رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. أمانى أبو زيد.. مفوضة البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الإفريقى: التنمية الحقيقية لا تكتمل دون مشاركة المرأة


17-10-2025 | 16:49

.

طباعة
حوار: محمد زيدان

الدكتورة أمانى أبو زيد.. ربما قرأ عنها الكثيرون، لكن المؤكد أنها أبهرت الغالب منهم، والأكثر صدقاً أنها ألهمت ما يزيد على مليار ونصف المليار نسمة، لا سيما أنها ملحمة نسائية، صنعتها قصة نجاح طالبة مصرية ثم تحولت إلى قائدة قارية.

«المصور»، التقت «د. أمانى» التى بدأت مسيرتها من كلية الهندسة بجامعة القاهرة إلى جامعة مانشستر وهارفارد والسوربون، وتمرست بمشروعات الطاقة والبنية التحتية والتحول الرقمي وتمكين المرأة، وانطلقت من قلب العاصمة المصرية إلى مصاف العالمية، نحو قيادة الاتحاد الإفريقى، لتمثل واحدة من أبرز النماذج المصرية والعربية التى نجحت فى الوصول إلى أعلى المناصب الدولية، إذ تشغل - حالياً، منصب مفوضة البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الإفريقى، بعد أن انتخبت مرتين باكتساح من قبل رؤساء دول وحكومات القارة، لترسم مسارا استثنائيا ونموذجا مشرفا للمرأة المصرية السمراء، ورمزاً للقيادة القائمة على العلم والخبرة والرؤية الطموحة.

 

كيف ترغب الدكتورة «أمانى» أن تعرف نفسها للقارئ المصري والعربي؟

أنا إحدى رائدات مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى العالم، وبشكل خاص في إفريقيا، حيث أتشرف بخدمة القارة السمراء والعمل على دفع جهود التنمية والتكامل بين بلدانها، من خلال منصبي، كمفوض للطاقة والبنية التحتية في الاتحاد الإفريقي.

مسيرتك الأكاديمية ثرية ومتنوعة بين الهندسة والإدارة والاقتصاد، من القاهرة إلى مانشستر وهارفارد والسوربون، كيف أثرت هذه الخلفية العلمية الواسعة في رؤيتك لعملك داخل الاتحاد الإفريقى؟

أؤمن دائماً أن العلم هو أساس القيادة الرشيدة، والتنوع في التعليم يفتح آفاقاً مختلفة للفهم واتخاذ القرار، حيث بدأت رحلتي من كلية الهندسة بجامعة القاهرة، قسم الكهرباء، ثم واصلت دراساتي العليا بالحصول على ماجستير إدارة الأعمال في إدارة المشاريع للتنمية الإفريقية من جامعة سنجور، وماجستير الإدارة العامة (MPA) من كلية كينيدي بجامعة هارفارد، ثم دكتوراه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، إلى جانب شهادة في الآداب من جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس، هذا التنوع بين الهندسة والإدارة والاقتصاد والاجتماع منحني قدرة على الربط بين الرؤية الفنية والتخطيط الاستراتيجي، وهي ميزة ضرورية عند التعامل مع ملفات معقدة مثل الطاقة، والبنية التحتية، والتحول الرقمي في قارة بحجم وتنوع إفريقيا.

وكيف تنظرين إلى تجربتك كقيادية في هذه المجالات، وإلى ما حققته المرأة الإفريقية من تقدم في مواقع صنع القرار؟

على مدار مسيرتي المهنية، سعيت أن أجمع بين الخبرة الاستراتيجية والتنفيذية في مختلف مجالات التنمية، خاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا في أنحاء القارة، لأنني أؤمن أن التنمية الحقيقية لا تكتمل دون مشاركة المرأة فيها على كل المستويات.

تم انتخابك مرتين متتاليتين من قبل رؤساء الدول والحكومات الإفريقية كمفوض للطاقة والبنية التحتية والرقمنة.. كيف استقبلت هذا التكليف، وماذا يمثل لك على المستويين الشخصي والمهني؟

انتخابي مرتين لهذا المنصب الرفيع شرف كبير ومسؤولية أكبر، فهو يعكس ثقة قادة القارة في ما تحقق خلال السنوات الماضية من خطوات ملموسة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتحول الرقمي.. بالنسبة لي، هذا الاختيار ليس مجرد تجديد ثقة، بل تجديد التزام بمواصلة العمل من أجل تنمية إفريقيا وتكاملها، وتحقيق طموحات شعوبها في مستقبل أكثر استقرار وازدهار، كل نجاح نحققه هو ثمرة تعاون حقيقي بين الدول الأعضاء، وإيماننا المشترك بأن القارة تمتلك من الكفاءات والموارد ما يجعلها قادرة على صناعة مستقبلها بنفسها.

قبل تولي منصب مفوض الطاقة والبنية التحتية في الاتحاد الإفريقي، شغلت مناصب قيادية مهمة في مؤسسات دولية كبرى.. كيف أسهمت تلك التجارب في تشكيل رؤيتك الحالية للعمل التنموي داخل القارة؟

تشرفت بالعمل في عدد من المنظمات الدولية الكبرى مثل البنك الأفريقي للتنمية (AfDB) والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتركز عملي خلالها على برامج البنية التحتية والطاقة والثروات الطبيعية في إفريقيا، وخلال تلك الفترة، توليت إدارة وتنفيذ أكبر حافظة استثمارية في البنك الإفريقي للتنمية، والتي شملت مشروعات كبرى ومبتكرة، من بينها محطة «نور» لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية المركزة في المغرب، وهي أكبر محطة من نوعها في العالم، هذه التجارب منحتني خبرة عملية عميقة في التخطيط والتنفيذ والتفاوض، وأكدت لي أن النجاح في التنمية لا يأتي فقط من الأفكار، بل من القدرة على تحويلها إلى مشروعات واقعية تحدث أثر ملموس في حياة البشر.

حققت خلال سنوات عملك بالاتحاد، العديد من الإنجازات المهمة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والرقمنة.. ما أبرز هذه الإنجازات التي تفخرين بها خلال مسيرتك كمفوض للطاقة والبنية التحتية والرقمنة؟

من أهم ما تحقق خلال فترة عملي، إطلاق السوق الإفريقية الموحدة للطاقة الكهربائية، وهي خطوة استراتيجية غير مسبوقة تهدف إلى ربط شبكات الكهرباء في القارة بالكامل، بحيث تعتمد بنسبة 70‎‎فى المائة على مصادر الطاقة المتجددة، بما يضمن تحقيق أمن الطاقة واستدامتها، كما أطلقنا الاستراتيجيات القارية للذكاء الاصطناعي، والهيدروجين الأخضر، والوقود الأخضر للطيران، وهي ملفات تمثل مستقبل التنمية في القارة وتضعها في موقع متقدم بمجالات التكنولوجيا النظيفة والتحول الرقمي.. إلى جانب ذلك، أسهمت في إطلاق السوق القارية للنقل الجوي التي تضم حتى الآن 39 دولة إفريقية، وهو مشروع ضخم يعزز التكامل التجاري وحركة الأفراد والبضائع داخل القارة، كما بلورنا البرنامج الإفريقي للبنية التحتية 2021-2030، الذي يشمل مشروعات في قطاعات الطرق والطيران والطاقة والربط الكهربائي والرقمي عالي السرعة، إضافة إلى شبكات الري ومياه الشرب، ليكون خريطة طريق شاملة للتنمية المستدامة في إفريقيا.

ضمن مشروعاتك داخل الاتحاد الإفريقي، كان هناك تركيز واضح على ملفات الطاقة والتحول الرقمي والبنية التحتية.. ما أبرز المبادرات التي أطلقتها في هذه المجالات؟

مبادرة تطوير السوق الإفريقية الموحدة للكهرباء، التي تهدف إلى سد فجوة الكهرباء في القارة والوصول إلى 100‎فى المائة من التغطية الكهربائية بحلول عام 2040، وهي خطوة طموحة نحو تحقيق العدالة في الحصول على الطاقة وتعزيز التنمية الاقتصادية.. كما أطلقت استراتيجية التحول الرقمي لإفريقيا، إلى جانب استراتيجية الذكاء الاصطناعي والهوية الرقمية، وأطر حوكمة البيانات، بهدف تحقيق قفزة نوعية في الاقتصاد الرقمي وتسريع وتيرة التطور التكنولوجي في القارة.. وخلال عملي كمفوضة للطاقة والبنية التحتية، نفذنا العديد من مشروعات البنية التحتية الإقليمية والعابرة للحدود، إلى جانب تبني عدد من المشروعات القارية في مجالات تكنولوجيا المعلومات والتكيف مع التغيرات المناخية، وهي مشاريع تمهد الطريق لبناء قارة أفضل استعداداً للمستقبل وأكثر قدرة على المنافسة عالمياً.

أخيراً.. قدت الموقف الإفريقي المشترك في العديد من المحافل الدولية الخاصة بالطاقة والمناخ، صفي لنا تعاملك مع هذا الدور، وما الذي حرصت على إيصاله باسم القارة في تلك المنتديات العالمية؟

تشرفت بقيادة الموقف الإفريقي المشترك بشأن الطاقة، وهو موقف يعبر عن حق القارة في الوصول العادل والشامل إلى الطاقة، بما يتماشى مع احتياجات التنمية في دولنا، ومع مبدأ الانتقال العادل الذي يوازن بين متطلبات البيئة وضرورات النمو الاقتصادي، كما مثلت القارة في مفاوضات قمم المناخ ومجموعة العشرين والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، وكنت أحرص على أن يكون صوت إفريقيا واضح ومسموع، يعبر عن تطلعات أكثر من مليار ونصف المليار إنسان.. القارة لا تطالب بالاستثناء، بل بالإنصاف، نريد أن نكون جزءا من الحل، وشريكا حقيقيا فى بناء مستقبل عالمىأكثر استدامة وعدالة.

الاكثر قراءة