فى البداية نهنئك لحصولك على جائزة النيل أرفع الجوائز العلمية فى مصر.. ما القيمة المعنوية والعلمية التى تمثلها لكم؟
أولًا أود أن أشكر منبركم الإعلامى العريق للاهتمام بالاحتفال بالعلماء والباحثين، كما أن نيْل جائزة النيل يمثل لى شرفا وفخرا كبيرا لكونها أعلى الجوائز العلمية فى مصر، وتمثل تتويجا لمسيرة دامت 44 عاما من العمل البحثى والتعليمى والإكلينيكى، وهذه الجائزة بمثابة دافع كبير للاستمرار، كما أنه يؤكد إرادة الدولة المتواصلة لتكريم العلماء.
هل ترى أن هذه الجوائز تسهم فعليًا فى تحفيز الباحثين؟ وكيف يمكن تطوير منظومة تكريم العلماء فى مصر؟
بالتأكيد هذه الجوائز تسهم فى تحفيز العلماء والباحثين لنيْل شرف الحصول عليها وتدفعهم للإجادة وبذل المزيد من الجهد.. وأرى ضرورة تطوير منظومة العلماء من جانب أجهزة الدولة والإعلام، لينالوا قسطا مقبولا مما يحصل عليه الفنانون والرياضيون من اهتمام وتقدير.
كيف ستنعكس هذه الجائزة على مسيرتكم المهنية وعلى المركز البحثى الذى تنتمون إليه؟
هذه هى المرة الخامسة الذى يحصد فيها باحث من مركز أمراض الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة، جائزة النيل، وهو أكبر عدد للحاصلين على الجائزة من مكان واحد.. وذلك يمثل دافعا كبيرا يجعلنى أواصل الاستمرار، وأيضًا حافزًا لزملائى من الباحثين، حتى نستمر فى العمل الجاد من أجل الحصول عليها مجددًا.
إذا عدنا إلى البدايات، ما الذى دفعكم لاختيار مجال أمراض الكلى والمسالك البولية تحديدًا؟
كنت أختار مجال الأشعة التشخيصية والتداخلية لأمراض الكلى والمسالك البولية لسببين، أولًا لبداية عملى بقسم جراحة الكلى والمسالك البولية (قسم 4 بمستشفى المنصورة الجامعي) عام 1981.. ثانيًا لأن تخصص الأشعة شهد تطورا آنذاك فى مجال التصوير الطبى.. ولقد بدأت العمل على جهاز الفحص بالموجات فوق الصوتية كأول طبيب أشعة فى المنصورة يعمل فى هذا المجال.
ما أبرز المحطات الفارقة فى مسيرتكم العلمية والطبية داخل مركز جامعة المنصورة؟
عملت رئيسا لقسم الأشعة من عام 1990 حتى 2015، ثم أستاذا متفرغا حتى الآن، قمت خلالها بالمساهمة فى تطوير الأجهزة وإدخال نظام رقمى متكامل، وإدخال تقنيات حديثة للأشعة التداخلية كعلاج غير جراحى للعديد من أمراض الجهاز البولى التناسلى.. وحصلت خلال هذه الفترة على العديد من الجوائز مثل جائزة د. فخرى مكاوى، وجائزة الدولة التشجيعية وجائزة المنصورة الطبية، وجائزة الدولة للتفوق، وجائزة الدولة التقديرية.
فى رأيكم، ما الذى ميّز أبحاثكم وإسهاماتكم وجعلها تستحق التقدير على هذا المستوى الرفيع؟
قمت بنشر أكثر من 150 بحثا، منها أبحاث استخدمت التقنيات التكنولوجية المتقدمة فى تشخيص وعلاج أمراض الجهاز البولى التناسلى، مثل استخدام الحاسب الآلى وبروتوكولات الذكاء الاصطناعى فى دقة تشخيص أورام الكلى والمثانة البولية والبروستاتا، وفى الاكتشاف المبكر لبعض الأمراض مثل اللفظ الحاد بعد عمليات زراعة الكلى، ومثل علاج أمراض معينة تصيب الجهاز البولى التناسلى، عن طريق الأشعة التداخلية لعلاج آمن وغير تقليدى لأمراض الأوعية الدموية ولأورام الكلى وللانسداد البولى.
كيف تقيّمون واقع البحث العلمى فى مصر حاليًا، خاصة فى المجال الطبي؟
البحث العلمى فى مصر يحتاج إلى المزيد من الدعم، مثل ما يحتاج إليه التعليم، وذلك من خلال زيادة ميزانية البحث العلمى من أجل توفير المزيد من الإمكانات والتقنيات الحديثة، بما يتماشى مع مستوى أفضل الأبحاث العلمية العالمية.
فى نظرك.. ما المطلوب لدعم الأبحاث فى مجال أمراض الكلى والمسالك البولية تحديدًا؟
مطلوب دعم من الهيئات المختلفة والأفراد لدعم العديد من الأبحاث الحديثة فى مجال أمراض الكلى مثل أبحاث الخلايا الجذعية، التى يقوم بها فريق برئاسة أ. د. محمد أحمد غنيم مؤسس المركز.
حدثنا عن أهم الأبحاث والابتكارات التى شاركتم فيها وكانت مقربة إلى قلبك وحققت تأثيرًا ملموسًا على أرض الواقع؟
من الأبحاث التى حققت تأثيرا ملموسا، الأبحاث الخاصة بتقييم نتائج استخدام القسطرة الشريانية فى غلق الأوعية الدموية المصابة نتيجة للحوادث أو بعد تدخلات جراحية معينة، وما حققته من نتائج ممتازة لإيقاف النزيف وللمحافظة على أنسجة الكلى غير المصابة.
كيف ترون دور مركز الكلى بجامعة المنصورة عالميًا، خاصة أنه يُعد من المراكز الرائدة فى الشرق الأوسط؟
يقوم مركز أمراض الكلى والمسالك البولية بدور رائد فى مجالات عدة، منها شقا البحث التعليمى والعلاجى، ويلتحق به من كل دول العالم الأطباء فى التخصصات المختلفة لاكتساب الخبرات والتدريب وعمل الأبحاث المشتركة, كما يلجأ إليه المرضى لتلقى أعلى مستوى من العلاج الدوائى والجراحى.
ما نصيحتكم لشباب الباحثين فى مصر ممن يسعون لتقديم أبحاث جادة فى المجال الطبي؟
أنصحهم باختيار موضوعات للأبحاث تكون حديثة ولم يتم تناولها من قبل؛ لتكون أبحاثًا مقبولة للنشر وذات مردود جيد على المرضى والمجتمع، كما أنصحهم بالصبر والمثابرة؛ لأن النتائج الجيدة هى نتاج جهد مستمر وشاق.
إذًا.. ترى أن هناك فجوة بين البحث العلمى واحتياجات الواقع الطبى.. وكيف يمكن سد هذه الفجوة؟
ما زالت هناك فجوة بين مخرجات البحث العلمى والاحتياجات الواقعية، ولسد هذه الفجوة يجب على كل مستشفى أو معهد أو هيئة يجرى بها أبحاث، أن تقوم بدراسة الاحتياجات الطبية والمجتمعية وتحديد الموضوعات البحثية التى تحقق تلك الاحتياجات، ثم توجيه الباحثين لاختيار أى من تلك الموضوعات فقط، ويتم التنسيق داخل كل جامعة أو هيئة وبين الأماكن المجتمعة فى نفس المجال، وذلك لعمل خريطة بحثية متكاملة تمنع التكرار وتحقق الأبحاث المشتركة.
ما المشاريع أو الأبحاث الذى تعمل عليها حاليًا أو تخطط لها مستقبلًا؟
الأبحاث التى يمكن عملها مستقبلا ستكون تطويرا للأبحاث الحالية، واستكمالا لأى نقاط ناقصة بها، وإضافة لما تحصلنا عليه من نتائج على مدى زمنى أطول، وبمشاركة أعداد أكبر من المرضى.
ماذا تمثل لكم جامعة المنصورة كمؤسسة علمية احتضنت مسيرتكم الطويلة؟
مركز أمراض الكلى والمسالك البولية وجامعة المنصورة يمثلان المكانين اللذين أنتمى إليهما، وعملت فيهما طيلة حياتى العملية والمؤسسة التى احتضنتنى، وعملت من خلالها أبحاثى العلمية التى مكنتنى من الوصول على العديد من الجوائز التى توجت بجائزة النيل.
إنسانيًا.. حدثنا عن أسرتك وكيف تنسق وقتك ما بين الأهل والبحث العلمي؟
زوجتى أ. د. أمانى مصطفى إسماعيل، عملت رئيسة قسم المعامل بمركز أمراض الكلى، وأبنائى أحمد، طبيب أسنان، ومحمد طبيب أشعة، ومصطفى مهندس.. كما أن لدى سبعة أحفاد هم طارق وليلى وعمار وعلى وفريدة وفطيمة وكريم، وأنا أحاول جاهدا تنسيق وقتى بين أسرتى وعملى، وأشكر زوجتى لمساندتى ودعمى وتحملى.
من الأشخاص أو الجهات التى تود شكرهم فى هذه المناسبة؟
أود شكر أستاذى وقدوتى رائد زراعة الكلى فى الشرق الأوسط العالم، الدكتور محمد غنيم، مؤسس المركز، وصاحب الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فى كل ما قمت بتحقيقه.. وأشكر جميع زملائى بقسم الأشعة بمركز الكلى على مساعدتهم المستمرة، وأشكر كل مَن شاركنى أبحاثى وساهم فى إنتاجى العلمى، وأشكر زوجتى وأبنائى.
أتمنى أن تتذكرنى الأجيال الصاعدة من الأطباء والباحثين بالخير، وبما قدمت فى مجالى ما استطعت من جهد لخدمة المرضى ولخدمة الزملاء، وأن يكون لما قمت به من نشر علمى، مردود مفيد لهم؛ وذلك لأنى أرى أن العالم والباحث يظل خالدا حيا بعد مماته، بعلمه وأعماله.