رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«سكران» يفضح تجار الدين


7-8-2025 | 19:53

.

طباعة
بقلـم: أحمد النبوى

التجارة باسم الدين ليست ظاهرة موجودة فى مصر أو الدول الإسلامية فقط، ولكنها تجارة رابحة فى كل الأديان على مدار التاريخ، وحتى قبل ظهور الأديان السماوية، منذ أن كان البشر يؤمنون بالإله؛ فالجميع يسعى للتقرب إلى الله عن طريق وسيط، وهو موروث خاطئ تم زرعه داخل النفس البشرية بالترهيب والترغيب، من خلال تجار الدين على مر آلاف السنين؛ حتى أصبح يقينا يتحكم فينا، ورغم ذلك يظهر فى التاريخ أن هناك بعض الأصوات ظهرت لتوعية البشر وكشف زيف هؤلاء التجار.

ولكن الترهيب من عقاب الله كان حائلا وحائط صد لتجار الدين على مر العصور ضد وعى الشعوب، ولاستمرار السيطرة الدينية عليهم لأغراض دنيوية ولكسب السلطة والهيمنة الدائمة.

قد يبدو لك عزيزى القارئ هذا الكلام مقصودا منه فضح الجماعة الإرهابية وأعوانهم فى مصر، ولكن الحقيقة أن الجماعة وأمثالهم هم مجرد جزء صغير فى المعادلة، وأن القضية أكبر من ذلك بكثير، فبرغم التكنولوجيا والتقدم العلمى ما زال هناك بشر يقدسون الحيوانات مثل البقرة التى تحظى بتبجيل كبير فى الديانة الهندوسية؛ لاعتقادهم أنها رمز للأم والأرض والعطاء ويحظر ذبحها فى الهند.

ورغم انتشار العديد من الديانات فى الهند إلا أن السينما الهندية قد ناقشت هذه القضية الخطيرة فى كثير من الأفلام؛ وقبل أن تعود بخيالك للأفلام الهندى التى تربينا عليها قديما، أحب أن أقول لك عزيزى القارئ إنك مخطئ، فالسينما الهندية فى تطور مذهل على مدار السنوات العشرين الماضية وتناقش قضايا خطيرة أغلبها دينية؛ سواء بشكل كوميدى ساخر غير مباشر أو بشكل مباشر، وأنا هنا لا أتحدث عن السينما الهندية فى العموم، ولكن أريد أن نختص بفيلم بمعنى (الشخص السكران)، هذا الفيلم من إنتاج عام 2014 بطولة عامر خان (pk). واستطاع الفيلم أن يخرج من إطار الفيلم المحلى إلى العالمية، وبلغت إيراداته فى العالم أكثر من 140 مليون دولار وهو رقم ضخم بالنسبة للسينما الهندية.

والتساؤل الذى يجول بخاطرك الآن عزيزى القارئ: ما علاقة فيلم (بى كى) بتجار الدين ولماذا التحدث عنه الآن؟

والرد على تساؤلك أن الفيلم يكشف ويفضح تجار الدين بأشكالهم المختلفة، وأدعوك لمشاهدة الفيلم بنفسك لكى تفهم أكثر، فالفيلم به كوميديا ساخرة ورومانسية وعمق فى فضح تجار الدين، والفيلم يحكى قصة كائن فضائى يأتى إلى الأرض فى مهمة بحثية، لكن لصا يسرق جهاز التحكم عن بُعد الخاص بسفينته الفضائية، ويدور الفيلم حول رحلة البحث عن جهاز التحكم، ويسأل الجميع فتكون الإجابات كلها أن «الله» فقط يمكن أن يساعده فى العثور على جهاز التحكم. وتبدأ رحلته فى البحث عن «الله».

فيطلق عليه الجميع لقب (بى كى) بمعنى الشخص السكران وذلك لأنه يضع أسئلة بسيطة ومنطقية، أسئلة مختلفة عن السائد فى المجتمع، ينظر لها الناس أنها غبية ولا تصدر إلا من شخص سكران، ورغم ذلك يمارس بصدق الديانات الهندية المختلفة، بما فى ذلك الهندوسية والسيخية والمسيحية والإسلام، فى محاولة للعثور على «الله»، ولكنه فشل واكتشف أنه لا يستطيع الوصول إلى الله بمفرده ويجب أن يكون عن طريق وسيط، فيجرب الديانات الهندية، ويكتشف أن الوصول إلى الله مشروط بصندوق مكدس بأموال تبرعات الفقراء أو أن يشترى من المحلات تماثيل بأحجام وأسعار مختلفة يصنعها البشر، ويدعون أنها تجسد الرب، ويشاهد أن سكب اللبن بالأطنان فى معابد الهندوس طقس فى بلد يحلم فيه الفقير بكوب لبن، واكتشف أن استخدام النبيذ طقس فى الكنائس، فأخذ بفطرة بريئة ساذجة النبيذ إلى حيث المسجد، فكاد المصلون يقتلونه، واكتشف أن هؤلاء ليسوا كل المسلمين، فهناك منْ يضرب نفسه حتى ينزف دماً تكفيراً عن ذنب اقترفه الأجداد منذ ألف سنة.

وبشكل عام يفضح لنا (بى كى) أن هناك فروقا جوهرية بين هذه الأديان الموضوعة على الأرض بفعل البشر، ويكشف الفيلم سلبيات هذه الديانات واحدة تلو الأخرى، ويدعو الجميع إلى التفكير فى كل ما يقومون به من أجل الله، وهل هذا فعلا ما يريده الله من عموم البشر؟

وفى مناظرة له مع رجل دين هندوسى يدعى أنه يحمى دين الله (فقال له (بى كى): إن كان الله هو الذى خلقنا جميعا وخلق الكون ألا يستطيع حماية الدين ويعتمد عليك).

ويأتى فى نهاية السيناريو الذى كُتب على مدار ثلاث سنوات على لسان بطل الفيلم الخلاصة التى يرفض الجميع الاعتراف بها أن «هناك إلهين، الله الذى خلقنا والله الذى خلقتموه أنتم»، وأن رجال الدين ما هم إلا أشخاص عاديون، ليسوا أنبياءً ولا مبعوثين الله فى الأرض، ولكنهم وجدوا منْ يسيطرون عليهم بأفكارهم من السذج والضعفاء وصغار العقول.

(بى كى) فيلم يدعو إلى التفكير والاحتكام للعقل للتواصل مع الله بدون وسيط.

ولأن تجار الدين كلهم متشابهون مهما اختلفت الديانة، سنجد أن جماعة الإخوان الإرهابية وأعوانها توغلت فى المجتمع تحت ستار الدين حتى وصلت لهدفها، وكشفت عن الوجه الحقيقى لها، وهو الأمر الذى رفضه الشعب المصرى بأكمله، واستطاع أن يُنهى حكم الجماعة الإرهابية، وظل الشعب لسنوات يعانى من العمليات الإرهابية للجماعة، والتى ما زالت تحاول أن تعود إلى المشهد مرة أخرى بصور مختلفة سواء بالتستر بالأحداث فى غزة أو التشكيك ومحاولة إثارة البلبلة داخل المجتمع المصرى أو القيام بعمليات إرهابية جديدة ضد الشعب.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة