفهوم (احتلال التاريخ).. فكما استطعنا تحرير الأرض.. بكتائب وسرايا الجيش المصرى العظيم.. فمن المؤكد أن لدينا العديد من كتائب الباحثين والمؤرخين.. الذين يملكون القدرة على (تحرير التاريخ).

 
 
 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة