لم تكن مصر يومًا حاضرة فى التاريخ فحسب، بل كانت دائمًا صانعة له، فهى التى علّمت الدنيا معنى الحضارة، لم تتوقف يومًا عن إنجاب رموز تُعيد تعريف التفوق فى كل زمن، وتؤكد أن المصرى حين يُمنح الفرصة، يترك بصمته فى أى مكان تطأه قدماه.
من رمال الأقصر إلى مكاتب الأمم المتحدة، ومن ميادين كرة القدم إلى كبرى المستشفيات ومهرجانات السينما، يمدّ المصريون حضورهم الناعم فى وجدان العالم، كأن نيلهم لا يتوقف عن الجريان، ولو ابتعد عن ضفافه آلاف الكيلومترات.
فى كل محطة جديدة، يظهر اسم مصرى فى منصب دولى أو إنجاز عالمى، يتجدد الإحساس بالفخر، كأن هذا الوطن العريق يبعث من بين أبنائه رسائل متتابعة تقول إنّ حضارته لم تكن صفحة فى كتاب الماضى، بل روح لا تزال تنبض فى الحاضر، وتشق طريقها نحو المستقبل بثقة وهدوء.
لا شيء يأتى مصادفة حين يتعلق الأمر بالمصريين؛ فكل نجاح وراءه حكاية صبر طويل.. ها هو الدكتور خالد العنانى، يتبوأ منصب المدير العام لمنظمة «اليونسكو»، كأول مصرى وعربى يصل إلى هذا الموقع الدولى الرفيع، حاملًا معه خبرة سنوات من الدفاع عن التراث الإنسانى والهوية الثقافية لمصر.
وبالتوازى، تسطر الدكتورة ياسمين فؤاد، فصلًا جديدًا من الحضور المصرى المؤثر على الساحة الدولية، بعد اختيارها أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، لتصبح صوتًا عالميًا لقضية بيئية تمس مستقبل الكوكب بأسره. وفى الاتحاد الإفريقى تتألق الدكتورة أمانى أبو زيد، مفوضة البنية والطاقة، لتكون صوراً مصرياً يعبر عن آمال القارة الإفريقية أمام العالم.
لكن مصر لا تطلّ على العالم من نوافذ السياسة والمنظمات الدولية فحسب، فثمة وجوه أخرى تحمل صورتها بطرق مختلفة.. محمد صلاح، ابن نجريج، الذى تحول إلى أيقونة كروية عالمية يطوف العالم رافعًا راية الفراعنة حين يهتف محبوه
«mo salah the egyptian king».
وفى عالم الطب، يظلّ السير مجدى يعقوب عنوانًا خالدًا للتفوق الإنسانى.. جراح القلب المصرى الذى أهدى العالم علمه، ووهب وطنه جزءًا من عمره، حيث أنشأ مؤسسة خيرية باتت منارة للأمل، جنبًا إلى جنب مع العالم مصطفى السيد الذى خطَّ اسمه بأحرف من نور فى سجل العلم الحديث، حين فتح آفاقًا جديدة فى علاج السرطان باستخدام تكنولوجيا النانو.
فى الفن والثقافة، يبرز مينا مسعود، الذى فتح أبواب هوليوود أمام جيل جديد، محتفظًا فى الوقت ذاته بجذوره وهويته.
من كل هؤلاء وغيرهم، تتشكل ملامح صورة مصر العالمية.. بلد لا تقتصر قوته على الجغرافيا، بل تمتد إلى أبنائه الذين يفتحون لأنفسهم طريقًا نحو العالمية دون ضجيج، حاملين معهم فى كل خطوة تاريخًا طويلًا من الإبداع والإصرار.