رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«القنطرة غرب».. بوابة حلم الـ140 مليار دولار صادرات


25-9-2025 | 19:01

.

طباعة
تقرير: محمد رجب

«القنطرة غرب» منطقة صناعية جديدة تنضم إلى خريطة الاستثمار فى مصر التى بدأت الدولة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة رسم ملامحها فى إطار استراتيجية خطة التنمية الشاملة مصر 2030، والتى تستهدف من خلالها التحول إلى تعميق الصناعة الوطنية ورفع مساهمتها فى الاقتصاد الوطنى إلى نحو 22 فى المائة من إجمالى الناتج المحلى والوصول بحلم الصادرات المصرية إلى نحو 145 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، من خلال العديد من الإجراءات التى اتخذتها الحكومة على مدار الفترة الماضية، كان أبرزها تأهيل المناطق الصناعية بالبنية التحتية اللازمة، والتى كان من بينها منطقة القنطرة غرب الصناعية التى تحولت إلى منصة صناعية متكاملة تمزج بين التصنيع والخدمات اللوجستية والصناعات التكميلية، ما يمنحها موقعا استراتيجيا فى دعم حركة التصدير عبر محور قناة السويس.

وتأتى المنطقة كإحدى أهم أذرع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التى تسير بخطى متسارعة نحو تحقيق أهداف التنمية الصناعية المستدامة، من خلال 38 مشروعًا متنوعًا تم جذبها حتى الآن، لتصبح أكثر من مجرد منطقة صناعية، وتصبح بوابة جديدة لمستقبل الاستثمار والصناعة فى مصر، حيث تبلغ مساحة المنطقة الصناعية بالقنطرة غرب نحو 20 مليون متر مربع، بدأت الحكومة بتطوير المرحلة الأولى منها، بإجمالى تكلفة تصل إلى 15 مليار جنيه.

وكشفت بيانات حديثة للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن تصدر الصين قائمة الدول المستثمرة فى المنطقة الصناعية بالقنطرة غرب، بإجمالى 24 مشروعًا بلغت استثماراتها 651 مليون دولار، معظمها فى قطاع النسيج والملابس الجاهزة، وتلتها تركيا فى المرتبة الثانية بـ8 مشروعات بإجمالى استثمارات 321 مليون دولار، تتركز فى الصناعات التحويلية والملابس الجاهزة، مما يعكس تنوعًا جغرافيًا وقطاعيًا فى خريطة المستثمرين.

تركيز الضوء على المنطقة جاء بعد افتتاح الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، عدة مشروعات صناعية وتنموية بمنطقة القنطرة غرب الصناعية، التابعة للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بحضور وزراء والمحافظ ومسئولى الاستثمار، وذلك ضمن استراتيجية الدولة لتعزيز التنمية الصناعية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق تحوّل صناعى كامل يدعم الصادرات ويوفر فرص عمل للشباب المصرى.

وقال «مدبولى» على هامش افتتاح عدد من المشروعات فى القنطرة غرب بينها محطة مياه ومصانع منسوجات: من المخطط أن تستوعب منطقة القنطرة غرب 300 مصنع، بما يوفر أكثر من 500 ألف فرصة عمل، تجعل المنطقة قادرة على التصدير بما يعادل 25 مليار دولار، كما تنتظر المنطقة افتتاح 25 مصنعًا فى غضون عامين بحد أقصى، وتلك المصانع تزيد التصدير بمعدل 100 مليون دولار من كل مصنع، بإجمالى 4 مليارات دولار من المنطقة، كما أن المنطقة تحولت خلال عامين فقط من مجرد مخطط على الورق إلى منصة صناعية متكاملة، جذبت استثمارات بقيمة مليار و55 مليون دولار.

وكشف رئيس مجلس الوزراء، أن المرحلة الأولى من منطقة القنطرة غرب الصناعية نجحت بعد تجهيز بنيتها التحتية فى جذب 40 مشروعًا صناعيًا فى طور التنفيذ، بينها مصنعان تم افتتاحهما بالفعل، موضحا عقب افتتاح مشروعات جديدة بـ«القنطرة غرب الصناعية» أن حجم الاستثمارات التى تم ضخها من الخارج فى هذه المنطقة بلغ مليار دولار حتى الآن، كما أن المخطط النهائى للمنطقة يشمل نحو 50 مصنعا، يستهدف تحقيق صادرات تصل قيمتها إلى 25 مليار دولار سنويًا.

خبراء الصناعة من جانبهم أكدوا أن المشروعات الصناعية الجارى تنفيذها بمنطقة القنطرة غرب الصناعية تمثل نقلة نوعية فى مستقبل الصناعة المصرية، مشيرين إلى أنها ستكون منصة رئيسية للتصدير للأسواق الإقليمية والدولية، خاصة فى ظل ما تتمتع به من موقع استراتيجى، وتجهيزات بنية تحتية متكاملة.

محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، قال إن المنطقة الصناعية بالقنطرة غرب تمثل إضافة حقيقية لقاعدة التصنيع المصرية، خاصة للصناعات التى تعتمد على التجميع والتصنيع للتصدير، لافتًا إلى أن موقع المنطقة قرب قناة السويس يمنحها ميزة لوجستية تنافسية، كما أن التركيز على جذب استثمارات أجنبية يعزز من القيمة المضافة للمنتجات المصنعة بها، ومشيرا إلى أن الصناعات الهندسية تستهدف التصدير لأسواق الخليج وإفريقيا وأوروبا، خلال المرحلة الأولى، خاصة فى مجالات الأجهزة المنزلية، ومكونات السيارات، والكابلات الكهربائية، والمعدات الصناعية.

وأضاف أن منطقة القنطرة غرب تعد نموذجا فعليا لما تطمح إليه رؤية الدولة فى الوصول إلى 140 مليار دولار صادرات سنويًا بحلول 2030، خاصة مع توافر فرص استثمارية كبيرة، وتنوع الصناعات المستهدفة، وتوافر الأيدى العاملة والبنية التحتية، مؤكدا أن تسريع وتيرة التنفيذ وتوفير حوافز إضافية للمستثمرين، سواء المحليون أو الأجانب، سيكون مفتاح نجاح المنطقة فى تحقيق مستهدفاتها، مطالبا بإعطاء أولوية لإنهاء إجراءات التراخيص، وتسهيل إجراءات التصدير من خلال بوابة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

من جانبه، أكد محمود فوزى، عضو غرفة صناعة الملابس الجاهزة، أن منطقة القنطرة غرب تعد من الفرص الواعدة لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، خاصة مع قربها من موانئ التصدير وسهولة الوصول إلى الأسواق الأوروبية، موضحا أن الغرفة بصدد التنسيق مع عدد من المستثمرين المحليين والأجانب لإقامة مشروعات تصنيع وتصدير ضمن المنطقة.

«فوزى» أشار إلى أن صناعة الملابس الجاهزة من أكثر القطاعات التى يمكن أن تخلق فرص عمل سريعة، وتحقق عوائد تصديرية مرتفعة، حيث تستهدف الغرفة وصول صادرات القطاع من هذه المنطقة إلى ما لا يقل عن 700 مليون دولار سنويا خلال 3 سنوات من التشغيل، مؤكدا أن التكامل بين مصانع النسيج والصباغة والتفصيل داخل المنطقة الصناعية يسهم فى خفض تكلفة الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية بالخارج.

كما أوضح أن المنطقة تمتلك كافة المقومات من مرافق حديثة، وشبكات صرف صناعى، وبنية تحتية تسمح بعمليات التصنيع الثقيلة والخفيفة، مما يشجع على إقامة صناعات تصديرية بكفاءة عالية، مع الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر ودول إفريقيا وأوروبا، مشيرا إلى أن أبرز الصناعات المستهدفة فى القنطرة غرب الصناعية، هى الصناعات الهندسية (أجهزة كهربائية – كابلات – مكونات سيارات) وصناعة الملابس الجاهزة والنسيج والصناعات الكيماوية والبلاستيكية والصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف والصناعات الدوائية، حيث تعد المنطقة ركيزة لتحقيق استراتيجية الـ140 مليار دولار صادرات.

وأضاف أن الحكومة اتخذت إجراءات مهمة لتطوير المنطقة الاقتصادية وجذبت استثمارات جيدة على مستوى الصناعة واللوجستيات وتوفير فرص العمل بما يدعم الاحتياطى النقدى الأجنبى، موضحا أن «التنوع فى المشروعات يبرهن على تطوير بنية الموانئ والخدمات والتحول الرقمى فى المنظومة الجمركية وتقديم الحوافز والتسهيلات، وهو ما يعظم الاستفادة من المنطقة الاقتصادية، كما أن افتتاح منطقة القنطرة غرب الصناعية يعد إضافة كبيرة لملف الصناعة فى مصر»، لافتا إلى أن الدولة تعد حاليا ملفا كبيرا عن الصناعة وتوطين التكنولوجيا وجذب الاستثمارات وإحلال الواردات المصرية ببديل مصرى من خلال صناعة مصرية.

وأضاف أن هناك افتتاحات كثيرة نشهدها باستمرار، وما تم افتتاحه يهدف إلى توطين تكنولوجيا النسيج فى مصر ومشروعات البنية التحتية، والهدف من افتتاح هذه المنطقة زيادة حجم الاستثمارات فى قطاع الصناعة ومساهمة هذا القطاع فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى لـ22 فى المائة، كما أن الاستثمار وسيلة جيدة لزيادة معدلات التشغيل لتقليل معدلات البطالة وزيادة فرص التصدير للخارج.

بدوره، قال الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادى، إن افتتاح عدد من المشروعات الصناعية بمشروع القنطرة غرب المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات ضخمة من الصين وتركيا، يؤكد قوة وقدرة الاقتصاد المصرى على جذب الاستثمارات الأجنبية رغم ما يحيط بالمنطقة من توترات جيوسياسية وهو نجاح كبير على أرض الواقع للاقتصاد المصرى الذى بات يشهد حالة من الحراك الكبير خلال الفترة الأخيرة من جانب المسئولين، سواء بالقطاع الخاص أو القطاع العام.

وأضاف أن تركيا والصين تعدان من أكبر اقتصادات العالم فى مجال الصناعة وخاصة الصين التى أصبحت منتجاتها تغزو العالم وتسيطر على الأسواق العالمية بنسبة كبيرة، ووجود مثل هذه الاستثمارات فى دولة محورية بمنطقة الشرق الأوسط مثل مصر يضيف لكلا الجانبين سواء المستثمر أو حتى البلد المقام فيه الاستثمار وهى مصر كونها بوابة كبيرة للأسواق الإفريقية والعربية.

«العمدة»، أشار إلى أن المستثمرين فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يحصلون على العديد من المميزات والإعفاء من الضرائب ودخول مواد خام وسلع وسيطة وغيرها من المميزات التى تجذب المستثمرين، ولعل أبرزها الرخصة الذهبية وهو أمر مهم وتطور كبير فى تعامل الدولة المصرية مع القطاع الخاص فى ضوء توجيهات القيادة السياسية التى أعطت توجيهات فى أكثر من مناسبة بضرورة تذليل كافة العقبات أمام المستثمرين لتشجيعهم على إقامة المشروعات فى مصر دون معوقات.

وأضاف أن المشروعات الاقتصادية المقامة فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس من شأنها أن تضع مصر فى منافسة قوية مع كبرى الدول الصناعية حول العالم، خاصة أنها نوعت فى الاستثمارات ما بين دول أوروبية وآسيوية وهو ما يمنح الاقتصاد المصرى حالة من التنوع، موضحًا أن مشروع القنطرة غرب الصناعية يمثل أيقونة الافتتاحات بالمنطقة الاقتصادية ونقطة انطلاق جديدة لمسيرتها نحو المزيد من النجاح والإنجاز، حيث إن المنطقة تحولت خلال عامين فقط من مجرد مخطط على الورق إلى منصة صناعية متكاملة جذبت استثمارات بقيمة مليار و55 مليون دولار موزعة على 40 مشروعا، تم تسليم الأرض لـ25 منها، ويجرى حاليا تنفيذ أعمال بناء الأسوار وتحسين التربة والإنشاءات لهذه المشروعات.

من جهته، أكد الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادى، أن افتتاح رئيس الوزراء عددًا من المشروعات الصناعية بمنطقة القنطرة غرب التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس يمثل خطوة محورية لدعم توطين الصناعة وتعزيز مكانة مصر كبوابة رئيسية للاستثمار فى القارة الإفريقية بشكل سينعكس إيجابا على جذب الاستثمارات وتحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030، كما أن افتتاح المشروعات الجديدة يؤكد اهتمام الدولة بتوطين الصناعات داخل مصر، لافتا إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التى تضم 6 موانئ بحرية و4 مناطق صناعية، أصبحت محط أنظار المستثمرين العالميين باعتبارها منفذًا رئيسيًا للسوق الإفريقية التى تضم 1.4 مليار نسمة وتستحوذ على 18 فى المائة من سكان العالم.

وأشار إلى أن مصر عبر هذه المنطقة تتحكم فى ما يزيد على 12 فى المائة من حركة التجارة العالمية ما يمنحها ميزة استراتيجية لجذب الاستثمارات، مؤكدا أن قطاع النسيج يعد من القطاعات الواعدة حيث تبلغ صادراته حاليا نحو 3 مليارات دولار، بينما تصدر تركيا ما يقارب 30 مليار دولار، وماليزيا 20 مليار دولار، ما يعكس الفرص الكبيرة أمام مصر لمضاعفة حصتها مع وجود اتفاقيات مثل الكوميسا.

وأضاف أن توطين الصناعة يسهم فى زيادة الإنتاج المحلى ورفع معدلات التشغيل، مشيرا إلى انخفاض معدل البطالة من 13.5 فى المائة عام 2013 إلى 6.1 فى المائة فى 2025، موضحا أن تقليص فجوة الميزان التجارى حيث تبلغ فاتورة الاستيراد نحو 90 مليار دولار مقابل صادرات لا تتخطى 46 مليار دولار وهو ما يعزز موارد النقد الأجنبية وانعكس فى استقرار سعر الصرف وتحسن تصنيفات الاقتصاد المصرى لدى وكالات التصنيف الدولية، موضحا أن هناك أربعين مصنعا قيد الإنشاء باستثمارات تصل إلى مليار دولار توفر نحو خمسين ألف فرصة عمل جديدة.

كذلك، أكد «شعيب»، أن الدولة انتقلت من تمويل التنمية عبر الديون إلى جذب الاستثمارات المباشرة، ما رفع الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى مستوى تاريخى بلغ 49.2 مليار دولار بنهاية 2024، مشددا على أن هذه المشروعات تعزز قدرة الصادرات المصرية على الوصول إلى مستهدف 146 مليار دولار، وتدعم استدامة النمو الاقتصادى، وترسخ مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة فى إفريقيا والعالم.

 

الاكثر قراءة