«تنفيذ الوزارات لأفكار المواطنين ومشاركتهم فى اتخاذ القرار»، لم تعد مجرد أحلام بل تحولت إلى واقع، بفضل منصة «حوار» التابعة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء والتى تعد أكبر وسيلة اتصال مباشرة بين الحكومة والمواطنين، وتم تكريم ثلاث وزارات لمواطنين أصحاب أفكار ابتكارية فى ملفات تلك الوزارات، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سيتم الإعلان قريبا عن تنفيذ فعلى لبعض هذه المبادرات مع تكريم المزيد من أصحاب مبادرات أخرى وتوصيلهم بالمسئولين لطرح أفكارهم للمشاركة فى حل المشكلات.
وقام وزير الزراعة، بتكريم أصحاب المبادرات الأعلى تقييما عبر منصة «حوار» والاستماع إلى ملخص عن مبادراتهم حول استصلاح الأراضى الصحراوية وإدخال زراعة «الكناف» فى مصر، كذلك استقبل وزير التموين والتجارة الداخلية، مُقدم أفضل فكرة فى قطاع التموين عبر المنصة، والتى تمثلت فى وضع منظومة متكاملة لتتبع السلع الغذائية منذ لحظة إنتاجها وحتى وصولها للمستهلك بما يسهم فى تعزيز الرقابة على تداول وتوافر السلع، كما سبق وقام وزير الشباب والرياضة بتكريم صاحب مبادرة متعلقة بميكنة مدن الشباب التابعة للوزارة.
الاستفادة عبر المنصة لا تقتصر على الجهات الحكومية، ورصد «مركز المعلومات» مجلس الوزراء قيام إحدى المدارس الدولية بمدينة السادس من أكتوبر بتنفيذ مبادرة طرحها أحد المواطنين عبر المنصة تحت عنوان «شجرة لكل تلميذ»، وتعتمد الفكرة على أن يزرع الطالب فى الصفوف الأولى من كل مرحلة تعليمية شجرة أو نبتة فى مدرسته لتعزيز الانتماء للوطن والمدرسة، ودعما للاستدامة البيئية فى مصر وإبراز المشاهد الجمالية، وكذا المساهمة فى مكافحة التغيرات المناخية، وبالفعل أعرب الطلاب عن سعادتهم البالغة بتلك التجربة.
وأكد بيان لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن المبادرة تم تطبيقها بشكل تجريبى بنحو 14 فرعا تابعا لتلك المدرسة الدولية، على أن تتم دراسة أوجه الاستفادة لبحث إمكانية التعميم على مدارس الجمهورية لاحقا.
كما لم تتوقف التكريمات الحكومية عند حد أصحاب مبادرات وزارات التموين والزراعة والشباب، بل هناك عدد من المبادرات التى يجرى التجهيز لتكريم أصحابها، هذا ما كشفته الدكتورة مروة عبدالمعطى رئيس اللجنة الدائمة لمنصة حوار ومدير الإدارة العامة للاتصال المجتمعى بمركز معلومات ودعم اتخاذ القرار، مؤكدة أن منصة «حوار» انطلقت بتكليف من رئيس مجلس الوزراء لمركز معلومات ودعم اتخاذ القرار لعمل منصة تفاعلية لتحديد الأولويات المجتمعية، والوصول إلى رؤى مشتركة لأفضل الحلول لمواجهة التحديات التى يعانى منها المجتمع المصرى، وتم ذلك خلال فبراير 2023، لكن بعد الإنجازات المتعددة للمنصة صدر قرار من رئيس مجلس الوزراء خلال مارس الماضى لحوكمة منظومة العمل بها؛ ما أعطى المنصة قدرة أكبر على الاهتمام بتنفيذ المبادرات بالتواصل مع الجهات الحكومية المعنية، لافتة إلى نجاحهم فى توصيل آراء المواطنين إلى الوزراء ومساعدتهم للجلوس معهم مباشرة لمناقشة أفكارهم وبحث إمكانية تنفيذها.
وأضافت أن المنصة بدأت فى طرح قضيتين جديدتين مع استقبال آراء المواطنين لمدة شهر حتى نهاية أغسطس، القضية الأولى، دعم الدولة لخدمات رياض الأطفال والتعلم المبكر وذلك فى ضوء توجيهات القيادة السياسية بزيادة عدد الحضانات والعمل على تيسير عملها وزيادة معدل التحاق الأطفال بها، والقضية الثانية، دعم الدولة لتطوير التعليم البحثى وخدمات الرعاية الصحية الجامعية؛ باعتبار المستشفيات الجامعية ركيزة أساسية فى منظومة الرعاية الصحية، كما أنها تلعب دورا محوريا فى التعليم الطبى والبحث العلمى وإعداد كوادر طبية مؤهلة.
الهدف الأساسى لمنصة حوار، كما تقول د.مروة: «إجراء حوار مجتمعى فعال بمنهجية، وتضم المنصة 6 أقسام متنوعة أهمها قسم «منتدى الحكومة»، والذى يتم من خلاله طرح موضوعين شهريا على المواطنين مع إتاحة حرية إبداء الرأى للمواطنين فى تلك الموضوعات، ويتم الرد على المواطن، وهناك قسم آخر تحت مسمى «مبادرات»، والتى يتم فرزها وتحويل أفضلها مباشرة إلى لجنة مشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء، تضم نحو 45 جهة من الدولة، سواء أغلب الوزارات وكذلك جهات متنوعة بالدولة، كما يوجد سيستم إلكترونى يتم من خلاله تحويل المبادرة إلى لجنة التقييم ويوجد معايير للاختيار والتأكد من مدى قابلية تنفيذ هذه الأفكار، وهناك بعض الآراء نجد أن الجهات الحكومية قائمة على تنفيذها بالفعل، وهنا يتم الرد على المواطن بشرح جهود الدولة فى هذا الملف وتأكيد تطبيق ذلك الرأى بالفعل، وبالتالى نساهم فى رفع وعى المواطن بجهود الدولة، أما الآراء غير المطبقة يتم توجيهها للجهات المعنية وبالفعل هناك معايير فنية ونوعية متفق عليها لتقييم تلك المبادرات، وبناء على ذلك نقوم بالرد على المواطن، فما نسعى له هو عمل حوار بين المواطن والحكومة.
وتضم المنصة أيضا قسم «حوار الخبراء»، ويوجد بعض الموضوعات التى تحتاج فيها الحكومة معرفة آراء الخبراء بها، ويوجد بالمنصة قاعدة بيانات تضم نحو 500 خبير فى مختلف المجالات، ويتم التواصل معهم ودعوتهم لطرح آرائهم فى تلك القضايا المتخصصة لمساعدة متخذى القرار.
وأكدت د.مروة، أن المنصة نجحت فى طرح 50 قضية حتى الآن على منتدى الحكومة إلى جانب 35 قضية على حوار الخبراء، كما أن للمنصة وسائل تواصل متنوعة فهناك تطبيق إلكترونى لها باسم «حوار»، ويوجد صفحة على فيسبوك يُنشر خلالها نحو 90 انفوجرافاً شهريا، خاصين بالموضوعين اللذين يتم طرحهما شهريا للحوار على منتدى الحكومة مع عرض الإنجازات والتحركات الحكومية فى تلك الملفات، يوجد أيضا البريد الإلكترونى الخاص بالمنصة، وبالفعل نجحت المنصة منذ تدشينها وحتى 15 يوليو الجارى فى استقبال أكثر من 261 ألف زيارة، إضافة إلى أكثر من 5,8 مليون مشاهدة لمختلف موادها المنشورة، إلى جانب أكثر من 980 مقترحا تلقتها المنصة من مختلف أقسامها.
جهود المنصة فى توصيل آراء المواطن البسيط للحكومة ساهمت فى تحقيق إنجازات للمنصة على الصعيد الدولى، حسبما أوضحت د.مروة، قائلة: «إننا حصلنا على الجائزة الذهبية من مؤسسة جلوبى للأعمال الأمريكية كأفضل فكرة ابتكارية فى مجال التواصل المجتمعى، وأيضا الجائزة البرونزية خلال عام 2024 ضمن مسابقة «ستيفى أووردز» للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلا عن ذلك اطلعنا على المؤشر الدولى «المشاركة الإلكترونية» وتابعنا أفضل الدول وفقا له ومصرنا هذه النماذج فى شكل منصة حوار، وبالتعاون مع وزارة الاتصالات انضممنا لهذا المؤشر وبالفعل ساهمت المنصة فى تحسين ترتيب مصر وفقا للمؤشر وقفزنا 33 مركزا لنصبح فى المرتبة 74 بدلا من 107، ويتم تحديث المؤشر مرة كل عامين وبالتالى التحديث القادم نحن على موعد مع ترتيب متقدم للمشاركة الإلكترونية فى التقييم القادم، أيضا منظمة «OECD» التعاون الاقتصادى والتنمية أشادت بـ«تطبيق حوار» باعتباره وسيلة قادرة على توصيل آراء المواطنين بما يعزز الثقة فى أداء الحكومة».
وأشارت د.مروة، إلى أن إدارة المنصة قامت بعمل احتفالية فى فبراير الماضى بمناسبة مرور عامين على المنصة وتم دعوة بعض المواطنين لتكريمهم على مشاركتهم الفعالة.
وأضافت د.مروة، أن سكان محافظة القاهرة الأكثر تفاعلا على المنصة باعتبارها المحافظة الأكثر كثافة سكانية، ورغم ذلك هناك مشاركات قوية من كافة المحافظات، بخلاف وجود مفاجآت تتضمن مبادرات جيدة من بعض المحافظات الحدودية وخاصة سيناء، وهناك انتشار ملحوظ للمنصة، أما أهم الملفات والقضايا التى تنال اهتماما ومشاركة كبرى من المواطنين هى المبادرات الخاصة بالتعليم، لافتة إلى أن مبادرات التعليم متنوعة بشكل كبير.