كيف توصلت لطريقة علاج السرطان بجزيئات الذهب النانوية، وكيف يتم العلاج، وكم يحتاج من الوقت؟
البداية كانت بمرض زوجتى الأمريكية، أم أولادى، بمرض السرطان، فتعذبت من أجلها، وغيرت اتجاهى العلمى تماما، وبدأت فى دراسة جديدة بعد بلوغى سن المعاش، وتوصلت إلى أن جزيئات الذهب النانوية، أى الصغيرة جدا، قادرة على تدمير الخلايا السرطانية فى جسم المريض، حيث يتم حقنها فى الورم السرطاني، أو البؤرة المريضة، ثم يتم تسليط شعاع من الليزر على جزيئات الذهب، فتسخن بالحرارة، وعند ذلك تحترق خلايا السرطان وتموت، هذا بخصوص الأورام الصغيرة، فى الثدى أو الرحم أو الرئة أو الكبد، وغيرها، أما الأورام الكبيرة الحجم، فتحتاج لتدخل جراحى أولا لإزالة الورم الخبيث، وبعد ذلك نقوم بالعلاج بجزيئات الذهب وضوء الليزر الحراري، لتطهير موضع الخلايا السرطانية، والتأكد من عدم انتشارها مرة أخرى.
المسألة كلها تتركز فى كيفية استخدام ضوء الليزر الحراري، لأنه لو كان قويا جدا لحرق كل الأنسجة والخلايا، ولو كان ضعيفا لن يؤدى دوره كعلاج، وبالتالى لابد من استخدامه بمهارة لقتل الخلايا السرطانية، دون قتل بقية الأنسجة، لأننا نريد أن نحتفظ بعلامات الخلايا السرطانية، لأن تلك العلامات مهمة كى يتعرف عليها الجهاز المناعى للجسم، فيحارب الخلايا السرطانية المشابهة فى أى مكان آخر، عبر الأجسام المضادة التى تنتشر بالجسم وعبر الدورة الدموية، أى أن العلاج له هدف أولى وهو التخلص من الخلايا السرطانية، وهدف ثانٍ بتحفيز الجهاز المناعى للجسم على محاربة الخلايا السرطانية بالأجسام المضادة، وبالفعل نجحنا فى التخلص من الخلايا السرطانية فى الثدي، وعالجناها بالليزر الحرارى وحبيبات الذهب، وكلما كان الورم صغيرا عالجناه بتلك الطريقة، فإذا زاد عن عشرة سنتيمترات قمنا باستئصال الورم بالجراحة أولا ثم بالعلاج الحرارى ثانيا، حتى لا يعود مرة أخرى، وقد يحتاج المريض لجلستين أو ثلاث، للتأكد من عدم عودة الخلايا السرطانية أو انتشارها، وكل ذلك يستغرق شهرين على الأكثر. وهى طريقة آمنة وفعالة وليس لها أضرار جانبية.
متى بدأت العلاج فى مصر، وماذا عن الفريق المساعد لك؟
بدأت أولا قبل خمسة عشر عاما بفريق مساعد من المركز القومى للبحوث ضم عدة باحثين بقيادة د. أحمد عبدون، وجربنا العلاج على الفئران والأحصنة، ونجح العلاج مع حصانين، وفشل مع 18 آخرين، فاستعنت بفريق آخر قبل ست سنوات من كلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة بقيادة د. صلاح عبد الكريم، وجربنا العلاج على القطط والكلاب، وجاءت النتائج مبشرة جدا، حيث تابعنا القطط والكلاب التى شفيت من السرطان لست سنوات فلم تمرض ثانية بالسرطان، وهذه نتيجة مبهرة، لأن كل سنة مع الحيوانات تساوى خمس سنوات مع الإنسان، أى أننا أصبحنا كما لو كنا نجحنا مع الإنسان فى الشفاء من السرطان لثلاثين سنة.
هل العلاج مكلف، ومنْ يتحمل تكلفة العلاج؟
العلاج غير مكلف، وفى الحالتين تحملت الدولة التكاليف، وفى حالة الفريق البحثى بقيادة د. صلاح عبد الكريم، كانت أكاديمية البحث العلمى تقدم مبلغ 240 ألف جنيه للفريق كل ستة أشهر لشراء المواد الكيماوية اللازمة للعلاج، وهو مبلغ بسيط، وتواصلنا مع (جمعية مصر الخير) برئاسة الشيخ على جمعة لدعمنا ماليا لاستكمال تجاربنا.
وماذا يتبقى من التجارب؟
يتبقى المرحلة الثالثة وهى علاج السرطان المنتشر، خاصة أنه أول ما يصيب ينتقل للرئة، ثم الكبد، فالطحال، وهذا السرطان المنتشر خطير جدا، ويحتاج لعلاج طويل وحكيم.
وكم باحثا معك فى الفريق؟
معى د. صلاح عبد الكريم أستاذ المناعة بكلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة ورئيس الفريق البحثى المساعد، وستة من الأساتذة المتخصصين، ثم عدد كبير من الشباب من قسمى الجراحة والبيوتكنولوجي، وطريقة العلاج اسمها العلمى (البلزيوم الحراري) .
وكم تحتاج من دعم لإنجاز بقية المهمة؟
نحو ثلاثة ملايين جنيه لشراء الكيماويات، لأن الأسعار تضاعفت أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، ولا نريد نقودا فى أيدينا.
هل حصلت على براءة اختراع بخصوص طريقة العلاج؟
لا، لم نتقدم بها بعد، لكننا نشرنا أبحاثنا فى المجلات العلمية العالمية، بعد ست سنوات من التجارب على خمسين قطة وكلبا، وأصبحت الطريقة معروفة فى العالم كله، لدرجة أن تلميذتى فى أمريكا طبقتها على المرضى.
كيف؟
تلميذتى الأمريكية نيومى هلس، كانت ترسل لى أبحاثها العلمية، وتتابع معى وهى طبيبة متخصصة فى الكيمياء، وهناك سمحوا لها بعلاج المرضى المصابين بالسرطان بنفس طريقة العلاج، خاصة مع أكثر الأمراض شيوعا فى العالم فى السيدات، وهو سرطان الثدي.
فى مصر مبادرة رئاسية من سنوات للكشف المبكر على سرطان الثدى لدى النساء مجانا.. ما رأيك؟
شيء عظيم، لأنه السرطان الأكثر انتشارا فى العالم، وبذلك نحن سبقنا دولا كثيرة متقدمة وغنية.
لماذا لم تبدأ الباحثة الأمريكية تجاربها على الفئران والكلاب والقطط أولا كما فعلت؟
لأنهم فى أمريكا والغرب يحبون الحيوانات، خاصة القطط والكلاب، وممنوع على الباحثين إجراء التجارب على الحيوانات، بعكس الإنسان، مسموح هناك إجراء التجارب على المرضى من البشر بعد كتابة إقرارات شخصية بموافقتهم على ذلك طواعية.
وهل السرطان مرض وراثى أم مكتسب؟
وراثى فى أكثر حالات الإصابة، ومكتسب أحيانا نتيجة البيئة وطريقة ونوعية الحياة من انتشار تلوث وضوضاء، واستخدام أطعمة معينة، وعلى كل حال يولد كل إنسان وبه أنواع متعددة من الخلايا، ومنها الخلايا السرطانية، ولكنها فى غالبية البشر تكون كامنة وغير نشطة، فلا تسبب مرضا، حتى إذا حفزت نشطت وتسببت فى انتشار المرض، وقتل الخلايا السليمة.
كيف يتنبأ الشخص بمرضه؟
إذا شعر بأى تغير فى جسمه أو بورم فى مكان ما، أو كشفت الأشعة عن وجود ورم داخل جسمه، عليه أن يذهب للطبيب المتخصص فورا، لأنه من السهل علاج السرطانات فى أول ظهورها، ولكن تركها لتنتشر فى الجسم أو فى عضو منه، يجعلها تتحكم فى المريض ويصعب علاجها، فالطريقة المثلى للعلاج الكشف المبكر، والتحاليل الدورية.
وكم تبلغ نسبة النجاح فى تطبيق العلاج على القطط والكلاب؟
نسبة عالية جدا، ولدينا قطط شفيت من ست سنوات وتعيش بحالة جيدة، وكلاب شفيت من سبع سنوات وتعيش بحالة جيدة، وعالجنا أكثر من مائة كلب وقط، وفى القطط 80 فى المائة من الأورام خبيثة، وينتشر السرطان أولا فى الرئة ثم الكبد والطحال، وعالجنا الورم المنتشر فى رئة القطط المصابة، ثم نتابع الورم فى الدورة الدموية، ونتمنى العمل على نطاق أوسع وأكبر، بدعم من الدولة.
وهل توجد منافسة عالمية فى تطبيق هذه الطريقة من العلاج؟
نعم، لأنها طريقة معروفة فى العالم كله، وكل يوم يوجد جديد، وكما نشرنا أبحاثنا العلمية، الآخرون ينشرون أبحاثهم، وكما قلت سبقتنا تلميذتى فى أمريكا وجربت العلاج على المرضى الأغنياء من البشر، وبحسب موافقتهم الشخصية، فالقانون هناك يسمح بذلك، ولا يسمح بإجراء التجارب على القطط أو الكلاب.
وهل يرتد المرض فى نفس المكان الذى سبق علاجه؟
لا يرتد.
هل سمعت عن د. لبيب سالم من جامعة طنطا الذى جرب نفس طريقتك فى العلاج، وحصل على جائزة الدولة التقديرية من خمس سنوات؟
نعم سمعت عنه، والطريقة معروفة فى العالم كله، وليست حكرا على أحد، ومن حق أى فريق بحثى أن يجربها.
متى نرى العلاج للمرضى من البشر؟
الأمر يحتاج لتجهيز ملف كامل من الفريق البحثى الذى قام بالتجارب الناجحة فى كلية الطب البيطرى فى جامعة القاهرة، ثم التقدم به لوزارة الصحة لأخذ الموافقة الرسمية على البدء فى علاج المرضى من البشر.
عرفنا بمصطفى السيد العالم، فمنْ هو الإنسان، ورحلته فى مصر قبل سفره لأمريكا؟
أنا من عائلة (عمرو) من (أبو كبير) فى محافظة الشرقية، هاجر والدى إلى (زفتى) فى محافظة الغربية، ليعمل مدرسا للرياضيات فى مدرستها الثانوية، فنشأت فى (زفتى)، ثم مات كل من والدى وأمى وعمرى عشر سنوات، فصعدت إلى سطح بيتنا، ودعوت الله ألا يتركنى وحيدا، وكنت أصغر إخوتي، وكان أخى الأكبر المرحوم (محمد) يعمل وكيل نيابة فى القاهرة، فسافرت إليه، وسكنت فى شارع جزيرة بدران فى أول شبرا، وكان بمثابة أبي، فكان يصطحبنى للسينما، وعرفت منه قراءة الروايات والكتب، وكان كبير الأسرة، وبعد حصولى على الثانوية، رفضت دخول دار العلوم، والتحقت بالمعهد العالى للتربية، وكان مقره بجوار حديقة الأورمان فى الجيزة، وكنت أمشى على قدمى من شارع جزيرة بدران فى شبرا لميدان باب الحديد (رمسيس)، وأركب التروماى الذى يعبر النيل إلى جامعة القاهرة، وحصل أن نظم طلبة المعهد مظاهرات كى تتساوى شهادته مع بكالوريوس كلية العلوم، فجاءنا د. طه حسين وكان وزيرا للمعارف آنذاك فى حكومة مصطفى النحاس باشا، وجلس معنا، وقام بتهدئة الطلبة، واتخذ قرارا بضم جميع المعاهد العليا تحت مظلة جامعة وليدة اسمها (جامعة عين شمس)، واتخذ من قصر ملكى قرب العباسية (قصر الزعفرانة) مقرا لها، وتحول معهد التربية إلى كلية العلوم، ومن العام الثانى أصبحت أذهب للعباسية بالترماوى بدلا من الأورمان، وتخرجت بتفوق وعينت معيدا، وفى مرة من المرات كنت أجلس فى مكتبة الكلية، ووجدت صديقا لى يقدم لى صحيفة (الأهرام) وقرأت إعلانا نشره أستاذ أمريكى يطلب فيه اثنين من الباحثين فى الكيمياء، واثنين فى الفيزياء، واثنين فى الرياضيات، للدراسة فى أمريكا لمدة أربع سنوات، فتقدمت للإعلان، وفزت بمنحة السفر، كان ذلك سنة 1953م تقريبا، وعشت مع صديق أمريكى، فى فلوريدا، ثم بعد تجربة حب دامت ثلاث سنوات، تزوجت من مدرسة صديقة، وكنت حصلت على الدكتوراه وعينت فى جامعة كاليفورنيا، وانشغلت زوجتى بالأولاد، وهم: (ليلى، وطارق، ودرية، وأيفن)، ليلى حاصلة على دكتوراه فى العلوم، وطارق مهندس فى جامعة كاليفورنيا، ودرية فى عالم المال والأعمال، وأيفن طبيب، كلهم فى كاليفورنيا عدا ليلى فى الجنوب، ولى منهم ثمانية أحفاد، حفيدان من كل ولد، بعد ذلك أصيبت زوجتى بالسرطان، وكنت خرجت على المعاش فغيرت اتجاهى العلمي، وتخصصت فى معرفة علاج مرضها، وتخصصت فى النانو تكنولوجي، ورحلت إلى لوس أنجلوس، التحقت بجامعة جورجيا فى أتلانتا، وأصبحت أستاذ كرسي، وعشت مع مرض زوجتى ست سنوات من التحدي، وأحرص أنا وأولادى على زيارة مصر بانتظام كل سنة، وأحن لصوت أم كلثوم وأغانيها مثل كل المصريين، وأتذكر القطار القديم الذى كنت أركبه من زفتى إلى طنطا، وطريقى من أول شبرا لميدان باب الحديد، فمصر تسكن أرواحنا، وبها باحثون شباب متمكنون لا يقلون بحال عن حال الشباب فى أى دولة متقدمة.