يوافق اليوم، الخميس 11 أغسطس، ذكرى ميلاد واحدة من أيقونات الغناء العربي، نجاة الصغيرة، التي وُلدت في مثل هذا اليوم من عام 1938 باسم نجاة محمد كمال حسني البابا، لتصبح لاحقًا صوتًا لا يُنسى في سماء الطرب العربي.
وبمناسبة عيد ميلادها، نعود بالزمن إلى لحظة طريفة ونادرة من بداياتها الفنية، ربما لا تتذكرها نجاة نفسها، لكنها وثّقتها الصحافة في أربعينيات القرن الماضي، وتحديدًا في مجلة "الاثنين والدنيا"، عدد 26 أكتوبر 1942.
الجمهور يضحك أولًا.. ثم يُذهل
في هذا التقرير النادر الذي يعود إلى أكثر من ثمانين عامًا، كانت نجاة الصغيرة لا تزال طفلة في الخامسة من عمرها، تشارك في إحدى حفلات نادي الموسيقى الشرقي. بعد أن انتهى أحد المطربين من وصلته، أعلن المذيع عن صعود "المطربة الصغيرة نجاة" لتقديم فقرتها.
لم يبدُ الأمر مشوقًا بالنسبة للجمهور في البداية. كثيرون أشعلوا سجائرهم أو شرعوا في أحاديث جانبية، ظنًا منهم أن أداء طفلة صغيرة لن يضيف شيئًا يُذكر. وقفت نجاة على كرسي من الخيزران، وأمسكت بمنديل تُقلد به حركة السيدة أم كلثوم، في حركة بريئة لكنها أثارت ضحك عدد من الحضور.
"غنّي يا كروان"... لحظة التحوّل
لكن ما إن بدأت الفرقة تعزف وفتحت الطفلة الصغيرة فمها لتغني "غني يا كروان"، حتى تغير كل شيء. التفتت الرؤوس، خفتت الهمسات، وأطفأ الكثيرون سجائرهم خشية أن يُربك دخانها وضوح الصوت.
كانت نجاة الصغيرة تتحرك بانسجام مع الموسيقى، بصوت صافٍ وإحساس كبير يفوق عمرها بكثير. وعندما أنهت الأغنية، انفجر الحضور في تصفيق حار، مطالبين بإعادة الأغنية. أما الطفلة، فلم تُدرك سبب الهتاف، وسألت من حولها عن سر التصفيق، ولما علمت أنه لها، بدأت تُصفّق معهم بدهشة بريئة.
من طفلة تقلّد أم كلثوم إلى سيدة الإحساس
تلك اللحظة العابرة كانت مؤشرًا مبكرًا لميلاد نجمة استثنائية. فمن طفلة تثير ابتسامات الجمهور، إلى واحدة من أكثر الأصوات دفئًا وتأثيرًا في الأغنية العربية، خطّت نجاة الصغيرة مسيرة فنية استمرت لعقود، حملت خلالها مشاعر العشاق، وهمسات الشوق، ونبض الإحساس.