مع بداية كل عام دراسى، تعود الحياة لتدق أبواب البيوت المصرية بإيقاع مختلف. فجأة تمتلئ الشوارع بحركة الأطفال فى زيّهم الجديد، وتعود أصوات الأمهات وهى توقظ أبناءها على عجل، ويتسابق الآباء مع الصباح لتجهيز ما يلزم قبل انطلاق اليوم الأول. المدرسة هنا ليست مجرد فصل دراسى أو مقررات، بل هى قصة حياة كاملة تبدأ مع أول حقيبة يحملها طفل صغير وتستمر حتى مقعد الجامعة، حيث تُكتب الفصول الأهم فى مستقبل الأسر.
فى بيت صغير بأطراف المدينة، تجلس أم تقلّب فى إعلانات المعارض، تبحث عن أرخص حقيبة وأبسط زىّ، بينما طفلها يراقب بإثارة قلمه الجديد وكراسته البيضاء. وفى حى آخر، يقف أب أمام مكتب دفع المصروفات فى مدرسة خاصة، يحاول أن يخفى قلقه من الأرقام الكبيرة التى تتجاوز دخله الشهرى. وفى الطريق، ينتظر باص المدرسة فى مشهد مألوف، لكنه يحمل فى داخله أسئلة كثيرة عن الأمان والتكلفة. كلها تفاصيل صغيرة لكنها تختصر معاناة كبيرة يعيشها ملايين المصريين مع بداية كل عام دراسى.
لكن الصورة لا تكتمل عند حدود البيت فقط، فالمدرسة نفسها تعيش تحولًا غير مسبوق: مناهج جديدة تُطلق فى سباق مع الزمن، ومعلّمون يتدربون على طرق تدريس مختلفة، وجدل لا ينتهى حول الاستعجال فى التطوير. وبينما يتحدث الخبراء عن صعوبة المرحلة، تضع الدولة رهانًا كبيرًا على أن يصبح التعليم مدخلًا حقيقيًا للتغيير الاجتماعى.
إنها حكاية متشابكة تجمع بين أعباء الأسر التى تثقلها الأسعار والمصروفات، وأحلام الطلاب الذين يتطلعون إلى تعليم أفضل، وجهود دولة تراهن على إصلاح جذرى رغم التحديات. حكاية تبدأ من مقعد خشبى صغير فى الصف الأول الابتدائى، وتمتد إلى مدرج جامعى يضم طلابًا يبحثون عن فرص أفضل فى الحياة.
