لم تكن ثورة 30 يونيو عام 2013، ثورة على حكم جماعة الإخوان فحسب، بل كانت ثورة اقتصادية واجتماعية بسبب تدنى وضع الدولة اقتصاديًا واجتماعيًا، وعدم وضوح أى رؤية اقتصادية أو اجتماعية للدولة، كما لم يكن هناك مشروع قومى تلتف حوله الأمة.
كذلك، لم تشهد البلاد أى مشروع أو رؤية أو تغير اقتصادى، بل كانت الأوضاع من سيئ إلى أسوأ، وكانت الدولة تحمل فى طياتها معول الهدم والفشل المالى، وهذا ما أكدته التقارير الدولية الصادرة عن المؤسسات المالية العالمية، ومن بينها صندوق النقد الدولى الذى ذكر ذلك فى تقريره فى مارس عام 2013؛ عندما رفض صندوق النقد الدولى حصول مصر على قرض 4.8 مليار دولار، وحتى مشروع النهضة الذى تحدث عنه الإخوان لم يكن مشروعًا، بل أفكارًا بدون رؤية ولا يتضمن خطة أو إجراءات تستطيع الدولة تحقيقها.
الأكثر من ذلك تفاقمت الأزمات، من أزمة السكن إلى أزمة انقطاع الكهرباء، إلى أزمة نقص البنزين والسولار والمشتقات البترولية، وأصيبت البلاد بشلل تام فى الخدمات المقدمة للمواطن، وعدم وجود وسيلة لجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغ حجم الاستثمارات خلال عام 2013 أقل من مليار دولار فقط، وجاءت ثورة 2013 كنقطة فاصلة فى تاريخ الأمة المصرية للقضاء على حكم الإخوان وبداية عهد جديد.
إن الفترة منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى الآن، وهى 12 عامًا، يمكن أن نضع لها عنوانًا وهو «مواجهة الإرهاب والتوسع فى البناء ورفع كفاءة البنية التحتية»، حيث اتسمت هذه الفترة بالكثير من الأحداث والتحديات الخارجية والداخلية التى واجهت مصر، فالفترة منذ 2013 حتى عام 2015 كانت فترة مواجهة الإرهاب واقتلاع جذوره من مصر ومواجهة الجماعات الإرهابية وخاصة فى سيناء، حتى انحصر الإرهاب فى منطقة سيناء فقط واستطاعت الدولة اقتلاع جذور الإرهاب من سيناء فى أواخر 2017.
كما أن هذه الفترة لم تخلُ من قيام الدولة المصرية بوضع رؤية وخطة شاملة لإعادة بناء الدولة المصرية وتحقيق الاستقرار الاقتصادى؛ لذا تمت الدعوة إلى مؤتمر مصر الاقتصادى بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 13 إلى 15 مارس 2015، ثم تم بعدها وضع رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، ثم تم توحيد المصريين حول مشروع عملاق وضخم وهو قناة السويس الجديدة الذى بدأ تنفيذه فى 5 أغسطس 2014 وتم افتتاحه فى 6 أغسطس 2015، أى فى عام واحد فقط، فى حين أن كل بيوت الخبرة العالمية أكدت أن الحد الأدنى لهذا المشروع العملاق هو 3 سنوات.
الفترة من 2016 وحتى 2019 شهدت إعادة بناء وتوسع فى العديد من المشروعات القومية، وربما أحداث العالم خلال الفترة من 2020 وحتى الآن 2025 أثرت بشكل كبير على الاقتصاد المصرى نظرًا لما شهدته من أحداث سلبية بدءًا من جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ثم حرب الكيان الإسرائيلى على غزة، والتوسع فى هذه الحرب لتصبح حربًا إقليمية بعد أن اعتدت إسرائيل على لبنان وسوريا واليمن، ثم توسعت الحرب لتكون حربًا بين إسرائيل وإيران، مما كان له تأثير سلبى على المنطقة إقليميًا وعلى مصر بسبب تأثير حركة الملاحة فى قناة السويس وتأثر السياحة؛ إلا أن الدولة استمرت أيضًا فى البناء وافتتاح المشروعات والتوسع فى توطين التكنولوجيا والتوسع فى الرقعة الزراعية وغيرها من المشروعات.
ولغة الأرقام والمؤشرات الاقتصادية لا تكذب، بمقارنة المعدلات والمؤشرات الاقتصادية منذ 30 يونيو 2013 وحتى 30 يونيو 2025، نجد أن مصر استطاعت تحقيق معدل نمو 3,4 فى المائة، وطبقًا لتقرير البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ستكون مصر أفضل دولة عربية وإفريقية فى تحقيق معدل نمو إيجابى ومن ضمن قائمة أفضل 18 دولة ستحقق معدل نمو إيجابى على مستوى العالم خلال عام 2026، فى حين كان معدل النمو خلال فترة حكم الإخوان 2012/ 2013 فى حدود الـ(1,5 فى المائة).
وبالحديث عن معدل البطالة، فقد حققت مصر نجاحا وانخفض معدل البطالة خلال عام 2025 إلى 6,7 فى المائة بعد أن كان خلال فترة 2012 /2013 فى حدود 13.2 فى المائة، أما الاستثمارات الأجنبية فقد شهدت طفرة، وبلغت الاستثمارات المباشرة خلال عام (2023) نحو 9,5 مليار دولار، وفى عام 2024 زادت بسبب صفقة رأس الحكمة إلى 46 مليار دولار؛ فى حين لم تتجاوز فى عهد الإخوان البائد 900 مليون دولار(أقل من مليار دولار)،
أما حجم الاستثمارات غير المباشرة فقد بلغ 35 مليار دولار خلال عام 2024 وأصبحت مصر على خريطة الاستثمار العالمية، فى حين انخفض عجز الموازنة العامة ليصبح 6,2 فى المائة خلال العام المالى 2024/2025 والمتوقع أن يكون خلال العام المالى 2024/2025 نحو (6 فى المائة)، مع الأخذ فى الاعتبار أن عجز الموازنة كان خلال العام المالى 2012/ 2013 (13.8 فى المائة)، فى حين أصبح التصنيف الائتمانى لمصر (B+) مع نظرة مستقبلية مستقرة طبقًا للمؤسسات الدولية وعلى رأسها مؤسسة فيتش وستاندرد اند بورز وموديز، وهذا ساعد على زيادة الجدارة الائتمانية لمصر فى حين أن التصنيف الائتمانى لمصر خلال العام المالى 2012/ 2013(CCC).
وقد بلغ الاحتياطى النقدى لمصر فى أول مايو 2025 مبلغ 48,52 مليار دولار فى حين أن الاحتياطى النقدى خلال العام المالى 2012/ 2013 كان فى حدود 14 مليار دولار فقط أى أن الاحتياطى النقدى تضاعف أكثر من 3.5 مرات فى أقل من 12 سنة، ورغم استخدام مصر لأكثر من 9 مليارات من الاحتياطى بسبب أزمة كورونا التى اجتاحت العالم و تأثرت مصر سلبا لاسيما قطاع السياحة والطيران وأيضا قطاع الصناعة الذى كان الملاذ الآمن الذى استندت إليه الحكومة المصرية لتعويض انخفاض الحصيلة الدولارية.
وكنتيجة طبيعية لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية والمحلية وزيادة الإنفاق الاستثمارى الحكومى فقد زاد حجم الناتج المحلى الإجمالى من 2 تريليون جنيه خلال عام 2013 ليصبح 11 تريليون جنيه خلال العام المالى2023 / 2024 والمتوقع أن يصل خلال العام المالى 2025 / 2026 فى حدود 12 تريليون جنيه، كما أن الإنفاق الحكومى الاستثمارى تضاعف خلال السنوات الماضية بشكل كبير حيث بلغ خلال العام المالى (2024/2025) 550 مليار جنيه، والمتوقع أن يصل خلال العام المالى ( 2025/ 2026) تريليون جنيه والذى كان له أثر فى تحسين معدلات التشغيل وتقليل معدلات البطالة وزيادة الصادرات، فى حين أن حجم الاستثمارات خلال العام المالى 2012/ 2013 بلغ 55.6 مليار جنيه أى أنها تضاعفت أكثر من 20 مرة خلال الـ12 سنة الماضية، كما أن زيادة الإنفاق الحكومى كانت معظمها موجهة نحو مشروعات البناء والبنية التحتية والطرق والمرافق بهدف تحسين أحوال المواطن المصرى.
أيضا زاد الإنفاق على الخدمات الصحية والتعليمية خلال السنوات الماضية بشكل كبير لاسيما بعد صدور دستور 2014 الذى نص على مخصصات التعليم والصحة والبحث العلمى لتصبح على النحو التالى: البحث العلمى 1 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، التعليم الأساسى 4 فى المائة، التعليم الجامعى 2 فى المائة والصحة 3 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، وقد بلغ حجم الإنفاق على الصحة خلال عام 2024 / 2025 مبلغ 540 مليار جنيه والمتوقع خلال عام 2025/ 2026 أن يكون فى حدود 618 مليار جنيه، فى حين أن حجم الإنفاق على قطاع الصحة خلال العام المالى ( 2012/ 2013 )30 مليار جنيه فقط.
كما أن حجم الإنفاق على التعليم خلال العام المالى( 2012/ 2013) بلغ 141 مليار جنيه فى حين بلغ خلال عام (2024 / 2025) نحو 830 مليار جنيه، ومن المتوقع أن يصل خلال العام المالى (2025 / 2026) لـ 1042 مليار جنيه، وهذا ناهيك عن أن حجم الزيادة والنمو والتحسن فى المواشرات الاقتصادية جعل المؤسسات وبيوت المال الدولية تشيد بالاقتصاد المصرى وبالاصلاح الذى بدأته مصر اعتبارا من فبراير 2016 ومن قبلها «رؤية التنمية المستدامة 2030» التى وضعتها الدولة خلال عام 2015.
وتقدر تكلفة المشروعات القومية الكبرى التى بدأت الدولة على إنجازها منذ شهر يونيو 2014 حتى الآن، والتى تعمل عليها الدولة لتحقيق «المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية»، أو ما يُوصف بـ«الجمهورية الجديدة» بنحو 11 تريليون جنيه، حيث تم العمل على 22 مدينة وتجمعا عمرانيا جديدا، ضمن مخطط استراتيجى يضم 30 مدينة جديدة؛ حيث سيتم تنفيذ 8 مدن أخرى، ومساحة المدن الثلاثين ستكون 580 ألف فدان، تستوعب 30 مليون نسمة، كما تم ضم 3 مطارات جديدة أضيفت لمصر، و5 قواعد عسكرية أُضيفت لمصر، و30 مدينة جديدة أضيفت لمصر، كما أن مساحة مصر المأهولة لأول مرة من مئات السنين تحركت من 7 فى المائة إلى 14 فى المائة فى معجزة تحققت فى 12 عاما.
وجاءت مصر فى الترتيب الرابع عالميا فى المزارع السمكية طبقا لمنظمة الأغذية و الزراعة، كما أن مشروع تطوير العشوائيات، من أهم المشروعات التى نفذتها الحكومة و مازلت مستمرة، فقد استطاعت الحكومة تطوير أكثر من 70 فى المائة من المناطق الخطرة و العشوائية، وحققت مصر إنجازا كبيرا فى ملف تطوير العشوائيات، وحرصت الحكومة على بناء مشروعات متكاملة لسكان المناطق العشوائية وتحسين الظروف المعيشية، كما أن الحكومة أنفقت 36,2 مليار جنية خلال الـ 5 سنوات الماضية وقد تم تطوير 289 منطقة سكنية عشوائية غير آمنه ويجرى حاليا تطوير 59 تحت التنفيذ.
وحتى نعرف حجم الإنجاز الذى تم فى هذا الملف علينا أن نعلم أن حجم الإنفاق الذى تم خلال الفترة من 2004 وحتى 2010 فى حدود 653 مليون جنية فقط، ومن المقرر وفقا لمخطط الدولة تطوير مناطق عشوائية وغير آمنة خلال الـ 10 سنوات القادمة بتكلفة 389 مليار جنيه، أيضا اتجهت الدولة لتطوير الأسواق وتصل تكلفة تطوير الأسواق العشوائية لـ 44 مليار جنيه تشمل 1105 أسواق.
ويعد مشروع الإسكان الاجتماعى أداة مهمة لتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين وتوفير المسكن الملائم لهم، وتكلفة المشروع أكثر من 193 مليار جنية بالإضافة إلى 50 مليارا تكلفة المرافق العامة لخدمة هذه الوحدات.
وإضافة لما سبق، يأتى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الأحدث عالميا لتتماشى مع العواصم الذكية، حيث تم الانتهاء من 93 فى المائة وأكثر من المشروع وأصبح من المشروعات المستقرة بمساحة أكثر من 170 فدانا، وأكد المركز أن أهم ما يميز هذا المشروع أنه تمت إقامته دون تحميل الموازنة العامة أى التزامات مالية، حيث تم إنشاء المشروع من خلال فكر استثمارى بعيدا عن تحميل الدولة أية أعباء، وأضاف أن العاصمة الإدارية جسر حضارى يعمل على خلق كيان اقتصادى وثقافى فى منطقة الشرق الأوسط و إفريقيا.
أما مشروع استصلاح 4 ملايين فدان (المرحلة الأولى المليون ونصف المليون فدان)، فيعد خطوة جادة لاستعادة مصر مكانتها الزراعية وتحقيق الاكتفاء الزراعى، والذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ديسمبر 2015، وتم تقسيم المراحل الأولى إلى 9 مناطق باجمالى 500 ألف فدان، 9 مناطق بإجمالى 490 ألف فدان و5 مناطق بإجمالى 510 آلاف فدان، ويهدف هذا المشروع إلى زيادة الرقعة الزراعية بنسبة 20 فى المائة، والتى كانت تبلغ 8 ملايين فدان، وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى بعض المحاصيل وسد الفجوة الغذائية، ويمثل المشروع جزءا من مسيرة الإصلاح الاقتصادى، ويغطى مساحات واسعة فى مصر خاصة الصعيد وسيناء والدلتا.
وأهم ما يميز الفترة من 2013 وحتى عام 2025، وجود رؤية اقتصادية واجتماعية من خلال رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، وقد تبنت مصر مجموعة من المشروعات التنموية والقومية الهدف منها إحداث حالة حراك اقتصادى كبيرة وتحقيق معدلات نمو اقتصادى مرتفعة، أيضًا أهم ما يميز هذه الفترة حجم المشروعات التنموية والقومية، حيث لم تخلُ وزارة أو محافظة فى مصر من وجود مشروعات تنموية متعددة، مما حسن كثيرا من المؤشرات الاقتصادية فى مصر بشكل كبير، سجلت مؤشرات الاقتصاد المصرى تطورًا كبيرًا، ونموًا فى جميع القطاعات حيث بلغ التصنيف الائتمانى لمصر بعد أن كان خلال عام 2012 بجانب الإنجازات التى تم تنفيذها على أرض مصر، فضلا عن مبادرة حياة كريمة وبرنامج تكافل وكرامة، وغيرها من المبادرات التى تعمل على تحسين حياة المواطن، وهناك الكثير من الإنجازات تعكس حجم الجهد على مدار 10 سنوات ماضية.
وقد كان هناك حرص من الدولة على تقديم شبكة حماية اجتماعية وتقديم الدعم للأسر الأكثر احتياجًا والأسر محدودة الدخل، حيث بلغ حجم الدعم بالموازنة العامة للدولة 636 مليار جنيه خلال العامل المالى 2024/ 2025 مقارنة بـ 189 مليار جنيه فى العام 2013 / 2014.
كما تم إطلاق برنامج تكافل وكرامة؛ ودشنت الدولة برنامج تكافل وكرامة يستفيد منه 5 ملايين أسرة، بقوام 25 مليون مواطن، ودخول 450 ألف أسرة خلال العام 2022 / 2023 بحجم إنفاق 41 مليار جنيه مقارنة بـ 3,7 مليار جنيه فى 2014 تمثل دعما للأسر الفقيرة.

