رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

منفذ جديد لـ«ضحايا النسبة المئوية».. الجامعــات الأهليــة تفتح بوابة «الفرصة الثانية»


12-9-2025 | 15:31

.

طباعة
تحقيق: محمد السويدى

بينما تزدحم مقاعد الجامعات الحكومية بضغوط الأعداد المتزايدة، فتحت الجامعات الأهلية والخاصة أبوابها كمنفذ جديد يحقق أحلام آلاف الطلاب، ممن حال بينهم وبين رغباتهم فى الكليات فرق بسيط فى مجموع الثانوية العامة.

اليوم باتت هذه الجامعات - التى تجاوز عددها 59 من أصل 86 جامعة مصرية - لاعبًا أساسيًا فى مشهد التعليم العالي، تطرح برامج حديثة، ومعامل متطورة، وتنافس فى استقطاب الطلاب بكليات الطب والهندسة والصيدلة والإعلام وغيرها. وبين مؤيد يراها خطوة نحو تجويد التعليم وربطه بسوق العمل، ومتحفظ يحذر من تعميق الفوارق الاجتماعية، تظل الجامعات الأهلية ساحة اختبار حقيقية لمستقبل التعليم الجامعى فى مصر.

 

يقول وزير التعليم العالى الأسبق الدكتور حسين خالد، إنه بعد أن توسعت الدولة خلال السنوات الأخيرة، فى إنشاء المزيد من الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية، أصبحت الجامعات الخاصة والأهلية رافدا مهما فى التعليم العالى بمصر، تلبى طموحات شريحة ليست بالقليلة من الحاصلين على الثانوية العامة، فى معظم الكليات.

ويوجه نصيحته للمسئولين عن الجامعات الأهلية والخاصة بأن يكون أعضاء هيئة التدريس بها، خاصين بهم وليسوا منتدبين من جامعات حكومية، حتى لا يحدث تفريغ فيها، وبالتالى تتأثر العملية التعليمية بالجامعات الحكومية، مقترحا عمل إعلان لتعيين أعضاء هيئة التدريس، وإرساله للسفارات المصرية بالخارج، حتى يتسنى لعلمائنا بالخارج، العودة إلى مصر وتعيينهم والاستفادة بخبراتهم العلمية والبحثية.

نافذة أمل جديدة

ترى الدكتورة سرفيناز حافظ، مديرة المكتبة المركزية بجامعة القاهرة وأستاذة المكتبات والوثائق بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن فكرة الجامعات الأهلية، حلم حقيقى لمن فاته الالتحاق بالجامعات الحكومية بسبب فرق بسيط فى مجموع الثانوية العامة، فعلى سبيل المثال، بلغ الحد الأدنى للقبول بكليات الطب الحكومية هذا العام 93.12 فى المائة، وبالتالى منْ حصل على 89 فى المائة أو حتى 90 فى المائة أو 91 فى المائة أو 92 فى المائة أو 93 فى المائة، ضاعت فرصته فى الالتحاق بكلية الطب الحكومية، ولم يعد أمامه لتحقيق حلمه سوى الالتحاق بكليات الطب المختلفة بالجامعات الأهلية، وهذا شيىء جميل وأؤيده حتى لا أهدم طموحه، فمستوى طالبى الطب بالجامعات الأهلية والجامعة الحكومية متقارب، نظرا لتقارب مجموعهم فى الثانوية العامة، لكن أن يكون الطالب حاصلا على مجموع يقل بكثير عن الحد الأدنى للقبول بكليات الطب الحكومية، ويرغب فى دخول كليات الطب الخاصة والأهلية، بسبب قدرة أسرته على سداد مصروفات الدراسة، فهذا ما أتحفظ عليه، وبالقياس على بقية الكليات الأخرى.

وتضيف أن أهم ما يميز الدراسة بالجامعة الأهلية، هو تحديث المعامل والأجهزة، وقلة عدد الطلبة بالمدرجات، وبالتالى زيادة قدرة استيعابه وقربه من أستاذه، الأمر الذى يرفع من مستوى الخريجين وتقاربهم بين الجامعات الحكومية والأهلية، وعلى وجه الخصوص فى جامعة القاهرة وجامعة القاهرة الأهلية، لافتة إلى حرص الدكتور محمد سامى عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة على إنشاء مكتبة كبيرة بجامعة القاهرة الأهلية بأكتوبر، وتزويدها بكافة الإمكانات التكنولوجية والرقمية حتى يستفيد منها الطالب هناك على غرار استفادة طلاب جامعة القاهرة بالمكتبة المركزية ومكتبات كلياتهم.

وتوضح الدكتورة لبنى فريد عبد الكريم، عميدة كلية التجارة جامعة القاهرة، أن الجامعات الأهلية وعلى رأسها جامعة القاهرة الأهلية، تساهم فى تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، بعدد من المحاور تتمثل أهمها فى استكمال توفير تعليم جامعى ومتطلبات الجودة، وتوفير فرص تعليمية عديدة للطلاب وتحقيق حلم أولياء الأمور فى التحاق أولادهم بالكليات، واستكمال ربط البرامج الدراسية باحتياجات سوق العمل، الأمر الذى يساعد فى تخريج كوادر مؤهلة لسوق العمل بما يساهم فى تدعيم التنمية المستدامة وقدرة الخريج على المنافسة محليا ودوليا، وتتنافس فى مصروفاتها الدراسية مقارنة بالجامعات الخاصة.

وتضيف أن كلية الأعمال بجامعة القاهرة الأهلية تساهم بثلاثة برامج هى (المحاسبة المالية، التسويق، التأمين)، ويجرى تدريسها باللغة الإنجليزية، ومن المتوقع أن تشهد هذه البرامج إقبالا من الطلبة للحاجة إليهم فى سوق العمل مؤخرا.

استقطاب الكوادر

الدكتورة نجوى بدر، عميدة كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس، لم يختلف رأيها كثيرا عما سبق، إذ تؤكد أن الجامعات الأهلية والخاصة، أصبحت حقيقة لتحقيق حلم الطلاب بالالتحاق بالكليات التى يرغبون فيها، فهذه الجامعات لا تقتصر على إتاحة مقاعد دراسية فقط، بل تميزت باستقطاب نخبة من الكوادر الأكاديمية والإدارية، من أساتذة الجامعات الحكومية ذوى الخبرة الطويلة، إلى شباب الباحثين الحاصلين على درجات علمية من أرقى الجامعات العالمية.

وتشير إلى أن جودة هذه الكوادر يضمن للطلاب مستوى تعليميا رفيعا، يجمع بين الخبرة النظرية والتطبيق العملي، إضافة إلى مناهج حديثة تتماشى مع متطلبات سوق العمل، كما أن الجامعات الأهلية تسعى إلى توفير بيئة تعليمية متكاملة، تعزز من قدرات الطلاب على الابتكار والبحث العلمي، بما يجعلهم أكثر استعدادًا لسوق العمل العالمي، وبهذا، لم يعد حلم الالتحاق بالكلية التى ترغب بها مجرد أمنية، بل واقع تدعمه مؤسسات تعليمية حديثة بكوادر متميزة وخطط علمية طموحة.

وتوضح الدكتورة شيرين سلامة، أستاذة الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن فكرة الجامعات الخاصة والأهلية جاءت فى الأصل كحل لمعضلة الضغط المتزايد على الجامعات الحكومية، ولإتاحة فرصة ثانية لمن لم يحققوا رغباتهم عبر التنسيق. من هذه الزاوية يمكن القول إنها وفرت متنفساً حقيقياً لشريحة من الطلاب وأسرهم، وأعادت لهم الأمل فى دراسة التخصصات التى كانوا يطمحون إليها، لكن عند تقييم التجربة من منظور جودة التعليم والعدالة الاجتماعية، لا بد أن نتوقف عند نقاط قوة وضعف واضحة، فمن ناحية، هذه الجامعات تقدم بالفعل تجهيزات حديثة وبرامج جديدة، إلا أن الفارق الحقيقى فى جودة الخريج مقارنة بنظيره فى الجامعات الحكومية ليس واضحاً بعد على نطاق واسع، خاصة أن تقييم الكفاءة لا يقتصر على المناهج أو القاعات الدراسية، بل يشمل كفاءة أعضاء هيئة التدريس، ومنظومة البحث العلمي، وفرص التدريب العملي.

وتضيف أنه على المستوى الاقتصادي، يجب الاعتراف بأن ارتفاع الرسوم يجعل هذه التجربة غير متاحة إلا لمن يملك القدرة المالية، وهو ما قد يعمّق الفجوة بين فئات المجتمع؛ إذا لم تُدعم بسياسات منح عادلة تستهدف الطلاب المتفوقين غير القادرين، تاريخياً، هذا النوع من التعليم غالباً ما يُنظر إليه على أنه موجه للنخبة، وهو ما قد يخلق انقساماً اجتماعياً إذا لم يتم ربطه بسياسات أوسع لتحقيق تكافؤ الفرص.

جودة العملية التعليمية

من جانبه، يرى الدكتور هانى مهدى أستاذ هندسة الحاسبات والنظم المتفرغ بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أن إنشاء الجامعات الأهلية والخاصة قد أسهم بالفعل فى تحقيق حلم الكثير من الطلاب الذين لم تتح لهم فرص الالتحاق بالكليات الكبرى فى الجامعات الحكومية، وهو ما يعد استجابة طبيعية للزيادة المستمرة فى أعداد المتقدمين نتيجة للنمو السكاني.

ويؤكد أن هذه الزيادة انعكست على جودة العملية التعليمية داخل الجامعات الحكومية، متذكرا أنه عندما التحقت بكلية الهندسة عام 1966، كان عدد الطلاب الجدد لا يتجاوز 600 طالب، بينما وصل العدد فى السنوات الأخيرة إلى أكثر من 3000 طالب دون أن يقابله توسع مماثل فى أعداد أعضاء هيئة التدريس أو القاعات الدراسية والمعامل، ومع ظهور الجامعات الأهلية، تراجع العدد ليقترب مجددًا من 600 طالب، مما أتاح فرصة لتحسين جودة التعلم.

لكن فى المقابل، والكلام للدكتور هانى مهدي، تبقى معضلة جوهرية تتعلق بضعف الرواتب فى الجامعات الحكومية، فلا تزال تستند إلى لائحة مالية قديمة منذ عام 1972، وهو ما يدفع الكثير من أعضاء هيئة التدريس إلى الإعارة أو الانتداب، سواء داخل الجامعات الخاصة أو خارج البلاد، وهنا يظهر تحدٍ آخر يتمثل فى استنزاف الكفاءات من الجامعات الحكومية لصالح الجامعات الأهلية، لذا، فإن التوسع فى الجامعات الجديدة يجب أن يُدرس بعناية على المستوى القومي، مع ضرورة مراجعة الأوضاع المادية لأعضاء هيئة التدريس لضمان استقرار المنظومة التعليمية وتحقيق التكامل بين جميع أنماط الجامعات.

ويتابع أنه فى سياق الاستثمار فى التعليم، من المهم أن نتذكر أن التعليم ليس سلعة خاضعة لقوانين العرض والطلب وحدها، بل خدمة مجتمعية لها دور فى تحقيق العدالة والتنمية البشرية، ودخول القطاع الخاص إلى مجال التعليم يفتح فرصاً لجذب تمويلات، وتحسين البنية التحتية، وتقديم برامج حديثة، لكنه يفرض فى الوقت نفسه ضرورة وجود رقابة قوية على جودة المخرجات وعدم ترك الأمر بالكامل لمنطق الربحية، ونجاح التجربة هنا يعنى تحقيق توازن بين الجدوى الاقتصادية والمصلحة العامة للمجتمع.

ويستكمل د. مهدي: لذلك تقييمى للتجربة أنها خطوة مكملة وليست بديلاً، نجحت فى توسيع الطاقة الاستيعابية للتعليم العالى وفى استحداث برامج جديدة، لكنها بحاجة إلى متابعة دقيقة لضمان ألا تتحول إلى مسار تعليمى موازٍ يحافظ على التفاوت الطبقى بدلاً من أن يقلل منه، والنجاح الحقيقى سيكون عندما تصبح هذه الجامعات رافداً من روافد التنمية المجتمعية، لا مجرد خيار متاح للقادرين على دفع تكاليفه.

الحلم الذى أصبح حقيقة

الدكتور عيد ضحا رئيس قسم الرياضيات الأسبق بكلية العلوم جامعة القاهرة، يؤكد هو الآخر، أن حلم الالتحاق بالجامعات الأهلية أو الخاصة أصبح حقيقة، وباتت فرص الطلاب للالتحاق بتلك الجامعات كبيرة، ولا سيما بعد إعلان وزارة التعليم العالى عن فتح باب التقديم للجامعات الأهلية والخاصة فى العام الدراسى الجديد 2025- 2026، مع تحديد نسب التنسيق الخاصة بالجامعات الأهلية الجديدة، والتى نصت على أن تكون نسبة القبول فى التخصصات أقل من 5 فى المائة من معدل تنسيق الجامعات الحكومية والخاصة.

وانتشرت الجامعات الأهلية فى ربوع مصر، كما يجملها د. ضحا، ففى نطاق القاهرة الكبرى، أصبح لدينا جامعتا القاهرة وعين شمس الأهلية، بعد أن سبقتهما جامعة حلوان الأهلية، وفى الإسكندرية، توجد جامعة الإسكندرية الأهلية، وفى نطاق الصعيد، أنشئت جامعة أسيوط الأهلية، وجامعة جنوب الوادى الأهلية، وجامعة الأقصر الأهلية، وجامعة المنيا الأهلية، وجامعة بنى سويف الأهلية، وفي الوجه البحري، لدينا جامعة المنصورة الجديدة، وجامعة بنها الأهلية، وجامعة الزقازيق الأهلية، وجامعة المنوفية الأهلية، فضلا عن جامعة العلمين الدولية، وجامعة الملك سلمان الدولية، وجامعة الجلالة، وغالبيتها توجد بها برامج لتعليم بعض مقررات وأقسام كليات العلوم ، لذا فالطالب الذى يقبل على الجامعات الأهلية من أجل برامج دراسية بكليات العلوم بها، فمن الراجح أنه عاشق للعلوم ولم تسمح له الفرصة للالتحاق بالكليات الحكومية، لذا جاءت الجامعة الأهلية لتلبى رغبته وتحقق طموحه فى دراسة العلوم الأساسية المختلفة من رياضيات وفيزياء وكيمياء وجيولوجيا وعلوم الحياة.

فى الوقت نفسه توقع الدكتور عيد ضحا زيادة الإقبال بالجامعات الأهلية فى العام الدراسى الجديد وفى الأعوام القادمة، على كليات القطاع الطبى وفى مقدمتها جامعة القاهرة الأهلية.

أخبار الساعة