رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«أشباح السويس» تؤرخ لمهرجان 500 ليلة مسرحية


14-9-2025 | 10:21

.

طباعة
بقلم: محمد عبد الحافظ ناصف

لكل فعل ذاكرة ستكون فى المستقبل سيرة تلاحق الصالح والطالح؛ وفعلنا اليوم هو مهرجان 500 ليلة مسرحية الذى وافق عليه مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة واعتمده الوزير الدكتور أحمد فؤاد هنو، وتقوم فكرة المهرجان بالأساس على استغلال مقدرات ما تم إنتاجه خلال الموسم المسرحى الفائت لكى يتم عرضها وخاصة المسرحيات التى حققت تقديرات جيدة.

 
 

ويتم ذلك لمرة أخرى ومرات بمواقعها بقصور وبيوت الثقافة بالأقاليم وذلك حتى يتم الانتهاء من الإنتاج الجديد للعروض المسرحية الذى يعرض فى شهرى مايو ويونيه أثناء موسم الامتحانات، فلا تكون المشاهدات بالقدر المأمول ويكون عرضه فى شهور الصيف -يوليو وأغسطس وسبتمبر- فرصة مناسبة للجمهور المحب والعاشق لمسرح الثقافة الجماهيرية، وقد حدد قرار مجلس الإدارة طريقة العمل الإدارية والمالية لمن سيعيدون العروض مرة أخرى وذلك لتشجيع المخرجين والممثلين والعاملين جميعاً فى العرض المسرحى.

والسؤال الآن لماذا مهرجان 500 ليلة مسرحية وما ضرورته الآن؟ أذكر أن هناك مقولة قالها الرئيس عبد الفتاح السيسى حين تولى مسئولية مصر عام 2014 وهى أن (واحد زائد واحد) لم تعد تساوى اثنين، ولكن يجب أن تساوى أكثر من ذلك وفهمت الرسالة ساعتها كمسئول فى نهاية الأربعينيات يدير واحدة من أهم مؤسسات الثقافة فى مصر والعالم العربى وهى أننا يجب أن نستغل كل ما لدينا من أمكانيات ونحسن استغلالها ونعيد تدويرها كى نصل بأقصى فائدة لها، فليس لدينا رفاهية الوقت أو المال لكى نغامر، فالوطن وقتها كان فى حالة حرجة يتطلب من الجميع التكاتف حتى نمر من عنق الزجاجة. فظروف مصر لم تعد فى أفضل حالٍ بعد أحداث يناير وثورة 30 يونية وعليه يجب أن نحسن استغلال ما لدينا من موارد، لذا كانت فكرة تدوير المتاح وريبرتوار الأعمال المسرحية التى تقدمها الإدارة العامة للمسرح بالثقافة الجماهيرية واحدة من مقترحات التطوير الخاصة بى عام 2014 كنائب لرئيس هيئة قصور الثقافة حين قابلت الدكتور جابر عصفور لتولى المهمة وعام 2015 كرئيس للهيئة وشرحت الفكرة التى كنت بالفعل قد نفذتها عام 2013 لإعادة العروض المسرحية بأقل التكاليف لمجلس الإدارة، وذلك حين كنت رئيساً لإقليم شرق الدلتا وأطلقنا على الفعالية مهرجان شرق الدلتا المسرحى، وشارك فيها عدد من المخرجين والفنانين المتحمسين والمقتنعين بالفكرة ومنهم على ما أذكر شاذلى فرح وحسن عباس وشريف صلاح وعبد الرحمن المصرى وكان ذلك فى شهر رمضان المبارك ومن ميزانية الإقليم وظلت فكرة تدوير المتاح واستخدام ما لدينا من قدرات فلسفة عمل خاصة بى ولا تشكل فكرة قلة الموارد أى عائق لتنفيذ أية فكرة أريدها بالمتاح لدى من ميزانيات وتلك نعمة أشكر الله عليها لأنه سبحانه يهبنى الحل حين تعجز الميزانيات حتى إن أحد الوزراء طلب منى فى وقت ما أن أحلم حين كنت رئيساً للمركز القومى لثقافة الطفل وأعددت مشروعاً بسيطاً بأحلام ليست كبيرة لعدد من المشاريع الثقافية والفنية للطفل المصرى لن تتكلف أكثر من ستة ملايين جنيه فلم أحصل إلا على 140 ألف جنيه فى أحد أبواب المالية وهو باب رابع للصرف على متطلبات غير العاملين فى الدولة من الكتاب والرسامين والفنانين وكان درساً قاسياً جعلنى أفكر دائما على قدر ما فى جيبى وأبدع فى استغلاله محاولاً البحث عن طرق خارج

الصندوق تثير الدهشة وتفيد الرواد من الكبار والصغار.

ومازال السؤال مطروحاً.. لماذا المسرح؟! لأنه ببساطة أهم الأشكال الفنية الجامعة لكل أشكال الفنون؛ فنجد التمثيل والإخراج والموسيقى والفنون التشكيلية، والرقص، وتصميم الملابس التى تناسب الوقت الذى تقدم فيه الحكاية، ونجد أيضاً بعض المشاهد السينمائية كمفردة مكملة للعرض. كل هذه الفنون فى وجبة فنية واحدة على خشبة المسرح أو فى قاعة أو فضاء مفتوح بتجربة مسرحية مختلفة ومتميزة، فالمسرح متعدد الأشكال والألوان للكبار والصغار وقادر على جذب الصغير والكبير، فكل متفرج يجد فيه مبتغاه الذى يبحث عنه.

وإضافة للرؤية الفنية توجد مسألة مالية غاية فى الأهمية وهى أن تلك المسرحية لها عدد من العقود التى تستمر لخمس سنوات دون أن تستغل ولو لمرة واحدة بعد العرض الأول لمدة سبع أو عشر ليالٍ مسرحية إلا عقد التأليف المسرحى فقط؛ أما بقية العقود من رؤية إخراجية وأشعار وموسيقى وديكور وملابس وتصميم استعراضات لا تستغل، والغريب أن كل تلك المفردات والديكورات تذهب للمخازن كى تتحول بعد فترة إلى كهنة مخزنية تباع ببخس الثمن وتشكل مشكلة أمنية خوفاً من تعرضها للحريق، فالهيئة تصرف سنوياً ما لا يقل عن 14 مليوناً على عروضها التى تقترب من 120 عرضاً لفرق الشرائح الكبيرة من قصور وبيوت وقوميات و150 عرضاً لنوادى المسرح للشباب علاوة على ما يقرب من 50 عرضاً على الأقل للأطفال.

و المدهش أن إعادة تلك العروض جميعاً فى الموسم الثانى لن يكلف أكثر من 15 فى المائة من قيمة ما تم صرفه على الإنتاج فى المرة الأولى ومثال ذلك مسرحية «كرنفال الأشباح» التى تم إطلاق المهرجان بها من مدينة السويس الأسبوع الماضى وسط أجواء من الفرح والحماس والبهجة من قبل الفنانين جميعاً والإداريين؛ فقد تم إنتاج المسرحية بمبلغ 87 ألف جنيه فى أول مرة بعيداً عن مصاريف اللجان والتحكيم والفنادق والمواصلات والمكافآت، وفى إعادة المسرحية للمرة الثانية كانت جملة المصاريف لا تزيد على 8000 جنيه فقط ومع كل مرة عرض تقل مصاريف الإنتاج، ألا يعطينا ذلك مؤشراً مهماً بضرورة إعادة العروض مرات ومرات حتى يتم إنتاج المسرحية الجديدة التى ستعرض فى الربع الأخير من نهاية السنة المالية!! والسؤال الآن لماذا لا يتحمس بعض المخرجين وبعض الإداريين لإعادة عروض الموسم السابق ويسوقون أسباباً غير منطقية مثل أنهم لا يستطيعون تجميع الممثلين رغم أنهم بعد أيام يجمعونهم لتقديم عروض جديدة كى تذهب للمخازن بجوار أخواتها دون أن تشاهد وتعرض كما ينبغى والمدهش أن الممثلين وهم الفئة الأقل حصولاً على مبالغ مالية لا تكاد تذكر وهم الأكثر سعادة بإعادة العروض مرة أخرى وهذا حقهم، أما المخرج وبقية العناصر الذين لن يستفيدوا من إعادة العروض لا يهتمون رغم أن التعاقدات معهم لمدة خمس سنوات.

وأستطيع القول بوضوح إن مهرجان 500 ليلة مسرحية هو الخطوة الأولى لعمل استثمار ثقافى وفنى إضافة لمتعة فنية حقيقية للرواد فى أقاليم مصر وأن المعرقل لإقامة هذا المهرجان مقصر فى حق المال العام وفى حق رواد هذا المسرح الحقيقى فى الأقاليم الذين لا يشاهدون إلا عدة أيام لا تزيد على أصابع اليدين.

وفى إطار خطة الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان بشأن إعادة العروض الفنية المسرحية المتميزة ضمن «مهرجان الـ 500 ليلة مسرحية « للعروض التى تم تصعيدها للمهرجانات الختامية والحاصلة على تقييمات عالية من قبل لجان التحكيم، تم البدء لعرض العمل المسرحى «كرنفال الأشباح» تأليف موريس دى كوبرا وإخراج أحمد رضوان لفرقة بيت ثقافة الملك فيصل المسرحية التابعة لفرع ثقافة السويس على مسرح التربية والتعليم بالسويس بحضور الشاعر دكتور شعيب خلف رئيس الإدارة المركزية لإقليم القناة وسيناء الثقافى، هويدا طلعت مدير عام فرع ثقافة السويس، سماح حامد مدير الخدمات الفنية بالإقليم، وذلك خلال الفترة من 31 أغسطس وحتى يوم 6 سبتمبر 2025.

وتدور أحداث المسرحية فى مقبرة حيث يجتمع عدد من الموتى فى نادٍ خيالى مع شخص يعرف بالحاجب، ويتبادلون ذكرياتهم عن الحياة التى عاشوها وأسباب موتهم، إلى أن يظهر «البروفسير» الذى يختار بعضهم بعناية بعد موافقتهم لإعادتهم إلى الحياة، من خلال دواء قام بتجربته على الفئران لعلهم يجدون فرصة أخرى غير الحياة الأولى، ومع عودتهم إلى الحياة نجدهم ينساقون وراء شهواتهم، باستثناء «امرأة» واحدة تقرر التضحية بنفسها، لكن حينها يقرر مساعد «البروفسير» تفجير المكان، طمعاً فى احتكار الاختراع وتؤكد المسرحية أن الموتى لو ردوا للحياة لعادوا لما نهوا عنه..(ولَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ) كما تقول الآية الكريمة. وتبدأ المسرحية بكسر الحائط الرابع بينها وبين الجمهور حين يدعو حاجب المقابر الجمهور للدخول للمقبرة لمشاهدة صراع الأموات فيما بينهم وصراعهم فى الحياة وتستقبل الجمهور رقصة إيقاعية لمجموعة من الموتى عبرت فى الحقيقة عن حماس هؤلاء الأولاد والبنات للعرض المسرحى وكذا كل الممثلين الذين بذلوا كل ما فى وسعهم لتوصيل الرسالة، وتمتلك الفرقة عدداً من الممثلين الكبار المتميزين جداً والذين يستطيعون ملء الساحة التمثيلية فى مصر بنجوم قادرين على جذب الانتباه مثل الحاجب والبروفسير والرجل المجنون والجنرال كما تميزت العناصر النسائية فى تقديم أدوارهن بتميز واختلاف.

وقام ببطولة مسرحية «كرنفال الأشباح» نخبة من فنانى السويس، كتب لها الأشعار أحمد عايد، وموسيقى وألحان محمد طاهر، تصميم الملابس والديكور رامى عاطف، تصميم الاستعراضات عمر حسين، ومن اللافت للنظر حضور جمع كبير من الجماهير فى مسرح التربية والتعليم بمدينة السويس مما يؤكد تعطش الناس فى الأقاليم لمشاهدة العروض المسرحية التى تحمل قيمة ومتعة فى الوقت نفسه، ولكن يجب علينا أن تُقدم للجمهور فى وقت مناسب مثل شهور الصيف وليس شهور أبريل ومايو ويونيه التى تعتبر نهاية السنة الدراسية والسنة المالية والسنة الكبيسة!!!

 
 

الاكثر قراءة