رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«معدلات البطالة».. نجاح مصرى و«كابوس عالمى»


27-9-2025 | 11:18

.

طباعة
تقرير : منار عصام

يهيمن شبح البطالة على غالبية البلدان، سواء كبيرة أو صغيرة، وطال حتى، أقوى الاقتصادات عالمياً، فى وقت أيضاً تعانى فيه دول أوروبية من هذا العدو الذى يتخفى خلف طوابير الشباب، ولا نتعجب من معاناة الصين مع هذا المرض، بينما الولايات المتحدة الأمريكية «تئن» من زيادة طلبات «بدلات» البطالة، وهنا تظهر الدولة المصرية، تسير بخطى ثابتة نحو تخفيض معدلات البطالة، عبر خلق فرص عمل بمشاركة القطاع الخاص، والمنتظر زيادة معدلات وتيرتها مع وضع الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، التى تعكف وزارة العمل والشركاء المعنيون على الانتهاء منها قريباً.

 

وتشهد أسواق العمل وبيانات التوظيف فى الاتحاد الأوروبي، أزمة متنامية، حيث أظهرت أرقام المكتب الإحصائى للجماعات الأوروبية «يوروستات» أن نحو 13,3 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و74 عاماً، كانوا عاطلين عن العمل رسمياً خلال الربع الثانى من عام 2025، كما أن هذا الرقم يزيد ليصل إلى 26,8 مليون - عند احتساب ما يعرف بالبطالة الخفية، كما أظهرت بيانات حديثة انخفاض عدد الوظائف فى قطاع التصنيع الأمريكى بنحو 12 ألف وظيفة خلال أغسطس الماضي، وهو الانخفاض الرابع على التوالي، حيث تفاقمت الأزمة لديهم منذ مطلع العام الجاري، مع اضطراب سلاسل الإمداد بسبب الرسوم الجمركية التى أشعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وفى نفس الوقت أعلنت بكين وصول بطالة الشباب فى الصين إلى معدلات قياسية مسجلة 18,9 فى المائة خلال أغسطس 2025.

ورغم القلق العالمى من ارتفاع حجم البطالة، إلا أن كافة الأرقام تؤكد على تراجع مؤشراتها فى مصر، لتشير إلى نسبة 6.1 فى المائة، الأمر الذى أكد على مضى القاهرة بخطوات إيجابية نحو الطريق الصحيح بشأن تحقيق اقتصاد وطنى قوى يستند إلى الأيدى العاملة المصرية، التى تبذل الجهد ليلاً ونهاراً، فى مختلف المحافظات، داخل عدد من المشروعات الكبرى والقومية لبناء الجمهورية الجديدة.

فى هذا السياق، كشف عبدالوهاب خضر، المستشار الإعلامى لوزارة العمل، أن تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بخصوص انخفاض معدل البطالة فى مصر لا يمكن اعتباره مجرد رقم، ولكن هو إثبات فعلى على تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى وثمرة للسياسات الحكيمة التى تنفذها الدولة.

ورأى «عبدالوهاب» أن هذا التحسن الإيجابى يعكس قوة وديناميكية سوق العمل المصري، حيث ارتفع حجم القوى العاملة ليصل إلى 33.614 مليون فرد، مدعوماً بزيادة عدد المشتغلين بواقع 223 ألف شخص، وانخفاض عدد المتعطلين بمقدار 57 ألفا مقارنة بالربع السابق، وهو ما يؤكد اتجاه المؤشرات نحو مزيد من التحسن.

وأشار مستشار وزارة العمل، إلى أن هذه النتائج تأتى لتؤكد نجاح الجهود الحكومية فى تحقيق تنمية متوازنة، حيث سجلت المناطق الريفية أقل معدل للبطالة عند 3.3 فى المائة، وذلك بفضل فعالية برامج التنمية الزراعية وتوسع نطاق المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى القرى والمراكز، مما وفر فرص عمل لائقة ومستدامة لأبناء هذه المناطق.

أما على صعيد هيكل التشغيل، فأشار «خضر» إلى استحواذ قطاع الزراعة على النسبة الأكبر من المشتغلين بنحو 21.3 فى المائة، تليه تجارة التجزئة بـ16 فى المائة، ثم الصناعات التحويلية بـ13.1 فى المائة، مما يعزز النمو الاقتصادى الشامل والمتوازن، مضيفاً أن الأمر الأكثر إيجابية هو أن انخفاض البطالة تزامن مع تراجع ملحوظ فى معدل التضخم السنوى إلى 13.9 فى المائة خلال يوليو 2025، مما ساهم بشكل مباشر فى دعم القدرة الشرائية للمواطن وتحسين ظروفه المعيشية.

واختتم عبد الوهاب خضر، حديثه، مؤكداً أن تراجع معدلات البطالة يعزز ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المحلي، خاصة فى ظل الطفرة غير المسبوقة فى الاستثمار الأجنبى المباشر، التى بلغت 46.6 مليار دولار خلال عام 2024، ونموه بنسبة 15 فى المائة مع مطلع العام الجاري، موضحاً أن هذه المؤشرات مجتمعة ترسم صورة مشرقة للاقتصاد الوطني، وتؤكد أننا على الطريق الصحيح نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.

وفى سياق متصل، أضاف الدكتور السيد خضر، أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات الآسيوية العليا جامعة الزقازيق، أنه فى الخمس سنوات الأخيرة شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعا كبيرا جدا فى العديد من المؤشرات الاقتصادية بشكل سلبي، وعلى رأسها معدلات البطالة والتضخم، وعلى الجانب الآخر تتميز الصين - رغم الارتفاع النسبى فى معدلات البطالة- بوجود توسع فى الاستثمار بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مما يسهم فى جلب المزيد من العمالة كإجراء من حكومة بكين، للنزول بمستويات البطالة لديها.

وأكد الخبير الاقتصادى أنه منذ عام 2016 والدولة المصرية تشهد زيادة فى حجم المشروعات الصناعية والاستثمارية المختلفة، الأمر الذى ساهم فى توفير العديد من فرص العمل للشباب، وبالتالى انعكس على تراجع معدل البطالة، مؤكداً أن القاهرة أيضاً تحرص على تطوير العديد من المناطق الصناعية وإنشاء مناطق جديدة رغبة فى زيادة الاستثمارات، وكذا توفير فرص عمل إضافية خلال السنوات القادمة.

ورأى «خضر» أن الدولة المصرية نجحت فى تطبيق مبدأ العدالة التوزيعية بشأن توزيع حجم الاستثمارات على كافة محافظات مصر، فلم يعد الأمر مقتصرا فقط على إقليم القاهرة الكبرى ومحافظة الإسكندرية، بل أصبحنا اليوم نشاهد مجمعات صناعية ومشروعات ضخمة فى محافظات الصعيد، الأمر الذى ساهم فى تقليل هجرة السكان من «قبلي» إلى العاصمة والدلتا، مما انعكس على الكثافة السكانية فى المحليات، مضيفاً أننا اليوم نرى مشروعات ضخمة تقام فى المدن الجديدة، مثل بنى سويف الجديدة والمنيا الجديدة وصولاً إلى أسوان جنوباً.

وشدد «خضر» على ضرورة العمل لمواجهة ظاهرة اختفاء المهن الحرفية فى سوق العمالة المصرية، وذلك بسبب استسهال العديد من الشباب - خاصة صغير السن، فى امتهان التكنولوجيا والعمل بمشروعات مربحة عبر التوك توك على سبيل المثال، الأمر الذى أثر على تراجع مستوى تصدير الدولة المصرية من العمالة إلى الخارج، مطالباً بضرورة التصدى لتلك الظاهرة منعا لحدوث انقراض فى المهن والصناعات الحرفية التى نستفيد من تصديرها، وتدر على الدولة عائداً من النقد الأجنبي، وتزيد من حجم التحويلات الخارجية من العملات الصعبة، التى تعتبر أحد أهم مصادر النقد الأجنبى للاقتصاد القومي.

وطالب أستاذ اقتصاد الزقازيق، بضرورة أن تهتم الدولة بالتعليم الفني، مع تشجيع الشباب على الالتحاق به باعتباره سبيلا رئيسيا فى الارتقاء بمستوى العمالة المصرية الحرفية، مشيداً بتجربة المدارس الفنية التابعة لجهات صناعية مرموقة فى مصر مثل مدرسة العربى ومدرسة بى تك وغيرهما من النماذج التى يجب الإكثار منها خاصة فى المحافظات النائية، لتشجيع الصغار على تعلم الحرف المختلفة، التى ستعيد سوق العمالة المصرية إلى رونقه فى سابق عهده.

وأوضح «خضر» أن نجاح الدولة المصرية فى خفض نسبة البطالة، يعتبر دليلاً واضحاً على سلامة الإجراءات التى اتبعتها الحكومة فى هذا الملف، خاصة أن العالم يشهد ارتفاعاً غير مسبوق فى معدلات البطالة والتضخم، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلا أن المناخ الآمن والتسهيلات التى تقدمها الدولة لتوفير مناخ استثمارى ملائم، ساهم فى الوصول لهذا المعدل المنخفض من البطالة.

كما لفت إلى أهمية العمل على توفير المزيد من المميزات التحفيزية فى قطاعات الزراعة والصناعة من أجل جذب المزيد من الاستثمارات المباشرة، باعتبار أنهما أبرز المجالات الإنتاجية التى تستقطب أعدادا كبيرة من الأيادى العاملة من الشباب، مع ضرورة استغلال المؤشرات التصنيفية من المؤسسات النقدية الدولية التى تؤكد ثقتها فى الاقتصاد المصرى بعد حزمة الإجراءات الإصلاحية الأخيرة.

وفى الختام، أوصى «أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات الآسيوية العليا» بمواصلة العمل من أجل الحفاظ على هذه المؤشرات المنخفضة فى البطالة، والمضى قدماً نحو مستقبل أكثر إيجابية، لتحقيق نسب أكثر انخفاضاً، عبر الارتقاء بمستوى الكوادر الشابة المدربة على أحدث ما وصلت إليه مراكز التدريب على مستوى العالم، من أجل توفير حجم عمالة يتناسب مع متطلبات الأسواق العالمية، بما يتفق ورؤية مصر 2030، ويواكب الجمهورية الجديدة.

الاكثر قراءة