رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

في ندوة «المصور».. شهادات كبار المفكرين والسياسيين عن «3 يوليو» وسنوات بناء الجمهورية الجديدة


5-7-2025 | 13:20

المصور .. تفتح خزائن أسرار عام حكم الإخوان وتكشف مخططات الجماعة الإرهابية لـ تفخيخ مصر .. وتُزيح

طباعة
أعد ورقة الحوار: أشرف التعلبى - أحمد جمعة أعدها للنشر: منار عصام /عدسة : إبراهيم بشير

كيف ولماذا اندلعت ثورة يونيو وكيف عاشت مصر أجواء البيان التاريخى فى الثالث من يوليو 2013.. التساؤلات السابقة وغيرها الكثير وضعتها «المصور» على طاولة الحوار الذى استضافته «المصور» فى ذكرى الاحتفال بثورة 30 يونيو و3 يوليو، والذى شهد حضورًا مميزًا من ممثلى القطاعات والمجالات المختلفة، من المفكرين والسياسيين والاقتصاديين والشخصيات العامة، وشمل الحضور: د. عبدالمنعم سعيد، المفكر الكبير وعضو مجلس الشيوخ ورئيس المجلس الاستشاري للمركز المصري للفكر والدراسات، د. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، د. مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار، حسن شاهين، أحد مؤسسي حركة تمرد، د. غادة جابر الكاتبة والباحثة السياسية

أدار الندوة الكاتب الصحفى عبداللطيف حامد رئيس تحرير مجلة المصور، بمشاركة هيئة تحرير المجلة، وتطرق الحديث إلى حقيقة الوضع الاقتصادى فى مصر، وأبرز الحلول لعلاج أزمات متشعبة فى أعماق الاقتصاد القومى.

فى بداية الندوة، رحب الكاتب الصحفى عبداللطيف حامد، بحضور قامات وطنية، عبر فيها عن شكره وتقديره للسادة والسيدات من المشاركين والحضور، مقدمًا التهنئة باحتفالات ثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو التاريخى، وإلى نص الندوة كما دارت على مدار ما يزيد على ساعتين.

• المصور: إلى أى مدى كانت ثورة 30 يونيو حدثًا عاجلًاوخطوة رئيسية فى تاريخ هذا الوطن.. وهل باتت حقًا وقتها، ضرورة قومية؟

د. عبدالمنعم سعيد: عاصرت غالبية الأجيال الشابة حدثين مهمين وهما ثورتا 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، وما بينهما من أحداث فارقة فى عمر البلاد.. فقبل سقوط نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ارتأى الشباب المصرى أن العالم قد سبقنا كثيرًا فى شتى المجالات، فكان يرى الحاجة الملحة للإطاحة بنظام مبارك فى ذلك الوقت على الرغم من أن الفترة ما بين 2005 و2011 تُعتبر من أزهى الفترات التى مرت بها بلادنا، خاصة على المستوى الاقتصادى، حيث كانت الدولة المصرية تحقق معدلات نمو تتراوح بين 7:8 فى المائة، ولكن بالرغم من ذلك كانت القاهرة تسير بمعدلات أداء بطيئة جدًا، شعرنا بها كأدباء ومثقفين.. ولكن عندما تمت الإطاحة بالنظام، لم تكن هناك خارطة طريق أو خطة متفق عليها لإعادة الدولة المصرية إلى مسارها الصحيح، الأمر الذى دفع جماعة الإخوان الإرهابية، لاستغلال الفرصة فى ذلك الوقت، مستندين فى ذلك إلى نفوذهم السياسى وقدراتهم المالية والتنظيمية ليتصدروا المشهد داخل ميدان التحرير ومختلف ميادين الجمهورية، من أجل الانقضاض على تلك الثورة واستغلالها فى تحقيق أهدافهم بالوصول إلى السلطة، وهو الهدف الذى كانت تسعى إليه الجماعة منذ تأسيسها. إلا أنهم وعندما تحقق لهم ذلك لم يهتموا بالتخطيط الجيد وكيف سيديرون البلاد؟، الأمر الذى جعلهم يستندون إلى المشروع والنموذج الإيرانى فى الحكم، وكانوا يمضون فى تنفيذه على أرض الواقع داخل مصر، مخالفين فى ذلك الدور المؤسسى الذى اعتاد عليه نظام الحكم لدينا، مما جعلهم يقعون فى العديد من الأخطاء فى مختلف القطاعات، وهو الأمر الذى استشعره الشعب المصرى بسرعه كبيرة.. فقبل أن يكمل نظام الإخوان عامه الأول فى الحكم تيقن المجتمع المصرى إلى خطورة ما يقوم به مكتب الإرشاد من أمور مغايرة للهوية الوطنية المصرية المتعارف عليها.. ورغم كون المصريين شعبًا هادئًا لا يملك فى تاريخه العديد من الثورات، إلا أنه انقلب على الجماعة الإجرامية.. والفرق بين الثورتين، أن ثورة 30 يونيو أوجدت لها قائدًا ومن ثم خارطة طريق للمستقبل.

• المصور: هل ترى أن بيان 3 يوليو كان نقطة انطلاق نحو الجمهورية الجديدة؟..وكيف استطاع «بيان» أن يعيد مصر إلى مكانتها فى ظل توازنات القوى الدولية؟

د. طارق فهمى: عندما وصلت جماعة الإخوان إلى الحكم قامت بالتسويق لمشروع وهمى باسم «النهضة».. وهنا أذكر أننى كنت بصدد لقاء إعلامى مع إحدى القنوات فى تلك الفترة، وطلبت من عصام العريان نسخه من مشروع النهضة للحديث عنه عبر وثيقة رسمية، وحينها أعطى لى أرقامًا لعدد من القائمين على إعداده، وكلما تواصلت معهم كانوا يتحججون بأعذار مختلفة، الأمر الذى يؤكد عدم موجود مشروع من الأساس، بل كان يتم تسويقه سياسيًا واقتصاديًا بشكل موسع، ولكن فى الأخير لم يقدموا رؤية أو تصورًا واضحًا لمشروع النهضة.

كما أن تلك الفترة كانت تشهد حالة من الحراك الداخلى فى مصر، وذلك نتيجة لقلة الخبرة والوعى السياسى لدى جماعة الإخوان، رغم أنهم دخلوا الحياة السياسية فى ظل عدم وجود أحزاب قوية – وقتها، مما خلق حالةً من المغالبة لا المشاركة لدى الجماعة، وهو مبدأ مختلف عما روجت له الجماعة قبل الانتخابات، حيث أكدوا مرارًا وتكرارًا على أن الساحة السياسية فى مصر ستكون ديمقراطية حقيقية بمشاركة مختلف الأحزاب السياسية.

جماعة الإخوان كانوا متأثرين كثيرًا بالتجربة الإيرانية والتركية فى الحكم وإدارة شؤون دولهم، وحاولوا بالفعل أن يقوموا بتكرار تلك النماذج فى مصر، حتى على مستوى الأجهزة الأمنية.. فقد كانت هناك محاولات فعلية لاستحداث أجهزة أمنية بديلة على غرار الحرس الثورى الإيرانى، وغيرها من المواقف التى تندرج تحت مشروع أخونة الدولة المصرية بمختلف قطاعاتها.. وربما نتوقف أمام بعض المواقف العابرة فى هذه الفترة والمرتبطة بهذا المشروع، حيث كان هناك شريحتان داخل المجتمع المصرى، الأولى ترى أن مكانة الدولة المصرية كبيرة، والوطنية بها عميقة جدًا ولن تخترق بهذه السهولة.. أما الشريحة الأخرى كانت تخطط وترى مصر أنها دولة ممر لتأسيس دولة الخلافة، لذلك لم يكن من الغريب أن يخرج المرشد قائلاً«طز فى مصر»، ولكن المثير فى الأمر أن هذه الفترة كانت للأسف الشديد مرتبطة بنوع من التخوف خاصة من الليبراليين والعلمانيين داخل مصر، حيث كان لديهم ذعر من فكر جماعة الإخوان، وبالفعل كانت هناك قوائم معدة يُمنع ظهورها فى الإعلام أو أن تتولى مناصب، وكان يقود هذا الفكر والتوجه مجموعة متخصصة داخل مكتب الإرشاد، والتى بدأت فى إحكام سيطرتها على المنظومة الإعلامية باعتبارها الموجه الأول للرأى العام.

وقامت ثورة 30 يونيو العظيمة، وخرج المصريون فى توقيت مهم جدًا، وكان من أبرز مشاهدها هو خطاب 3 يوليو، لأنه وبصرف النظر عن تفاصيل الخطاب والجمع الكبير من الحضور الممثلين لكل طوائف وفئات الشعب، كان الأهم هو وجود إجماع وطنى من مختلف شرائح المجتمع، بضرورة استعادة زمام الحكم فى مصر وإعادته للمصريين.. وهنا يجب الإشارة إلى أنه لم يكن هناك إقصاء لأى فصيل خلال إلقاء الرئيس السيسى لبيان 3 يوليو، بل إن الرسائل الاستباقية التى وُجهت من قبل القوات المسلحة المصرية أكثر من مرة كانت موجهة لكافة القوى السياسية بضرورة التوافق والانصياع لمطالب الشعب.

وعندما نقيم جماعة الإخوان، نجد أنه ليس لديهم مفكرون أو قادة فكر ورأى، ولابد أن نعترف بهذا الأمر بعيدًا عن المجاملات، حتى فى رؤيتهم لتيار الإسلام السياسى الذى لم يستوعبوه، وخير دليل على ذلك، الجماعة الإسلامية، لذلك يجب هنا أن ننوه بأن الحديث عن المصالحة مع جماعة الإخوان وإعادة دمجهم فى المجتمع لابد أن يسبق هذا الحديث العديد من الشروط التى يجب أن تُنفذ قبيل الحديث فى هذا الشأن.. كما يجب أن يتم استفتاء عام للشعب المصرى بالموافقة أو الرفض على هذا الأمر، بجانب استيفاء الجماعة كافة الشروط المتعلقة بقبول وجودهم فى نسيج المجتمع، وأهمها: نبذ العنف الذى لم يكلفنا سوى التأخير لسنوات طويلة، فلولا تلك السياسات العنيفة لجماعة الإخوان لتمكنت الدولة المصرية من إنجاز الكثير فى الوقت الذى استغرقناه للحرب على الإرهاب، والذى لم يكلف فقط القوات المسلحة والشرطة ثمنًا باهظًا، ولكن الدولة المصرية كلها دفعت ثمنًا كبيرًا، يتبلور فى تأخير تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية إلى حين انتهى الإرهاب.

وحين تحلُّ علينا كل عام ذكرى قيام ثورة 30 يونيو، تتعالى الأصوات التى تنادى بفكرة المصالحة مع الإخوان، خاصة أن هناك جيلاً لم يشهد أحداث رابعة وما تبعها من إرهاب وعنف.. وهنا يجب أن نشيد بالدور الذى قامت به القوات المسلحة بتأريخ وتوثيق تلك الثورة وأحداثها عبر أعمال درامية كمسلسل الاختيار، حتى تظل راسخة فى أذهاننا جميعًا، وتعريف الأجيال الجديدة بالجرائم التى اُرتكبت فى حق الدولة والشعب من قبل تلك الجماعة الإرهابية.

• المصور: وأين نحن الآن؟

د. طارق فهمى: منذ 30 يونيو 2013 إلى الآن، دائمًا ما يتردد على أذهاننا سؤال: «ما هى الروح التى افتقدناها من هذا الحدث؟».. فنحن اليوم فى عام 2025 والمختلف تمامًا عن 2013، أى أننا فى حاجه لعقد توافقات اجتماعية سياسية كبيرة تستهدف لم شمل الدولة المصرية، فى ظل التحديات والمخاطر الحالية، والتى بالمناسبة لن تتوقف.. فعلى سبيل المثال مشروع التهجير لم يتوقف، وغيره من مهددات الأمن القومى لن تتوقف.. ففى اللحظة التى نتحدث فيها نجد أن كافة الاتجاهات الاستراتيجية للدولة المصرية مهددة، وبالنظر إلى حال الشارع المصرى نجد أن هناك رأيين، الأول يتحدث عن عدم تهويل الأمر مع ترك الشعب المصرى يعيش بشكل طبيعى، والأمر الآخر ينادى بضرورة المشاركة فى الحوار السياسى والمجتمعى.. ففى حقيقة الأمر واستنادًا إلى الكثير من الاعتبارات، فإن الدولة المصرية مستهدفة، وأتذكر هنا ما قاله الرئيس السيسى فى إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة، عندما قال: «إن وسائل تخريب الدول واحدة»، فتختلف الأساليب من شائعات لحروب نفسية ومحاولات تدمير بنى تحتية وغيرها من المحطات المتطورة من تلك الوسائل، ولكن يبقى الهدف منها هو تدمير وتخريب الدول.. لذلك يجب علينا التطوير ومواكبة التطور الذى تشهده تلك الوسائل، مع ضرورة التحلى بالوعى السياسى، ويقع هذا الأمر على عاتق وسائل الإعلام كما يحدث فى مجلة المصور، التى دائمًا ما تمارس دورها التنويرى والتوعوى للمصريين.. فدائمًا ما يتجه المواطنون إلى النخب بالتساؤلات، وعلى سبيل المثال فى الفترة الأخيرة، كان الجميع يتساءل عن تأثير التصعيد العسكرى بين إسرائيل وإيران على مصر، لذلك فإن الإعلام يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة فى تنوير وتوعية الشعب، كما يجب أيضًا تطوير كافة عناصر القوى الشاملة للدولة المصرية وليس فقط القوة العسكرية، ويجب الحفاظ على مستوى الاستقرار السياسى الذى بالمناسبة لا يرتبط بالأحزاب ولكن يرتبط بالتنشئة السياسية المجتمعية، والتى لابد أن ترتبط بأسس راسخة.. فعلى سبيل المثال لا يمكن أن نأتى بشخص متدرب فى أى مجال وظيفى ونضعه على رأس الإدارة، ولكن يجب أن يمر بمراحل ويكتسب خبرات لازمة تؤهله لهذا الدوار، وهكذا هو العمل السياسى.. ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية، لذلك يجب التوعية بأننا سنشهد قريبًا حالة حراك سياسى.. وهنا لا أتحدث عن معارك بين الأحزاب، ولكن الأمر مرتبط بقناعة المواطن بالقدرة على التغيير وانتخاب مجلس نواب وشيوخ حاضر فى حياة المصريين، بمعنى أن يكون لهما دور فاعل يشعر به المواطنون فى حياتهم اليومية، ويكون على علم وفهم بالتشريعات التى يقرها المجلس، وألا نستدعى فقط تلك المؤسسات خلال الأزمات، وبما أننا نحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو يجب أن نستلهم روح تلك الأحداث، ويجب على المواطن أن يكون مشاركًا بشكل إيجابى، وذلك كأول خطوة لإعداد وتجهيز الجبهة الداخلية.. لذلك فلابد من المطالبة بإعادة ترتيب جدول أعمال الوطن من خلال تفعيل دور القوى السياسية والحزبية فى مصر، مع تماسك القوى السياسية وعودة الجماعة الإعلامية لممارسة دورها الكبير مع تنظيم العديد من القواعد، منها على سبيل المثال لا الحصر، قانون تداول المعلومات خاصة فى ظل ما تشهده منصات وسائل التواصل الاجتماعى من فوضى، والذى يمكن وصفه بالتهريج، وهو الأمر الذى لا يحدث فى أى دولة بالعالم، فلا يقوم المواطن فى بلد متقدم بالحديث عن السياسة والاقتصاد والتسويق والقانون وكافة التخصصات عبر منصات السوشيال ميديا، لذلك يجب إصدار تلك القوانين بهدف بناء مناعة وطنية للدولة.

• المصور: إذا انتقلنا إلى مرحلة تدشين حركة «تمرد».. حدثنا عن كواليس محاولات الإخوان قبل 30 يونيو لاحتواء الحركة؟

حسن شاهين: فى البداية يجب أن أؤكد أن ثورة 30 يونيو إذا لم يكتب لها أن تحدث فى 2013 كانت ستحدث فى 2014 أو 2015، أى أنها كانت ستنطلق شرارتها عاجلاً أم آجلاً.. فبعد أن اكتشف الشعب مدى السوء الذى أظهرته جماعة الإخوان خلال فترة توليها حكم مصر، وحماقتهم فى ممارسه السياسة واكتشاف أهدافهم الخبيثة للاستيلاء على مؤسسات الدولة ومع تدمير الهوية الوطنية التى نشأنا جميعنا فى ظلها، والاتجاه بها إلى أمور ظلامية بعيدة كل البعد عن الشعب المصرى وطباعه.. فعندما استولت الجماعة على الحكم كانت الأنشودة التى يرددونها مرارًا وتكرارًا هى «الشريعة»، وكأن محمد مرسى بمثابة عمرو بن العاص الذى جاء لتحرير مصر فى هذا الزمان من الوثنية وعبادة الأصنام، والمعروف عن المصريين أنهم شعب يتأثر بالدين كثيرًا، لذلك تم خداعه فى بداية الأمر من تظاهر الإخوان بالتدين، ولكنه سرعان ما علم الوجه الحقيقى لهم.. لذا وجدنا أن المواطنين الذين انتخبوا محمد مرسى هم أنفسهم الذين تحركوا فى 30 يونيو لعزله هو وجماعته، لأنهم كانوا يرون أن الكرسى الذى جلس عليه مرسى «أكبر منه» ومن جماعته.

كما أن جماعة الإخوان الإرهابية فى وصفها الدقيق، كانوا أعداء لكل فئات الشعب ومؤسسات الدولة.. وكانت الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو حينما أظهرت جماعة الإخوان العداء للمثقفين وكتاب الرأي، حينما تم تعيين الدكتور خالد عبد العزيز وزيرا للثقافة مع إقالة الدكتورة إيناس عبد الدايم من رئاسة دار الأوبرا المصرية، وكذا إقالة الدكتور أحمد مجاهد من منصبه بالهيئة المصرية للكتاب، وغيرها من الأفعال التى خلقت العداء بينهم وبين الشعب المصري، نظرا لقيامهم بأفعال تحريفية للواقع الذى اعتاد عليه المصريون.. وما كان على المثقفين فى ذلك الوقت إلا أن يصلوا إلى مقر وزارة الثقافة وإعلان الاعتصام، اعتراضا على تلك الممارسات المعادية.. والمفارقة الغريبة هنا أن جماعة الإخوان قد أعلنت أنها تعتزم إنشاء شركة إنتاج فنى كأسلوب جديد من الأساليب الخبيثة التى حاولوا الاستناد إليها فى السيطرة على مفاصل الدولة المصرية، بل وبث الأفكار المتطرفة والسوداء لتغيير الهوية الوطنية للمصريين.

وحينما بدأنا حملة تمرد - وأتذكر يوم أن ألقيت البيان التأسيسى للحملة فى 28 أبريل 2013، وقد كان الهدف الرئيسى هو عزل هذه الجماعة عن حكم مصر، بعد ما تبين لنا جميعا ولجموع الشعب خيانة تلك الجماعة للوطن، ودعونا المصريين للانضمام لهذه الحملة بصفتها حملة شعبية، ولم تكن تابعة لأى حزب أو تيار سياسي، ولكنها خرجت من شباب برحم المجتمع، لإيمانهم بأن الدولة المصرية تسير نحو نفق مظلم.. فكان لابد أن يتم الخلاص من تلك الجماعة للأبد.. وفتحت حملة تمرد أذرعها لاحتضان كافة التيارات السياسية وجميع أبناء الوطن، وكل منْ يؤمن بالدولة المصرية والهوية الوطنية، كان علينا التكاتف للتخلص من حكم هذه الجماعة الظلامية.. وأنا دائما ما أستخدم الآية الكريمة فى وصف الحركة، «فَإِذَا هِى تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ».. فقد كانت حركة تمرد بمثابة العصا التى أُلقيت فى القلب من المجتمع المصرى وانضم إليها كل منْ هو مؤمن بمصرنا الغالية.

• المصور: وهل حدثت أى محاولات للاحتواء فى تلك الفترة العصيبة؟

حسن شاهين: فى بداية تمرد استهان الإخوان بالفكرة، فلم يكن أحد يتخيل أن مجرد ورقة عليها توقيع كل مواطن ستنجح فى إزالة تلك الجماعة الإرهابية، ومنذ بداية نزول الحركة فعليا فى الشارع المصرى الأول من مايو 2013 نجحت الحركة فى تجميع ما يقارب من 30 ألف توقيع فى يوم واحد.. والحركة أعدت مسبقا 1500 استمارة فقط على أساس أن الإقبال لن يتجاوز هذا العدد فى اليوم الأول، إلا أننا فوجئنا بأعداد غفيرة فى ميدان التحرير كانت تقوم بسحب الاستمارة وتقوم بتصويرها صورة ضوئية ونسخها لتوقيعها وتسليمها إلينا.. وفى نهاية اليوم استطعنا تجميع 30 ألفاً، لتكون بمثابة الشرارة الأولى للثورة، وناقوس الخطر الذى دق ليعلن اقتراب نهاية مكتب الإرشاد.

وبداية من يوم 10 مايو 2013، بدأ الإخوان بتسليط شباب الجماعة لإجراء محاولات اتصال بقيادات حملة تمرد، ولكن كانت أيديولوجيتنا وأفكارنا أننا ضد هذه الجماعة منذ البداية، فسلكنا الطريق نحو تحقيق أهدافنا بعزل مرسى وجماعته من حكم البلاد، ثم تحول الأمر من محاولات الاحتواء والاستقطاب من قبل جماعة الإخوان للحركة وقيادتها، إلى محاولات التهديد والإرهاب الذى تم ممارسته علينا بالفعل.. فأتذكر عندما كنت فى مقر الحركة بوسط القاهرة، تم حرق المقر الخاص بالحركة من قبل أنصار الجماعة الإرهابية، وفى هذا اليوم تم تهديدى خلال طريق العودة من إحدى قوافل تمرد فى محافظة بور سعيد، وكان نص التهديد «لو متلمتوش من لعب العيال ده هتشوفوا اللى هيحصل ليكم ولأهاليكم»، وهى بالمناسبة طريقة جماعة الإخوان الإرهابية المعتادة فى الاعتداء على كل منْ يخالفهم الرأي، وهو ما رأيناه فى جمعة كشف الحساب عقب إتمام أول 100 يوم من حكم مرسي، عندما قاموا بمهاجمة الميدان وتكسير المنصة، ورأيناها أيضاً فى الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسي، والذى كان فيه تعدٍّ واضح على السلطة القضائية، بل كان يحاول أن ينصب نفسه إلهاً، يمنح نفسه سلطات من غير اختصاصه بهذا الإعلان الدستوري، ووقتها هاجمت الجماعة المعترضين والمتظاهرين أمام قصر الاتحادية الرئاسي.. وأنا فوجئت بأحد أعضاء مكتب البلتاجى يتواصل معى هاتفيا بصيغة التهديد التى اعتادوا أن يتحدثوا بها إلى كافة فئات الشعب: «يا نقتلكم يا نحكمكم»، ولكن لم تثننا تلك الممارسات الإجرامية عن هدفنا الرئيسى والمشروع، وهو عزل مرسى وجماعته من إدارة شئون مصر.. وتقدمنا ببلاغ ضد قيادات الإخوان ومكتب الإرشاد نظرا لمحاولاتهم حرق المقر الخاص بالحملة وإلحاق الضرر بالاستمارات الموقعة من قبل المواطنين.

وبالرجوع إلى التاريخ المصرى فى بداية عهد محمد على باشا، نجد أنه بدأ تأسيس مصر الحديثة من خلال التركيز على عمودين أساسيين فى المجتمع، وهما الجيش والقضاء، ولكن الإخوان عكسوا الأمر تماماً، فمنذ اللحظات الأولى لتوليهم الحكم، بدأوا بمحاولات لاختراق الجيش والقضاء، وذلك من خلال إقالة النائب العام وإصدار إعلان دستورى مجحف ينصب مرسى إلها.. وعلى مستوى الجيش، بدأ الإخوان ببعض المقالات ضد المجلس العسكرى واتخاذ قرارات عدائية ضد قادة القوات المسلحة المصرية.

• المصور: المرأة المصرية كان لها دور عظيم فى ثورة 30 يونيو، كيف استطاعت عظيمات مصر إبهار الجميع بدورهن الفاعل فى تلك الثورة؟

د. غادة جابر: لقد كُتب تاريخ جديد للدولة المصرية عقب بيان 3 يوليو 2013، ودائما ما أقول خلال الأحاديث الإعلامية إن مصر تمكنت من شن حرب استباقية فى 2013 ضد ما نواجهه خلال الفترة الحالية، فقد كانت قرارات الرئيس السيسى فى القضاء على الإرهاب بسيناء، ومن ثم قرار إغلاق وتدمير شبكة الأنفاق التى كانت تربط قطاع غزة بالأراضى المصرية بصورة غير مشروعة تحت سطح الأرض، فضلا عن الأعداد الكبيرة من الشباب الوطنى المخلص من أبناء الجيش والشرطة المدنية الذين آثروا التضحية والفداء فى سبيل استقرار وطنه، بجانب العديد من الخسائر الاقتصادية الكبيرة.. لكن فى النهاية استطعنا أن نعى بعدما تابعنا الأحداث والتصعيد القائم بين إسرائيل وإيران وقطاع غزة ومحاولة الزج باسم مصر فى دعم حماس عسكريا عبر الأنفاق بالسلاح والعتاد، وهو ما نفته تماما مصر، موضحة أنها قد نجحت فى إغلاق كافة الأنفاق التى كانت تصل قطاع غزة بسيناء، لنبتعد بالدولة المصرية عن حرب تسعى إسرائيل دائما لجرنا إليها.

أما عن دور المرأة المصرية، فنجد أن الرئيس السيسى دائما فى مختلف المناسبات ما ينتهز الفرصة للإشادة بدور المرأة المصرية، ويراهن عليها لعدة عوامل، أهمها ما يحدث لنا جميعا من مشاكل اقتصادية، فلا يمكن أن ننكر أننا جميعاً نعانى من أزمات مالية، إلا أنه وبفضل حنكة وحسن الإدارة لدى الأم والزوجة المصرية للأمور المادية، ترى أن الشعب المصرى متجاوب مع تلك التأثيرات الاقتصادية الحالية، لذلك دائماً ما تتلقى المرأة المصرية الإشادة من الرئيس السيسى لقدرتها على مواجهة مختلف التحديات الاقتصادية.. فضلا عن دورها الكبير فى ثورة 30 يونيو، فالمرأة المصرية عندما تكون ذات انتماء ووعى وطنى فطرى صحيح، إذن فمن المؤكد أن كامل أعضاء أسرتها سيكونون بالتبعية مثلها تماما، وذلك لقدرتها على التأثير فى أبنائها وأشقائها وزوجها، ورأينا جميعا كيف كانت المرأة المصرية تصطحب أسرتها كاملة لزيارة الميادين فى ثورة 30 يونيو، لذلك نالت سيدات مصر العديد من الحقوق والمميزات على المستويين التشريعى والقانونى منذ تولى «السيسي» إدارة البلاد.

• المصور: ننتقل من المرأة إلى شأن مهم جداً.. ماذا فعل الإخوان باقتصاد مصر، خاصة أن هذه هى الحجة الأولى التى يتشدق بها أتباع الجماعة منذ إقصائها؟

د. مصطفى بدرة: بالنظر إلى أنظمة الحكم السابقة وكيف كانت الأوضاع الاقتصادية، سنجد أنه خلال فترة حكم الرئيس مبارك الوضع الاقتصادى كان يعانى من انتشار وتفشى الفساد فى مختلف القطاعات، فضلاً عن البيروقراطية وغيرها من الأمور التعقيدية التى تعوق معدلات التنمية.. ودائما ما كنت أتساءل: «متى سنكون فى مصاف الدول الشبيهة لنا؟!»، لأنه بالنظر إلى بداية انطلاق الدولة المصرية مع بعض دول النمور الآسيوية، سنجد أنفسنا تأخرنا كثيرا عنهم، وتعتبر تلك هى النقطة الأساسية التى اعتمدت عليها جماعة الإخوان، ولكن أرى أنه رغم كل تلك المشاكل التى كان يعانى منها الاقتصاد خلال فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك، والتى وصلت إلى 30 عاما، إلا أنه كان من الممكن أن تتم معالجة الأمور خلال عام واحد فقط، وعلى النقيض تماماً، رغم صغر فترة حكم الإخوان والتى لم تتجاوز العام فقط، إلا أن ما ارتكبوه من جرائم وأخطاء ستحتاج إلى 30 عاما لإصلاحها اقتصاديا.. فنجد أنه خلال فترة حكم الإخوان تراجع التصنيف الائتمانى لمصر 6 مرات متتالية خلال عام واحد، والمقصود بالتصنيف الائتمانى هو قدرة الدولة على سداد التزاماتها، ونعود بالذاكرة قليلاً، عندما قرر الاتحاد الاوروبى دعم مصر بأكثر من 30 مليار دولار فى أعقاب ثورة يناير 2011، إلا أنه وإلى الآن وبعد مرور 13 عاما، لم نتحصل على دولار واحد منهم، ولكن مؤخرا ونتيجة العلاقات الدبلوماسية القوية التى يقوم بها الرئيس السيسى مع دول الاتحاد الأوروبى ستحصل مصر على ما يقارب من 9 مليارات دولار من أوروبا.

لذا من بعد إزاحة نظام مبارك أخذت الأوضاع الاقتصادية فى التراجع من السيء للأسوأ، وكما ذكر الدكتور عبد المنعم السعيد أن معدل النمو الاقتصادى فى خلال أعوام 2007-2008 كان يتراوح بين 7:8 فى المائة، وتراجع هذا المعدل لأدنى قيمة له خلال عامى 2011-2012 ليصل إلى 1.5 فى المائة.. ويرتبط معدل النمو ارتباطا مباشرا بمعدل الزيادة السكانية للدولة، الذى ظل فى تزايد مستمر رغم تراجع معدلات النمو الاقتصادي، الأمر الذى أدى لتفاقم الأزمة اقتصادياً خلال تلك الفترة.. وبالنظر أيضاً إلى معدلات التنمية المستدامة، وهو مؤشر تم استخدامه مؤخراً، نجد أنه كان فى تلك الفترة تحت الصفر.. فعلى سبيل المثال وصل حجم المصانع التى تم إغلاقها خلال حكم الإخوان إلى 5500 مصنع وفقا لتصريحات د. منير فخرى عبد النور وزير الصناعة الأسبق، فضلا عما يقارب من 21 ألف شركة مقاولات أغلقت خلال العام الذى حكمت فيها الجماعة الإرهابية البلاد، ونتذكر سويا كيف كان المواطنون يصطفون أمام محطات الوقود فى طوابير لإعادة ملء سياراتهم نظرا لوجود أزمة كبيرة فى توفير البنزين، وغيرها من العوامل التى أحدثت «ربكة» اقتصادية على مستوى احتياطى النقد الأجنبي، الذى كان يصل فى أعلى حالاته إلى 36 مليار دولار، بالإضافة إلى وديعة لدول مجلس التعاون الخليجى تقدر بنحو 9 مليارات دولار.. وقد كان هذا الحجم من الاحتياطى يعد رقما كبيرا خلال فترة مبارك نظرا لأن متوسط سعر الدولار فى هذا الوقت 5:6 جنيهات، مما يعنى أن الاحتياطى فى ذلك الوقت كان يستطيع أن يغطى احتياجات الدولة أكثر من 8 شهور.

وخلال فترة حكم الإخوان، استنزف هذا الاحتياطى النقدى ليصل إلى 15 مليار دولار فقط، وقد انعكس هذا الأمر على العديد من الأمور، منها معدلات البطالة التى وصلت إلى أكبر نسبة لها فى تاريخ مصر 14 فى المائة، فقد كان لا يتجاوز 7 فى المائة قبيل الإطاحة بنظام مبارك، بجانب ممارسات الإخوان للإرهاب الفكرى ضد المصنعين، ومنهم على سبيل المثال رجل الأعمال نجيب ساويرس، فكانت تخرج التصريحات من قادة الجماعة بأن ساويرس إذا لم يدفع 2 مليار دولار سنويا لصالح النظام لن يبقى فى مصر، الأمر الذى دفعه لبيع إحدى شركاته فى مصر بنحو 3 مليارات دولار، واتجه إلى خارج البلاد، وغيره من نماذج رجال الأعمال الذين تركوا مصر نتيجة لممارسات نظام الإخوان، مثل شركة مرسيدس، توكيل سيارات بى ام دبليو، وقد تسبب خروجهم فى إحداث مشاكل كثيرة فى السوق المصري.. كما أن خروج شركات بهذا الثقل العالمي، أمر ينذر بمدى خطورة الوضع السياسى والاقتصادى للدول التى خرجوا منها.. وعندما نتابع تصريحات الفريق كامل الوزير وزير الصناعة بأن هناك 6000 شركة أغلقت منذ 2011 حتى وقتنا الحالى نظرا لحالات الإفلاس التى مرت بها تلك الشركات، الأمر الذى انعكس على معيشة العديد من الأسر المصرية، فضلا عن الانتقال من الاقتصاد الرسمى إلى الاقتصاد الموازي، وغيره من الأمور التى مثلت موروثاً ثقيلاً ألقى على كاهل رئيس الدولة.

• المصور: إذن كيف تحولت بنية النظام السياسى عقب 3 يوليو.. وما التحديات التى واجهتها؟.. وكيف كان حصاد الـ 12 عاما منذ ثورة 30 يونيو 2013؟

د. عبدالمنعم سعيد: منذ اللحظات الأولى لتولى الرئيس السيسى إدارة شئون البلاد وهو يسعى لعمل تحويلات جذرية فى الواقع المصرى، وهو ما تحقق بالفعل بفضل المشروع المصرى والتحول نحو الجمهورية الجديدة، الذى شهد تدشين العديد من المشروعات القومية الكبرى، التى أحدثت تغييرا جذريا كبيرا، ولعل أبرز تلك التغيرات هو ارتفاع نسبة الأرض المأهولة داخل القطر المصرى.. فمصر دائما كانت ما تعانى ما بين الجغرافيا والديموغرافية.. فبالرغم من أن جمال حماد وصف جغرافيا مصر بالعبقرية إلا أن الديموغرافية لدينا كانت متمركزة حول وادى النيل والدلتا فقط.

فمنذ عام 1953 وحتى عام 2000 كان الشعب المصرى يعيش على 3 فى المائة فقط من إجمالى مساحة مصر، ووصلت تلك النسبة حاليا إلى 15 فى المائة من إجمالى المساحة.. فمضاعفة نسبة المعمور المصرى، والتى بالمناسبة هى أمر لم يحدث منذ الملك مينا موحد القطرين، لذلك فهو أمر جذرى، بالإضافة إلى أن تحقيق هذا الأمر استلزم من الدولة مجهودا كبيرا لإقناع المصريين بضرورة الخروج عن مبدأ التمركز، حول ما يعرف بـ«من النهر للبحر»، ولكن يعيب هذا التغيير الجذرى عنصر وحيد، هو عدم توعية المواطنين بأهمية هذا الأمر من قبل وسائل الإعلام بقدر كافٍ.. فكثير من المصريين يرى أن هذا الأمر مرتبط بفكرة إعادة توزيع المصريين فقط، ولكن هو فى الأصل تعمير الفكر المصرى، واستغلال لهذه الجغرافيا العظيمة، فضلا عن أن القاهرة عانت لعقود طويلة من العشوائيات التى سيطرت على مساحات شاسعة منها، ومن المحافظات المختلفة.. ولكن إذا نظرت إلى العاصمة فى يومنا هذا، ستجد حجم تغيير كبيرا حدث ويحدث على أرض الواقع، وهو أمر لا يشعر به المصريون بالقدر الكافي، ولكن يجب أن نسلط الضوء على أن الدولة المصرية تأثرت كغيرها من دول العالم بأزمات عالمية كجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وأخيراً التوترات الإقليمية والتصعيد القائم مؤخرا – سواء إيران أو غزة حالياً، والتى بلا شك أثرت على أداء الاقتصاد المصري، ولكننا بالرغم من ذلك تجاوزنا الكثير من الأزمات وسنتجاوز - باذن الله، ما تبقى.. ولكننى أريد أن أؤكد على أهمية التشغيل لما يتم إنجازه من مشروعات، وهنا تأتى أهمية القطاع الخاص ومشاركته فى تلك المشروعات القومية.

• المصور: وماذا عن الدور التاريخى للقوات المسلحة فى مشهد 3 يوليو؟

د. عبدالمنعم سعيد: القوات المسلحة المصرية تعتبر عامودا أساسيا داخل خيمة هذا الوطن، فلا تخلو أسرة مصرية من فرد مجند داخل صفوف جيشنا الباسل، فعلى مستوى أسرتى كنت أقضى فترة تجنيدى وكان لى أخ أكبر ضابط برتبة لواء فى صفوف الجيش، وهكذا هو حال أغلب الأسر المصرية التى ترتبط ارتباطا وثيقا بالجيش المصرى العظيم، الذى يعتبر جيش الشعب ومن الشعب.. واستشهد هنا بأحلك الفترات التى مرت على مصر فى أعقاب نكسة يونيو 1967، ورغم الهزيمة، خرج ملايين المصريين يطالبون رئيسهم بالعدول عن قراره بالتنحي، وكان قرارا صائبا للحفاظ على العصب المصرى متماسكا.. وأنا أرى أن الدولة المصرية أمامها طريق جيد للنجاح والتقدم، وذلك بالنظر إلى مشهد الجبهة الوطنية خلال بيان 3 يوليو، نجد شيخ الأزهر والبابا تواضروس وممثلين عن المجتمع المدنى وحركة تمرد والتيارات السياسية المختلفة، وهو مشهد لا تجده فى أى دولة سوى الدولة المصرية بقيادة قواتها المسلحة الوطنية.. كما أن الأخيرة كان لها دور عظيم فى التسريع من وتيرة إنجاز مشروعات قومية عملاقة كازدواج قناة السويس وحاليا مشروعات الرى الضخمة التى تنفذ فى صحراء مصر العربية، ولكن لا تزال الدولة المصرية فى حاجة إلى المزيد والمزيد من الجهد والعمل، فإذا كنا سعيدين بمعدلات نمو وصلت حاليا إلى 4 فى المائة، فلابد من مواصلة العمل لمضاعفة تلك المعدلات.

• المصور: يحضرنى هنا حديث لسفير سلطنة عمان، بأن مصر أصبح لديها أكثر من مدينة جديدة تضاهى دبى ومدن دول الخليج، ولكن المشكلة أن المصريين لا يصدقون أنفسهم.. ما رأيك فى هذا الشأن؟

د. عبدالمنعم سعيد: لقد مرت فترة الرئيس مبارك بمشكلة كبيرة، متمثلة فى إدارة الفقر، وكانت الدولة المصرية تقوم بزيادة الدعم رغم التحديات الاقتصادية، وخطورة هذا الأمر على الاقتصاد المحلى وقوة الدولة الاقتصادية، ويمكن أن نرى تأثير تلك السياسة على مشروعات الدولة، كمشروع كوبرى 6 أكتوبر الذى استغرق ما يقارب من 30 عاما لإنجازه، وذلك لعدم قدرة القاهرة على نفقاته فى ظل معدلات الدعم الكبيرة، وهنا أنا أؤكد على شجاعة الدولة المصرية فى اقتراض مبلغ 167 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

• المصور: كيف يمكن توضيح هذا الأمر للمواطن، خاصة وأن أهل الشر دائما ما يرددون أن الدين الخارجى للدولة أصبح عبئاً ولن نستطيع سداده؟

د. عبدالمنعم سعيد: الاقتراض أمر طبيعى تقوم به كل دول العالم حتى العظمى منها، على سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الأوروبية التى لها أرقام ضخمة من الديون، وبالنظر فى منطقة الشرق الأوسط سنجد أن تركيا استلزم بناؤها 500 مليار دولار، وهو رقم لازال موجودا فى حجم الدين الخارجى لها إلى الآن.. ولكن الذكاء هنا هو قدرة الدولة على زيادة قدراتها التصنيعية والإنتاجية، ونحن حالياً نشهد معدلات فارقة وقياسية فى زيادة معدلات الصادرات، فضلا عن زيادة نسب تحويلات المصريين فى الخارج، وذلك لثقتهم فى أن سعر العملة الأجنبية الرسمى فى البنوك هو سعر عادل ولا يوجد سوق موازٍ للعملات.. كما أن حجم الدين الخارجى للدولة المصرية فى تراجع مستمر، فبعد أن كان 167 مليار دولار وصل الآن إلى ما يقارب من 150 مليار دولار، وهو رقم يمثل 1/3 (ثلث) الناتج المحلى الإجمالي، أى أنه لا يعتبر رقما مفزعاً كما يروج أهل الشر.. لذا فإن ثورة 30 يونيو وضعت قدم مصر على بداية الطريق الصحيح، واتخذت القيادة السياسية العديد من القرارات السليمة والناضجة.

• المصور: إذن فى رأيك هل ترى أن قرار مصر باللجوء لصندوق النقد الدولى أمر صحيح أم خطأ؟ وما وجهة النظر فى هذا الملف؟

د. عبدالمنعم سعيد: قرار صحيح بالطبع، لأن الدولة المصرية حاليا أصبحت تستغل تلك المليارات من الدولارات فى إقامة وتدشين مصانع ومناطق صناعية ومشروعات عملاقة استثمارية، تدر عوائد اقتصادية وتنموية كبيرة، ويتحدث البعض أيضا عن جزيرة رأس شقير وقبلها رأس الحكمة، وأنا لا أرى فى ذلك خطأ.. فجميع الأراضى داخل القطر تخضع للسيادة المصرية، ولكن ما يحدث هو الاستفادة من تلك المواقع بتطويرها والارتقاء بها لتقديم خدمات سياحية فاخرة عبر تحويلها إلى شركات مساهمة، تمهيدا لدخول القطاع الخاص والمستثمرين لضخ أموالهم بها، وهو أمر متبع فى مختلف دول العالم، وأسلوب كانت تتبعه كبرى الاقتصادات العالمية، منها على سبيل المثال المملكة المتحدة، التى قالت رئيسة وزرائها مارجريت تاتشر، إن الاقتصاد البريطانى انهار بسبب الاقتصاد العام، لذلك قامت بتحويل البريد والسكك الحديد والمطارات إلى شركات مساهمة، لإشراك القطاع الخاص، وهو ما تقوم به الدولة المصرية حالياً.

• المصور: وكيف يمكننا تقوية تلك المناعة الوطنية لدى الشعب المصرى خلال الفترة المقبلة؟

د. طارق فهمى: عن طريق زيادة معدلات الوعى السياسى لدى المواطنين، وهو دور يجب أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدنى والأحزاب والإعلام وغيرها من وسائل الاتصال المباشرة مع المواطن.. كما يجب تقريب المسافة بين الجمهورية الجديدة والدولة القديمة، وهو ما يحدث بالفعل عندما تم على سبيل المثال تنظيم حفل لعمر خيرت فى منطقة الدراسة، وكذا فى مدينة العلمين، فلا نريد أن نصبح دولتين أو شعبين، ولكننا نسيج واحد، ودائمًا ما يؤكده الرئيس السيسى أكثر من مرة، وخص بالذكر فى هذا الصدد «المؤسسات الوسيطة» وهو دور يقع على الأحزاب والقوى السياسية، فلابد أن تعود الأحزاب لممارسة دورها الفاعل فى المجتمع،حتى تتمكن تلك الأحزاب الكثيرة من تحقيق نسبة حسم- كما هو الحال فى كل دول العالم المتقدمة– وفى حال عدم تحقيقها فلابد من تقديم برامج جديدة تخاطب الشباب.

• المصور: تقوم الحكومة بتقديم العديد من التسهيلات للقطاع الخاص حتى يشارك فى حالة الحراك التنموية للدولة المصرية، وهو ما يشير إليه الرئيس السيسى دائمًا.. هل ترى أن القطاع الخاص يشارك بشكل جاد؟ وما المطلوب من الدولة لتيسير ذلك الأمر؟

د. مصطفى بدرة: نسبة الفائدة المرتفعة والتى وصلت فى بعض الأحيان إلى 30 فى المائة كانت سببا فى عزوف الكثير من رجال الأعمال عن ضخ استثماراتهم فى مصر، فلماذا أضخ استثمارات فى بناء مصانع أو شركات أو غيرها من المشروعات، فى الوقت الذى أستطيع أن أدرّ عوائد مادية سريعة خلال عام من ودائع البنوك وشهادات الاستثمار وغيرها من الأوعية الادخارية الأخرى.. فضلا عن وجود مشاكل معقدة فى القوانين والتشريعات، بالإضافة إلى عدم قدرة أصحاب المصانع والشركات التى أُغلقت بعد ثورة 2011 على سداد التزاماتها المادية للدولة.. وكذا ما زال العالم أجمع، وبالطبع مصر، يعانى من تداعيات أزمة كورونا، الجائحة التى أغلقت الاقتصاد العالمى، بجانب تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، فإذا أراد أحد أن يقيّم وضع مصر الاقتصادى يجب أن يأخذ بالاعتبار أيضًا أزمات ووضع الاقتصاد العالمى، وما يمر به من تحديات، تنعكس آثارها بطبيعة الحال على مصر.

• المصور: إذن هل هناك فجوة بين إجراءات الدولة الاقتصادية ورؤية المواطن لها؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

د. مصطفى بدرة: بالطبع، لذلك إذا نظرنا إلى أحاديث الرئيس السيسى فى أى لقاء أو مناسبة، ستجد أنه يحدث صدى كبير جدًا لدى المواطن، وتبدأ وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام فى التحرك لتحليل وتفنيد تلك التصريحات، الأمر الذى ينذر بضرورة النزول بمستوى الخطاب فى كافة الوسائل الإعلامية وكتابات المفكرين والصحفيين والإعلاميين، إلى مستوى المواطن البسيط، حتى يكون ملمًا ومدركًا، بما تقوم به الدولة من جهود، وكذا ما تواجهه من تحديات، خاصة فى ظل وجود نسبة من الأمية لدى الشعب المصرى، وكذلك مساعى اللجان الإلكترونية المناهضة للدولة المصرية فى توجيه الرأى العام المحلى عبر منصات السوشيال ميديا ضد الدولة، كما أنه طالما ظلت هناك زيادة سكانية غير منضبطة ولا توازيها زيادة اقتصادية، ستظل هناك مشكلة داخل الدولة المصرية.

د. عبدالمنعم سعيد: إن هناك نسبة مشاركة من القطاع الخاص فى مشروعات الدولة، منها على سبيل المثال لا الحصر، أنفاق قناة السويس وعدد من المدن الجديدة، ولكن هناك عددا من المشكلات المتعلقة كما ذكرها الدكتور طارق فهمى، تتمثل فى أسعار الفائدة وتسهيلات فى النظام والقوانين ما زالت تحتاج إلى تعديل.

• المصور: بالنسبة لمشروع الإصلاح السياسى الذى بدأ منذ 2013 إلى الآن.. ما الذى تحقق منه، وما الذى يجب أن نستكمله نحن؟

د. عبدالمنعم سعيد: يجب دائما أن يكون هناك نموذج نستلهم منه ونسير على خطاه بما يتفق والقيم المصرية الثابتة، كما يجب أيضًا الحفاظ على الوحدة الوطنية فى ظل الإقليم العربى المشتعل بالصراعات والحروب.. وتجدر هنا الإشادة بدور الحوار الوطنى الذى تتبناه القاهرة فى مناقشة أى قضية، ولكن يجب تفعيل دور المحليات نظرا لقدرتها على زيادة نسبة الاستثمار وتقليل نسبة البطالة، وأيضًا لا بد من تعظيم الاستفادة لكافة رءوس الأموال المصرية بمختلف تصنيفاتها، وذلك حتى نبتعد عما يُعرف بـ»رأس المال الميت»، فنحن نمتلك قرابة 155 جزيرة فى البحر الأحمر، لماذا لا يتم استغلالها وإقامة مشروعات استثمارية عليها لدعم وتنشيط السياحة.

• المصور: وكيف ترى مستقبل المشروع الوطنى فى ظل هذه المنطقة المليئة بالأزمات السياسية والصراعات المسلحة؟

د. عبدالمنعم سعيد: نحن نمتلك جيشا وطنيا قويا يستطيع الدفاع عن مصر، والأهم من ذلك هو وجود حالة التفاف قومى حول القيادة السياسية ودعم لقراراتها، وكذا حالة من الالتفات الوطنى حول الجيش المصرى، فهو الدرع الأولى للوطن والمواطن، أما الدرع الثانية فتتمثل فى النجاح للوصول إلى معدل نمو اقتصادى 6 فى المائة العام المقبل و7 فى المائة العام الذى يليه وهكذا، مع ضرورة الاستفادة من التجارب الموجودة حولنا فى دول العالم مثل فيتنام التى أصبحت تصدر بما قيمته مئات المليارات من الدولارات إلى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى جعل من دونالد ترامب يضعها فى الترتيب الخامس بقائمة الدول التى وقّع عليها رسوما جمركية، نظرا لاستفادتها من حجم التصدير الكبير لأمريكا.. فالطريق ليس صعبًا، والتجارب موجودة ويجب الاستفادة منها ودراستها بدقة وعناية.

• المصور: ما الذى أفرزته ثورة 30 يونيو من فرص للشباب المصرى؟

حسن شاهين: بدأت ثورة 30 يونيو الطريق نحو جمهورية جديدة بالفعل، لها أسلوبها فى الأداء السياسى والاقتصادى وحتى على المستوى الاجتماعى بين المواطنين وبعضهم بعضا.. فمن ضمن الأساليب الجديدة التى اتبعتها الجمهورية الجديدة هى فكرة تأهيل وتمكين الشباب، فقد اهتم الرئيس السيسى بتأهيل الشباب، فأنشأ الأكاديمية الوطنية للتدريب والتأهيل، بجانب رعايته لبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب القيادة، علاوة على مؤتمرات الشباب المصرى والعالم، التى عُقدت فى نسخ متعددة منذ عام 2016، وغيرها من الجهود التى كانت تهدف لتأهيل الشباب المصرى تمهيدا لتمكينهم.

ونرى اليوم العديد من النماذج الشابة التى تم تمكينها وأصبحت تشغل مناصب سياسية كبيرة، كمعاون للوزراء ونواب للمحافظين، وموجودون بنسب كبيرة داخل أروقة مجلسى النواب والشيوخ، فضلا عن وجود عدد من الوزراء الشباب حاليًا، وهو أمر مأمول ومنتظر من قِبل الدولة المصرية نظرا لامتلاكنا تعدادا شبابيا ضخما، فى الوقت الذى تعانى فيه بعض الدول الغربية مثل فرنسا وألمانيا من عدد الشباب لديهم.. لذلك، فإن الرئيس السيسى استطاع أن يمد جذورا لخلق كوادر شابة مدربة ومؤهلة، تستطيع أن تقود الدولة المصرية فى العقود المقبلة.. فعندما انتصرت الثورة المصرية فى 30 يونيو بالشباب والقوات المسلحة المصرية وتلاحم فئات المجتمع كافة، كانت بمثابة الخطوة المؤسسة لجمهورية جديدة، قوامها الشباب المصرى الوطنى.

• المصور: كيف نجحت الجمهورية الجديدة التى وُلدت يوم 3 يوليو فى بناء تحالفات إقليمية ودولية.. وعدم التابعية لأحد وترسيخ مبدأ التعامل بندية؟.. إلى أى مدى نجحت القاهرة فى هذه السياسة التى تتسم بالحكمة والاتزان؟

د. غادة جابر: لا بد أن نشهد أن السياسية المصرية الخارجية فى عهد الرئيس السيسى كانت مختلفة تماما عما سبقها فى العصور الماضية، فهى سياسة مختلفة منفتحة على الجميع وعلى مسافة واحدة منهم، فلا توجد للدولة المصرية عدائيات مع دول بعينها، ولا توجد لنا صداقات مع دول محددة الأسماء.. فقد وضعت السياسة الخارجية للقاهرة نصب أعينها كيف تصعد بالنمو داخل مصر، وتمكنت من تحقيق ذلك عبر سياستها الخارجية الثابتة، من خلال توجهها الدبلوماسى القوى جدًا عقب ثورة 30 يونيو، وتولى الرئيس السيسى الحكم، وهو واقع حقيقى نلمسه حتى فى العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، فنجد أن الدبلوماسية المصرية لها دور قوى جدا فى تحجيم التطاول على القاهرة، وتمكنت من الوصول إلى نقاط رئيسية من أجل حفظ الأمن القومى لنا، ناهيك عن دور الدبلوماسية المصرية الكبير فى تنمية مشاريعنا الداخلية عبر استقطاب استثمارات خارجية، حتى تستطيع البلاد الوصول لمعدلات التنمية المرغوبة واللائقة بنا.

كما أنه على مستوى الزيارات الخارجية للرئيس، لمسنا أنه أصبح يتوجه لدول لم يسبقه أى رئيس مصرى آخر فى زياراتها قط، فى إفريقيا وأوروبا وآسيا، فضلا عن عدد كبير من الزيارات المتبادلة بين الرؤساء والملوك والزعماء، وهو أمر يعبر عن المكانة الطبيعية والكبيرة للدولة المصرية.

كما يمكن أن نلمس دور القاهرة الريادى فى حفظ السلم والأمن الدوليين، واستطاعت مصر فى ظل كل هذه التحديات أن تحافظ على هويتها وأمنها واستقرارها، وهنا أستشهد بمنشور لأحد المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كتب فيه: «أحب أن أشكر كل مسئول فى مصر من أصغر عسكرى حتى الرئيس السيسى لنجاحهم فى الحفاظ على مصر تحت هذه الظروف الحالية»، وهو الأمر الذى يوحى بقدر الوعى الكبير الذى أصبح يتحلى به المصريون مؤخرًا، على الرغم من الضغوط الاقتصادية التى يمر بها الشعب وارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم القاسية، فإن الشعب المصرى كله أجمع على تأييد الرئيس السيسى فى قرراته الأخيرة للحفاظ على أمننا القومى.

• المصور: الاقتصاد فى قلب المعركة كل وقت وأوان، وعلى الرغم من كل ما قامت به الدولة خلال 12 عاما بكافة المجالات وعلى مستوى منظومة المشروعات القومية، فإن المواطنين لا يشعرون إلى الآن بالجهود التى بذلتها الحكومة.. كيف توازن الدولة بين سياسات الإصلاح الاقتصادى وتحقيق العدالة الاجتماعية؟

د. مصطفى بدرة: أكرر مرة أخرى أن التأثيرات منذ عام 2011 إلى وقتنا الحالى ما زالت تلقى بظلالها على الواقع الداخلي، خاصة على مستوى الاقتصاد وتحديدا على ارتفاع معدلات التضخم، وهو الأمر الذى يمس شرائح المجتمع المصرى بالكامل، فبدأ بالتأثير على الشريحة الدنيا من المواطنين «الفقر المدقع»، ثم بدأت تنتقل آثاره على أصحاب الدخول المتوسطة، بل وأصبح اليوم مؤثرا على أصحاب الدخول الكبيرة، وذلك يعود إلى أن معدلات التضخم تزداد بصورة أكبر من قدرات الدولة، وهنا لا بد أن تربط بين معدلات النمو وقدرات الدولة.. فاليوم نرى جميعا معدلات التضخم الكبيرة التى تمس المواطن، سواء النابعة من الخارج أو الداخل.

والأمر الآخر أيضًا، المؤثرات الخارجية، فاليوم تمر المنطقة بمشكلات وتحديات تؤثر على المجتمع مثل استمرار الحروب الروسية – الأوكرانية، والتصعيد الإسرائيلى – الإيرانى، والعدوان على قطاع غزة، الأمر الذى يؤثر بشكل كبير جدا على ارتفاع الأسعار سواء على مستوى المواد النفطية من بترول وغاز طبيعى، وكذا وسائل الشحن وتكلفته، فعلى سبيل المثال نجد أن كل دولار يزيده برميل البترول عالميا، يكلف مصر فى المتوسط ما لا يقل عن 10 مليارات جنيه، وعلى أرض الواقع نجد أن أسعار النفط ارتفعت مؤخرا بنسب قياسية نتيجة الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، والتى استمرت فقط 12 يوما، ولكن ستستغرق آثارها توقيتات طويلة حتى نعود إلى الأسعار التى كانت عليه قبيل التصعيد.

وفى سياق متصل عندما ننظر إلى الخسائر التى مُنيت بها قناة السويس نتيجة للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ودخول الحوثيين فى اليمن دائرة الصراع باستهداف كافة السفن المارة عبر مضيق باب المندب والمتجهة إلى إسرائيل، الأمر الذى أثر على حركة الملاحة فى قناة السويس بخسائر قُدرت بنحو 8 مليارات دولار، الأمر الذى أدى إلى قيام الحكومة المصرية بالتفاوض مع صندوق النقد الدولى لدفعة جديدة بنحو 8 مليارات دولار، وكان من الممكن تعويضه بإيرادات قناة السويس فى الأوضاع العادية، ولكننا لجأنا إلى صندوق النقد الدولي، الذى استغل الأمر ليملى علينا باشتراطاته القاسية، وتتجه نحو رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وغيرها من الشروط التى تنعكس على المواطن.. لذلك يجب أن يشارك القطاع الخاص بشكل أكبر فى مشروعات الدولة فى ظل معدلات التضخم المرتفعة وأسعار الفائدة العالية التى توفر عوائد وأرباحا من خلال الاستثمار فى الودائع والبنوك.

• المصور: دائما ما يتردد عبر وسائل التواصل الاجتماعى المستوى الذى وصل إليه سعر الصرف اليوم.. ما الرد العلمى على مروجى مثل هذه الأقاويل؟ وما الروشتة الاقتصادية للعلاج؟

د. مصطفى بدرة: بمنتهى البساطة نحن دولة لا تقوم بطبع الدولار، ولكن تقوم بتعظيم قدراتها فى الحصول على مصادر للنقد الأجنبى مثل تحويلات المصريين بالخارج والتى ستتجاوز بالمناسبة حاجز الـ30 مليار دولار قريبا.. وهنا يجب على الدولة تقديم مميزات إضافية للمصريين فى الخارج لتشجيعهم على زيادة هذا الرقم، بما ينعكس على أداء الاقتصاد الوطني، مثل مميزات فى إتمام الوحدات السكنية.. كما يجب أن تسرع من وتيرة التحول الرقمى وميكنة المعاملات المالية عبر القطاع المصرفى والتحول من الورقية إلى التكنولوجية.. فلا يعقل أننا فى عام 2025 وما زال يجب على الراغب فى حجز وحدة سكنية أن يسحب كراسة شروط من البريد، وهو أمر يكلف المواطن الكثير من الوقت والجهد، كما يجب أن تتوسع الدولة فى إلغاء كافة المعاملات التى تتطلب تقابل مقدم الخدمة مع المتلقى، وذلك تجنبا ومنعا للفساد والرشاوى، بل يجب التوسع فى تحويل تلك المعاملات إلى معاملات رقمية مميكنة، حتى تواكب الدولة المصرية ركب التطور التكنولوجى الذى سبقنا إليه الكثير من دول العالم، ولذلك نادى الرئيس السيسى منذ توليه الحكم بضرورة التحول الرقمى ورقمنة الدولة مع ضرورة محاربة الاقتصاد الموازى لتحسين أداء الاقتصاد الرسمى، الأمر الذى سيعفى المواطنين العديد من الأعباء المالية.

فالدولة اليوم تقوم بجمع موارد مالية تقدر بنحو 6 تريليونات جنيه، 70 فى المائة منها ضرائب متنوعة، فى الوقت الذى لا يقوم نصف الشعب بدفع الضرائب نظرا لانخراطه فى اقتصاد موازٍ غير رسمى، لذلك فإن العلاج يكمن فى محاربة الاقتصاد الموازى، وتحسين قدرات الدولة من العملات الأجنبية، ومخاطبة السوشيال ميديا وجمهورها والمواطنين عموما بلغة سهلة بسيطة يستطيع فهمها، كما يجب على مجلسى النواب والشيوخ القادمين إزالة كافة المعوقات والصعوبات التى تواجه عملية الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية، فإذا نظرنا إلى دولة شقيقة كالإمارات العربية المتحدة نجد أن المستثمر قادر على تأسيس شركته الخاصة وهو جالس فى منزله عبر الدخول على الإنترنت خلال 24 ساعة فقط، كما يجب فتح المجال أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، فلا بد على الدولة أن تعفى كل مَن يملك مشروعا رأس ماله لا يتجاوز 5 ملايين جنيه من الضرائب، والعام المقبل نضيف لشريحة الإعفاء أصحاب الحد 10 ملايين جنيه.. وضرورة الترويج للمشروعات الحكومية وإفساح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة بها مع وضع كافة المميزات والتسهيلات التى يحتاجها المستثمر، فعلى سبيل المثال مشروع تصكيك جزيرة رأس شقير لا يدركه الكثير من المواطنين، وتستغل ذلك قوى الشر فى دسّ الفتن بين المواطن وحكومته، لذلك لا بد على وزير المالية أن يخرج ليبين ويؤكد للمواطنين تفاصيل هذا المشروع.

• المصور: ما التحديات التى تواجه الدولة المصرية فى الوقت الراهن.. وما سيناريوهات المواجهة المطلوبة؟

د. غادة جابر: مصر تواجه تحديات كبيرة جدا، ويعتبر الداخل المصرى هو حائط الصد الأساسى؛ لذا لا بد من استمرار التوعية وخاصة المرأة المصرية لأن التنظيمات الإرهابية والأجهزة الأمنية الخارجية تحاول تجنيد المرأة قبل الشباب والرجال، وذلك لقدرتها التأثيرية على مَن حولها، لذلك يجب الاهتمام بتنمية السيدة المصرية.. كما يجب على الشعب فى هذه الفترة الحرجة أن يصطف خلف قيادته، ولا يقلق لوجود قيادة سياسية محنكة تدير الدولة فى ظل شرق أوسط مشتعل، ولكن ستتمكن مصر بقيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان على الرغم من المخاطر المحيطة دون أن يشعر المواطن العادى بذلك.. نعم، لدينا ضغوط اقتصادية، ولكن نشعر بالأمن بجانب أن مصر تسير بخطى ثابتة وواضحة لتحقيق استراتيجيتها نحو التنمية المستدامة 2030، فما زلنا حتى هذه اللحظة نقيم مدنًا جديدة وندشن مشروعات عملاقة رغم التحديات، فدور الدولة واضح فى ذلك الوقت، كما تحتفظ بعلاقات طيبة مع دول المنطقة والعالم أجمع بما يحفظ مصالحها.

• المصور: وفى ظل التصعيد المستمر من جانب إسرائيل فى المنطقة وفتح أكثر من جبهة قتال فى لبنان وسوريا وإيران واليمن وغزة.. كيف تتعامل الدولة المصرية مع هذا الملف؟

د. غادة جابر: إسرائيل تعلم تماما قوة القوات المسلحة المصرية، وأنه جيش قوى قادر على مجابهة أى تحدٍّ، لذلك لا تقدم إسرائيل على ارتكاب أى حماقات معنا.. كما أن القيادة السياسية خاضت مجموعة من الحروب الاستباقية، عندما قالت لا لوجود أنفاق فى سيناء، ولا لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية، وقضت على الإرهاب فى سيناء.. وجميعها خطوات من أجل حماية الأمن القومى، وتابعنا جميعا كيف تعاملت سلطات القاهرة مع القافلة التى كانت تسعى لإحراج السيادة المصرية بحجة كسر الحصار عن قطاع غزة عبر التواجه لمعبر رفح، ولكنها أعلنت أمام العالم أجمع أن مَن أن يدخل الأراضى المصرية عليه أن يلتزم بالقواعد المنظمة لهذا الشأن.

• المصور: أخيرًا.. بعد مرور 12 عامًا أصبح لدينا الآن أجيال من الشباب، كان فى سن صغيرة لم يؤهله ليعى ويدرك جيدا أحداث 30 يونيو و3 يوليو.. كيف نحمى هؤلاء الصغار من الاستقطاب على منصات السوشيال ميديا واللجان الإلكترونية المعادية لمصرنا؟

حسن شاهين: هذا أهم سؤال، بالفعل كان هناك العديد من الشباب صغير السن فى ذلك الوقت، الذى أصبح فى سن الرشد هذه الأيام، وغير مدركين لكافة التفاصيل التى مرت بها البلاد فى تلك الحقبة المهمة من تاريخ مصر، وتعتبر تلك الفئة من الشباب هى الأكثر استهدافا من قِبل الجماعة الإرهابية وذيولها الإلكترونية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تسعى لتزييف الواقع وبثّ الفتن بين الشباب ودولته وحكومته.. وأنا أرى أنه لا بد من التذكرة دائما بالجرائم التى ارتكبها هذا النظام الإرهابى خلال فترة حكمه والفظائع التى ارتكبها بعد إقصائه من الحكم والعمليات التخريبية التى تم تنفيذها من قِبل العناصر الإجرامية المسلحة ضد الجيش والشرطة المدنية المصرية وأهلنا فى سيناء، حتى نقطع الطريق أمام تلك الجماعة فى محاولاتهم لاستقطاب هذه الأجيال.. كما يقع على الإعلام دور كبير فى التوعية وتنوير الشباب مع ضرورة إعادة الأفلام واللقطات التوثيقية الخاصة بتلك الفترة، مع التوسع فى الأعمال الدرامية والسينمائية التى تجذب انتباه تلك الفئة العمرية مع ضرورة التوسع فى تجهيز محتويات إلكترونية تبث عبر منصات التواصل الاجتماعى المختلفة التى يدخل إليها العديد من الشباب المصرى، خاصة أن لجان أهل الشر الإلكترونية قامت بتعديل كلمات بحثية لبعض الفيديوهات التى توثق جرائمهم فى اقتحام السجون وحصار مدينة الإنتاج وغيرها حتى لا يستطيع أحد أن يصل إليها بسهولة.. ونحتاج أيضا إلى تجميع كافة جرائم الإخوان بأحداثها وتواريخها فى مواد فيلمية وأرشفتها حتى نقفل الباب أمامهم إذا ما فكروا فى حذف جرائمهم، وذلك مع التركيز بشدة على الأسباب التى أدت إلى قيام ثورة 30 يونيو الشعبية المجيدة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة