اتجه للكتابة التليفزيونية بعد هزيمة 5 يونيو سنة 1967م فكتب ثلاثين عملاً منها (فرصة عمر، حكاية شرارة، مبروك جالك ولد، هند والدكتور نعمان}، وكتب أربعة مسلسلات إذاعية، وسينمائياً كتب 12 فيلماً أشهرها مع عادل إمام كوميديان مصر الأول فيلم (الإرهابي} ثم ثلاثية (بخيت وعديلة والجردل والكنكة وهاللو أمريكا} .
وعطاؤه وعشقه الأول كان للمسرح (أبو الفنون} حيث قدم نحو 55 مسرحية بدأت بمسرحية (إنهم يقتلون الحمير} سنة 1974 وأخرجها جلال الشرقاوى، ثم (انتهى الدرس يا غبى} وأخرجها السيد راضى، و(على بيه مظهر} و(مبروك} و(حاول تفهم} و(نقطة الضعف} و(سك على بناتك} بطولة فؤاد المهندس، و(المهزوز} و(أنت حر} مع محمد صبحى ومن إخراجه، ثم قدما معاً (الفضيحة والهمجى وتخاريف وعفريت لكل مواطن وأبو زيد ووجهة نظر وبالعربى الفصيح} وغيرها، وقدم له المسرح القومى فى عهد الفنان محمود ياسين ورئاسته له مسرحية (أهلاً يا بكوات} سنة 1989 وأخرجها عصام السيد، ثم عاد عصام السيد وأخرج له مسرحيته الثانية (وداعاً يا بكوات} سنة 1997، ومن قبلها أخرج له (الحادثة، وتكسب يا خيشة}، ثم أخرج (اعقل يا دكتور} و(ذكى فى الوزارة} و(فى بيتنا شبح} و(اضحك لما تموت} .
وكان للمخرج محسن حلمى نصيب من إخراج عدد من مسرحيات لينين منها (الكابوس، والعار، ووجع الدماغ، واللهم اجعله خير، والشيء، وكلنا عايزين صورة، وآدم وحوا) .
وأخرج لينين لنفسه مسرحيات منها (بالعربى الفصيح وأسرار الكاميرا الخفية، وسلام النساء، واخلعوا الأقنعة، وأحلام ممنوعة، ورصاصة الرحمة، وحصاوى وأيامه، والغرفة العلوية وتعالوا نعمل فيلم} وغيرها.
وتظل له أربع مسرحيات طويلة لم تعرض بعد هى (الكلمة الآن للدفاع، وأنا وشيطاني، وهى معارضة لأسطورة فاوست، والدنيا مسرح كبير، واضحك لما تموت} .
تزوج لينين من كاتبة الأطفال فاطمة المعدول وأنجب منها (شادى وهند} ورحل فى 7 فبراير العام الماضى أى قبل عام ونصف العام .
كتاب المسرح ورموزه
وإذا كان يحسب لرائد المسرح المصرى الحديث توفيق الحكيم أنه أول من وطَّن فن المسرح فى التربة المصرية والعربية كتابة وتمثيلاً فجعله مصرياً خالصاً، وتنوع عطاؤه فيه من المسرح التقليدى للمسرح العبثى واللامعقول والمسرح الذهنى، وتناول القضايا السياسية والحكم كما تناول القضايا الاجتماعية، والوجودية، والأفكار الجديدة، والأساطير القديمة مثل (شهرذاد} من (ألف ليلة وليلة} واستوحى من القرآن الكريم كما فى (أهل الكهف} .
ثم جاءت من بعد الحكيم أجيال ضمت (نعمان عاشور وتوفيق دياب ويوسف إدريس ونجيب سرور وسعد الدين وهبة وألفريد فرج وسمير سرحان ومحمد العناني} وغيرهم علاوة على ما كتبه نجيب محفوظ من مسرحيات ذات الفصل الواحد وما كتبه أسامة أنور عكاشة وغيرهما، وفى المسرح الشعرى وجدنا من المؤسس أحمد شوقى أمير الشعراء إلى الشاعر عزيز أباظة إلى صلاح عبد الصبور كمرحلة فارقة ثم فى عصرنا فاروق جويدة بمسرحيتيه (الوزير العاشق، ودماء على ستار الكعبة} .
لينين فى الميزان
ومع احترامنا لكل من سبقوا جاء لينين الرملى فصاغ معاناة الإنسان المعاصر فى مسرحيات متتالية أضحكتنا من أنفسنا وعلى أنفسنا وكشفت عورات المجتمع، وتلك من وظائف المسرح النقدى البناء المشتبك مع الواقع، وتوالت تجارب لينين المسرحية من نقد للقوالب الدينية المتحجرة لنقد البكوات المماليك مع إسقاط على الواقع فى (أهلا يا بكوات}، لنقد ازدواجية الإنسان المعاصر مثل (تخاريف والهمجي} للتأكيد على أن النظر الحقيقى (وجهة نظر} وليس مجرد (البصر أو الشوفان} وظل يدق جرس الإنذار بكل مسرحية جديدة كما ظل ينبهنا ويجرحنا ويعرينا من أجل أن يتخلص المجتمع من عيوبه وأمراضه الاجتماعية .
وعلى مستوى المواهب الجديدة قدم لنا لينين الرملى مع رفيق رحلته الفنان محمد صبحى جيلاً كاملاً من الممثلين من أمثال (عبلة كامل ورياض الخولى وهانى رمزى وأحمد آدم وصلاح عبد الله وممدوح وافى وهناء الشوربجي} وغيرهم من الفنانين الذين أصبحوا أعمدة المسرح مع محمد صبحى لاحقاً حين انفصل عن لينين واستقل بفرقته .
قدم لينين المسرح التجارى ولكن بمفهوم ومبادئ المثقف فارتقى بذوق الجمهور وحققت مسرحياته المعادلة الصعبة وهى النجاح الجماهيرى والمالى، ثم تعاون مع مسرح الدولة وهو الكاتب المستقل فقدم لنا روائع تعيش معنا لليوم وناقش كل ما أراد دون حذف أو حساسية، وكان لينين رجل الدراما بلا منازع ومنذ كتب مع المخرج صلاح أبو سيف فيلم (مدرسة الجنس} وهو يتعلم ويكتب حتى كان من نصيبه أن يتعاون مع عادل إمام والمخرج نادر جلال فى أربعة أفلام ناجحة جماهيرياً مع أنها تحمل أفكاراً سياسية وتفضح الزيف الاجتماعى .
التقيت لينين الرملى فى مسرحه بميدان العتبة مطلع التسعينيات وكان اسمه (استديو 80} حيث قدم مع محمد صبحى أهم مسرحياته وكانت تحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، دخلت عليه فى مكتبه بأسئلتي، كان يدخن بشراهة ونظارته لا تفارق عينيه، وكان مهموماً على الدوام، وشعرت أنى أمام كاتب أصيل لا يقلد ولا يهرج ولا يعمل من أجل المال أو الشهرة بل يحمل قضية وهموماً، ورأيته هو كل شيء فى المسرح وكأن محمد صبحى تابع له، فقد كان لينين هو المؤلف والمخرج مع صبحى وهو من يضع كل اللمسات والحركات بكل المشاهد ولا يترك شيئاً للمصادفة، وحين التقيت صلاح عبد الله وأحمد آدم وغيرهما فيما بعد قالوا لى : (لقد تعلمنا المسرح فى مدرسة لينين الرملى ومحمد صبحي) حيث قدما معا كثنائى ست مسرحيات هى (المهزوز وأنت حر والهمجى وتخاريف ووجهة نظر وبالعربى الفصيح) وظلت الفرقة من سنة 1980 حتى سنة 1991 وقدما نموذجاً للمسرح المستقل الناجح جماهيرياً وصاحب القضية فلا هو مسرح الدولة المعلب أو المخنوق، ولا هو المسرح التجارى أو الخاص الذى لا يخلو من راقصة وإفيهات مبتذلة، بل كنا أمام كاتب موهوب وزميله الفنان الموهوب، وكلاهما كان يعصر نفسه عصرا فى سبيل تحقيق النجاح . ولليوم نحن نشاهد مسرحيات لينين فنجد المتعة والضحكة ووجهة النظر والثقافة والقضايا المطروحة وكأنها كتبت لعصرنا، وهذه سمة من سمات الفن الخالد أن قضاياه متجددة مع كل جيل، رحم الله لينين الرملى رائد المسرح المصرى المعاصر بلا منازع والموهوب المستقل عن بيروقراطية مؤسسات الدولة .