استطاعت الدولة المصرية مواصلة نجاحاتها فى جذب رؤوس الأموال إلى السوق المحلية، ولعل أبرزها فى القطاع التكنولوجى، فقد تم جذب استثمارات 9 ماركات عالمية فى صناعات الموبايلات، حيث تم تأسيس مصانع لها بالمدن الصناعية المصرية، كخطوة إيجابية تضاف إلى سجلات المبادرة الرئاسية «مصر تصنع إلكترونيات- EME»، التى تهدف للتوسع فى صناعة الإلكترونيات، وجعلها إحدى الدعائم الهامة الرئيسية لنمو الاقتصاد القومى.
«صنع فى مصر» أو «made in Egypt» الشعار الذى اعتلى أجهزة الموبايل المصرية التى أنتجتها هذه الشركات بنسبة من المكونات المحلية تتراوح من 40 إلى 45 فى المائة وبأيدى عمالة مصرية، مثلت خطوة فارقة فى تحقيق أهداف استراتيجية «توطين الصناعة 2030»، التى تستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمى للتصنيع، وتقليل الاعتماد على الاستيراد وزيادة الصادرات وتوفير فرص عمل وتلبية احتياجات السوق المحلية وخدمة الأسواق الخارجية.
سامسونج إحدى كبرى شركات صناعة الموبايل عالمياً، نجحت الحكومة المصرية فى جذب الشركة للاستثمار داخلياً، وتأسيس مصنع بمحافظة بنى سويف، ليصبح المصنع الأول للشركة فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، باستثمارات تبلغ نحو 700 مليون دولار.
سامسونج خلال 3 سنوات فقط – تحديداً منذ عام 2022 وحتى 2024، استثمرت فى صناعة أجهزة الموبايل والتابلت بمصر ما يقدر بنحو 85 مليون دولار لإنتاج 6 ملايين جهاز سنوياً.
ومن سامسونج إلى «Vivo»، أحد أكبر الكيانات فى صناعة الموبايل بالصين، «فيفو» أنشأت مصنعا لها فى مصر، وهو المصنع الأول للشركة فى القارة السمراء، باستثمارات قدرت بنحو 20 مليون دولار لتصل إلى 30 مليون دولار خلال عام، ونجحت فى توفير 1400 فرصة عمل، وأعلنت الشركة عن توسيع استثماراتها بعد إطلاق هاتفها Y29 بمصنعها بمنطقة العاشر من رمضان، ليعمل المصنع بقدرة 500 ألف هاتف شهرياً. أما Infinix الصينى، الذى تتم صناعته فى مصنع «وادى السيليكون» للصناعات الإلكترونية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فهو المصنع الذى ينتج 6 علامات تجارية شهيرة أخرى فى عالم الإلكترونيات، بخلاف هاتف انفينكس، حيث تأسس المصنع فى عام 2023 ويعمل على ضخ منتجاته من حينها إلى الآن.
الشركة تنوى طرح منتجاتها من انفينكس Smart 6,7 Smart 6 Plus، Hot 12 I ، Hot 20 i ، Hot 50، إلى السوق المحلية المصرية، وأسواق التصدير الخارجية، وهي: الكويت وتونس والمغرب، وتسعى الشركة لإنتاج 2 مليون هاتف محمول فى 2025، باستثمارات تقدر بنحو 10 ملايين دولار شهرياً.
نوكيا أو شركة «إتش أم ديه» العالمية «HMD Global»، تسعى لتصنيع الهواتف المحمولة التقليدية Feature Phone والذكية Smart Phone فى مصر، تستهدف تصدير 4 ملايين هاتف سنوياً إلى الأسواق الإفريقية، وتصدير 600 ألف هاتف سنوياً إلى أسواق شمال القارة، على أن يتم تخصيص 2 مليون هاتف للسوق المصرية.
هنا يأتى الدور على أوبو «Oppo» الصينية، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم فى العام 2022، من أجل تدشين مصنع للموبايلات بقدرة إنتاجية 4.5 مليون جهاز سنوياً، بحجم استثمارات تُقدر بنحو 30 مليون دولار، ليكون المصنع العاشر للشركة حول العالم، والأول فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وبدأ الإنتاج التجريبى فى أكتوبر الماضى، بإنتاج موبايل Oppo Reno 12 5G.
بينما ريلمى «Realme» الصينية، تستعد لافتتاح مصنعها للموبايل خلال العام الجارى، وستطلق هاتف Realme C75 كأول هاتف يتم تصنيعه فى مصر. فيما تجاوزت استثمارات شاومى Xiaomi الصينية فى مصر حاجز الـ20 مليون دولار، وسينتج المصنع الهواتف الذكية وأجهزة التليفزيون الذكى، ويقدر إنتاجه بمليون هاتف و300 ألف جهاز تليفزيونى ذكى، بمكون محلى يقدر بنحو 45 فى المائة، ومن المتوقع أن يقدم ما بين 300 إلى 500 فرصة عمل.
هونر «Honor» التابعة لشركة هواوى الصينية، والتى تسعى لإنتاج مليون جهاز سنوياً كمرحلة أولى، على أن تكون نسبة المكون المحلى بها 45 فى المائة. مايكروماكس «MicroMax» الهندية تسعى لتصنيع الهواتف الذكية ومتعلقاتها من السماعات البلوتوث والساعات الذكية، بإنتاجية تقدر بنحو 1.5 مليون جهاز سنوياً كمرحلة أولى، بمكون محلى 40 فى المائة، على أن يتم تصدير 50 فى المائة منها إلى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
وتبقى سيكو «Sico» هى أول شركة مصرية تقوم بصناعة أجهزة هواتف ذكية بتصنيع محلى 100 فى المائة، فتم إطلاق أول إصدار بهاتف موديل Sico Nile X وSico infinity max فى 2018.
الماركات العالمية التسع التى نجحت الدولة المصرية فى جذب استثمارتها لدينا، نجحت فى تحول البلاد إلى مركز إقليمى لصناعة وتصدير الهواتف الذكية لكبرى الشركات العالمية، بعد أن وفرت عددا من الحوافز، كالإعفاءات الجمركية والضريبية، فعلى سبيل المثال تم إعفاء مكونات التصنيع من رسم وزارة المالية للتنمية، وكذلك الهواتف سواء كانت تقليدية أو ذكية المصنعة محلياً من ذات الرسم، شريطة أن تكون نسبة القيمة المضافة المحلية ونسبة التصدير تصل إلى 40 فى المائة.
وفى هذا الإطار، قال كريم غنيم، رئيس شعبة الاقتصاد الرقمى بغرفة القاهرة التجارية، إن الدولة المصرية نجحت بالفعل فى أن تكون مركزاً إقليمياً لصناعة وتصدير الهواتف الذكية لكبرى الماركات العالمية، بعد أن جذبت أكبر شركات فى مجال تصنيع الموبايل، مثل: سامسونج، نوكيا، ريلمي، أوبو، انفنيكس، وفيفو.
وتابع قائلاً: «هناك شركات بالفعل بدأت عمليات التصنيع وطرح منتجاتها فى السوق المحلية، بل تم تصدير جزء من حصتها الإنتاجية، مشيراً إلى أن مصر تمتلك جميع المقومات التى تجعلها مركزاً إقليمياً لصناعة الموبايل، فضلاً عن امتلاكنا الأيادى العاملة الكفء وتكلفتها أفضل من الأيادى العاملة فى الدول الأخرى مقارنة بالصين والهند، لافتاً إلى أن الدولة المصرية لوجستياً تمتلك موقعا جغرافيا يتيح لها التصدير إلى دول أوروبا وإفريقيا وشمال القارة السمراء ومنطقة الشرق الأوسط، كما أنها تمتلك ميزة البنود الجمركية الأقل مع الولايات المتحدة مقارنة بالصين.
ونوه بأن مصر تسير بخطى جادة ومدروسة وسريعة وفقاً لاستراتيجيات التصنيع، وكانت مبادرة تصنيع الإلكترونيات دافعاً قوياً فى عمليات تصنيع الإلكترونيات، ومنها الهواتف الذكية وملحقاتها من الساعات الذكية وسماعات البلوتوث.
وأعرب رئيس شعبة الاقتصاد الرقمى، عن تفاؤله حيث أكد أننا نسير فى الاتجاه الصحيح، قائلاً: «كافة المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن الدولة المصرية تسير فى الطريق الأفضل، فمنذ خفض الفائدة وثبات سعر الصرف وبناء قاعدة تصنيعية وجذب استثمارات لشركات كبرى، كل ذلك أكد أن مصر ستتصدر الإقليم بإنتاجها من الهواتف الذكية وملحقاتها». من جهته، استكمل محمد هداية الحداد نائب رئيس شعبة الموبايلات بالغرفة التجارية المصرية،الحديث قائلا: إن صناعة الموبايل فى مصر تعزز من الإنتاج المحلى للهواتف الذكية، وترفع من قيمة الجنيه، بزيادة التصدير من المنتج المحلى، وبالتالى ستسهم فى معدلات الصادرات لهذه المنتجات.
وأكد «الحداد» أن هذه الشركات العالمية ومصانعها قادرة على أن تلبى كافة احتياجات السوق المحلية بالكامل، وخلال فترة قريبة سيكون لدينا تشبع محلى لأجهزة الموبايل الذكية، وهو أمر نشهده على أرض الواقع، وليس مجرد خطط أو استراتيجيات مستقبلية، فهناك شركات مثل سامسونج العالمية بدأت التصنيع والتصدير لعدد من الدول الأوروبية لاستغلال القرب الجغرافى لمصر من القارة العجوز، كما أن هناك تخطيطا أن تتحول هذه الشركات للتصدير إلى القارة السمراء، وفتح مجال للمنتجات المصرية فى هذه الأسواق الجديدة.
وأشار «هداية» إلى أن تسعة ملايين جهاز هو أمر يمكن تحقيقه بعد دخول شركة جديدة مثل هونر Honor العالمية، والتى تبدأ فى إنهاء تأسيس مصنعها داخل مصر، كما أن لدينا عددا من الشركات العالمية الأخرى التى ترغب فى الدخول للسوق المصرية، بعد نجاح تجارب الشركات سابقة الذكر، فضلاً عن الحوافز التى قدمتها الحكومة لها.