فى عصرنا الرقمى المتسارع، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لا سيما فى عالم الرياضة والرياضيين، وأصبحت منصات مثل «فيسبوك» و«إنستجرام» تمثل ثورة فى وسائل الإعلام التقليدية، بما لها من إيجابيات وسلبيات، قد تؤثر بشكل كبير ومتعدد الأوجه على اللاعبين، فمن ناحية تُعزز شهرتهم وثروتهم وتُتيح فرص تسويق ورعاية جديدة لهم، وقد تُعرّضهم للضغوط النفسية والتنمر الإلكترونى..
خلال فترة قصيرة، أصبحت منصات السوشيال ميديا جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للجميع بمختلف الأطياف فى عصر شيوع الإنترنت، وقد نتج عن ذلك آثار مدمرة فى بعض القطاعات مثل الرياضة، لا سيما كرة القدم، وتخطى التأثير السلبى الكثير من التوقعات المحتملة، فأصبحت السوشيال ميديا ذات تأثير ملحوظ فى تدمير مسيرة لاعب أو الارتقاء بسمعة آخر، بل بعض الأندية تذعن لمطالب جماهيرها للتعاقد مع لاعب بعينه لمجرد انتشار هاشتاج، بعدما أصبح يمثل ورقة ضغط.
والأغرب أن كثيرًا من الأندية أصبحت تستخدم منصات الميديا لقياس مدى رضا الجماهير ومعرفة آرائهم تجاه بعض «القضايا» والصفقات، لينتقل المعيار من أصوات الجماهير من المدرجات إلى ضغطة زر عبر الإنترنت.
ومنذ خمس سنوات تحديدا، ازدادت الإساءة للاعبى كرة القدم المحترفين فى منصات التواصل الاجتماعى، حيث لجأت أندية إلى إنشاء لجان رقابة إلكترونية للتصدى لهذه الظواهر، والمخيف أن مئات اللاعبين حول العالم أُصيبوا بنوبات اكتئاب جرّاء الانتقادات والهجوم ضدهم فى السوشيال ميديا، فى حين يلعب 45 فى المائة من اللاعبين المحترفين بتحفظ وقلق خوفًا من التعرض للانتقادات عبر الإنترنت، وأصبح لاعبو الدورى الإنجليزى الممتاز بصفة خاصة أكثر عرضة لسلبيات الميديا، حيث وصلت 12 ألف رسالة مسيئة عبر حسابات اللاعبين الشخصية فى المنصات المختلفة، فضلًا عن المنشورات والتعليقات التى تجاوزت عشرات الآلاف.
وخلال فترة وجيزة أيضًا، انعكست عدوى الهجوم الإلكترونى من شاشات الهواتف على أرض الملعب، وأثبتت الدراسات الميدانية أن ثقة بعض اللاعبين بدأت فى الاهتزاز، فيما ساءت جودة اتخاذ القرار لديهم بوضوح.
وأصبحت هناك مجموعة من اللاعبين المميزين، يمثلون أبرز ضحايا منصات التواصل الاجتماعي، واضطروا إلى غلق حساباتهم بالسوشيال ميديا لفترات طويلة نتيجة التعرض لإساءات من الجماهير بسبب تدنى مردودهم فى الملعب، والمثير أن أغلب اللاعبين يحرصون على قراءة ردود أفعال الجماهير فى المنصات المختلفة بعد المباريات، حيث يمكن القول إن اللاعبين يذهبون إلى الفخ بأرجلهم.
على جانب آخر، لا جدال فى مزايا وسائل التواصل الاجتماعى، فهى تؤثر فى مختلف جوانب اللاعبين، من خلال تعزيز التواصل العالمى، فقد أصبحت منصات التواصل الاجتماعى، مثل «فيسبوك» و«إنستجرام» و«سناب شات»، تسهل التواصل عبر الحدود الجغرافية والمناطق الزمنية، فهى تُمكّن اللاعبين بصفة خاصة من البقاء على تواصل مع الجماهير العاشقة للأندية، كما برزت هذه المنصات وغيرها للاعبين كمصادر إخبارية آنية، تُقدم لهم تحديثات فورية للأحداث من جميع أنحاء العالم، وهذا يُسهّل بقاءهم على اتصال اجتماعى مما يعزز الشعور بالولاء والتواصل بين المشجعين واللاعبين والأندية. كما يُشعر التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعى اللاعبين بمزيد من القرب من جماهير النادي، ويشجعهم على حضور المباريات بانتظام.
ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعى أتاحت العديد من المزايا والفرص للتواصل، فإنها تحمل أيضًا الكثير من السلبيات والآثار المدمرة، فقد أصبحت التعليقات المسيئة التى تحملها التعليقات تمثل عبئا كبيرا على معنويات اللاعبين، من خلال مقارنتهم بالآخرين، حيث يُعرض على الرياضى باستمرار رياضيون آخرون يُقدمون أداءً «أكثر» أو «أفضل» أو «أسرع» منه . قد يؤدى هذا إلى تراجع ثقته بنفسه، إذ يُمطر بصور ومقاطع فيديو لرياضيين آخرين، يبدون أفضل منه، وقد تعرّض العديد من الرياضيين للتوبيخ أو التجاهل من قِبَل المشجعين الذين لا يتفقون مع آرائهم، أو يجدون محتواهم مسيئًا، بل إن بعض اللاعبين أُوقِفوا عن اللعب بسبب منشوراتهم أو مشاركاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وقد تعرض العديد من اللاعبين لانتقادات وتعليقات سلبية عبر الإنترنت، مما أدى إلى القلق والاكتئاب، والمخيف أن مئات اللاعبين المحترفين حول العالم أُصيبوا بنوبات اكتئاب جرّاء الانتقادات والهجوم ضدهم فى السوشيال ميديا، فى حين يلعب الكثير منهم بتحفظ وقلق خوفًا من التعرض للانتقادات عبر الإنترنت.
وخلال الساعات القليلة القادمة، وقبل انطلاق فعاليات الدورى فى الموسم الجديد، مطلوب من إدارات الأندية قبل غيرها متابعة اللاعبين عن كثب، بغية حمايتهم من الآثار المدمرة، لسلبيات وسائل التواصل الاجتماعى التى كانت سببا كبيرا فى إفساد العلاقة بين بعض اللاعبين والجماهير مثل حسام عبدالمجيد لاعب الزمالك الطموح، والفلسطينى وسام أبو على لاعب الأهلى السابق الذى انتقل إلى الدورى الأمريكى، وغيرهم كثيرون...
