رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. منن عبدالمقصود: «ذكاء المصريين» يهزم «مخططات الخداع»


24-10-2025 | 12:38

.

طباعة
حوار: إيمان النجار

وسط ضجيج السوشيال ميديا وتدفق المعلومات من كل اتجاه، حيث تختلط الحقائق بالشائعات، وتغيب الثقة أحيانًا لدى المواطن، تؤكد الدكتورة منن عبد المقصود، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، أن هذه المعركة لم تعد تدور خلف الكواليس، بل أصبحت «لعبًا على المكشوف»، تخوضها الشعوب يوميًا عبر الشاشات والهواتف، مشددة على أن الإعلام الوطنى هو السلاح الأهم فى تلك المواجهة، شرط أن يلتزم بالمصداقية ويبتعد عن القوالب التقليدية التى فقدت تأثيرها على الجمهور.

وترى الأمين العام الأسبق للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان أن المواطن المصرى يمتلك ذكاء فطريًا يجعله قادرًا على التمييز بين الصدق والخداع، وأنه يظهر معدنه الحقيقى فى لحظات الخطر، فيتحول من متفرج إلى جندى شرس، مدفوع بإحساس عميق بالانتماء والمسؤولية.

 

بداية ما رؤيتك لدور المواطن فى «معركة الوعى»؟ وكذلك دور الدولة خاصة مع تأكيدات القيادة السياسية بشكل متكرر على وعى المواطنين؟

معركة الوعى أصبحت لعبًا على المكشوف إذا جاز التعبير، فالمعلومات متاحة للجميع فى أى وقت وأى مكان ومن مصادر متعددة. ولكن لابد من اهتمام القارئ أو المشاهد بالحصول على المعلومة من مصدر موثوق به، مصدر ليس لديه مصالح معارضة للأمن والسلامة الوطنية.. وهنا تكمن الصعوبة، فالاختيار يحتاج لخبرة وتدقيق، ويجوز الرجوع للتاريخ القريب لمعرفة المصادر ذات المصداقية من غيرها، كما يمكن التشاور مع المقربين الموثوق بهم. ولا نغفل واجب الدولة فى الاهتمام بالإعلام الوطنى ليواكب التطور العالمى والتقنيات المتقدمة فى نقل الخبر، كما ينبغى عليه الالتزام بالشفافية والمصداقية ليصل إلى ثقة المواطن دون التمسك بالكليشيهات التقليدية التى سئمها الجمهور وأصبحت مؤشرًا للسذاجة وعدم الصراحة.

ومما يساعد المواطنين على زيادة شعورهم وشعور أبنائهم بالانتماء الاهتمام بتوضيح مسألة الحقوق والواجبات من الدولة تجاه الأفراد، ومن الأفراد تجاه الدولة، ولا سيما شعور الفرد بحقه فى العدل والمساواة وعدم الجور على حقوق الأقليات. ومن الأمور المهمة التى يجب أن نلقى عليها الضوء شعور المواطن بسيادة القانون وأن جميع المواطنين أمام القانون سواسية أيا كانت مستوياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها من المعايير.

وإذا ركزنا على فئة الشباب بصفة خاصة هل الوضع مختلف؟

التعامل مع الشباب أصعب بكثير، حيث إنهم يفتقدون الكثير من معانى الانتماء والوطنية بسبب نشأتهم فى ظل العولمة والانفتاح المعلوماتى غير المحدود. فالمسئولية كبيرة على الأسرة لغرس مبادئ الانتماء لدى الأجيال الجديدة، ومن ثَمَّ مخاطبة عقولهم بما يناسبها من تطور وحداثة من خلال وسائل التواصل التى يستقون منها معلوماتهم.. ولا شك أن المهمة ليست سهلة.

نريد توضيحا وتفسيرا لسيكولوجية المواطن المصرى خلال الأزمات التى يتعرض لها الوطن.. وكيف يتحول وقت الخطر إلى جندى شرس للحفاظ على الوطن مهما كان عمله أو الفئة الاجتماعية أو ظروفه الاقتصادية؟

بالفعل الإنسان فى العموم والمواطن المصرى على الخصوص يظهر حماسه وقت الأزمات، فوجود الأزمة يوجه قواه إلى ما يلزم من جهد وعزم لصد العدوان.. كما أن الأزمات تزيل الرؤية الضبابية للأمور مما يظهرها على حقيقتها ويتطلب المواقف الصريحة الحاسمة ولا يسمح بالحيادية ولا المماطلة. ويذكرنا بذلك الدعاء المأثور «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه». فالأزمات الطارئة تفرز مادة الأدرينالين التى توجه الشخص لرد فعل سريع إما الهجوم أو الفرار.

وماذا عن التحديات الاقتصادية والضغوط؟

التحديات الاقتصادية ليست جديدة على المصريين فقد مروا بمثيلاتها على مر العصور، ولكن التطلعات زادت وفاقت التوقعات الاعتيادية بسبب الرغبة فى التقليد واطلاع الجميع على احتياجات الجميع من خلال السوشيال ميديا وبعض الشخصيات المشهورة التى تقدم أمثلة غير مدروسة للبذخ والتبذير والمبالغة فى المظاهر البراقة التى وإن دلت فإنها تدل على مركبات نقص وعدم نضج فى الشخصية وانعدام الوعى بالدور الحقيقى لشخصيات مثلها كقدوة للمجتمع ولا سيما الشباب.

وما تأثير مثل هذه التحديات على نفسية المواطنين؟

من المستحيل أن يكون تأثير التحديات واحدًا على جميع المواطنين، فالأمر يختلف حسب الشخصية ودرجة الثقافة ومقدار الانتماء والمعايير الأخلاقية وغيرها من العوامل، لكن يمكننا أن نؤكد أن مثل هذه التحديات القومية تؤثر فى الإنسان وتضعه أمام نفسه وقد تدعوه للتغيير من موقف المتفرج لموقف الشخص الإيجابي، وهذه أفضل الافتراضات.

وللأسف فإن بعض الشخصيات غير السوية قد تستغل مثل هذه التحديات لإشعال الفتن وبث الروح السلبية والاستسلامية. ولذلك نعود ونؤكد على أهمية الإعلام الوطنى ودوره المهم فى احترام عقلية الجمهور والالتزام بالصراحة والشفافية وعدم المواراة خلف كليشيهات ساذجة عفا عليها الزمن، ولا تلبث إلا أن تكون مادة خصبة للدعابة والسخرية وما يسمى بالـ»ميمز» على السوشيال ميديا.

«السوشيال ميديا» تلعب دورا مهما فى تغييب الوعى ونشر الشائعات بين المصريين.. كيف يجب التعامل فى مثل هذه الأوقات؟

نظل نراهن على ذكاء المواطن المصرى ومهارته فى التمييز بين الصدق والخداع، ولكن بصراحة يجب ألا نغفل الأهواء الشخصية والعواطف التى قد تجعله أميل لتصديق ما يريد تصديقه، حيث نجد من تحركه الأهواء، ومن تحركه الظروف الصعبة، ومن تحركه تجربة سابقة.. ولذلك فالفروق الفردية تلعب دورا رئيسيا فى توجيه الأفراد نحو الانتماء والوطنية. ومؤخرا نرى اتجاهات إيجابية فى سبيل تحسين الخدمات ورفع المعاناة عن المواطنين، وهى خطوة مهمة فى الاتجاه الصحيح.

نريد رسم خريطة لكيفية النهوض بهذا الملف؟

الخريطة يرسمها الجميع فهى عمل جماعى يشبه مهارات حل المشكلات عن طريق تقريب وجهات النظر وإزالة سوء التفاهم وبالتالى محو الذكريات السيئة التى نتجت عن سوء الفهم.

فمن ناحية زيادة جودة حياة المواطن تؤدى به إلى نظرة أوضح وأكثر وعيا لما يحدث حوله من مواءمات وخطط، كما يرى ما يتم حوله من تطوير واهتمام به وبمستقبله ومراعاة لظروفه وظروف أسرته.

ومن جانب الدولة فالبدء بتوفير الاحتياجات الأساسية لجميع شرائح المجتمع من الأهمية بمكان، وهو كفيل بدفع المواطن تجاه الانتماء لأمته وعودته لقيم الوطنية والقومية.. بالإضافة لما ذكرناه من ضرورة الالتزام بالمهنية والاحترافية فيما يتم بثه ونشره فى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، «إِنَّ اللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى یُغَیِّرُوامَا بِأَنفُسِهِم».

 
 
 
 

الاكثر قراءة