رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

المنافسة العالمية تشتد.. أين المجمعات الصناعية التعدينية فى صحارى مصر؟


2-8-2025 | 20:12

.

طباعة
بقلم: غالى محمد

لا خلاف على أن هناك حراكا كبيرا تشهده مصر الآن فى ملف استغلال الثروات التعدينية.

هذا الحراك، يسانده تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، للتخلص من الإجراءات الإدارية، التى تقتل جذب الاستثمارات فى المهد.

ولا خلاف على أن مصر فى حاجة عاجلة إلى الالتزام بالسياسات التى يؤكد عليها دائمًا الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالتركيز على تصنيع خامات الثروات التعدينية، بدلا من تصديرها كخامات دون أى مراحل تصنيعية تزيد من قيمتها المضافة للاقتصاد القومى.

 

ورؤية الرئيس السيسى ليست وليدة اليوم، بل يركز عليها الرئيس منذ أن تولى الحكم فى عام 2014، لأنها تعنى أن تتحول كافة الصحراء المصرية إلى مشروعات ومصانع لتصنيع الثروات التعدينية، وبما يحقق استغلالها بكفاءة وزيادة قيمتها المضافة للاقتصاد القومي، ونشر التعمير فى الصحراء، وخلق الملايين من فرص العمل، وزيادة الصادرات.

والأهم من هذا كله أن تصنيع الثروات التعدينية سوف ينقل إلى صناعات تكنولوجية متقدمة يبحث عنها العالم وفتح أسواق تصديرية كبيرة.

ولا ننكر أن المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، يحاول جذب الاستثمارات العالمية بتكثيف لقاءاته واجتماعاته مع ممثلى المشروعات العالمية التى تعمل فى مجال التعدين.

لكن الواقع وطموحات مصر فى تصنيع الثروات التعدينية يحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك أهمها وجود أفكار وخطط عاجلة قادرة على جذب الاستثمارات، خاصة أن العديد من الدول التى تحيط بنا تركز على تصنيع الثروات التعدينية لديها، لتكون أحد الأعمدة الأساسية لاقتصادها، ولا سيما فى مجال الصناعة.

من هذه الرؤى أن مصر فى حاجة إلى مشروع قومى ضخم لتصنيع الثروات التعدينية فى أنحاء الصحراء المصرية، يماثل المشروع القومى الذى ينفذه الرئيس السيسى الآن فى الزراعة، ممثلاً فى مشروع الدلتا الجديدة ومشروع مستقبل مصر والتوسع فى استصلاح الأراضى فى الصحراء الغربية، وغيرها فى توشكى والعوينات وسيناء.

وعندما أدعو إلى مشروع قومى لتصنيع الثروات التعدينية، فإننى أعنى الاعتماد على القدرات المحلية، مثلما هو فى مشروع الدلتا الجديدة، خاصة أن تصنيع الثروات التعدينية سوف يحقق عوائد اقتصادية ضخمة، لا تقل فى الأهمية عن فوائد المشروعات الزراعية التى تنفذها مصر الآن، وأول خطوة فى ذلك الاتجاه إلى إنشاء المجمعات الصناعية التعدينية فى أنحاء الصحراء المصرية، ووفقا لأماكن تواجد الخامات التعدينية.

هذه المجمعات الصناعية التعدينية يمكن تخطيطها على أساس أن يضم المجمع الواحد عددا من المصانع، لتصنيع الخامات التعدينية، فى شكل متكامل، وفى ذات موقع تواجدها، كمرحلة أولى، واعتمادا على إنشاء مشروعات عملاقة مصاحبة لها لتوفير الطاقة الشمسية.

هذه المجمعات، التى سبق أن طرحنا فكرتها على المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية وعد بتنفيذها، ويمكن أن يكون المجمع الواحد كيانا صناعيا كبيرا، كخامات تعدينية متكاملة.

وقد سبق فى أوائل هذا القرن، أن تم طرح فكرة إقامة مجمع صناعى فى منطقة سبيكة بشمال سيناء، اعتمادا على وفرة الملح، لكنه لم يرَ النور، كما أن وفرة خامات الفوسفات فى الوادى الجديد وتوقيع عقد إقامة مشروع حامض الفوسفوريك من الممكن أن يكون من المجمعات الصناعية التعدينية فى الوادى الجديد.

وإن كان هذا مجرد مثال، فمن الممكن أن يكون لدى مصر المئات من المجمعات الصناعية التعدينية والتى سوف يساعدها إقامة مجمعات أيضًا لتوليد الكهرباء الشمسية، اعتمادا على سطوع الشمس لفترات طويلة فى الصحراء المصرية.

وعندما أركز على فكرة هذه المجمعات الصناعية، فأرى أنها الأنسب هذه المرحلة لتصنيع الثروات التعدينية بسيناء، خاصة أنه غير مسموح بفتح باب الاستثمار للأجانب فى سيناء، رغم أنه يمكن إعادة النظر فيها خلال السنوات القادمة من منظور الأمن القومى والأحداث التى تشهدها المنطقة الآن، فى ظل عدم السماح للأجانب بالاستثمار فى سيناء، فقد آن الأوان لتأسيس عدد من الشركات برءوس أموال مصرية من القطاع الخاص والبنوك وغيرها من الجهات الحكومية، لإقامة العديد من المجمعات الصناعية التعدينية فى مختلف أنحاء سيناء.

وهنا أسأل المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية: ما خطتك لاستغلال الثروات التعدينية فى سيناء خاصة أنها يمكن أن تكون من أهم مشروعات تعمير وتنمية سيناء؟

فوفقا لما هو متاح من معلومات، فالثروات التعدينية فى سيناء من أهم الخامات التى يمكن أن تكون أساسا لقيام العديد من المجمعات الصناعية التعدينية وإقامة العديد من الصناعات التصديرية، اعتمادا على الرمال البيضاء التى تتواجد باحتياطات اقتصادية لصناعات تكنولوجية متقدمة، ومنها على سبيل المثال صناعة الخلايا الشمسية، التى تحتاج مصر إليها خلال السنوات القادمة، لتوطين صناعة الطاقة الشمسية فى مصر.

كما أسأل الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء: ماذا يمنع الحكومة من الاتجاه لتأسيس عدد من الشركات برءوس أموال مصرية لاستغلال الثروات التعدينية من خلال إنشاء العديد من المجمعات الصناعية التعدينية فى سيناء؟

ودون ذلك، وفى ظل عدم السماح للأجانب بالاستثمار فى سيناء، لا بديل عن تأسيس هذه الشركات، والاعتماد على رأس المال الوطنى لجذب الاستثمار فى سيناء.

وأعتقد أن المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، يستطيع أن يؤسس العديد من الشركات للاستثمار فى استغلال الثروات التعدينية بسيناء، بمساهمات من شركات قطاع البترول وغيرها، مثل النموذج الذى تم مؤخرا لتأسيس شركة إنتاج حامض الفوسفوريك بالوادى الجديد، اعتمادا على فوسفات أبو طرطور.

وبالوقائع وبالتاريخ، ووفقا للمشروع القومى الذى ينفذه الرئيس السيسى فى تنمية وتعمير سيناء فلا بديل عن تحرك حكومى كبير لتأسيس عدد من المجمعات الصناعية التعدينية لتصنيع الثروات التعدينية بسيناء، اعتمادا على استثمارات محلية من القطاع الخاص ومختلف الكيانات الاقتصادية المصرية.

وإذا لم يحدث ذلك، فهذا يعنى استمرار استنزاف بعض الثروات المعدنية فى سيناء لتصديرها بأبخس الأسعار كخامات دون أى مراحل تصنيعية، أو تظل هذه الخامات حبيسة الجبال دون أدنى استغلال، الأمر الذى يشكل إهدارا لهذه الثروات فى سيناء، وبما يؤخر المشروع القومى لتنمية وتعمير سيناء.

وفى جميع الأحوال، فإنه مع تنفيذ المشروع القومى لتنمية وتعمير سيناء، وإنشاء أكبر شبكة فى مختلف أنحاء سيناء، وإنشاء شبكة قومية للسكك الحديدية فى سيناء، وتطوير ميناء العريش، فإن هناك فرصا ذهبية الآن فى سيناء لإقامة العديد من المجمعات الصناعية التعدينية والتى ستضم الكثير من الصناعات المتقدمة، اعتمادا على الثروات التعدينية فى سيناء التى تتطلع الأسواق العالمية لمنتجاتها.

وإذا كنت قد ركزت على إنشاء العديد من الشركات اعتمادا على رأس المال الوطنى، فمن المهم أن يمتد هذا النمط فى ضرورة تحرك المهندس بدوى، لتأسيس العديد من الشركات، بمشاركة بين رأس المال الوطنى ورأس المال الأجنبي، لإقامة العديد من المجمعات الصناعية التعدينية فى الصحراء الغربية والصحراء الشرقية لتصنيع الثروات التعدينية المتوفرة بها، وفى هذا الشأن، لا بديل عن أن تكون هناك إجراءات وقرارات على أرض الواقع.

فى ظل هذا الطرح الذى يأتى من رحم رؤى الرئيس السيسى لضرورة تصنيع الثروات التعدينية فى مصر، هل يتحرك وزير البترول والثروة المعدنية لنرى أول إجراء لتأسيس العديد من المجمعات الصناعية التعدينية، ولتكن البداية من سيناء.

ليس هناك وقت، لأن هناك سباقا بين دول المنطقة على تصنيع الثروات التعدينية لاختراق الأسواق العالمية.

وهل يكلف الدكتور مصطفى مدبولى وزير البترول بذلك، حتى نرى المجمعات الصناعية التعدينية تنتشر فى أنحاء الصحراء الغربية والشرقية وسيناء؟

أخبار الساعة

الاكثر قراءة