رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

دول الفتــوة عســران الضبــع


17-7-2025 | 16:41

.

طباعة
بقلـم: أحمد النبوى

بمناسبة اليوم العالمى للثعابين فى السادس عشر من شهر يوليو علينا جميعا أن نعرف أن هناك أكثر من 35 ألف نوع من الثعابين حول العالم، ومنها فقط 600 نوع سام بمعنى أن الثعبان الذى يخافه العالم أجمع فى حقيقة الأمر ليس خطيرًا إلا بنسبة مئوية لا تصل إلى 2 فى المائة، ورغم ذلك فهو يملك سمعة يخشاها الجميع، وهكذا الحال مع بعض الدول التى تمتلك سمعة يخشاها الجميع أو أنها تطلق على نفسها تلك السمعة حتى يخشاها الجميع ويتجنب الصدام معها أو رفض قراراتها، وهنا أتذكر فيلم (الهلفوت) للزعيم عادل إمام من تأليف العبقرى الرائع وحيد حامد، الذى تم إنتاجه عام 1985، وبالأخص شخصية «الفتوة عسران الضبع»، التى جسدها الفنان الراحل صلاح قابيل، وهو فتوة وسفاح لا يرحم والبلدة بأكملها تخاف منه وتعمل له ألف حساب،

 

ولكن فجأة وبمحض المصادفة يستطيع شيال من هلافيت البلدة اسمه «عرفة مشاوير» - عادل إمام - أن ينسف عرش الفتوة عسران عندما ذهب إليه فى منزله وشاهده أثناء خلع ملابسه ويكتشف أن عسران ضعيف ومريض ويعيش فى رعب دائم، وأن خوف الناس منه وهم كبير، وهكذا الحال بالنسبة للعديد من الدول التى تنسج حول نفسها الأساطير والحكايات ومع التطور التكنولوجى الهائل أصبحت هناك مليارات الدولارات يتم دفعها لشركات عالمية سنويًا لفرض هيمنة تلك الدول التى تدفع لإيهام العالم على قدراتها غير المحدودة، وهى فى حقيقة الأمر غير موجودة على أرض الواقع، وهناك دول أخرى تدفع مليارات الدولارات لتلك الشركات لتحسين صورتها، وأخذ مساحة ودور عالمى غير موجود، ولأن اعتماد تلك الشركات ينصب فى المقام الأول على وسائل الإعلام العالمية، سواء كانت قنوات تليفزيونية أو صحافة عالمية بجانب وسائل التواصل الاجتماعى والتى أصبحت اللاعب الأول التى تعتمد عليه تلك الشركات العالمية فى بث سمومها ضد الدول بكل سهولة من خلال لجان تجلس خلف شاشات الكمبيوتر أو بدفع الدولارات لأصحاب شركات التواصل الاجتماعى لحجب ما تريد ونشر المحتوى الذى تريده طبقا لمصالح من يدفع، وهذا الكلام ليس بجديد على العديد من الدول، خاصة أن اللوبى الصهيونى يحكم ويسيطر على وسائل الإعلام العالمية، ولا عزاء لحرية الإعلام وحقوق الإنسان تلك الشعارات التى يتم تصديرها إلى دول العالم الثالث كحجة للتدخل فى الشؤون الداخلية لبعض الدول؛ وحتى لا يساء فهم معنى الكلام أننى ضد حرية الإعلام فى مصر، فهذا اعتقاد خاطئ، بل على العكس يجب أن نملك إعلاما قويا مؤثرا على المنطقة، كما كنا فى الماضى؛ إعلام مؤثر، وهذا التأثير لن يأتى إلا بالمصداقية..

وتلك المصداقية تبدأ من الداخل من خلال التنوع الواعى فى الآراء بوجود معارضة وطنية حقيقية؛ والمعارضة هنا ليست (رجس من عمل الشيطان) كما يتخيل البعض أو يدعى بعض أصحاب المصالح، لأن المعارضة جزء أصيل من نسيج المجتمع تهدف لخدمة الوطن والمواطنين، ولا أتحدث هنا عمن يطلقون على أنفسهم لقب المعارضة، وحقيقة الأمر أنهم يعملون من أجل الدولارات وتنفيذ مخططات دول أخرى لهدم الوطن، ولعلنا جميعا نتذكر جزءا بسيطا من سيناريو مسلسل رأفت الهجان للرائع صالح مرسى عندما رشح رأفت الهجان تجنيد (سيرينا أهارونى )-التى قامت بدورها الفنانة تهانى راشد – لأنها معارضة لنظام حكومة دولة الاحتلال، وكان يظن أنها أول واحدة سيقع عليها اختيار المخابرات المصرية، ولكنه صدم من كلام السيد نديم ضابط المخابرات، والذى رفض وقال له (هذه آخر واحدة تفكر فى تجنيدها لأنها أكثرهم وطنية وإخلاصا لوطنها، وأن ثورتها على الأوضاع بهدف رغبتها بالوصول بالمجتمع لأكمل صورة، وكلامها يكون بسبب إيمانها الشديد بالمجتمع الإسرائيلى ورغبتها فى التخلص من الفساد الموجود فيه).

وللعلم هذا المشهد حدث فى الحقيقة وليس خيال مؤلف، وإن كنت عزيزى القارئ تريد إثباتا آخر فلتعد بالذاكرة إلى الإعلام المصرى عام 2012، الذى انحاز للوطن ضد جماعة الإخوان الإرهابية، وشارك كعنصر أساسى فى توعية الشعب والوقوف ضد محاولات الجماعة الإرهابية لأخونة الدولة وضد إعلام الجماعة حتى الوصول إلى ثورة 30 يونيو، ومن بعدها استطاع الإعلام المصرى (مؤيدين ومعارضين) من التصدى لكل محاولات اتباع الجماعة الإرهابية من تشويه سمعة ثورة 30 يونيو، ولعب الإعلام دورا بجانب الدبلوماسية المصرية فى جعل دول العالم تعترف وتساند ثورة الشعب المصرى والتصدى لكل محاولات الجماعة الإرهابية، والدول التى كانت تدعمها بدفع مليارات الدولارات لإجهاض ثورة الشعب أو على الأقل رفض دول العالم الاعتراف بثورة الشعب وفرض عقوبات على مصر؛ هذه حقيقة عشناها جميعا والإعلام هنا لم يفكر أحد هل هذا المذيع محسوب على المعارضة أم مؤيد أو هل هذه الجريدة الخاصة كانت معارضة للنظام قبل ثورة يناير أم مؤيدة؟ ولا أقول هنا إن الإعلام صاحب فضل فى الثورة، بل هو قام بجزء من دوره الوطنى.

الإعلام المصرى كان على مدار سنوات طويلة واحدا من القوة الناعمة المصرية، وكان له تأثير كبير فى المنطقة بأكملها ولاستعادة تلك المكانة يجب أن نبدأ من الداخل بزيادة مساحة حرية الإعلام وحرية النقد البناء والتنوع فى الآراء حتى يعود الإعلام المصرى لمكانته داخليا عند الشعب وبعدها يعود التأثيرا إقليميا، ويكون حائط صد حقيقيا أمام هجمات السوشيال ميديا ولجانها وضد القنوات التى تنفذ مخططات التخريب.

الاكثر قراءة