قال خالد مصطفى، الخبير في الشؤون الأوروبية، إن تقييم تعامل الاتحاد الأوروبي مع القضية الفلسطينية يختلف في جوهره عن الموقف الأمريكي، سواء من حيث المرجعيات أو مستوى الانحياز، موضحاً أن مقارنة الطرفين تكشف عن فارق جوهري بين منطلقات سياسية متناقضة.
وأوضح مصطفى في حوار مع "المصور" ينشر لاحقا، أن الاتحاد الأوروبي يتمسك نظرياً بمرجعية القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وحل الدولتين على حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، مشيراً إلى أن غالبية دول الاتحاد ترى أن الصراع لا يمكن حله إلا عبر تسوية سياسية عادلة تضمن الحقوق الفلسطينية. أما الولايات المتحدة، فهي تحافظ دوماً على أمن إسرائيل أولاً، وتتعامل مع المسار السياسي كأداة لخدمة هذه النظرية، حتى مع إعلانها الصريح دعم حل الدولتين.
وأكد مصطفى أن هناك تغيراً ملموساً في المزاج الأوروبي تجاه إسرائيل بعد الحرب الأخيرة على غزة، لافتاً إلى أن هذا التحول ليس مجرد انطباع عابر، بل حقيقة أكدتها استطلاعات الرأي. وأوضح أن الحراك الشعبي والنقاشات الرسمية داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، التي كانت تميل في السابق إلى الحياد أو التعاطف مع الرواية الإسرائيلية، أصبحت اليوم أكثر انتقاداً لإسرائيل وأكثر انحيازاً لحقوق الشعب الفلسطيني.
وعن إمكانية ترجمة هذه التحركات إلى مكاسب سياسية على الأرض، قال الخبير إن ذلك ممكن بدرجات متفاوتة وفقاً لاعتبارات عدة، منها الضغط الدولي على إسرائيل، حيث تضيف كل خطوة اعتراف أو قرار برلماني أو تحرك قانوني عبئاً سياسياً ومعنوياً عليها ويقيّد هامش مناورتها في المحافل الدولية، حتى وإن لم يؤدِ ذلك إلى حل فوري، لكنه قد يفتح المجال لمحاولات التغيير.
وأضاف أن هذه التحركات ترفع حالة الوعي العالمي بعدالة القضية الفلسطينية، مما يضعف محاولات إسرائيل لتسويق روايتها ويعزز التضامن الشعبي والحقوقي الدولي.
وأكد أنه عندما تتحرك دول أوروبية مؤثرة نحو الاعتراف بفلسطين، فإنها تُحدث توازناً مع الانحياز الأمريكي التقليدي لإسرائيل، وهو ما يقلّص من قدرة واشنطن على فرض تسويات منقوصة.
كما شدد مصطفى على أن الدعم السياسي الدولي يعزز ثقة الشارع الفلسطيني بأن قضيته ما زالت حية على الساحة العالمية، وهو ما يمنح القيادة الفلسطينية مساحة أكبر للمناورة داخلياً وخارجياً، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذه المكاسب تبقى سياسية ومعنوية فقط، وتحتاج إلى تفعيل عملي وقرارات ملزمة حتى تتحول إلى تغييرات واقعية على الأرض الفلسطينية.