في مغامرة علمية فريدة من نوعها، انطلق أطفال مكتبة مدينة نصر العامة التابعة لجمعية مصر للثقافة وتنمية المجتمع في رحلة استكشافية إلى محمية "قبة الحسنة" بمحافظة الجيزة، بالتعاون مع "أتوبيس الفن الجميل" التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، جاءت الرحلة ضمن أنشطة المكتبة التي تهدف إلى إشعال شغف المعرفة وتعزيز الوعي البيئي لدى النشء، من خلال ربط المعرفة بالتجارب الواقعية.
وجدير بالذكر أنه تُعد هذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها المكتبة رحلة إلى هذه المحمية الفريدة وهى من أندر وأهم المحميات الجيولوجية في مصر لتكون نافذتهم الأولى على تاريخ الأرض العميق، حيث الصخور تحكي قصصًا عمرها ملايين السنين، ما منح الأطفال تجربة غير مسبوقة لاكتشاف أحد أهم المواقع الطبيعية والجيولوجية في مصر.
واستهل الأطفال جولتهم بالتعرف على تاريخ تسجيل المحمية، برفقة الجيولوجي الدكتور محمد محمود، الذي صحب الأطفال في جولة بين التكوينات الصخرية المدهشة، موضحًا كيف أن المحمية - التي أُعلنت منطقة طبيعية عام 1989 - تُعد متحفًا مفتوحًا يكشف أسرار الحياة القديمة من العصر الطباشيري الأعلى، أي قبل نحو 100 مليون سنة.
هذا وقد تعرف أبناء المكتبة خلال الرحلة على أنواع الصخور والتكوينات الجيولوجية النادرة التي تضمها المحمية، والتي تُعد من أهم المتاحف الجيولوجية المفتوحة في مصر، حيث تحتوي على صخور تعود إلى العصور الجيولوجية القديمة مثل العصر الطباشيري والعصر الحجري، بالإضافة إلى حفريات بحرية نادرة تمثل سجلاً طبيعيًا فريدًا للتاريخ البيئي القديم .. وخلال الرحلة استمتع المشاركون بالتعرف على أنواع الصخور الرسوبية والنارية والمتحولة، وتفاعلوا مع شرح مبسط حول الحفريات البحرية النادرة التي تحتويها المحمية، مما جعلهم يعيشون تجربة علمية لا تُنسى وسط الطبيعة.
ولأن المعرفة لا تكتمل إلا بالتفاعل، شارك الأطفال في مسابقة ثقافية مليئة بالحماس، أعقبها ورشة حكي ملهمة عن العالمة المصرية الراحلة فوزية فهيم، قدمتها الأستاذة/ يمنى حسين، حيث تعرف الأطفال على مسيرة واحدة من رائدات العلوم في مصر، التي ساهمت بأبحاثها المتميزة في مجال الكيمياء الحيوية .. موضحة أنها تخرجت في كلية العلوم بجامعة القاهرة، وحصلت على درجة الماجستير منها، ثم نالت منحة من جامعة برمنجهام في لندن، وتخصصت في دراسة تأثير سم الثعابين الكبرى على الأورام السرطانية، ونشرت ما يقرب من 80 بحثا علميا في دوريات علمية دولية، إلى أن توفيت عام 2011.
كما أضافت ورشة التلوين التي اقامتها المكتبة على هامش الرحلة لمسة فنية للرحلة، حيث أطلق الأطفال العنان لألوانهم وسط الأجواء المبهجة
وفي ختام اليوم، عبّر هاني عبد المريد، مدير المكتبة ، عن فخره بهذه التجربة التي مزجت بين التعليم والاستكشاف، وقد أتاحت رحلة محمية قبة الحسنة والتي تُنظَّم لأول مرة من قبل المكتبة للأطفال فرصة فريدة للتعرف على ثروات مصر الجيولوجية في بيئة تفاعلية خارج الإطار التقليدي، مما يعزز حب الاستكشاف والفضول العلمي لديهم." .. مؤكداً أن المكتبة حريصة على تقديم أنشطة مبتكرة تنقل الأطفال من صفحات الكتب إلى ميادين الحياة. كما توجه بالشكر لفريق "أتوبيس الفن الجميل" على دعمهم الكبير في إنجاح هذه الرحلة الاستثنائية.
واختتم بالقول إن مثل هذه الأنشطة الميدانية تُعد من الركائز المهمة في تكوين وعي الطفل المصري، وتعميق ارتباطه ببيئته وتراث بلاده الطبيعي.