قوبل القرار الإسرائيلي باحتلال كامل قطاع غزة برفض واسع على الصعيد الدولي، لما ينطوي عليه من مخاطر تهدد بتفاقم أوضاع الفلسطينيين، الذين يرزحون تحت وطأة حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من 22 شهرًا، فضلًا عمّا يشكله ذلك من تهديد لحل الدولتين، الذي تُجمع معظم القوى الدولية على تنفيذه باعتباره أفضل حل للقضية الفلسطينية.
ووافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية «الكابينت»، اليوم، على خطة احتلال كامل قطاع غزة، بزعم تحقيق أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على حركة «حماس» وإعادة المحتجزين.
وفي تعليقها على القرار الإسرائيلي، حذرت الخارجية الفلسطينية من المخاطر الحقيقية للقرار على فرص نجاة المدنيين الفلسطينيين في القطاع من دائرة موت مؤكد، سواء جراء تصعيد القتل الجماعي بالقصف، أو تعميق المجاعة وفرض النزوح الجماعي القسري.
ونوَّهت إلى مخاطر «حشر أكثر من مليوني مواطن في أقل من 10% من مساحة القطاع، بهدف تهجيرهم قسرًا بأشكال مختلفة».
ويكشف القرار حقيقة حرب الاحتلال ضد سكان القطاع والمدنيين الفلسطينيين دون مبرر، حسب الخارجية، التي طالبت بتدخل دولي حقيقي لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
وفي سياق ذلك، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم، على موقف مصر الثابت والداعم للشعب الفلسطيني الشقيق، مشيرًا إلى استمرار الجهود والمساعي المصرية المكثفة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، والسعي لإطلاق سراح الرهائن والأسرى، مع التشديد على رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
تصرف خطير
ورفضت الأردن، بشكل قاطع هذه الخطوة التي تقوض حل الدولتين وحقوق الشعب الفلسطيني وتهدد الجهود الدولية للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية في غزة.
كما نددت المملكة العربية السعودية، بقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية احتلال قطاع غزة، وأدانت بشكل قاطع إمعانها في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني.
كذلك، أكدت تركيا أن كل خطوة تتخذها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أسمتها بـ«الأصولية»، لمواصلة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين وتوسيع الاحتلال، تشكل ضربة قاسية للسلام والأمن الدوليين، وتزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، وتعمق الأزمة الإنسانية أكثر.
وشددت على أنه يجب على الاحتلال الإسرائيلي أن يوقف فورًا خططه الحربية، وأن يقبل بوقف إطلاق النار في غزة، وتبدأ المفاوضات نحو حل الدولتين.
وبدورها، أكدت بريطانيا، في تصريحات أدلى بها رئيس وزرائها كير ستارمر، أن «قرار الحكومة الإسرائيلية بتصعيد هجماتها على غزة خاطئ، ونحثها بشدة على إعادة النظر في هذا القرار على الفور»، مشددة على «أن هذا العمل لن يؤدي إلى إنهاء الصراع أو تأمين إطلاق سراح الأسرى، وإنما سيتسبب بالمزيد من سفك الدماء».
وكررت التأكيد على أن ما يحتاجه قطاع غزة هو وقف إطلاق النار، وزيادة المساعدات الإنسانية، والإفراج عن جميع الأسرى الذين تحتجزهم حركة «حماس»، والتوصل إلى حل تفاوضي.
أما السويد، فاعتبرت القرار الإسرائيلي يمثل انتهاكًا للقانون الدولي، قائلة: «محاولات ضمّ أو تغيير أو تقليص أراضي غزة تتعارض مع القانون الدولي».
وأعربت عن قلقها إزاء القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية، مؤكدة أن الوضع يحتاج إلى وقف إطلاق النار، لأن هذا القرار يسير في الاتجاه المعاكس تمامًا.
كذلك، أكدت الدنمارك على رفضها القرار، حيث قال وزير خارجيتها لارس لوكه راسموسن، إن قرار إسرائيل تكثيف عملياتها العسكرية في غزة خاطئ ويجب أن تتراجع عنه فورًا.
أمميًا، أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، على ضرورة الوقف الفوري لخطة الحكومة الإسرائيلية «للسيطرة عسكريًا» بالكامل على قطاع غزة المحتل.
وسلط الضوء على أن هذا القرار يتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية، الذي يقضي بأن على إسرائيل إنهاء احتلالها في أقرب وقت، وتنفيذ حل الدولتين المتفق عليه، والاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وحذر المسؤول الأممي من أن الخطة الإسرائيلية ستؤدي إلى المزيد من الموت والآلام والدمار والجرائم الفظيعة، فضلًا عن المزيد من النزوح القسري الجماعي.
وللمفارقة، فإن «الكابينت» أقر هذه الخطوة على الرغم من رفض المؤسسة العسكرية بقيادة رئيس الأركان، إيال زامير، لها باعتبارها خطوة تهدد حياة الأسرى وتستنزف الجنود وقوات الاحتياط، كما أنها تضر بما أسماه بـ«الشرعية الدولية» لإسرائيل، حسب قوله.
وفي ذات الإطار، قرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عدم التدخل في قرار احتلال غزة، وترك الأمر للحكومة الإسرائيلية، حسب ما نقله موقع «أكسيوس» الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين.
وعلى العكس من ذلك، أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، عن مصادر، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منح رئيس الوزراء الضوء الأخضر لشن عملية عسكرية ضد «حماس».
وقالت الصحيفة العبرية، هذا الأسبوع، إن هناك تفاهمًا في واشنطن وتل أبيب على أن «حماس» لا تريد التوصل إلى اتفاق، وذلك بعد فشل الجولة الأخيرة من محادثات وقف إطلاق النار التي جرت في العاصمة القطرية الدوحة، الشهر الماضي.