حدثنا عن رحلتك فى العمل كممثل محترف عالمياً؟ ما أبرز الصعوبات التى واجهتها، وكيف تجاوزتها؟
الرحلة لم تكن سهلة، لكنها ممتعة ومليئة بالدروس، وعندما بدأت فى كندا، واجهت مرحلة «الوافد الجديد» حيث لا أحد يعرفك، وعلى الفنان أن يثبت نفسه ويبدأ من الصفر، كما أنّ التمثيل فى هوليوود يتطلب ليس فقط موهبة، بل قدرة على الصبر والتحمّل، تحمل الرفض المتكرر، وبالرغم أننى فى الأول اضطررت أن أقبل أدوارًا صغيرة أحيانًا لم تكن تلائم طموحي، لكننى كنت أعتبر كل تجربة فرصة للتعلّم والنمو، وفى أكثر من مقابلة، ذكرتُ أن النجاح لم يأتِ بسهولة بفعل لقب كبير أو فيلم ضخم، بل بعد سنوات من العمل المتواصل والثبات.
كيف ترى علاقتك بوطنك باعتبارك فنانًا عالميًا من أصول مصرية؟ وما أثر هذا الانتماء على مسيرتك؟
مصر كانت دائمًا جزءًا مركزيًا من هويتي، حيث ولدت فى القاهرة، ورغم أننى انتقلت مع عائلتى إلى كندا فى سن صغيرة، فإن تربيتى فى بيت يحمل الهوية المصرية أثّرت فى وجدانى كثيرًا، وفى مقابلاتى دائما أتحدث عن أننى «مصرى – كندي» بمعنى أننى أنتمى إلى كلا الثقافتين، وعندما أزور مصر، أشعر بأننى أعود إلى البيت، وزيارتى للآثار المصرية كانت دائمًا فرصة للاحتفاء بالتراث، وزيارتى للأهرامات أحدثت لدى فخرًا كبيرًا بانتمائى لوطني، وأيضًا عودتى للمشاركة فى أعمال مصرية تمثل حلماً يراودني، لأنّنى أرى أننى قادر أن أجمع بين الخبرة العالمية والإنتاج المحلي، لأقدم محتوى يمكن أن يُمثل مصر على الساحة العالمية.
دعنا نتحدّث عن الدكتور خالد العناني.. ما رأيك فى جهوده بمجال الآثار والتراث؟
أرى أن الدكتور «العنانى» قدّم إسهامات ملحوظة فى تسليط الضوء على التراث المصرى وتطوير المتاحف والمواقع الأثرية، وخلال زيارتى للأهرامات، كان الدكتور «العنانى» حاضرًا فى اللقاءات الرسمية، ورافقنى فى الشرح لبعض التفاصيل الأثرية، وقد بدا لى شخصا شغوفاً بمعرفته بتراث مصر، وجاء انتخابه مديراً عاماً لليونسكو مؤخرًا هو تأكيد على احترام العالم لخبراته فى مصر، يعتبر اعترافًا عالميًا بمكانة مصر الثقافية، فمثل هذه النماذج تُلهمنا كفنانين لنفكر فى الفن كامتداد للهوية وليس كإنجاز فردى، وأنا كفنان مهتم بالتراث، أقدّر أن يكون هناك تواصل فعلى بين الفن والمواقع الأثرية، وأن تُسخّر السياسة الثقافية لدعم الإنتاج الفنى الذى يُبرز الوجه الحضارى لمصر.
انطلقت إلى الشهرة من بوابة فيلم «علاء الدين» أمام النجم ويل سميث، ثم انفتحت لك أبواب هوليوود.. كيف تصف تلك اللحظة وما بعدها؟
كانت لحظة مهمة جدًا، لكنها لم تكن لحظة «الوصول» بل بداية مرحلة جديدة من التحدي، ففيلم «علاء الدين» كان تجربة من التجارب الفريدة من حيث الإنتاج الضخم والمسئولية التى ألقتها على عاتقي، وكنت أدرك أننى أحمل تمثيلًا مزدوجًا عن نفسى كممثل يسعى لإثبات موهبته، وعن ثقافة كاملة تمتد جذورها إلى الشرق الأوسط، وبعد النجاح العالمى للفيلم، فوجئت بأن الطريق لم يصبح أسهل كما يتخيل البعض، لأنه بعد «علاء الدين» لم تصلنى عروض كثيرة، ومرّت أشهر دون أى تجارب أداء، وهذا يعكس واقعًا قاسيًا فى هوليوود، حيث لا تزال فرص التنوع محدودة، والاحتراف بالنسبة لى ليس فقط فى الشهرة أو الأجر، بل فى الثبات على قيم العمل والإصرار رغم الصمت أو الرفض.
عدت مؤخرًا لتصوير فيلم مصرى هو «فى عز الضهر».. كيف كانت تجربتك؟
كانت عودة تحمل شجنًا وفرحًا فى آنٍ واحد، لأن العمل فى مصر كان حلمًا مؤجلًا، لأننى أردت أن أعود من موقع يُضيف شيئًا لا يكرره الآخرون، ووجدت فى السينما المصرية طاقات هائلة ومواهب تستحق الدعم، كما أننى أرى أن الوقوف أمام الكاميرا فى وطنى كان تجربة استثنائية، ولم أشعر أننى غريب، بالعكس شعرت أننى فى مكانى الطبيعى، وأؤمن أن السينما المصرية تملك ما يجعلها تنافس عالميًا، إذا استثمرت فى جودة النصوص والإنتاج والتسويق.
وأخيراً، من وجهة نظرك ما الدور الذى يمكن أن يلعبه الفن فى بناء الحوار بين الشرق والغرب؟
الفن هو اللغة الوحيدة التى لا تحتاج ترجمة، بل عندما يشاهد الغرب فيلمًا عربيًا جيدًا، أو أغنية تعبّر عن مشاعر صادقة، فإن الجدار بين الثقافات يذوب، وعلينا أن ننتج فنًا لا يدافع عن هويتنا، بل يقدّمها بثقة، وأؤمن أن الجمهور العالمى لا يرفضنا، بل ينتظر أن نقدم له شيئًا حقيقيًا، وأريد أن أشير إلى أننا عندما نقدّم عملاً دراميًا أو فيلمًا يروى قصة فرعونية أو تاريخية بأسلوب عصري، فإننا نعيد تعريف التاريخ للأجيال الجديدة، وأخيراً أتمنى أن أرى مزيدًا من التعاون بين وزارة الثقافة وصنّاع السينما لتقديم أعمال تاريخية مصرية بمواصفات عالمية.