توجيهات رئيس الوزراء بخفض الأسعار أعقبها اجتماعات لرؤساء الغرف التجارية بأغلب ممثلى الشعب النوعية لجميع السلع بحضور رئيس جهاز حماية المستهلك الذى دعا التجار لتقديم تخفيضات حقيقية وملموسة تعكس تحسن المؤشرات الاقتصادية وتراجع سعر صرف الدولار، محذرا من التلاعب، ومؤكدا تكثيف الرقابة خلال الفترة المقبلة لضمان فاعلية التنفيذ.
كذلك، عقد اتحاد الغرف التجارية لقاء موسعًا، مساء الاثنين الماضى، مع كبار منتجى ومورّدى السلع وممثلى كبريات السلاسل التجارية بحضور وزير التموين ورئيس اتحاد الغرف التجارية والعديد من القيادات التنفيذية لوضع الملامح النهائية لمبادرة التخفيضات، لا سيما أن الأزمة الأكبر فى السلع الغذائية بشكل خاص تكمن فى تجار التجزئة الذين يتعاملون مباشرة مع المستهلك، وضرورة وجود آلية لخفض الأسعار فى جميع المنافذ والمحال، حيث يعمد أغلبهم إلى الإبقاء على السعر مرتفعا، رغم انخفاضه فى سوق الجملة.
وأجمع كل من تجار «الخضر والفاكهة، واللحوم، والدواجن، والمواد الغذائية»، أنهم على أتم الاستعداد على تقديم تخفيضات واضحة للمستهلك بشرط توفير منافذ يتم خلالها ضخّ السلع من المنتج مباشرة دون وسطاء، خاصة أن تلك السلع سبب ارتفاعها الرئيسى تعدد الوسطاء.
فحسبما يقول دكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية «إن مبادرة تخفيض الأسعار ليست بهدف مطالبة التجار والمنتجين بتخفيض هامش أرباحهم فى الأساس، لكننا لاحظنا مؤخرا نوعا من التضخم التحوطى، فعدد من التجار والمنتجين يعتقدون أن هناك تغييرا فى سعر الصرف محتمل أو صعوبات بسلاسل الإمداد قد تؤدى إلى صعوبة الوصول إلى المنتج فى الدورة القادمة، لذا يتم التسعير بأسعار تحوطية، لذا هناك جهود للتواصل مع الصناع والتجار لطمأنتهم بشأن استقرار سعر الصرف، كما أن معدلات التضخم تحت السيطرة وأسعار الفائدة والإقراض فى اتجاه الهبوط، وبالتالى عليهم الاتجاه نحو التسعير وفقًا لآليات السوق القائمة على العرض والطلب، وليس التسعير وفقا للتوقعات، فالحكومة تسعى لتيسير إجراءات دخول البضائع المستوردة، والعمل على تقليل حلقات التداول عبر المشاركة فى أسواق اليوم الواحد.
أكد وزير التموين أنه أعطى تعليمات للشركة القابضة للصناعات الغذائية للمبادرة بتقديم تخفيضات على أسعار منتجاتها، وسيتم الإعلان عنها عاجلا لتتوالى بعدها التخفيضات من التجار والسلاسل التجارية، ولن يتم التدخل بتسعير السلع، بل ستكون المبادرات من المنتجين والتجار بأنفسهم بشكل طوعى..
استكمل الوزير حديثه قائلا: «الحكومة ستكون داعمة للتجار بتقديم أى تيسيرات مطلوبة من أجل مصلحة المواطن»، مطالبا بتقديم تخفيضات حقيقية فلا يقوم المنتج أو التاجر بتخفيض صنف معين من السلع الاستراتيجية، وفى نفس الوقت يقوم برفع أسعار باقى الأصناف لتعويض السعر الأصلى.
فى نفس السياق أكد أشرف الجزايرلى، رئيس غرف الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أنه بالرغم من ضغوط التكلفة على المنتجين إلا أنه سيتم بالتعاون بين التجار والصناع يدا بيد لتقديم تخفيضات الأيام القادمة مرضية للمواطنين.
من جانبه أوضح علاء ناجى، رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، أن المصانع عليها التزامات كبيرة فى الإنتاج من عمالة ومواد خام وطاقة، وبالتالى من الصعب مطالبتهم بتقديم مزيد من التخفيضات، لكن التاجر لديه رفاهية أكبر ونسب أرباح ومكاسب أكبر تسمح له بتقديم تخفيضات حقيقية إضافة إلى تعدد حلقات التداول، وبالتالى التعامل مع هذه الظاهرة يسمح بشعور المواطن بتحسن الأسعار وأكبر دليل أسواق اليوم الواحد التى أسهمت فى ضبط الأسواق الفترة الماضية.
وفى نفس السياق، قال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، إن «اللقاء الموسع الذى دعا له أيمن العشرى رئيس غرفة القاهرة حضره نحو 14 من ممثلى ورؤساء الشعب النوعية، وبالأخص تجار المواد الغذائية من لحوم ودواجن وبقالة وخضر وفاكهة، واتفقنا جميعا على الوقوف على قلب رجل واحد مع الدولة والمواطن المصري، لكن التخفيض يجب أن يتم بالمنطق والحسابات، فقطاع الدواجن على سبيل المثال لا يمكن للمنتج فيه أن يقدم أى تخفيضات، فسعر الكيلو بالمزرعة 62 جنيها، ورغم هذا الانخفاض لا يشعر به المواطن، ويرجع ذلك إلى الحلقات الوسيطة المتعددة وهوامش أرباحها، لذا يجب أن تكون هناك آلية لتقديم هذه التخفيضات للمواطن، وهنا جاء اقتراحنا بضرورة وجود منافذ خاصة بنا كتجار للغرف التجارية، ونتمنى أن تكون منافذ مستمرة طوال العام بالتنسيق مع المحافظات لنضخ بها السلع بسعر التكلفة بعد إلغاء الحلقات الوسيطة، ولحين تنفيذ هذا المطلب نحن على استعداد لتوريد أى كميات مطلوبة لمنافذ الحكومة، وبأسعار تتراوح بين 100 و105 جنيهات للكيلو، بدلا من 135 جنيها للكيلو بالسوبر ماركت.
«د. عبدالعزيز»، أكد أن «الحكومة لها دور بارز فى ضبط الأسواق من خلال المجمعات الاستهلاكية والمنافذ الحكومية، حيث يخفّضون بعض السلع خلال الأزمات ويتحملون فارق السعر من الموازنة لحماية المواطن، لكن المطلوب حاليا رفع الحرج عن الحكومة ومساندة القطاع الخاص للدولة فى توصيل السلع بأسعار مخفضة للمواطنين، ليشعروا بثمرة الإصلاح الاقتصادي».
التخفيضات المرتقبة لن تقتصر على الغذاء، بل كافة القطاعات، وأهمها الملابس الجاهزة، حيث تزامنت المبادرة مع الأوكازيون الصيفى ليتم طرح تخفيضات حقيقية تتراوح بين 20 إلى 70 فى المائة، فحسبما أوضح جمال مناع، نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، فإن «هناك ما لا يقل عن 3 آلاف و150 محلا متقدما حتى الآن للاشتراك فى الأوكازيون الصيفى أغلبها ملابس جاهزة، كما أن هناك أيضا أحذية وشنطا ومفروشات وأدوات منزلية، والتخفيضات ستتراوح من 20 إلى 70 فى المائة، وذلك تماشيا مع مبادرة رئيس مجلس الوزراء لتخفيض كافة الأسعار، وبالفعل هناك استجابة من أغلب كبار التجار والمنتجين لتقديم خصومات حقيقية وكبيرة يشعر بها المواطن وذلك على مدار شهر، ويمكن مده حتى دخول المدارس لتقديم تخفيضات على الزى والأدوات المدرسية، أيضا نطمئن الجمهور بأن أسعار الملابس الشتوى ستشهد انخفاضا مقارنة بالعام الماضى بفضل انخفاض الدولار واستقراره وتكاليف الإنتاج، خاصة مواد الصباغة التى نستوردها من الخارج».
بدوره، أشار الدكتور كمال الدسوقى، نائب رئيس غرفة صناعة مواد البناء، إلى أن «مصر بدأت فى تجاوز الأزمة الاقتصادية والتى كان أغلب أسبابها خارجية، وبالفعل شهدنا حالة من استقرار سعر صرف الدولار منذ فترة وبدأ يتبعها انخفاض لقيمة الدولار، مع الأخذ فى الاعتبار أن الجنيه مقوّم بسعر يخالف قيمته الحقيقية، أيضا انتقلنا خلال الفترة الماضية من نقص المواد الخام والـ(أوفر برايس) لها إلى حالة رائعة من وفرة المواد الخام والسلع، وشهدت الأسواق حالة من الاستقرار يجب أن تتبعها حالة من الهبوط، وبالفعل اليوم الثانى لاجتماع رئيس الوزراء من المنتجين والتجار، تبعه انخفاض جيد فى أسعار أغلب خامات مواد البناء، فشهدنا تخفيضات تقترب من 10 فى المائة، ومنتظر خلال الأيام المقبلة انخفاض آخر يقترب من 10 فى المائة إضافية، وترجع هذه التخفيضات إلى زيادة معدلات العرض والانخفاض النسبى فى التكلفة بسبب تراجع الدولار».
«د. كمال»، أضاف أننا «بحاجة إلى اقتصاد مستدام قائم على وفرة المعروض والتوازن مع الطلب، مع تعميق التصنيع المحلى والاعتماد قدر المستطاع على الخامات المحلية، ويجب أن تزيد مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى تتجاوز نسبة 35 فى المائة، وبالتالى تستقر الأسعار وتزيد المنافسة السعرية المرتبطة بالجودة، فنشعر باستدامة التخفيضات، ولا تكون مجرد مبادرات أو عروض لفترات محددة».

