فى الثانى والعشرين من شهر مايو الماضى، كانت الدولة المصرية والدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة فى ذلك الوقت على موعد مع السعادة، فقد اختارها أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بنفسه لتولى منصب الأمين التنفيذى لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهو المنصب الذى لم يسبقها فيه من قبل أى مصرى أو عربى، لتحفر «فؤاد» اسمها بأحرف من نور فى قائمة الشرف المصرية للشخصيات التى تولت مناصب دولية، وفى مقدمتها الدكتور بطرس بطرس غالى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة خلال الفترة من 1992 - 1996 وتضم كذلك رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور حازم الببلاوى، والدكتور محمود محيى الدين والدكتورة غادة والى، وأخيراً الدكتور خالد العنانى.
لم يأت اختيار سكرتير الأمم المتحدة، للدكتورة ياسمين فؤاد فى هذا المنصب الدولى رفيع المستوى من فراغ، فقد سبقتها سيرتها ومسيرتها الناجحة فى المحافل الدولية فى قضايا البيئة والمناخ والتصحر والتنوع البيولوجي، وفى مقدمة ذلك نجاحها فى إدارة مفاوضات تمويل مواجهة التغيرات المناخية على الصعيد الدولى بقمة المناخ العالمية التى عقدت بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر 2022، ودورها اللافت فى القمة التى تلتها فى إمارة دبى 2023.
عملت الدكتورة ياسمين بوزارة البيئة عقب تخرجها فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب عام 1997، وحصلت على ماجستير العلوم البيئية فى جامعة عين شمس، ثم الدكتوراه فى السياسة الدولية فى جامعة القاهرة، وساهمت فى بداية عملها بالوزارة فى تقديم الدعم الفنى لكل من التعاون الثنائى ومتعدد الأطراف مع الجهات المانحة، وتحليل السياسات البيئية، وبمرور سنين الخدمة، شاركت فى إعداد مقترح المشروعات الوطنية والإقليمية للتمويل من الجهات المانحة بالتركيز على مشروعات البيئة العالمية وهى تغير المناخ والتنوع البيولوجى والتصحر وإدارة الكيماويات والمياه الدولية.
للدكتورة ياسمين خبرات طويلة فى التعاون الدولى وتطوير السياسات البيئية، فقد قضت 7 سنوات فى المنظمات الدولية قبل توليها منصب وزير البيئة فى 18 يونيو 2018، وخلال عملها مع الأمم المتحدة نجحت فى جذب أكثر من 32 مليون دولار من مرفق البيئة العالمية المعنى بتقديم معونات للدول النامية لتنفيذ التزاماتهم الدولية، وكذلك حشد ما يقرب من 350 مليون دولار لمشروعات التصدى لتغير المناخ من خلال عملها كنقطة اتصال لصندوق المناخ الأخضر لمصر، وذلك فى خلال عام ونصف أثناء عملها مع وزير البيئة كمساعد له للتنمية المستدامة والعلاقات الخارجية، وكانت فى ذلك الوقت كبيرة خبراء الدول الإفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية لإعداد الخطط الوطنية لمواجهة التغيرات المناخية.
«د. ياسمين»، مثلت مصر فى العديد من المحافل الدولية مثل مجلس مرفق البيئة العالمية فى واشنطن، والاجتماعات الوزارية لمرفق البيئة العالمى بجنوب إفريقيا، واجتماعات ذات الصلة بمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة بكوت ديفوار، واجتماعات سياسية الجوار فى بروكسل، واجتماعات القدرات الوطنية لتغير المناخ بألمانيا، واجتماعات المجلس الحاكم لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وتنمية القرارات الوطنية للدول الإفريقية فى نيروبى، وفتح مجالات تعاون مع الدول الإفريقية والعربية فى مجال مشروعات البيئة العالمية، كما شاركت كخبير فى مبادرات تنمية القدرات العربية والإفريقية الإقليمية البيئية مثل ممارسة التجارب الناجحة من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائى الإقليمي.
وعلى مستوى المجتمع المدني، عملت كخبير دولى لمناصرة التعاون فى حوض نهر النيل مع المنتدى الدولى لحوض نهر النيل وهى شبكة من منظمات المجتمع المدنى والتى تسهم فى الترويج لمفهوم نيل واحد أسرة واحدة، وقامت بإعداد تقارير إقليمية حول المنافع المحلية المشتركة لمشروعات مبادرة حوض نهر النيل، وتأثير تغير المناخ على المجتمعات المحلية فى دول الحوض، كما شاركت فى اجتماعات الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة بنيويورك وساهمت فى اختيار الشبكة العربية للبيئة والتنمية كأول عضو عربى فى شبكة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وقامت بإعداد مقترح لدعم التنمية المستدامة فى المنطقة العربية من خلال عملها كباحث زائر فى معهد الأرض بجامعة كولومبيا بنيويورك.
نجحت «الدكتورة ياسمين» على مدار ست سنوات، قضتها فى منصبها كوزيرة للبيئة فى تطوير وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لإدارة المخلفات، ولعبت دورا كبيرا فى خروج قانون المخلفات للنور عام 2020، وتعاظم دور جهاز المخلفات وجهاز شؤون البيئة فى القضاء على حرائق قش الأرز التى أضرت بسماء مصر لسنوات طويلة ، فضلا عن دورها الرائد فى إدارة وتدوير المخلفات وجعلها مصدرا للدخل، ومكسبا اقتصاديا للحكومة المصرية، كما قامت بدعم مبادرة «اتحضر للأخضر» خلال الفترة من 2020 - 2023 والمشاركة فى إعداد أول سندات حكومية خضراء فى مصر والشرق الأوسط، وقيادة دمج أبعاد الاستدامة البيئية فى خطط الاستثمار القومية، وعملت على تحسين نوعية هواء القاهرة الكبرى ودعم بناء البنية التحتية لإدارة المخلفات، كما قامت بالمشاركة فى إعداد الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 وخطة مصر لتحديث المساهمات الوطنية 2030.