رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«المصور» تُحاور الخبير العالمى د. طارق شعراوى: مشاركتى فى مبادرة الكشف المبكر عن «الجلوكوما» مشروع عمرى


18-7-2025 | 09:59

د. طارق شعراوي.. أستاذ طب وجراحة العيون ورئيس قسم المياه الزرقاء بجامعة جنيف بسويسرا ورئيس الجمعية ا

طباعة
حوار: إيمان النجار

 

خبير مصرى عالمى فى علاج «الجلوكوما» يجوب مستشفيات مصر، من أسيوط فى صعيد مصر إلى دمنهور فى شمالها مرورا بالعاصمة القاهرة، يقف بين زملائه الأطباء محاضرًا ومعلمًا ومشجعًا، ويحضر بين المرضى معالجًا وناصحًا، لم يبخل على بلده بوقته وجهده وعلمه، إنه الدكتور طارق شعراوي، أستاذ طب وجراحة العيون، رئيس قسم المياه الزرقاء بجامعة جنيف بسويسرا، ورئيس الجمعية العالمية لجراحى المياه الزرقاء «الجلوكوما»، الذى تحدثت معه «المصور» على هامش مشاركته فى المبادرة الوطنية للكشف المبكر عن الجلوكوما، والتى يعتبرها «مشروع العمر»، الذى يشارك فيه بقلبه وعقله مترجما حبه وانتماءه لمصر.

«د. طارق»، تحدث عن تفاصيل مبادرة وزارة الصحة لتشخيص وعلاج المياه الزرقاء التى تستهدف 25 مستشفى، مشيدا بالإمكانيات والتجهيزات والأدوية بها، كما تحدث أيضا عن خريطة أمراض العيون فى مصر، معتبرا أن أكثر الأنواع خطورة هما المياه الزرقاء وأمراض السكر فى العين، وفى سياق حديثه قدم «د. طارق» روشتة مهمة لحماية عيون المصريين وطالب ببرنامج قومى لفحص عيون الأطفال فى المدارس.

 
 

بداية الأسبوع الجارى شهدت إعلان زيارة خبير مصرى عالمى فى علاج «الجلوكوما» لمستشفى عيون دمنهور، الزيارة ليست زيارة عابرة، أو مصادفة، لكنها جزء من برنامج تقوده وزارة الصحة للكشف المبكر عن «الجلوكوما»، وفى إطار خطة الوزارة لاستقدام خبراء عالميين لمناظرة المرضى بمستشفيات وزارة الصحة بهدف توفير رعاية صحية متميزة وتعزيز التعليم الطبى المستمر من خلال الاستفادة من الخبرات الدولية.

البرنامج الذى يعطيه «د. طارق» كل ما يستطيع من جهد، طاقة، اهتمام ووقت، ويتعامل مع باعتباره من ضمن «مشروعات العمر»، قال عنه: «لا أعتبره ضمن المشروعات أو الخطوات فى حياتي، ولكنه مشروع عمري، أضع فيه قلبى وعقلى وحبى للبلد».

تخرج «د. طارق» فى كلية طب قصر العيني، ليسافر فى عام 98، ويعمل بمستشفيات فى إنجلترا ثم انتقل إلى سويسرا، حصل على درجة الدكتوراه بسويسرا وعمل بجامعة لوزان، بازل، ثم اختير بمستشفيات جامعة جنيف وقضى بها أكثر من عشرين سنة، ومنذ عدة سنوات انتخب رئيسا للجمعية العالمية لجراحى المياه الزرقاء «الجلوكوما»، وهنا قال: رغم مرور أكثر من ثلاثين عاما على سفرى بالخارج لكننى بداخلى لم أترك مصر، فالبعض يقرر السفر للخارج والهجرة، غير أنى لم أعترف أبدا بفكرة الهجرة، لم أعش حياتى أو مع أسرتى أننا مهاجرون، سافرت، عشت فى سويسرا، لكن هذا ليس له علاقة بانتمائى لمصر، لا أرى أننى تركت مصر، فدائما ما أرى أننى كنت ولا أزال داخل مصر، بعض السنوات قضيت أوقاتا أطول خارج مصر، لكن مصر هى الأساس وخدمة المرضى المصريين ممن يحتاجون لهذه الخدمة شئ عزيز جدا على قلبي، لو أردت الحديث عن الهدف فى حياتى فخدمة المرضى والبلد هى القيمة الحقيقية.

وتابع: أشارك ضمن المبادرة الوطنية للكشف المبكر عن المياه الزرقاء «الجلوكوما»، المبادرة تقودها وزارة الصحة بقيادة الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة والسكان الذى يقدم الدعم الكافى وعلى أعلى مستوى لها، وأحد الأهداف الرئيسية للمبادرة هو تفعيل دور مستشفيات الرمد على مستوى الجمهورية فى مكافحة أمراض العيون وعلى رأسها المياه الزرقاء.

الخبير العالمي تابع: لدينا فى مصر ثروة قومية غير عادية فلدينا شبكة قوية من مستشفيات الرمد على مستوى الجمهورية، الشبكة أنشئت فى وقت مبكر من القرن الماضي، وهى شبكة رائدة على مستوى العالم فلا يوجد بلد فى العالم به هذا العدد من مستشفيات العيون المجهزة تجهيزا عاليا ولها تاريخ طويل فى التعامل مع أمراض العيون، فيوجد نحو 25 مستشفى ضمن منظومة وزارة الصحة بجانب مستشفيات أخرى تتبع إدارة المستشفيات والمعاهد التعليمية وكذلك أمانة المراكز الطبية المتخصصة، تركيزنا فى المبادرة على الـ 25 مستشفى، فإذا استطعنا تفعيل دورها بشكل قوي، سنستطيع استغلال هذا الكنز القومى بشكل أكثر فعالية.

وأضاف «د. طارق»: يتم تنفيذ المبادرة عن طريق تدريب الكوادر الطبية بهذه المستشفيات، فلدينا كوادر عظيمة وممتازة يحتاجون فقط لبعض من التدريب، خاصة مع توفر الإمكانيات، فهذه المستشفيات خلال السنوات الأخيرة توفر لها إمكانيات غير عادية من أدوات وأجهزة لازمة لعلاج المرضى، وتبقى النقطة التى تحتاج إلى بعض الدعم هى تدريب الكوادر الطبية. والمبادرة قائمة على التوجه لهذه المستشفيات تباعا وتدريب الأطباء على إجراء جراحات معقدة ومتقدمة فى المياه الزرقاء، نفذنا المبادرة فى مستشفى رمد إمبابة، ثم رمد أسيوط ومؤخرا رمد دمنهور.

وقال «د. طارق»: الخطة طموحة والهدف منها رفع كفاءة الـ 25 مستشفى، هذه المستشفيات لا تفتقر إلى تجهيزات، لكنها مجهزة على أعلى مستوى، فقط نحتاج للتواصل مع الكوادر الطبية على أرض الواقع، نتعلم من بعض، نتحدث سويا عن أحدث التقنيات فى التشخيص والعلاج، التحدث عن كيفية التعامل مع مريض المياه الزرقاء، وأعتقد أن مرض المياه الزرقاء رغم خطورته وانتشاره الكبير لم يكن يلقى الاهتمام الكافي، لكن بهذه المبادرة الوضع سيختلف.

الخبير العالمي، انتقل بعد ذلك للحديث عن تفاصيل المبادرة، وقال: استغرقت نحو سنة فى الإعداد لها ودراسة الوضع الحالى والإحصائيات لمعرفة كيفية تحسينه ووضع تصور للوضع الأفضل بعد تنفيذها، ودخلت حيز التنفيذ منذ ثمانية أشهر تقريبا، والبداية كانت بتدريب الأطباء بشكل نظرى بحيث يرشح كل مستشفى عددا من الأطباء لحضور جلسات عمل نظرية عن الجلوكوما وبلغت نحو 7 أو 8 محاضرات، بعد مرحلة التدريب النظري، بدأنا التحرك على الأرض فأتوجه لكل مستشفى ويتم إجراء جراحات وتدريب الأطباء من خلال إجراء الكشف سويا أو إجراء الجراحات مع بعض أو من خلال إلقاء محاضرات، فهذا من شأنه تغيير مفاهيم ويحقق رد فعل قويا، خاصة أنه يتم التعامل مع مجموعة منتقاة من خمسة أو ستة أطباء بكل مستشفى فيكون تأثير المبادرة أقوى، حيث العمل بالإمكانيات المتاحة والأدوات الناقصة توفرها المبادرة سواء أدوات جراحية أو قطرات، رغم أننى أرى أن المستشفيات على درجة عالية جدا من التجهيز وينقصها أقل قليل، فمستواها عظيم، ولا بد أن نعى أن لدينا ميراثا قديما فى طب العيون فى العالم، فلدينا مستشفيات أنشئت منذ 1905، وكانت وقتها مستشفيات حديثة للعيون، وسبقت مستشفيات تخصصية للعيون فى الشرق الأوسط وبعض الدول الأوربية، فتاريخيا طب العيون بدأ فى مصر قبل كثير من الدول، وبدأ بمستوى عالٍ من التخصص والاحتراف لم يكن موجودا وقتها فى أوربا وأمريكا، فنحن لا نعى بالكنز الذى لدينا، من خبرات ومهارات متراكمة.

كما أوضح أن «المبادرة ستستغرق سنوات، لكى نستطيع تدريب الأطباء بكل مستشفى على حدة، فنستطيع تغطية 5 أو 6 مستشفيات فى السنة، لذا نحتاج نحو 3 أو 4 سنوات من الجهد والعمل العنيف والجاد لتغطية محافظات الجمهورية، وخطة المبادرة خطة فى منتهى الطموح ولا يوجد مثيل لها فى العالم، فبحكم عملى بمنصب أستاذ بجامعة جنيف، ورئيس جمعية جراحى الجلوكوما فى العالم على دراية بما يحدث فى العالم أقول إنه لا توجد دولة فى العالم تنفذ وتطبق ما تنفذه مصر فى هذه المبادرة ونحن سباقون بها».

كما أشار «د. طارق»، إلى أن «هذه المبادرة الاتجاه فيها تقدمى وحداثى ومختلف وخارق للمألوف، هذا بجانب أننا نحاول استخدام كل أدوات الدولة فى دعم الخدمات الصحية فى مصر، فلدينا مشروع آخر بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى خلق أدوات مبنية على الذكاء الاصطناعى قادرة على أن يكون لديها أول برنامج فى العالم للمسح على مستوى الجمهورية للاكتشاف المبكر للحالات المجهولة لمرض الجلوكوما، فعلى مستوى العالم نحو 50 فى المائة من حالات الجلوكوما لا يعرفون بإصابتهم بالمرض لعدم وجود وسائل مسح أو اكتشاف مبكر على مستوى عالٍ، ونسعى لخلق أدواتنا المبنية على تكنولوجيا وقدرات مصرية ومهندسين مصريين تقودهم مجموعة خارقة من أساتذة جامعة الإسكندرية سواء من كليات الطب أو الهندسة أو أقسام الرمد من خلال تغذيته بتصوير آلاف العيون المصرية المريضة والسليمة».

مشاركته فى المبادرة الوطنية ليست الوحيدة التى يترجم بها «د. طارق» حبه لبلده وخدمته لمرضاه، حيث توجد له مشاركات عدة على رأسها مؤسسة «بلدي» التى أنشئت منذ عشرين سنة فى أسوان، وتضم مركزا طبيا خيريا هدفه الأساسى مساعدة الدولة فى توفير حق المواطن المصرى فى العلاج، ويقدم الخدمة الطبية لصعيد مصر ومختلف أنحاء الجمهورية لما حققته من سمعة طيبة، بفضل مجموعة كبيرة من القائمين عليها وتخدم سنويا آلاف المرضى وتجرى مئات الجراحات سنويا.

الحديث مع الخبير العالمى تطرق إلى رسم خريطة أمراض عيون المصريين، والتى تحدث عنها قائلا: لدينا أنواع كثيرة لأمراض العيون، ولها تاريخها أيضا، فطب العيون أطلق عليه الرمد، فى حين أن الرمد ليس علم العيون لكنه أحد أمراض العيون، ولانتشاره فى مصر سمى طب العيون فى مصر بطب الرمد، فهذه مسألة تاريخية، وتم توصيفه فى مصر فى معهد الرمد التذكاري، وإذا نظرنا لأسباب أمراض العيون نجد أن جزءا منها مرتبط بزواج الأقارب مثل المياه الزرقاء والمياه البيضاء فى الأطفال، الاعتلال السكرى الذى يصيب العين فى المرضى الذين يعانون من سكر غير منضبط، فأمراض العيون لدينا لا تختلف كثيرا عنها فى الشرق الأوسط، لكن إحدى أكبر المشكلات التى تقابلنا فى أمراض العيون فى الأطفال بصفة خاصة هى زواج الأقارب، أيضا لدينا أمراض الشبكية، والمياه البيضاء والمياه الزرقاء فى الأطفال والكبار، ويعد أكثر نوعين خطرين فى أمراض العيون فى مصر الأول: المياه الزرقاء لأنها منتشرة ولا أعراض لها، والثاني: أمراض السكر فى العين منتشرة وهى فى غاية الخطورة لأنها قد تؤدى للعمى إذا لم يتم التعامل معها بدقة وباحترافية.

وتابع: فى حالة اكتشاف أمراض العيون مبكرا نكون قادرين على التعامل معها والسيطرة عليها، لأن طب العيون فى مصر من أكثر التخصصات فى مصر تقدمًا على مستوى العالم، فأطباء العيون فى مصر فى حالات كثيرة يقودون العالم فى أمراض العيون، فطب العيون فى مصر فى مستويات متقدمة وفى مكان عظيم وفى مقدمة الأمم فى العالم فى حالات كثيرة، من حيث مهارة الأطباء، التجهيزات الطبية، توافر العلم والعلماء ومن حيث عدد المراكز البحثية والعلاجية، كل هذا يمثل ثروة قومية يجب أن نعى وجودها ونستغلها بشكل حقيقى وبشكل يسمح أن المريض والمواطن المصرى يستفيد من ثرواته، فالهدف هو استغلال ثرواتنا المهدرة.

«الجلوكوما» أحد أخطر نوعين لأمراض العيون فى مصر تحدث عنها رئيس الجمعية العالمية لجراحى الجلوكوما قائلا: «الجلوكوما» مرض يصيب العصب البصري، وفى معظم الأحيان يرتبط بارتفاع ضغط العين، ليست له أعراض، ويظل يؤثر سلبًا على العصب البصرى تدريجيا حتى يتلف ولا يمكن إصلاحه، لذا من المهم الاكتشاف المبكر للمرض فى مراحله الأولى لوقف تدمير العصب البصري، والعلاج يتم عن طريق استخدام القطرات أو العلاج بالليزر أو التدخل الجراحي، والمرض يصيب مختلف الفئات العمرية، الكبار والأطفال وحديثى الولادة، ومؤخرا فى مصر أجرينا عملية لطفل بعد ساعات من ولادته، ويوجد نحو 9 ملايين شخص حول العالم فقدوا بصرهم بالعينين بسبب «الجلوكوما»، كما أن هناك أكثر من 200 مليون مريض بـ«الجلوكوما» حول العالم، ونسب الشفاء عالية جدا، لكن المهم اكتشاف المرضى مبكرا.

روشتة خبير العيون العالمى لحماية عيون المصريين بدأها بمناشدة بضرورة التعامل بحزم وجدية فى مواجهة زواج الأقارب لأنه _ على حد قوله _ يمثل كارثة فى مصر والشرق الأوسط كله، أيضا من المهم الحذر عند التعامل مع الأدوات الحادة مثل ألعاب الأطفال، أيضا حماية العمال فى عملهم من إصابات العيون، أيضا مريض السكر يجب أن يتابع مع طبيب عيون بصفة دورية، أيضا بشكل عام يجب تفعيل الفرص التى تسمح بعرض المواطن على طبيب عيون مثلا أثناء استخراج رخصة السيارات تكون بجدية فقد تكون الفرصة الوحيدة التى يكشف فيها الشخص «عيون»، أيضا يجب أن نفكر خارج الصندوق ونضع كشف العيون ضمن الإجراءات الحكومية أو فى أى فرصة مثلا عند الخروج على المعاش، عند استخراج بطاقة تموين.

كذلك شدد «د. طارق» على أهمية تطبيق برنامج قومى للكشف على العيون لأطفال المدارس وهذه سبقنا فيها العالم، ففى دول أوربا وأمريكا يتم الكشف على أطفال المدارس بشكل دوري، وإمكانياتنا تسمح بذلك ولدينا تجارب عظيمة مثل تجربة مصر مع القضاء على فيروس سى تجربة تعلم منها العالم، وفى مجال العيون نحن قادرون على الإنجاز ولدينا الإمكانيات من حيث الأطباء والكوادر البشرية ومن حيث التجهيزات وصناعة النظارات وكذلك الأدوية فمستوياتنا فى صناعة الأدوية ممتازة، فقط نحتاج لمزيد من العزم والإرادة والتخطيط السليم، أيضا لابد أن نركز على إمكانياتنا ونستخدمها وعلى الكفاءات ونبنى على ذلك منظومة متكاملة تستطيع التعامل مع أمراض العيون فى مصر لما هو فى مصلحة المواطن المصري.

ما ينقصنا بحسب «د. طارق»، الاهتمام بالطبيب وتقديره ماديا ومعنويا ليعيش حياة كريمة لمواجهة ظاهرة هجرة الأطباء، فيجب تحسين وضع الأطباء حتى يستطيعوا التمسك بوجودهم فى البلد، ويتمسكوا بخدمتهم للمواطن المصري، وإذا لم نصل لهذا المستوى فللأسف نزيف هجرة الأطباء سيستمر، وهذه تعد قضية أمن قومى.

وأنهى «د. طارق» حديثه قائلا: تجربتى فى التعامل مع شباب الأطباء فى مصر مذهلة لأنهم على درجة عالية من النجابة والذكاء والانتماء والاهتمام الحقيقى بالمريض، وهذه أمور لا أراها فى أى مكان، أيضا المريض المصرى ذكى وواعٍ، ومخاطبة الطبيب للمريض كبنى آدم بهذه المواصفات هو جزء مهم جدا من العلاج وإتمام رحلة الشفاء.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة