خطوة جديدة للاستثمار على شواطئنا، لكن هذه المرة اتجهت نحو البحر الأحمر، ولم تكن على غرار الخطوات الاستثمارية السابقة فى البحر الأبيض المتوسط، وعلى رأسها مشروع رأس الحكمة ، لينال «الأحمر» نصيبه من التنمية هو الآخر.
وتمثلت الخطوة الجديدة فى استثمارات إمارتية - سعودية، وفقًا لما أعلنه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، عقب توقيع عقود شراكة بين «إعمار مصر»، و«سيتى ستارز»، مع الحكومة المصرية، لتدشين أحدث المشروعات «مراسى البحر الأحمر» (Marassi Red Sea)، الذى يأتى كخطوة من شأنها أن تعزز مكانة منطقة البحر الأحمر فى مصر كوجهة سياحية فريدة.
وأضاف «مدبولى»، أنه من خلال هذا المشروع الضخم على ساحل البحر الأحمر، تم توقيع عقود الشراكة الخاصة به مع شركتين من أكبر الكيانات الاستثمارية، لدى الأشقاء العرب من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلين فى الشركة السعودية «سيتى ستارز» ، والإماراتية «إعمار».
وأوضح رئيس الوزراء، أن المشروع سيُقام على مساحة 10 ملايين متر مربع، باستثمارات تتجاوز 900 مليار جنيه، ويستهدف جعل هذه المنطقة مقصدًا كبيرًا للسياحة العالمية، وتقديم مستوى عالٍ من الجودة، كما أن المشروع سيتيح أكثر من 150 ألف فرصة عمل أثناء تنفيذه، وحوالى 25 ألف فرصة عمل دائمة مع تشغيل المشروع، بالتالى العوائد الاقتصادية كبيرة جدًا للدولة المصرية، بالإضافة إلى ذلك حصة القاهرة من المساحات المنشأة فى هذا المشروع.
كما أكد د. مدبولى، أن المشروع يُعد استفادة بكل المقاييس للدولة المصرية من التنمية وإتاحة فرص العمل، بالإضافة إلى خلق قيمة مضافة للاقتصاد القومى، مُتمثلة فى زيادة غرف السياحة، وبالتالى زيادة دخل قطاع السياحة والسفر، بالإضافة إلى نسبة من العوائد المباشرة، من خلال المساحات المنشأة الموجودة المخصصة للحكومة المصرية.
بدوره، قال محمد العبار، مؤسس شركة إعمار العقارية، إن مشروع «مراسى ريد» على ساحل البحر الأحمر المصرى، يُقام على مساحة تُعادل نحو 2426 فدانًا، ليصبح واحدًا من أكبر المشروعات السياحية المتكاملة فى منطقة الشرق الأوسط، مؤكدًا أن استثمارات الشركة فى السوق المصرى سترتفع بعد توقيع عقد المشروع الجديد إلى نحو 35 مليار دولار، مشيرًا إلى أن «إعمار» نفذت بالفعل مجموعة من المشروعات البارزة مثل مراسى الساحل الشمالى وإعمار ميسون، التى ساهمت فى ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسى فى القطاع العقارى بمصر.
وفى هذا الصدد، أزاحت شركة إعمار مصر –الذراع المحلية لمجموعة إعمار العقارية الإماراتية– الستار عن تفاصيل وتصميمات مشروعها الجديد «مراسى ريد»، وبحسب الجدول الزمنى للتنفيذ، تنطلق المرحلة الأولى للمشروع مطلع عام 2026، على أن يشهد عام 2028 التشغيل التجريبى لعدد من الفنادق والمرافق، فيما يكتمل تشغيل المدينة السياحية بالكامل بحلول عام 2030.
ويرتكز المخطط العام على مارينا بحرية كبرى تمثل القلب النابض للمدينة الجديدة، وتضم 3 مراسٍ دولية بطاقة استيعابية تصل إلى 600 مرسى لليخوت والقوارب، كما يمتد المشروع على شاطئ خاص بطول كيلومتر ونصف الكيلو، صُمم بطريقة تسمح بإطلالات مباشرة على البحر لمختلف الوحدات والفنادق، ما يمنحه مكانة خاصة بين الوجهات البحرية فى المنطقة.
كما يستهدف المشروع تحويل المنطقة إلى «موناكو البحر الأحمر»، عبر إقامة سلسلة فنادق ومنتجعات فاخرة بطاقة استيعابية تتجاوز 12 ألف غرفة، ومارينا دولية لليخوت السياحية، إلى جانب أكثر من 500 علامة تجارية عالمية فى مجالات التجزئة والموضة والمطاعم، كما يتضمن أحياء سكنية راقية على جزر خاصة، ومستشفيات ومراكز علاجية متخصصة، فضلًا عن مناطق ترفيهية ومراكز للمؤتمرات والمعارض الدولية.
ويُتوقع أن يشكل مشروع «مراسى ريد» نقلة نوعية للسياحة المصرية، حيث من المنتظر أن يجذب أكثر من 3 ملايين سائح إضافى سنويًا، ما يعزز مكانة البحر الأحمر كوجهة عالمية رائدة ويدعم الاقتصاد الوطنى.
ويحتضن المشروع 12 فندقًا عالميًا بتصميمات متعددة، تبدأ من الفنادق الفاخرة المطلة على البحر، مرورًا بفنادق تحمل الطابع المتوسطى، وأخرى صغيرة بنمط البوتيك تمنح الخصوصية الكاملة للنزلاء، ووصولًا إلى فنادق عائلية صُممت لتكون مرتبطة مباشرة بمناطق الترفيه المائية، إلى جانب فندق العافية المستوحى من أجواء الصحراء ليقدم تجارب علاجية واستجمامية متكاملة، بما يعكس تنوع أنماط الإقامة التى تراعى مختلف الاحتياجات.
وتتنوع خيارات السكن فى مراسى البحر الأحمر بين الأكواخ العائمة التى تمنح تجربة إقامة مباشرة فوق سطح المياه بإطلالات بانورامية على البحر، والمجتمعات السكنية المقامة على جزر خاصة لتشكل بيئة سكنية مبتكرة.
وجرى تصميم الوحدات بمساحات مختلفة تبدأ من 235 مترًا مربعًا للفيلّات وتصل إلى 647 مترًا، بينما تبلغ مساحات التاون هاوس 166 مترًا مربعًا، والشقق تتراوح بين 70 و187 مترًا مربعًا، كما خُصصت ست عشرة قطعة أرض حول المارينا واثنتان وثلاثون قطعة للفيلّات والتاون هاوس، وجميع الوحدات كاملة التشطيب وجاهزة للسكن الفورى.
ويشمل المشروع نوادى بحرية متخصصة، من بينها نادى ركوب الأمواج الشراعية، ونادى الأمواج الاصطناعية، وحديقة مائية متكاملة توفر أنشطة ترفيهية لجميع الأعمار، كما يقدم مجموعة من الشواطئ المميزة أبرزها شاطئ إنفينيتى الممتد بطول 1.5 كيلومتر والمزود بلاجونز سباحية وفيلّات مطلة على المياه ونادٍ شاطئى خاص، إلى جانب مساكن الواجهة البحرية التى تتمتع بشواطئ خاصة وإطلالات بانورامية، وكذلك المجتمعات السكنية على الجزر التى ترتبط بقنوات مائية صالحة للملاحة.
وفى السياق ذاته، قال إيهاب شكرى، عضو مجلس إدارة جمعية الاستثمار السياحى بالغردقة، إن المشروع يعكس تحركًا من شركة إعمار للبحث عن مناطق واعدة خارج نطاق عملها فى الساحل الشمالى، لافتًا إلى أن المناخ المعتدل على مدار العام، إلى جانب الطبيعة الخلابة والشواطئ النظيفة والشعاب المرجانية، جعل من البحر الأحمر وجهة عالمية واختيارا مثاليا للإقامة الدائمة.
وأكد «شكرى» أن مدن البحر الأحمر لم تعد مقصورة على السياحة الموسمية، بل أصبحت خيارًا استثماريًا مفضلًا للمصريين والأجانب، بالإضافة إلى أن البنية التحتية الحديثة، خاصة المطارات الدولية فى الغردقة ومرسى علم، ساهمت فى تشجيع الاستثمار هناك.
وأفاد بأن تكلفة بناء الوحدة العقارية فى البحر الأحمر أقل من نظيرتها بالساحل الشمالى، ما يمنح المطورين مرونة أكبر ويجعل الاستثمار فى هذه المدن أكثر جذبًا، سواء للأفراد الباحثين عن سكن دائم أو للمستثمرين الساعين إلى عوائد مرتفعة، مشيرًا إلى أن وجود شركة «إعمار» فى منطقة البحر الأحمر سيعطى ثقة كبيرة للسوق، لتشهد نقلة نوعية من الاعتماد فقط على الفنادق، إلى التنوع فى المنتجات العقارية، بما يشمل منتجعات خاصة ووحدات للإيجار والتمليك على المدى الطويل، وذلك بالتزامن مع ارتفاع الطلب من السائحين الأوروبيين على الإقامة لفترات طويلة فى وحدات خاصة بدلًا من الفنادق، وزيادة اهتمام الأجانب بشراء عقارات فى مصر، باعتبارها وجهة شتوية آمنة ودافئة.
وشدد عضو مجلس إدارة الجمعية، على أن تواجد «إعمار» فى البحر الأحمر، سيفتح الباب أمام شركات عقارية دولية أخرى لدخول السوق بنفس المستوى من الجودة والتكامل، ما يخدم خطط الحكومة فى الاستثمار السياحى ومضاعفة الغرف الفندقية للوصول بأعداد السياحة الوافدة إلى 30 مليون سائح سنويًا، متوقعًا أن تشهد منطقة البحر الأحمر طفرة عقارية كبيرة خلال الفترة المقبلة، بسبب التحسن الكبير فى البنية التحتية، منوهًا بأن مشروعًا، مثل القطار الكهربائى السريع، سيقلص زمن الرحلة من القاهرة إلى الغردقة إلى ساعتين فقط، فضلًا عن المشروعات التنموية الضخمة التى تتم فى تلك المنطقة.
وعن مقارنة الطلب بين البحر الأحمر والساحل الشمالى، أوضح إيهاب شكرى أن مقياس النجاح الفعلى لأى مشروع ليس حجم المبيعات فقط، لكن «الاستمرارية والربحية»، وهو ما تعكسه نتائج أعمال الشركات العاملة فى البحر الأحمر، التى تستفيد من نمو القطاع السياحى، والأهم أنها تقدم منتجًا عقاريًا يتوافق مع طبيعة الطلب فى المنطقة ونوعية العميل المستهدف، والذى قد يختلف عن عميل الساحل الشمالى.
ومن حيث انتهى عضو مجلس إدارة جمعية الاستثمار السياحى بالغردقة، واصل القول، فتح الله فوزى، رئيس لجنة التطوير العقارى بجمعية رجال الأعمال المصريين، موضحًا أن الشركات الجديدة تستفيد من المكانة التى تحظى بها الغردقة وشرم الشيخ على خريطة السياحة العالمية، لا سيما فى وجود وفرة من الأراضى بوجهات بحرية واسعة، منوهًا بأن توفير منتجات تتوافق مع احتياجات السائح الأجنبى يشجع على التملك، بما يخدم فكرة تصدير العقار وتوفير النقد الأجنبى.
وأتم فتح الله فوزى، الحديث، مؤكدًا أن ساحل البحر الأحمر على موعد مع طفرة عقارية سياحية، فى ظل رغبة الحكومة لجذب مزيد من رءوس الأموال الخليجية لتنمية مشروعات بالمنطقة، ما سيشعل التنافس بين ضفتى البحر الأحمر، تزامنًا مع المشروعات الكبرى التى تنفذها السعودية حاليًا فى الجهة المقابلة، مستبعدًا فكرة المنافسة مع المشروعات فى الواجهة المقابلة بالمملكة، مؤكدًا أن مصر متواجدة على خريطة السياحة العالمية من عقود طويلة، ولديها خبرات متراكمة فى هذا الشأن.
