وأسفرت المرحلة الأولى من المبادرة عن تخريج 103 سائقين من حاملى الرخصة درجة أولى وتسليمهم شهادات معتمدة، وهو ما أكد أهمية البرنامج فى رفع مستوى الوعى والقدرات المهنية للسائقين وتعزيز ثقافة القيادة الآمنة، الأمر الذى شجع على التوسع ليشمل فئات جديدة تنفيذًا لتوجيهات الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، بالاستثمار فى تنمية الكوادر البشرية.
وأكدت وزارة النقل أن «المبادرة ليست مجرد برنامج تدريبى قصير المدى، بل رؤية استراتيجية متكاملة تهدف إلى إعداد جيل جديد من السائقين يتمتع بالوعى والمسئولية والانضباط، بما ينعكس بالإيجاب على معدلات السلامة المرورية ويحافظ على الأرواح والممتلكات».
ويجرى تنفيذ البرنامج على مدار يومين متتاليين وفق منهج يجمع بين الجانبين النظرى والعملى، ويشمل محاضرات حول الصيانة الوقائية للمركبات وأعطال المحرك والدوائر الكهربائية وطرق معالجتها، إلى جانب جلسات فى الصحة النفسية والسلوكية تركز على كيفية التعامل مع الضغوط المهنية، وشرح تفصيلى لقواعد المرور والإشارات والتطبيقات العملية لها، إضافة إلى تدريب ميدانى مكثف على مهارات القيادة الآمنة والاحترافية تحت إشراف خبراء من الإدارة العامة للمرور ومدربين معتمدين.
الدكتور حسن مهدى، أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، قال إن «تدريب السائقين يمثل ركيزة أساسية لتعزيز منظومة النقل البرى، خاصة فيما يتعلق بسائقى المركبات المهنية مثل الحافلات الكبيرة والأتوبيسات والميكروباصات وسيارات النقل والنقل الثقيل»، لافتًا إلى أن «هذه الفئة تتحمل مسئولية كبيرة عن سلامة الركاب وحركة المرور، ومن ثم فإن تأهيلهم ورفع مستوى وعيهم المرورى ومعرفتهم الدقيقة بقواعد السير والالتزام بالحركة المرورية السليمة، يعد أمرًا ضروريًا لضمان قيادة أكثر أمانًا وانضباط، وللحد من الحوادث وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين على الطرق».
وأضاف: أن البدء بسائقى المركبات، باعتبارهم المسئولين المباشرين عن القيادة، وتزويدهم بوعى مرورى عالٍ ومعرفة دقيقة بقواعد السير، سيؤدى إلى تحسين مستوى الأمان المرورى على شبكة الطرق، ويحقق مردودًا كبيرًا فى خفض معدلات الحوادث وتعزيز الانضباط وحماية الأرواح والممتلكات.
كما أكد أن «الطفرة الكبيرة التى شهدتها شبكة الطرق المصرية خلال السنوات الأخيرة، من إنشاء محاور جديدة وفق أعلى معايير الجودة والأمان، على الرغم من أهميتها، قد أغرت بعض السائقين غير الملتزمين بقواعد المرور بالقيادة بسرعة أو بتهور، حيث إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب الجمع بين التدريب الجيد لسائقى المركبات المهنية، خاصة النقل الثقيل والحافلات، لتعزيز وعيهم المرورى، وبين تطبيق إجراءات الردع من خلال تكثيف الرقابة على الطرق.
وأوضح أن برامج التدريب الممنهجة تُسهم بشكل مباشر فى رفع كفاءة السائقين ومستوى وعيهم المرورى، خصوصًا فى ظل وجود نسبة من مستخدمى المركبات تفتقر إلى الإلمام الكافى بقواعد الحركة المرورية السليمة، وهو ما ينعكس سلبًا على سلامة الطريق ومعدلات الحوادث، كما أن التدريب سيمكن السائقين من فهم صحيح لوسائل التحكم المرورى واللافتات التحذيرية والإرشادية ودلالاتها المختلفة، مثل إشارات التوقف أو التهدئة وغيرها، بما يعزز من انضباطهم أثناء القيادة.
أستاذ هندسة الطرق، لفت إلى أن «أهم ما يجب التركيز عليه فى تدريب سائقى الحافلات والنقل الثقيل فى مصر، هو تعزيز التزامهم الصارم بقواعد المرور وفهمهم العميق للإرشادات واللافتات المختلفة وكيفية التعامل معها أثناء القيادة، حيث إن هذه المعرفة ينبغى أن تتكامل مع تدريب عملى على أساليب التعامل مع حالات الطوارئ التى قد تواجه السائقين على الطرق، مثل الشبورة الكثيفة أو هطول الأمطار الغزيرة أو أى ظروف مناخية مفاجئة»، مشددًا على أن إدراج هذه الجوانب كأركان رئيسية فى الدورات التدريبية، من شأنه رفع كفاءة السائقين وتقليل معدلات الحوادث وتحقيق أعلى مستويات السلامة المرورية.
الدكتور أسامة عقيل، الخبير الدولى وأستاذ هندسة الطرق، أكد أن التدريب على القيادة الآمنة رغم أهميته لا يكفى وحده لمعالجة مشكلات السائقين أو الحد من الحوادث المرورية، إذ ترتبط الظاهرة بعوامل أخرى متشابكة، أبرزها طبيعة عمل قطاع النقل الثقيل ذاته، حيث إن نسبة كبيرة من سيارات النقل مملوكة لمقاولين وجمعيات ومؤسسات صغيرة أو لأفراد، ما يدفع السائقين إلى العمل تحت ضغط شديد لتحقيق أكبر عدد من الرحلات، فيسافرون فى اتجاه واحد فارغين ويعودون محملين بالبضائع دون أخذ فترات راحة كافية، وهو ما يضطرهم أحيانًا لقيادة الشاحنات لما يقرب من 24 ساعة متواصلة رغم معاناتهم من مشكلات صحية أو إرهاق بدنى وعدم قدرتهم المالية على العلاج لانشغالهم بإنفاق أموالهم على صيانة سياراتهم.
«عقيل»، أكد أن الاهتمام بالسائقين المهنيين لا يقتصر على التدريب فقط، بل يجب أن يمتد ليشمل توفير مظلة تأمين صحى شامل لهم، حتى ولو من خلال اشتراك رمزى، خاصة أن هذه الفئة تمثل أكثر من 60 فى المائة من إجمالى السائقين الذين يقودون سياراتهم الخاصة خارج الأطر المؤسسية، حيث إن التجربة أثبتت أن السائقين العاملين فى شركات النقل الكبرى أو المؤسسات المنظمة أقل تورطًا فى الحوادث، نظرًا لوجود نظام داخلى صارم يحدد عدد ساعات القيادة اليومية ويوفر بدائل للسائقين على نفس المركبة، بالإضافة إلى تمتعهم بتأمين صحى ورعاية اجتماعية داخل تلك الشركات.
وأضاف أن «تحسين أوضاع السائقين المستقلين لا يتوقف عند حدود التدريب أو التأمين الصحى فحسب، بل يتطلب أيضًا مظلة واسعة من الدعم الاجتماعى والاقتصادى تضمن لهم الاستقرار والالتزام بمعايير السلامة.