رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ترامب ونوبل للسلام.. هل يستحق الرئيس الأمريكي الجائزة؟

25-9-2025 | 13:49

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

طباعة
أماني محمد

حالة من الجدل أثارها الحديث بشأن منح جائزة نوبل للسلام للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يتحدث باستمرار عن جهوده لإنهاء الحروب والصراعات، إلا أن الأمريكيين كان لهم رأي آخر، حيث أكد استطلاع رأي استطلاع أجرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكيين، أن 76% من الأمريكيين يرون أن ترامب لا يستحق جائزة نوبل للسلام، مقابل 22% فقط يرون أنه يستحقها.

ووفقا للاستطلاع الأمريكي فإن أغلبية الأمريكيين لا يوافقون على أداء ترامب ويعارض 60% منهم موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية و58% يعارضون موقفه من الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.

 

ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

ويتحدث ترامب عن رغبته واستحقاقه للجائزة، حيث قال في تصريحات له سابقة، إنه أنهى 7 حروب، كما ادعى أنه حل الصراع الهندي الباكستاني في وقت سابق من هذا العام بالتجارة، وقال: "على الصعيد العالمي، نقوم مرة أخرى بأشياء نحظى فيها باحترام لم نحظ به من قبل".

وقال ترامب، في تصريحات له في حفل عشاء مؤسسي معهد كورنرستون الأمريكي: "نحن نبرم اتفاقيات سلام، ونوقف الحروب. وهكذا أوقفنا الحروب بين الهند وباكستان، وتايلاند وكمبوديا"، مضيفا: "عملنا على وقف الحروب بين الهند وباكستان وأرمينيا وأذربيجان وكوسوفو وصربيا وإسرائيل وإيران".

 

وأكد ترامب أكد أنه يستحق الجائزة، التي حصل عليها أربعة من أسلافه في البيت الأبيض، تقديرا لعمله في إنهاء عدد من الحروب حول العالم، أما فيما يخص الحرب الروسية الأوكرانية قال: "اعتقدت أن إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا سيكون الأسهل بفضل علاقتي الجيدة بالرئيس بوتين لكن خاب ظني فيه".

 

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن ترامب لن يكون قادرًا على الفوز بجائزة نوبل للسلام ما لم يعمل على إنهاء الحرب في غزة، مؤكدًا أن لدى واشنطن وحدها القدرة على الضغط على إسرائيل لوقف القتال.

وأوضح، في مقابلة مع قناة "BFM TV" الفرنسية من نيويورك، أن "هناك شخص واحد يمكنه أن يفعل شيئًا حيال ذلك، وهو الرئيس الأمريكي. السبب في أنه قادر على فعل أكثر مما نفعل نحن، هو أننا لا نزوّد بالأسلحة التي تسمح باستمرار الحرب في غزة. الولايات المتحدة الأميركية هي التي تفعل ذلك".

وكانت إسرائيل وباكستان وكمبوديا، رشحت ترامب، في وقت سابق، للحصول على الجائزة تقديرًا لدوره في التوسط لاتفاقيات سلام أو لوقف إطلاق النار.

 

تصريحات تتناقض مع الواقع القانوني والأخلاقي

رفض الدكتور محمد مهران، المتخصص في القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، فكرة ترشيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام مؤكدا أن هذا الاقتراح يتناقض صراحة مع الواقع القانوني والأخلاقي لدور الولايات المتحدة كشريك رئيسي في الحرب المدمرة على قطاع غزة.

وقال "مهران"، في تصريحات خاصة لـ "دار الهلال"، إن الولايات المتحدة أصبحت بشكل واضح وموثق شريكا أساسيا في استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة من خلال استخدامها المتكرر لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن لمنع إصدار أي قرار دولي ملزم بوقف إطلاق النار، مؤكدا أن هذا السلوك يجعل واشنطن متواطئة قانونيا في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن معايير جائزة نوبل للسلام تتطلب مساهمات حقيقية في تعزيز السلام والعدالة الدولية وليس مجرد وقف حرب كان المرشح نفسه سببا في استمرارها مؤكدا أن الدعم الأمريكي العسكري والسياسي والمالي لإسرائيل طوال فترة العدوان يجعل من المستحيل اعتبار أي رئيس أمريكي صانعا للسلام في هذا الملف.

وأكد أن الحصيلة المروعة للعدوان الإسرائيلي التي تجاوزت 60 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح وإعلان المجاعة وانهيار المنظومة الصحية في غزة تؤكد حجم الكارثة الإنسانية التي ساهمت الولايات المتحدة في استمرارها.

ولفت إلى أن هذه الأرقام تعكس جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وفقا للقانون الدولي الجنائي وأن أي شخص ساهم في تمكين هذه الجرائم لا يمكن أن يكون مؤهلا لجائزة السلام.

وحول تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بإمكانية حصول ترامب على الجائزة في حالة إنهاء حرب غزة، أكد الدكتور مهران أن هذا المنطق معكوس قانونيا وأخلاقيا، موضحا أن من يشارك في إشعال الحريق لا يستحق جائزة لإطفائه.

وأشار إلى أن القانون الدولي يقر بمسؤولية الدول المساعدة والمحرضة على ارتكاب الجرائم الدولية وأن الولايات المتحدة تقع بوضوح تحت هذا التصنيف.

وانتقد التصريحات الاستفزازية لترامب حول احتلال غزة وإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، مؤكدا أن هذه التصريحات تتعارض مع مبادئ القانون الدولي وتعكس نزعة استعمارية تتناقض تماما مع قيم السلام والعدالة الدولية.

ولفت إلى أن هذه المواقف تؤكد عدم أهلية ترامب لأي جائزة تتعلق بالسلام أو حقوق الإنسان، موضحا أن جائزة نوبل للسلام فقدت الكثير من مصداقيتها عبر العقود الماضية من خلال منحها لشخصيات متورطة في جرائم حرب أو انتهاكات لحقوق الإنسان، وأن منحها لترامب سيكون الضربة القاضية لما تبقى من سمعة هذه الجائزة.

وشدد على أن السلام الحقيقي لا يتحقق بوقف مؤقت لإطلاق النار بل بتطبيق العدالة ومحاسبة المجرمين وتطبيق قرارات الشرعية الدولية مؤكدا أن أي حل لا يشمل هذه العناصر سيكون مجرد هدنة مؤقتة تمهد لجولة جديدة من العنف والقتل.

 

رغبة ترامب ليكن مركز السلطة والاهتمام

ويقول الدكتور محمد عبد العظيم الشيمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إن الحديث الدائر حاليًا حول استحقاق دونالد ترامب لجائزة نوبل، وما يقوم به من محاولات منذ دخوله البيت الأبيض للمرة الثانية في يناير الماضي، يسلط الضوء على عدة جوانب، منها أن ترامب يُصرّح باستمرار بأنه قام بمحاولات عديدة لإنهاء الحروب وحل الأزمات، ويقدّم نفسه على أنه راعٍ للسلام، ويؤكد أن سياساته تهدف إلى تحقيق أهداف تختلف عن نهج إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن ترامب يرى أن إدارة بايدن تسببت في العديد من الأزمات والصراعات خلال الفترة الماضية، في حين يسعى هو الآن إلى احتوائها وإنهائها، مضيفا أن الواقع يتطلب تحليلًا أعمق لشخصية ترامب، فهو لا يتميز فقط بكونه شخصية جدلية، بل يسعى باستمرار إلى أن يكون في مركز السلطة والاهتمام، ويهدف إلى تحقيق مجد شخصي، كما يظهر من خلال تصريحاته منذ ولايته الأولى وحتى الآن.

وأضاف الشيمي أن ترامب يربط بين استعادة الدور القيادي للولايات المتحدة على الساحة الدولية وبين وجوده في السلطة، سواء خلال فترته الأولى أو في فترته الحالية، موضحا أنه بدأ يتحدث عن تدخله في عدة أزمات وصراعات، مثل النزاع بين الهند وباكستان، إضافة إلى حديثه عن دوره المحتمل في حل أزمة الشرق الأوسط في غزة، أو وساطته في الحرب الروسية الأوكرانية.

ولفت إلى أنه مع أن هذه التصريحات تتحدث عن دور أمريكي في إنهاء الصراعات، فإن الواقع يشير إلى أن التدخل الأمريكي غالبًا ما يكون لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، لا بالضرورة لإنهاء الحروب أو الأزمات، موضحا أنه تبدو تصريحات ترامب بعيدة عن الواقع، ولم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن.

وأشار إلى أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ما زالت مستمرة، وأزمة غزة تتفاقم مع استمرار التصعيد ووقوع مجازر جماعية، موضحا أن الحديث عن استحقاق ترامب لجائزة نوبل يبدو غير واقعي، وحتى مسألة ترشّحه للجائزة مثار شكّ داخل المجتمع الأمريكي، ويبدو أن معظم هذه التصريحات تندرج ضمن محاولاته للظهور الإعلامي أكثر من كونها مواقف تستند إلى إنجازات حقيقية.

الاكثر قراءة