رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«المصوّر» ترصد داخل المسرح القومى .. تحديات ونجاحات «بنات الملك لير الثلاث»


2-8-2025 | 20:15

.

طباعة
تحقيق يكتبه: محمد رمضان عدسة: إبراهيم بشير

«مُلك يبلى وجحود لا ينفد».. أسطورة شكسبيرية تعبر عن ميول النفس ودوافع الهوى فى مذمة حب شهوات المال والسلطة، أبطالها ابنتا «الملك لير» اللتان تصارعتا على نفاقه؛ لنيْل كل منهما أكبر جزء من ملكه، بينما رفضت الابنة الصغرى «كورديليا» أن تشاركهما تلك الجولة من النفاق، ما استشاط غضب أبيها عليها، فصبّ لعنته وزوّجها لملك فرنسا، مجرّدة من نعيم ملكه البالى دون أى مقابل، لتبدأ مأساة هذا الملك البائس مع ابنتيه «جونريل وريجان»، اللتين طردتا أباهما لكى يعيش مع الرعاع فى الغابات الضحلة دون مأوى.

«المصوّر» التقت بــ «بنات الملك لير الثلاث» لنعرف فى السطور القادمة من كل منهن سر نجاحهن فى أدائهن لأدوارهن، والتحديات التى واجهتهن ضمن أحداث تلك الرواية التى ألهبتها دموع الفخرانى أمامهن، لتصوغ فى قلوب الجماهير للأبد «حياة ملك خلده جحود ابنتيه».

 

 
 

أمل عبدالله: انحزت لـ «جونريل» بإيجادى مبرراً لـ «شرها السوداوى» بعدم حبها لزوجها والمخرج جعلنى أجلس أمام المرآة كثيراً تعبيراً عن نرجسيتها واستخدمت حدة صوتى للتأكيد على وصف شكسبير لها بأنها تشبه الذئب..!

 
 

تقول ابنة «الملك لير» الكبرى، الفنانة أمل عبد الله: تم ترشيحى لدور «جونريل» من خلال المخرج شادى سرور ومدير المسرح القومى، وقد استعددت لأداء هذا الدور من خلال قراءتنا جميعًا لجميع الشخصيات لكى نعرف العلاقات التى تربطها ببعضها البعض، وبدأ كل منا يركز على تفاصيل ومواصفات دوره، وبالنسبة لى تعد هذه هى المرة الأولى التى أقدم فيها هذا الدور والذى أجسد فيه دور «شر سوداوى» بهذا الشكل الواضح، حيث أظهرت سلوكيات «جونريل» بنوع من الحدة المبررة لها، لأنها لم تكن تحب زوجها، وهى مختلفة عن أختها «ريجان»، لأن لديها قرارات واضحة وقوية وصارمة وتخوض حروبا فى حياتها، ولذلك وصفها شكسبير فى النص بأن وجهها يشبه وجه الذئب وعنيفة وعينها كاسرة وقاسية القلب؛ لذلك حاولت أن أجد لها مبررًا من خلال عدم حبها لزوجها. ومن أهم الملامح النفسية التى رسمتها لهذه الشخصية هى شعورها بالأنانية وحب الذات واهتمامها بنفسها وجلوسها أمام المرآة باستمرار التى تعد من لمسات المخرج شادى سرور التى أضافها لهذه الشخصية وحبها للمتعة والشهوة وعدم حبها لزوجها، لأن طبيعة شخصيته الطيبة تختلف عنها، فوقعت فى حب «أدموند» الانتهازى مثلها، ولذلك اقترابى بهذه الشخصية من الجمهور، ونجاحى فى أدائها، مبعثه هو أننى عادة أكون متحيزة للشخصية التى أقدمها، بمعنى أننى أبحث لها عن مبرر لتصرفاتها، وليس معنى ذلك أننى أرى أن أفعالها سليمة، ولكننى أوجدت لها منطقا فى ممارستها للشر من خلال إيجادى لها فلسفة خاصة بها، وأنها فى الوقت نفسه لا ترى من وجهة نظرها أن تصرفاتها مع أبيها جحودًا، ولكنها تراها هى الصح لأن أباها قدم هرِم وخرف بسبب بلوغه الثمانين من عمره، وكما أننى حاولت أن أوجد لها بُعدا نفسيا أيضًا من خلال إطلاعى على خلفية هذه الشخصية وعلاقتها بأبيها ما جعلتها تتصرف بكل هذا الجحود مع أبيها، وهذا جعلنى كممثلة محمّلة بأبعاد نفسية أخرى تخص هذه الشخصية أثناء أدائى لها ولا يعلمها الجمهور، بينما كانت هناك صعوبات واجهتنى فى أدائى لها، وهى أننى لا أفضل عادة أداء الشخصيات التى بها كل هذا الوضوح، لأننى أميل إلى أداء الشخوص المتلونة، ولكن الشر لدى شكسبير واضح، ولذلك حاولت أن أتلون إلى حد ما أثناء ظهورها مع عشيقها أدموند وتعبيرها رغم حدة مشاعرها عن احتياجها للحب معه.

«مخالب أنثى»..!

بينما تقول الابنة الوسطى للملك لير «ريجان»، الفنانة إيمان رجائى: تم ترشيحى لهذا العرض من قِبل المخرج شادى سرور، حيث سبق لنا العمل معًا فى تجربة مسرحية داخل مسرح «الطليعة» بعنوان «إكليل الغار»، وكنت أقوم فيها بدور «السويدا» بطلة العرض أمام شادى سرور الذى كان يقدم شخصية البطل «إيبور»، إلى جانب أنه كان مخرج هذا العرض؛ ومن ثمّ أسند إلىّ دور «ريجان» فى مسرحية «الملك لير»، لأنه يعلم أننى عضوة فى فرقة المسرح القومى، وبالمناسبة رشحت فى النسخة الأولى للاشتراك فى مسرحية «الملك لير» فى عام 2001، ولكن الأقدار حالت دون ذلك، حيث كنت سألعب دور الابنة الصغرى «كورديليا»، ولكن لم يحالفنى الحظ لتقديمها، وأحمد الله على اشتراكى فى هذ النسخة بدور أقوى وأعمق وأفضل، لأننى أميل لأداء الأدوار التى تكون عكس طبيعتى الشخصية وأحب تقديم الأدوار المركّبة.

واستعددت لأداء دورى بالمسرحية من خلال قراءتى الجيدة للنص، وركزت على تفاصيل شخصية «ريجان»، وبدأت أبحث لها عن ملامح شكلها الخارجى من خلال إيجادى عدة أبعاد نفسية تتعلق بطريقة مشيتها ووقوفها على المسرح وأسلوب كلامها، إلى جانب أننى استوحيت فكرة إظهارى لأظافرها بشكل مؤثر؛ تعبيرًا عن شراستها من خلال سياق الحوار الذى يدور عنها بين بقية شخوص العرض.

أما الدافع وراء قبولى لهذا الدور فهو أنه لا يتناسب مع براءة ملامحى، لأننى أحب تجسيد الأدوار البعيدة عن طبيعة شخصيتى والتى تجعلنى أبحث عن مفرداتها وأجتهد فى تقديمها بشكل يلقى قبول واستحسان الجمهور والتى تمكننى من أن أستغل كافة أدواتى، وأعبر من خلالها عن كامل طاقاتى وإمكاناتى الفنية لكى يشاهدنى الجمهور بشكل مختلف، وفى الوقت نفسه خوضى لمثل هذه التجارب الفنية يمثل تحديا لشخصى ولقدراتى التمثيلية، وأسعدنى جدًا ردود أفعال الجمهور التى أبهرتنى، عندما فوجئت بتعبيرهم عن دهشتهم بعد مشاهدتهم لأدائى لدور «ريجان»، التى تعبر عن الشر المطلق داخل هذا العرض، لأن أدائى فاق توقعاتهم والتى أرى أن انتقامها من الجميع يفوق انتقام الأفاعى، ولو طلب منى تشبيهها بنوع من أنواع الحيوانات سنجدها مزيجًا ما بين صفات الحرباية المتلونة والأفعى الناعمة التى تعذب فريستها بهدوء تام، وأحيانًا تكون أقرب إلى النمرة التى تنقض فجأة على فريستها.

وهذا يتضح من أفعال «ريجان»مع أبيها قبل وبعد حصولها على ثروته وملكه وتلونها فى هذين المشهدين وتسلطها على زوجها وسيطرتها وجبروتها واستخدامها لأظافرها، حيث إن الملك لير نفسه عبّر عن غضبه من ابنته جونريل بأنه سيذهب إلى «ريجان»، وأنه سيجعلها تنبش وجه أختها بأظافرها، فوجدت أن جزئية الأظافر كانت أحد التفاصيل التى حرصت على إبرازها فى تركيبة هذه الشخصية وركزت عليها فى المشهد الخامس عشر الذى يتضمن قيامى بـ«فقع عين» جلوستر على المسرح أمام الجمهور على المسرح، وتعد شخصية «ريجان» من الشخصيات المركبة ذات الانفعالات النفسية المختلفة والمتعددة، فهى لديها الرغبة فى الانتهازية والجحود، وتمارس شرها بأسلوب ناعم جدًا، وهذ النوع من الشر هو أشرس أنواعه، كونها شخصية غير سوية نفسيًا، كما أننى اعتمدت فى أدائى لها على لغة الجسد وإبراز أبعادها الشكلية للتعبير عن مكنون الشخصية وانفعالاتها، علمًا بأن دور «ريجان» جديد علىّ، وكنت متخوفة وقلقة من أدائى لها، كما أن إحساسى بالوقوف لأول مرة أمام العملاق الدكتور يحيى الفخرانى لم يكن أمرًا سهلًا، ما جعلنى أشعر بالمسئولية لأن اشتراكى معه فى عرض مسرحى له قيمة كبيرة لدىّ كان دافعًا لى فى مذاكرة دورى والتركيز فى أدائى له بشكل أكثر، لأن الوقوف أمام نجم بحجم الفخرانى يمثل مسئولية كبيرة تقع على عاتق أى ممثل يعمل معه وتمثل لديه شعورا متزايدا بالرهبة ويحتاج إلى اجتهاد من نوع آخر، ولكننى تغلبت على كل هذه المخاوف وتلك التحديات من خلال اهتمامى بتفاصيل شخصية «ريجان»، ولم يشغل بالى الوقوع تحت طائلة المقارنة مع مَن سبقونى فى أداء هذا الدور فى النسختين السابقتين، لأننى حاولت أن أجتهد وتركت مسألة الحكم على أدائى للجمهور الذى أنصفنى بآرائه المشجعة لى بإشادته بأدائى المختلف لهذه الشخصية، لإيمانى بأن لكل فنانة طريقة أداء مختلف عن غيرها فى أدائها لهذا الدور.

ولم أجد أية صعوبة فى التمثيل باللغة العربية الفصحى، وأهتم بأن تكون مخارج ألفاظى سليمة، لأننى خريجة المعهد العالى للفنون المسرحية، ومن أوائل دفعتى به، وكنت أمثل بالفصحى قبل التحاقى به، وقدمت أثناء دراستى به فى الصف الأول مسرحية «أرض لا تنبت الزهور» باللغة العربية الفصحى، وحصلت على المركز الأول كأحسن ممثلة؛ لذا أتمنى أن أقدم أدوارا مركّبة بالدراما التليفزيونية والسينما خلال الفترة القادمة.

«من متفرجة لبطلة»..!

وعلى الجانب الآخر، تقول الفنانة الشابة لقاء على الابنة الصغرى «كورديليا»: تم ترشيحى من خلال عميد معهد الفنون المسرحية، وفور انتهائى من اختبار حرفية الممثل طلب منى الذهاب إليه فى المسرح القومى، وبالفعل ذهبت فى الموعد المحدد، فوجدت أن هناك ثلاث فتيات غيرى، ولم أعرف ما السبب وراء حضورى بالمسرح القومى، وعندما وصلت المسرح فوجئت بوجود بوسترات عن مسرحية «الملك لير»، وكان أقصى طموحى أننى سألت عن ثمن التذكرة من أجل حضورى العرض بعد افتتاحه، لأننى لم أكن أتخيل أن أصبح إحدى بطلات هذا العرض، وقد تم اختيارى من بين عدد كبير من البنات المرشحات لهذا الدور، وبدأت فى قراءة النص قبل بدء العرض بنحو عشرة أيام، ما جعلنى أسارع الزمن فى حفظه، لأنه باللغة العربية الفصحى أثناء فترة امتحاناتى بمعهد الفنون المسرحية ما جعلنى أستشعر خطورة تحمل هذه المسئولية، لأننى سأقف أمام العملاق الفنان الكبير الدكتور يحيى الفخرانى وعلى خشبة أعرق مسارح الدولة «المسرح القومى»، فهذه المسألة كانت بمثابة حلم لم أجرؤ يومًا ما أن أحلمه، ومن ثمّ ترتب على ذلك إحساسى بالخوف وشعورى بالقلق الشديد من خوضى لهذه المغامرة الفنية، فلم أكن أنام بشكل جيد خلال تلك الفترة.. وأثناء البروفات وخلال افتتاح العرض استشعرت بمدى احتواء الدكتور يحيى الفخرانى لى ومعاملته لى وكأنى ابنته الصغرى بالفعل، لدرجة أننى كنت وما زلت أشعر بالنشاط والحيوية عندما أستيقظ من نومى فى صباح كل ليلة عرض للمسرحية، وكأننى سأذهب مثل الأطفال الصغار للقاء حبيبى المقرب منى جدًا الدكتور «الفخرانى»..!

وأثناء خروجى من المسرح، وجدت سيدة بسيطة تقف عند الباب، ومعها ابنها عمره حوالى 16 عامًا، تنظر إلىّ ففوجئت بها تقول لى على استحياء: «حضرتك كنت رائعة»، فعرفت أن ابنها، وهو أحد الباعة الذين يفترشون أرصفة ميدان العتبة، قد اشترى لها تذكرة لكى تشاهد الدكتور يحيى الفخرانى وجهًا لوجه على المسرح، كان هذا المشهد الذى عايشته مع هؤلاء البسطاء خارج جدران المسرح القومى بمثابة حلم آخر لم أكن أتوقعه فى حياتى، لأنه جعلنى أتعجب من أن هذه السيدة البسيطة هى وابنها قد اقتطعا من قوت يومهما ثمن تذكرة هذا العرض من أجل أن يشاهدا مسرحية «الملك لير» باللغة العربية الفصحى، ومن الواضح أن مستواهما التعليمى متواضع، إلا أن نجومية الفخرانى كانت أشبه لهما ولغيرهما بالمغناطيس لمشاهدة هذا العرض.

ويؤكد المخرج الكبير شادى سرور، مخرج العرض، قائلًا: إنه تم اختيارى لبنات «الملك لير» الثلاث وفقًا لعدة معايير، منها معيار السن، باعتمادى على وجود فرق واضح فى العمر بين الابنه الكبرى جونريل «أمل عبدالله» عن أختها ريجان الوسطى «إيمان رجائى»، لأنه لا بد أن يلمس الجمهور من خلال شكلها أنها أصغر فى السن بفارق عامين أو ثلاثة، أما فارق السن للابنة الصغرى كورديليا فلا بد أن يكون بينها وبينهما كبيرا فاخترت فتاة عشرينية، وتعمدت أن أختار الثلاث دون أن يكون لأى منهن سابقة الاشتراك فى أية نسخة من النسختين السابقتين من الملك لير، وهذا المبدأ طبقته أيضًا على بقية الممثلين بالعرض؛ لكى نعطى فرصا لممثلين جدد بالاشتراك فى هذه النسخة الجديدة، وقد كانت المرشحة فى بادئ الأمر لدور «جونريل» الدكتورة سماح السعيد، إلا أنها اعتذرت بسبب انشغالها بعملها فى معهد الفنون المسرحية، فتم إسناد دورها للفنانة أمل عبدالله التى كانت ستلعب دور «ريجان»، لكننى اخترت لهذا الدور الفنانة الشابة إيمان رجائى التى لعبت فى مسرحيتى «إكليل الغار» دور البطولة أمامى منذ عشرين عامًا لكى تصبح هى الابنة الوسطى للملك لير «ريجان»، كما أننى حرصت أن يكون لكل منهن أداء وصفات شخصية مختلفة فــ«جونريل» الكبرى الفنانة أمل عبد الله أردت أن أظهرها -وفقًا لما وصفها به شكسبير فى روايته- بأنها مثل «النمرة» حادة الطباع وشرسة ونرجسية؛ ولذلك حرصت على إظهار جلوسها كثيرًا أمام المرآة لإبراز حبها لذاتها وإعجابها بنفسها، فكان لا بد أن أختار ممثلة تنقل للجمهور شعورها المتضخم بالأنا وتمتلك صوتًا قويًا وشراسة فى الأداء، كما أننى أردت أن تكون تركيبة الشر لدى الابنة الوسطى «ريجان» مختلفة، فأردت أن تقدم الشريرة الناعمة مثل الحية وتتلون انفعالاتها بشكل كبير بين اللحظة والأخرى مستخدمة مخالبها التى رمزت إليها بأظافرها، فيتحول شرها إلى أنواع متباينة من الشر، وقد يكون شرها أفظع من الابنة الأولى التى تظهر شرها بوضوح تام، وهذه المسألة كانت صعبة جدًا، حيث أردت أن أظهرها كأفعى «الكوبرا» التى تفاجئ ضحيتها بالانقضاض عليها، وبناء عليه اخترت لهذا الدور إيمان رجائى، لأننى وجدت لديها هذه المساحة من التنوع ما بين نعومة الأداء والشر المستتر، وركزت معها على تقطيع جملها بالعرض. أما دور «كورديليا» الابنة الصغرى، فاخترت له فنانتين من طلبة معهد الفنون المسرحية من بين العديد من الفتيات اللواتى تم اختبارهن لأداء هذا الدور، خاصة بعد اعتذار النجمة سهر الصايغ عنه والممثلة ريم المصرى بسبب ارتباطها بتصوير مسلسل، وتعمدت فى أن أختار لهذا الدور تحديدًا ممثلتين من بين طلبة المعهد لإظهار الفرق الكبير فى السن بين أختيها من بنات لير الكبرى والوسطى، كما أننى اخترت ممثلتين بسبب أن طالبات المعهد يرتبطن فى هذه السن الصغيرة بأعمال فنية أخرى، فاخترت طالبتين لأداء هذا الدور، خشية أن تعتذر عنه إحداهما فأستعين بالأخرى؛ ولذلك قررت أن تقوم الاثنتان بأداء هذا الدور بالتناوب بينهما، فكلتاهما تقدمه لمدة أسبوع وهما «لقاء على وبسمة دويدار»، وبدأت بالفعل معهما البروفات قبل افتتاح العرض بعشرة أيام وجعلتهما تتعمدان التركيز فى أدائهما على إحساسهما المرهف كى يكون أداؤهما صادقًا وتنفذا إلى قلوب الجماهير.

ويضيف المخرج شادى سرور أن ابنتى لير الكبرى والوسطى تشتركان فى بعض الأبعاد النفسية لشخصيتهما مثل الأنانية وحب المال والسلطة والشهوة الجنسية، حيث إنهما تتنافسان على «إدموند» ابن الحرام لأبيه جلوستر، وتعمدت أننى لا أستعين بممثل يمتلك بنيانا ضخما لأداء شخصية «إدموند»، لكننى تعمدت أن يكون ضئيل الجسم لإثبات أن ابنتى لير تتنافسان على رجل ليس به مواصفات الرجل الشهم، ولكنه قذر، ولأنهما مثله فهما تتنافسان عليه، مستوحيًا ذلك من إحدى جمل زوج جونريل بأن «القذر لا يشم إلا نفسه».

كان كل تركيزى أثناء البروفات بأن يكون أداء كل منهن لدورها باللغة العربية الفصحى أداءً سلسًا بعيدًا عن التشدق بالكلمات والفذلكة لكى تجذب كل منهن الجمهور إليها بإحساسها الصادق فى الأداء، ومن ثم يلمس الجمهور أنهن مختلفات عما قدمته زميلاتهن فى النسختين السابقتين، وهذا ينطبق أيضًا على أداء بقية الممثلين بالعرض، كما أننى استخدمت لغة الجسد لديهن وطبقات أصواتهن المختلفة، وهذا يتضح فى أداء الفنانة أمل عبدالله التى تستخدم حدة صوتها بإتقان تعبيرًا عن شراسة الشخصية التى تؤديها، كما أنها درست علم الصوتيات لكى توظفه فى أدائها لأى دور، بالإضافة إلى أنها تعمل بالدوبلاج، وكذلك إيمان رجائى التى تمتلك طاقة فنية تؤهلها لأن تلعب أدوار الشر التى لا تعبر عنها ملامحها الوديعة الهادئة، فتكون مفاجأة للجمهور.