الدكتورة نادية زخارى، وزيرة البحث العلمى الأسبق، واحدة من «كبيرات» جامعة القاهرة، وقبل أن تصبح وزيرة فى ديسمبر 2011 وحتى أغسطس 2013، كانت لها تجربة رائدة وناجحة كأول سيدة تترأس قسم بيولوجيا الأورام فى المعهد القومى للأورام قبل عشرين سنة من الآن، وهى تقول إن «تمكين المرأة فى جامعة القاهرة له تجارب سابقة وناجحة، وقد حدث تغيير كبير لصالح المرأة فى السنوات الأخيرة بسبب دعم القيادة السياسية واعتبار 2017 عامًا للمرأة، فضلا عن جهود المجلس القومى للمرأة، واستراتيجية الدولة 2030، والتى استفادت منها المرأة بشكل جيد، وكانت ترتكز فيها على أربعة محاور، تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإداريا، فكانت «وش السعد» على المرأة فى المجتمع، وفى جامعة القاهرة بشكل خاص».
«د. نادية»، أشارت إلى النساء فى جامعة القاهرة، لم يأخذن حقهن بشكل كبير فى الوظائف القيادية مثلما حصلن عليه فى الفترة الأخيرة، ضاربة المثل بسيدات مجلس الجامعة الحالي، فهن يشكلن قرابة 51 فى المائة من أعضاء المجلس، وقد أثبتن كفاءة وجدارة فى تولى العمادة، وكذلك الحال بالنسبة لوكيلات الكليات، فعددهن أيضا كبير.
وأضافت: إننى عضو بقطاع خدمة المجتمع على مستوى جامعة القاهرة وتترأسه الدكتورة غادة عبدالباري، يضم القطاع كل وكلاء خدمة المجتمع وتنمية البيئة على مستوى كليات الجامعة البالغ عددها 26 كلية، إذ يبلغ عدد الوكلاء السيدات 12 سيدة، فضلا عن أربع سيدات من الخارج، أنا واحدة منهن، بينما يبلغ عدد الوكلاء الرجال 14 رجلا، وأربعة رجال آخرين من الخارج، ومن ثم فالنسب متقاربة، فتعيين المرأة فى هذه المناصب القيادية بجامعة القاهرة لم يكن من باب المجاملة أو لكونها امرأة فحسب، لكن لأنها حققت نجاحا وأثبتت كفاءة فى وظائف سابقة كانت فيها على قدر المسئولية، ولا يشق لها غبار فى صناعة القرار، وعندها أفكار وبدائل خارج الصندوق، وسفيرة متميزة لجنس السيدات، «مالية مركزها».
«د. نادية»، أوضحت أنه «يُحسب للدكتور محمد سامى عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة ونوابه الثلاثة، الدكتور محمود السعيد نائب رئيس الجامعة للدراسات العُليا، والدكتور أحمد رجب نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتورة غادة عبدالبارى نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، رغبتهم الصادقة فى نجاح تجارب العميدات والوكيلات السيدات، ودعمهم المستمر لهن وتذليل كل الصعاب أمامهن، وهى تجربة فريدة من نوعها على مستوى الجامعات المصرية، أن ترى قيادات جامعة القاهرة الرجال حريصين على نجاح القيادات النسائية داخل الجامعة».
بدورها، اتفقت الدكتورة هبة نوح، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، مع كل ما طرحته الوزيرة نادية زخارى، قائلة: شخصيا استفدت من إطلاق عام 2017 بعام المرأة، ففى هذا العام صدر قرار جمهورى بتعيينى عميدة لكلية الآثار، لأصبح السيدة الرابعة التى تتولى هذا المنصب فى تاريخ الكلية. وبعد عشرة أشهر، تم تعيينى بقرار جمهورى نائبًا لرئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب، وأصبحت بموجب هذا القرار أول سيدة تتولى هذا المنصب فى تاريخ جامعة القاهرة، وقد وفّقنى الله بالنجاح فى التجربتين بسبب دعم زملائى من قيادات الجامعة فى ذلك الوقت ومساندتهم لى. ولعل نجاح تجربة العميدات الحاليات والوكيلات، وعلى وجه الخصوص وكيلات قطاع شئون الطلاب والتعليم وعددهن كبير، سببه المباشر دعم إدارة الجامعة لهن.
وأكملت «د. هبة»: السير الذاتية لسيدات جامعة القاهرة على المستويين الأكاديمى والإدارى شيء يدعو للفخر والتباهي، فقد أثبتن قدرة هائلة على العطاء والإبداع وحُسن الإدارة والتفوق العلمي، وليس هذا بغريب عليهن، فقد كشفت البرديات فى العصور القديمة، أن ملوك مصر البازين والناجحين فى حقب التاريخ المختلفة، كان وراءهم سيدات عظيمات، قد تكون والدة الملك وتدعى بالملكة الأم، وقد تكون زوجته الملكة، وبالتالى فنساء وإناث مصر بخير، وفى القلب منهن سيدات جامعة القاهرة.
الدكتورة سرفيناز أحمد حافظ، مديرة مكتبة جامعة القاهرة المركزية، واحدة من الكفاءات الأكاديمية بجامعة القاهرة التى نالت نصيبها من تمكين المرأة فى ديسمبر 2018، وكانت آنذاك أستاذة للمكتبات والوثائق والمعلومات بكلية الآداب، ثم اختارها رئيس الجامعة السابق الدكتور محمد عثمان الخشت مديرة للمكتبة المركزية، لتصبح المدير الثالث للمكتبة، وثانى امرأة تتولى أكبر مكتبة مركزية على مستوى الجامعات المصرية والعربية، وبداخلها نظمت ندوة كبرى عن تمكين المرأة فى جامعة القاهرة حضرها عدد غفير من القيادات النسائية والحالية بالجامعة، كما حضرها د. محمود السعيد نائب رئيس الجامعة للدراسات العلية والبحوث.
وقالت «د. سرفيناز»: إن «تمكين المرأة فى جامعة القاهرة زاد فى السنوات الأخيرة بعد تدشين رئيس الجمهورية فى 2017 للاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030، واعتبارها وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة فى هذه الاستراتيجية، والقائمة على محاورها الأربعة، (التمكين السياسى وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة، والتمكين الاقتصادي، والتمكين الاجتماعي، والحماية)، فضلًا عن العمل الجاد على تغيير ثقافة المجتمع نحو المرأة، وتعزيز سبل حصولها على حقوقها القانونية».
وتابعت: جامعة القاهرة تنفذ محاور هذه الاستراتيجية بشكل جيد، ودون محاباة للمرأة على حساب الرجل، وقد جاء التمكين ليبرز قدرات الكفاءات الأكاديمية من النساء والإناث داخل الجامعة، وحقهن فى تولى الوظائف العُليا بكليات الجامعة والمراكز والإدارات البحثية التابعة لها، وكذلك الحال فى الجهاز الإداري، وقد أثبتت تجارب العميدات والوكيلات الناجحة بكليات الجامعة المختلفة، وقد اقترب عددهن أكثر من 50 فى المائة، وربما أكثر من ذلك بعد إضافة رؤساء الأقسام من السيدات، حقيقة ستبقى راسخة لدى صانع القرار لسنوات طويلة قادمة، المرأة مثل الرجل، قادرة على الإدارة والإبداع، شريطة اختيارها على أسس الكفاءة والمهنية وخبراتها السابقة، وهى أيضا شروط واجب توافرها فى القيادات من الرجال.
من النماذج الناجحة لتجربة تمكين المرأة فى جامعة القاهرة، حسبما قالت الدكتورة سرفيناز حافظ، ثلاث سيدات تولين منصب نائب رئيس الجامعة فى قطاعات مختلفة وفترات زمنية متباعدة، أولاهن الدكتورة هبة نصار، أول سيدة تتولى منصب نائب رئيس جامعة القاهرة فى تاريخها، وكان ذلك فى قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة، خلال الفترة من 2008 وحتى 2013، والثانية هى الدكتورة هبة نوح أول سيدة تتولى منصب نائب رئيس جامعة القاهرة لقطاع شئون التعليم والطلاب فى الفترة من يوليو 2018 وحتى سبتمبر 2020، والثالثة هى الدكتورة غادة عبدالبارى نائب رئيس الجامعة حاليا لقطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وقد تولته فى نوفمبر 2024.
مديرة المكتبة المركزية بجامعة القاهرة أشادت بجهود د. محمد سامى عبدالصادق رئيس الجامعة ودعمه الدائم للمكتبة وللعاملين فيها، ونفس الشيء يفعله د. محمود السعيد نائب رئيس الجامعة للدراسات العُليا والبحوث والمشرف على قطاع المكتبات بالجامعة، وكلاهما يؤمن بشدة بقدرة المرأة على شغل الوظائف العُليا، وأشارت إلى أن عدد الإناث فى المكتبة أكبر من الذكور، ليس هذا فحسب، 76 فى المائة من أعضاء هيئة التدريس بقسم المكتبات والوثائق والمعلومات بكلية الآداب، من الإناث والسيدات.
الدكتورة رجاء أحمد، أستاذة الفلسفة ووكيل كلية الآداب الأسبق لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أدلت هى الأخرى بشهادتها فى تجربة تمكين المرأة فى جامعة القاهرة، وقالت: إن «جامعة القاهرة شاهدة على عصر تمكين المرأة وصانعة له، والبداية كانت من عند الأميرة فاطمة إسماعيل ومساهمتها الكبيرة فى بناء أعظم وأكبر صرح علمى أكاديمى فى الشرق الأوسط».
«د. رجاء»، أضافت: آمنت جامعة القاهرة بأن تمكين المرأة ليس ترفًا وليس مشروعًا مؤقتًا، بل هو ركيزة أساسية لأى نهضة حقيقية، وأن التمكين لا يعنى أن تنسلخ المرأة عن هويتها ولا تتمرد على أنوثتها، بل هو تعزيز لتلك الهوية وتأصيل لها فى فضاء الحرية، ومن ثمّ فقد أولت اهتمامًا بالغًا بتمكينها فى مختلف المجالات الأكاديمية والإدارية، وأعلنت الجامعة أن نسبة تولى المرأة للمناصب القيادية بلغت 47 فى المائة من إجمالى القيادات داخل الجامعة وهذه النسبة فى تزايد مستمر، فعلى سبيل المثال نجد المرأة بجامعة القاهرة تبوأت منصب نائب لرئيس الجامعة، ونجد 54 فى المائة من عمداء الكليات والمعاهد سيدات، 60 فى المائة من وكلاء الكليات لشئون التعليم والطلاب من السيدات، و46 فى المائة وكلاء لخدمة المجتمع، وقرابة 43 فى المائة وكلاء الدراسات العُليا، كما حصلت على نسبة كبيرة من رئاسة الأقسام العلمية بكليات الجامعة.