وسط مجاعة كارثية تضرب قطاع غزة، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية إصدار تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، بدلًا من اتخاذ إجراءات جادة لاحتواء الأزمة الإنسانية المتفاقمة، التي تسببت فيها إسرائيل بدعم أمريكي مباشر.
وواصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الزعم بأنه يعمل على خطة لتوفير الطعام لسكان غزة، الذي تحول إسرائيل دون دخوله إليهم، ضمن سياسة تجويع ممنهجة.
وحسب ما نقله موقع "أكسيوس" الأمريكي، فقد أبدى ترامب قلقه من التقارير عن المجاعة في غزة، محملًا حركة حماس المسؤولية عما وصفها بـ"سرقة وبيع" ما يدخل القطاع من مساعدات، وهي اتهامات تنفيها الحركة.
وفي أثناء حديث ترامب، كان المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يجري زيارة لقطاع غزة، تهدف إلى المساعدة في وضع خطة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية إلى سكان القطاع، حسب قوله.
وقد وصفت حركة حماس، هذه الزيارة بـ"استعراض دعائي"، يهدف إلى احتواء الغضب المتصاعد إزاء الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في تجويع فلسطينيي القطاع.
ما الأزمة؟
تأتي التصريحات الأمريكية، في وقت يواجه فيه أكثر من مليوني فلسطيني في غزة خطر الموت جوعًا، جراء شح الماء والطعام، نتيجة لأن إسرائيل منعت دخول الإمدادات الإنسانية والغذائية إلى هناك منذ مطلع مارس الماضي.
وفي خضم هذا المشهد المتأزم، أوجدت إسرائيل نهاية مايو الماضي، بشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، التي وُصفت كأداة لقتل الفلسطينيين الجوعى، في مشهد لقي استنكارًا دوليًا واسعًا.
وصلت المجاعة في غزة إلى منحنى كارثي في النصف الأخير من الشهر الماضي، حيث استقبلت مستشفيات القطاع أعدادًا غير مسبوقة من الفلسطينيين المجوعين، في حالة إجهاد وإعياء شديدين.
ووسط ذلك، تعالت التحذيرات بأن القطاع على مشارف مرحلة الموت الجماعي، جراء إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لجميع المعابر منذ مطلع مارس الماضي، ما زاد الضغوط الدولية على إسرائيل للسماح بإدخال المساعدات.
ليبدأ الأحد الماضي، تدفق شاحنات المساعدات من مصر إلى غزة، غير أن مؤسسات فلسطينية بالقطاع أكدت أن معظم هذه المساعدات تعرضت للنهب والسرقة، نتيجة حالة الفوضى الأمنية التي يُكرّسها الاحتلال الإسرائيلي بشكل منهجي ومتعمد.
ووسط هذا التباطؤ في حل الأزمة، التي حلها يتوقف فقط على أن تسمح إسرائيل بإدخال القدر الكافي من المساعدات، يتساقط عشرات الفلسطينيين موتى الجوع، فبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، ارتفع عدد ضحايا المجاعة إلى 169 شهيدًا، من بينهم 93 طفلًا، منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023.
"حماس تسرق المساعدات"
لطالما رددت الولايات المتحدة الأمريكية، ومن قبلها إسرائيل، اتهام حركة حماس بأنها تسرق المساعدات، كحجة يحاولون عبرها التنصل من المسؤولية تجاه الأزمة الراهنة.
وعلى العكس من ذلك، لم يجد تحليل أجرته الوكالة الأمريكية دليلًا على تورط حركة حماس في سرقة المساعدات الداخلة إلى القطاع، ما دحض الرواية الإسرائيلية الأمريكية.
وعوضًا عن اتهامها بالباطل، دعت حماس، الإدارة الأمريكية إلى "تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، وإدانة حرب التجويع والحصار الجائر الذي تفرضه إسرائيل على شعبنا في غزة، ووقف تقديم الغطاء والدعم لهذه الجريمة"، حسب قولها.
كما دعتها إلى "دعم جهود إدخال المساعدات بشكل آمن وكامل إلى جميع الفلسطينيين دون قيود أو شروط، مع التأكيد على توزيعها عبر الأمم المتحدة، وليس من خلال ما يُسمّى بمؤسسة غزة الإنسانية، التي تعمل كمصائد لقتل الجوعى والمحتاجين للمساعدات"، حسب وصفها.