رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

جان فيليب رامو.. رائد الهارموني ومجدد الأوبرا الفرنسية في عصر الباروك

25-9-2025 | 09:23

جان فيليب رامو

طباعة
دعاء برعي

شكلت تجربة المؤلف الموسيقي الفرنسي جان فيليب رامو تحولًا كبيرًا وتطويرًا في الموسيقى الغربية الكلاسيكية، وترك رامو الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الخميس، 25 سبتمبر، إرثًا فنيًا  ضخمًا أسهم بصورة كبيرة في وضع أسس علمية للهارموني، إذ مثّل صلة وصل بين عصر الباروك والكلاسيكية، ما جعله أحد أهم أعلام الموسيقى الأوروبية على الإطلاق. ورغم مرور أكثر من قرنين ونصف على رحيله لا تزال ألحانه خالدة عابرة للأزمنة.. والسطور التالية تحمل تعريفًا ثقافيًا وافيًا برامو أحد أعظم مؤلفي موسيقى الباروكية، وأبرز أعمدة فن الأوبرا الفرنسية في القرن الثامن عشر..

ميلاده وطفولته

وُلد رامو بمدينة ديجون الفرنسية في 25 سبتمبر 1683 لأسرة موسيقية؛ وكان والده عازف أورجن في كنيسة المدينة، ما هيأ له بيئة خصبة لصقل موهبته منذ الصغر. فارتبط منذ نعومة أظافره بالموسيقى ارتباطًا وثيقًا، حيث أرسله والداه إلى مدرسة اليسوعيين، وتلقى تعليمًا كلاسيكيًا، فكان شغوفًا بالنوتات والألحان من دروس النحو والرياضيات، وعندما بلغ الثامنة عشرة، سافر إلى مدينة ميلانو الإيطالية، وهناك تأثر بالموسيقى الإيطالية التي كانت في أوج ازدهارها، ما انعكس لاحقًا في أسلوبه التأليفي الذي جمع بين العمق الفرنسي والحيوية الإيطالية.

بدأ رامو حياته العملية كعازف أورجن في عدد من الكنائس بعد عودته إلى فرنسا، متنقلاً بين مدن مختلفة مثل أفينيون وكليرمون فيران، قبل أن يستقر في باريس عام 1722، وهو العام الذي مثّل نقطة تحول في مسيرته، حيث نشر كتابه الأشهر "الأطروحة في الهارموني"، الذي وضع فيه نظرياته حول التآلفات الموسيقية، وأحدث هذا العمل ثورة فكرية في عالم الموسيقى، إذ أسّس لعلم الهارموني الحديث، وغيّر طريقة فهم المؤلفين لكيفية بناء الجمل الموسيقية وتنظيم الأصوات.

نال الكتاب شهرة واسعة وجعل من رامو مرجعًا لا غنى عنه للمؤلفين وعازفي الأوركسترا، وفتح أمامه أبواب قصر فرساي، حيث بدأ يقترب من الدوائر الأرستقراطية في باريس.

انطلاقة مسرحية ضخمة

لم يظهر نبوغ رامو مؤلفًا للأوبرات إلا في سن متأخرة، ففي 1733، قدّم أول أوبرا له بعنوان "هيبوليت وأريسي" على مسرح الأكاديمية الملكية للموسيقى في باريس. وشكّلت هذه الأوبرا صدمة للجمهور الباريسي، إذ كسرت القوالب التقليدية التي رسّخها المؤلف الشهير جان باتيست لولي، وفتحت الباب أمام مدرسة جديدة أكثر جرأة في اللحن والهارموني.

وتوالت بعد ذلك أعمال رامو المسرحية، مثل "كاستور وبولوكس" و"الأميرة الهندية"، و"زورو أوزيس و زورو أوزوريس" والتي رسّخت مكانته كأحد أعمدة فن الأوبرا الفرنسية.

لكن جرأة رامو الفنية لم تمر مرور الكرام دون معارضة، فاندلع جدل واسع بين أنصار لولي المحافظين ومؤيدي رامو المجددين، فيما عُرف ذلك بتاريخ "حرب البوفيون"، فكان أنصار رامو يرون فيه ثورة فنية قادرة على تجديد الموسيقى الفرنسية، بينما اتهمه خصومه بالإفراط في التعقيد ومخالفة التقاليد، ورغم هذه المعارك الفكرية، واصل رامو إبداعه بثبات، محققًا نجاحات متتالية على المسارح الملكية.

أهم أعماله الخالدة

كان رامو عالِمًا موسيقيًا عظيمًا كتب عدة مؤلفات نظرية بعد أطروحته الأولى، منها "التنقيحات الموسيقية" التي عمّقت فهمه للعلاقة بين الصوت والطبيعة.
وقدم خلال مسيرته عشرات القطع للآلات المنفردة، ولا سيما الهاربسيكورد، حيث تُعد مجموعاته مثل "قطع الهاربسيكورد" من روائع الريبرتوار الكلاسيكي.

سنواته الأخيرة وفاته

تمتع رامو بمكانة رفيعة في البلاط الملكي، في العقد الأخير من حياته، حيث عُيّن مؤلف البلاط الرسمي للملك لويس الخامس عشر، وعلى الرغم من تقدمه في السن، ظل نشطًا في التأليف حتى وفاته في 12 سبتمبر 1764 عن عمر ناهز 80 عامًا، ليترك خلفه إرثًا موسيقيًا خالداً، تعرض أعماله في كبرى المسارح العالمية، بينما يدرَّس كتابه النظري في معاهد الموسيقى كمرجع أساسي لفهم علم التآلفات.

 

 

أخبار الساعة