نحن الممدون فى المجهول نحوها.. دون زمن يمهلنا فهما وامتلاك معنى أو راحة فى الاختيار.. بالأمل نرجو فتح أبواب موصدة.. بقرع طال دون كف عن سؤال بليْت تكون؟!.. نصوغ من الدهشة ما يعجز هروب أمل أو مراوغة بطول انتظار!.. فى صيد ومكر واحتيال لا يعرف الركود أو الركون فى طلب حاجة.. نؤول ونفسر ولا نخشى مغالبة أو مقاومة أو إعراضا.. عشم فى الغياب ما يحمل طيبَ فجأة.. فنحن منْ كنا على الطاعة أو التائبين من ذنب أو حتى العاصين الراجين مسامحة.. بخوف وشجاعة الحياة نلاقيها.. بنص واستعراص مغر يخطف الأبصار.. ننتظر وننتظر ذلك الدور بشغف يستوطن أرواحنا مهما شاخت ملامحنا.
حقيقة وحيدة بعبثية الجهد سرنا.. نجهل المنافع والمكاسب.. بمنطق الأعذار ما يسمح للأشياء والأحوال بالمرور داخل عقولنا وقلوبنا.. بالبحث عن أسباب مريحة مهيأة لتقبل الخطأ.. فنقبل الحيرة والشك حتى ولو صرنا العمى أو المجانين!. نأسف ونتأسف وقد نقتل أنفسنا لنرضى أهواءنا دون علم أو إدراك لما نسعى إليه.. ربما دفعتنا عفوية الرغبة وما يصاحبها من رغبات الشهوة والتملك وحصد الغنائم!.. فى أشياء لا يراها سوانا.. ذلك الذى غاب أم ذلك الذى نتمنى؟!.. يداعبنا ونذهب إليه تهيؤا وهمسا أو حتى تلصصا.. نحتاج إليه كى نحيا أو هكذا علقنا عليه آمالنا.. ربما لأننا لم نجد ما يحل محله؟!.. أو لأننا العاجزون المعاندون؟!.. حقيقة أم خيالا لكنها الأصدق لإقناعنا.. منطقية أو غير منطقية فوجودها داخلنا يكفى.. منتظرين آملين مؤمنين بأنها الحقيقة ولا حقيقة سواها.. أو ربما استحضر الغياب المستحيل من الأشياء!.. أشياء نصر ألا نتركها حتى وإن كانت خلفنا.. نضعها أمامنا نصب أعيننا.. فكرة أم ذكرى لا يهم؟!.. فهى تلك التى ترتكز عليها أنفسنا وبدونها نفقد توازننا.. حية حتى ولو كانت جمادا.. تغوينا وتدفعنا دون هدوء لنمضى.. لنبتسم.. فهى تلك التى تعلمنا معها الصبر.. أو مجهولات نؤمن أننا معها سنكون الأفضل!.. نتحمل الكلفة والوقت ولا نقبل الخسارة أو التضحية بها.. غايات نتعذب بالاشتياق إليها.. همٌّ لا ينتهى.. مفقودات نشعر بها مهما أحاطت بنا الضوضاء؟!.
نحمل الخوف والوهم فى الوصول للحقيقة.. من تأويل لا يفهم أو يفهم لنصدق أنه الحقيقى.. مرئية نتجاهلها أو غير مرئية نحاول التقاطها.. ترى وتختفى!.. تملأ الفراغ وتجعله فراغا.. تكتب.. تقرأ.. تعقد.. تفاصيل وخلفها تفاصيل أو من الغموض ما يجهدنا.. أو خلفها أخرى تتقاطع أو تتصارع وتتشابك.. أوهام.. ملاحظات.. أفكار.. تعويذات.. نسمعها.. نعيشها كل لحظة.. كل حركة داخلنا وخارجنا.. نهرول.. نضحك.. نرتجف.. نتململ.. نتصل ونبتعد فى لوحة الأشياء المتحركة والساكنة والصامتة والصانعة للضجيج!.
أمامنا وخلفنا فى اختبارات لصالحنا أو ضدنا.. كل شىء قد يكون مفتاحا لشىء رغم أننا الباحثين عن المفتاح المفقود!.. شفرات سرية لعالم نحاول كشفه وفك لغزه.. مهمومون لدرجة الجنون.. باحثون عن حقائق ترضينا بأوهام تحمينا من غياب الحقائق.. وتجبرنا تجاربنا على تعلم الفهم فى المرات القادمة لكننا من الغباء ألا نتعلم!.. نحمل عقولا مقفولة تطلب الراحة رغم رفضها للعبرة!.. نهرب بتصرفات فى اختيارات توحى بالنظر والتدقيق.. نطلب الاستدامة والاستكثار إذا ما صادفت هوانا.. وتململا وضجرا إذا ما كانت غير ذلك.
فى تحايل وتسلل نُعاود الكرَّة للحصول على أشياء نبغاها دون سعى للاكتشاف والاستكشاف فى العلة والسبب!.. بل قد نندفع وراء أشياء لا وجود لها.. دليل فشل أو استسهال أو ربما حيلة للهروب.. فالنتيجة دائما عكس الحقيقة!.. بل قد تكون عدما!.. معلقة داخل أدمغتنا رغم أنها مرهقة متعبة لكنها تبعث بالراحة.. تجعلنا لا نهتم ونتوهم ونخلق من العدم حاجات وأشياء نصير معها مؤمنين بقدرة الوجود فى الإيجاد والمحو.. وقد نرفض النسيان وتتوهج الذكرى ونزداد تمردا.. سواء كان بحثا أو وهما أو حلا واقعيا أو دون ذلك فهى إرضاء لأصوات تنادينا لنصنع عوالمنا رغم عجز الواقع بالجديد أو التمنى دون خيار!.. نخلق أحوالا ونخفى عن العيون ما نحمل من أشياء.. ندارى عشقا وجنونا لحاجات مستعصية.. تناوشنا لتبعث فينا شعورا وأضواء لخيال حتى ولو غالط الحقيقة!.. بل قد يكون هو الحقيقة المثلى!.. نطير نحوها رغم شحها فى استقبالنا الحانى.. نصعد ونهبط فى مهب ريحها.. برجاء فى اللقاء واللقيا.. بالألم نحلم ومن الألم نهرب.. قد تكون أسرارا وقد تكون عِلّاة.. تعلن عن رحيل وأخرى تعلن عن مقدم.. تعشق وتكره.. حائرون نحلم بالمكنون أن يصادف المرام ربما صار المألوف واقعا.
نتعلق بالمستحيل ولا نحرق أذيال الخيال المارقة.. ولا نرحل.. فلا أحد بيده أن يرحل دون إذن بالرحيل.. تائهون فى مسافات الأشياء.. باحثون عن مقدم أو زوال بفرح وعرس.. قد تستقر بنا أو تهوى بنا إلى السحيق.. انكسار ونصر يشعل الهزيمة والأمل.. نتناثر فى عبور ومكوث فى وحشية وآدمية.. فى شوق وحنين فى صنوف تأخذنا وربما فى توغل علَّنا نصل!.. نكافح رياح وعواصف متلصصين متتبعين أهمسة ونداءات.. نعرفها ونتعارف عليها تتراكم فى علامات الوجود.. نفهم ونكتب مرافقة للخيال حيث نتمنى ونحلم.
أحلام وأفكار جمعتنا ليتها على الهدف تكون دون صفع بالصفح يحلو الوجود.. نصنع السلام بأنف أشياء السلام.. نهرب من منزلق.. من أشياء معادية بين الوصول واللاوصول.. جدل ولامبالاة.. تائهون فى الفكر والحلم والرغبة والشهوة.. يدفعنا الخوف لبحث وهرولة لوحدة أو زيف.. حاجات واحتياجات ربما تمسكنا بحوافها.. فى مسيرة كل مؤقت ننال وينال منا.. يختبر قوانا وراحة البال فى ركوض وتقافز وانتظار.. نحيا الأشياء ونفقدها ونهفو فى معاناة وصفقات فى بحثنا عن أشياء.. يخيل إلينا أن وجودها يمنحنا سلامة الطريق والحركة فى الاتجاه الصحيح.
نتعلق وننصهر فى تنافس وصراع فى معانٍ لعبودية الأشياء طمعا ولهفة.. ولا ندرك سوى المتاح من زمن يبتلع كل شىء دون سابق إنذار فى سلطان وسطوة.. نبحث عن السهل فى شقاء النهم دون البلوغ!.. مرهونين بقرع الأبواب والسير دون معرفة إلى أين؟!.. محاربون للعيش ولو بفوضوية الأشياء!.. تخدعنا الدنيا إن وصلنا وامتلكنا وما نلبث أن تسلبنا إياها مهما كانت صغيرة أو كبيرة.. فدوام الحال من المحال.
تتشكل الروح والوجدان بوعى أو بتتويج فى مفارقات وتناقضات ولا نعفى أنفسنا من جهالة البحث فى الدفع والتحرك.. سلوكيات مضطربة.. دوافع ونزاعات من أجلها نخوض المعارك.. ولا تشفع مراوغة أو الأعيب مع أمر الأيام فى أشياء تمنح وأخرى تمنع.. فلا عبث مع الأيام مهما امتلكنا من مكر ومراوغة.. حمقا نظن أننا بإمكاننا استدراكها ولو حتى بالانتظار والتعلق!.. بعزاء ودون عزاء يحرق صبرنا ولا نبلغ الوصول!.. كل الطرق مفتوحة لنفس الأشياء ونحن من نقفز لطريق بعيد رغم تعب الطريق.. ربما لأننا لم نتخيل فكرة التغيير والزوال.. تثقلنا الأحلام والهموم.. تتشابك وتتعقد حتى صرنا لا نفرق بين الواقع والخيال فى لهث وفرار لنحتفظ بالحياة.
رغم الآمال المفقودة نتمسك بالواقع حتى السىء منه.. ونحيا الجديد الرغد فى خيالاتنا.. نتمناه بين غفوة وصحوة دون مجهود أو تحمل عبء الفجأة والصدمة حتى ولو كانت ضد صالحنا.. جُبلنا على التمنى مهما أخذنا الشوق لتغيير محمود ولو فى لحظة واحدة.. فهو الأسهل من المغامرة والصراع.. نهاب كل محسوس رغم خوفنا من المجهول.. فمتى يتجسد أمام حواسنا يكون مرعبا لا نقدر على مواجهته؟!.. مرهقا نخشى كلفته.
نتمسك بأشياء رغم معاناتنا ولكن الخوف من الخسارة يجعلنا نحيا عكس ما نعتقد أو نعتقد عكس ما نختار!.. ننجرف بعيدا أو بإزاء حقائق تضىء وتخفت فتضرب علينا الحيرة!.. ضباب واستقرار وعتمة وفراق.. حضور وغياب.. صرخات تسول ورداءات ندم.. فى حكايات تلون وتعرٍّ.. عجائب وحزن وخوف وختام لا نتشبث بشىء ولا نخاف من شىء.. ولا نريد أن نعرف ولا أحد امتلك عين الحقيقة!