رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

استقبال حافل وافتتاح سبع كنائس.. «البابا» فى أسيوط.. زيارة لـ«التاريخ»


19-10-2025 | 14:09

.

طباعة
تقرير: سارة حامد

حملت زيارة البابا تواضروس إلى محافظة أسيوط، طابعاً قومياً دينياً، ظل أثرها عالقا فى نفوس المواطنين، بل كانت الجولة التفقدية ذات معنى تاريخى لشموليتها وطول مدتها وكثافة الأنشطة فيها، وهو ما يؤكد على العمل الرعوى والتنموى للكنيسة.

البابا تواضروس استغرق فى جولته ما يقارب أسبوعا كاملا، جاب خلالها 7 إيبارشيات داخل المحافظة سيراً على الأقدام، حاز خلالها على تهليل المسلمين مع الأقباط لمجيئه، وتسابقوا على حضور فعاليات ومؤتمرات أقيمت على شرف حضوره، ليؤكد «البابا» أن مصر دولة الأمن والأمان، وبلد الهلال مع الصليب. 

 

كريم كمال الباحث القبطى، وصف زيارة البابا تواضروس، لقلب الصعيد، بأنها تجسد علاقة الراعى بالرعية لمطرانيات محافظة أسيوط، مضيفاً أنها من أنجح جولات قداسة البابا منذ أن جلس على السدة المرقسية لعدد من الأسباب، أهمها عدم دخول الشعب إلى الكنائس وأماكن الاحتفالات بدعوات كما كان يحدث من قبل، بل تم فتح الكنائس بلا تفرقة، من خلال الدخول ببطاقة الرقم القومى فقط، ويرجع الفضل فى ذلك إلى نيافة الأنبا يؤانس أسقف أسيوط وسكرتير المجمع المقدس، الذى نسق الزيارة، وأراد أن يكون الراعى قريبا من الرعية بلا حواجز ودون اختيار الحاضرين، وبالطبع الفضل يرجع فى ذلك أيضاً إلى وزارة الداخلية ورجالها الأبطال، الذين كانوا عاملا أساسيا فى نجاح الزيارة، من خلال منظومة أمنية ناجحة، بعثت رسالة إلى العالم أجمع، أن مصر يعنى الاستقرار والأمان.

وحول استقبال البابا فى بعض الأماكن بالمزمار البلدى، علق «كمال» قائلا: «إن هذه عادات وتقاليد الصعيد فى تكريم الضيف، وقد كان هذا الاستقبال خارج الكنيسة ولم يمس الطقوس الدينية فى شىء، وقد حدثت أمور مماثلة خلال زيارات الراحل قداسة البابا شنودة الثالث للصعيد، مضيفاً أنه يجب علينا أن ندرك عادات وتقاليد كل مكان ولا نحكم على الأمور نظرياً».

وأضاف أن هناك لافتات جميلة خلال الزيارة، منها حديث قداسة البابا مع الأطفال، وهذا ليس غريبا على قداسته، حيث كان مسؤولا عن لجنة الطفولة فى المجمع المقدس حينما كان أسقفاً عاما للبحيرة ولدى قداسته المهارة فى محاورة الصغار، كما شاهدنا خلال الزيارة.

وأشار «كمال» إلى أنه ظهر خلال الزيارة، اهتمام البابا، بذوى الاحتياجات الخاصة من خلال اهتمام قداسته بالحديث معهم ومعرفة مطالبهم فى المجال الكنسي، مضيفاً أن الكنيسة بشكل عام تعطى اهتماما خاصا بأصحاب الهمم، من خلال افتتاح العديد من المراكز التى تهتم بشؤونهم وإتاحة الفرصة لعدد كبير منهم للاشتراك فى الخدمة والأنشطة داخل الكنيسة.

وأكد الباحث فى الشأن القبطى أن الزيارة أظهرت اهتمام قداسته فى الإنصات والاستماع للأقباط عن قرب، وخصوصاً فى صعيد مصر مع الاهتمام بالتعمير والخدمة والأنشطة، من خلال تدشين وافتتاح عدد من الكنائس والمدارس والمستشفيات التى ستكون إضافة كبيرة ليس للأقباط فقط ولكن لكل أبناء مصر فى محافظة أسيوط.

واختتم «كمال» حديثه بأن زيارة البابا تواضروس لأسيوط تؤكد أن مصر تعيش عصر الحريات الدينية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أرسى القواعد والقوانين التى سهلت بناء وترميم دور العبادة والحرية الدينية، وتؤكد الزيارة أن مصر فى عهد السيسى هى بلد الأمن والأمان حيث شاهد الجميع قداسة البابا يسير على الأقدام فى الشوارع ويصلى فى ساحات مفتوحة وسط الآلاف، وهو أمر لم يحدث إلا فى العهد الجمهورى الحالى.

وفى قراءة لجولة البابا تواضروس، قال كمال زاخر الباحث والمفكر القبطى إن زيارة البابا الرعوية لإيبارشيات محافظة أسيوط، امتداد وإحياء لتقليد كنسى قديم، إذ كان من المتبع أن يقوم البابا عقب رسامته بجولة تفقدية يجوب فيها أنحاء مصر، ثم أضيف إليها كنائس وإيبارشيات بلاد المهجر بالقارات الست (والإيبارشية هى نطاق جغرافى يشمل عدة مراكز وقرى فى محافظة ويقوم على خدمتها أب أسقف).

وكانت كنائس الصعيد فى أوقات كثيرة ملجأً يلوذ به البابا البطريرك محتمياً من ملاحقة الأباطرة والحكام سواء فى سنى الاضطهادات فى الإمبراطورية الرومانية أو غيرها.

وتأتى هذه الزيارة التى امتدت لنحو ثمانية أيام، مع بداية شهر أكتوبر 2025، هى الأولى لصعيد مصر بعد نحو عشرين عاماً من زيارة قداسة البابا شنودة للأقصر ونقادة وسوهاج 2004 والتى استغرقت خمسة أيام، وبعد نحو ثلاثة أرباع القرن من زيارة قداسة البابا كيرلس السادس لأغلب محافظات الصعيد أغسطس 1960، ثم زيارة خاصة للبابا كيرلس للدير المحرق 1965.

البابا تواضروس زار فى جولته الرعوية سبع إيبارشيات؛ تتوزع عليها مراكز محافظة أسيوط: أسيوط وساحل سليم والبداري، أبنوب والفتح ومدينة أسيوط الجديدة، ديروط وصنبو، أبو تيج وصدفا والغنايم، رزقة الدير المحرق، القوصية ومير، منفلوط.

لم تقتصر الزيارة على الترتيبات الكنسية، بحسب الباحث القبطى «زاخر»، فقد شهدت بعداً شعبياً ترجم مشاعر أهالى البلاد والقرى بالفرحة من خلال البوابات التى أقيمت على مداخلها لافتات الترحيب التى كشفت عن المعدن الأصيل للمصريين، إذ حملت ترحيباً من المسيحيين والمسلمين، وكان البابا ومرافقوه من الآباء والبالغ عددهم 25 مطراناً وأسقفاً، محل ترحيب من القيادات السياسية التنفيذية والشعبية يتقدمهم محافظ الإقليم، وأحيطت الجولة بإجراءات أمنية فائقة، وشهدت حشودا من الأهالي، وجاءت لتكشف انحسار الإرهاب فى محافظة شهدت العديد من الأعمال الإجرامية، وتعلن الطبيعة المسالمة للشعب المصرى ووحدته.

وفى سعى دعم التواصل بين الكنائس استقبل قداسته مطارنة وأساقفة الكنيسة القبطية الكاثوليكية بإيبارشيات أسيوط الذين بادروا بالترحيب بقداسته بمحبة تترجم مساعى التقارب الأخوى بين الكنيستين، وهى زيارة مقدرة ولها دلالاتها التى تتفق والمساعى المسكونية فى هذا الصدد.

وحلل «زاخر» الزيارة بأنه من اللافت البعد الشعبى فى مظاهر الترحيب بقداسة البابا خارج أسوار الكنائس، والذى تجلى فى الفلكلور الشعبى وعادات أهل الصعيد فى إعلان فرحهم عبر الرقص بالخيول على دقات الطبول والمزمار البلدى التقليدي، والذى حول الزيارة إلى عُرس شعبى يعم شوارع وقرى المحافظة، بروح مصرية تراثية مبهجة.

وشرح بأن البابا تواضروس دشن «افتتح بالصلاة» سبع كنائس فى أربع إيبارشيات هي: أسيوط، الدير المحرق، أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة، ومنفلوط، كما وضع حجر أساس لكنيستين، وافتتح بعض الكنائس الجارى تشييدها بتلك الإيبارشيات.

وعلى صعيد المشروعات الخدمية افتتح قداسة البابا سبعة مشروعات خدمية (مدارس ومستشفيات وأندية) تشرع أبوابها لكل المصريين، ووضع حجر الأساس لستة مشروعات مثيلة.

وبحسب متابعات المركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فقد ألقى قداسته ستاً وعشرين عظة فى مختلف الكنائس والأديرة، وأربع كلمات عامة فى حضور قيادات محافظة أسيوط التنفيذية والشعبية والبرلمانية، وعقد اجتماعين موسعين مع كهنة الإيبارشيات والمكرسات، وزار سبع عشرة كنيسة.

أخبار الساعة