رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ترامب لا يعترف باستطلاعات الرأى المضادة


12-9-2025 | 15:33

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

طباعة
تقرير: يمنى الحديدى

إجراءات وقرارات لا تتناسب مع القوانين الأمريكية، وأخرى لا تتماشى مع السياسة الدولية، هذا ما يفعله دونالد ترامب، فلا أحد يستطيع أن يجزم حتى الآن ما إذا كان ما يفعله رئيس أكبر قوة عالمية، يخدم بلاده أم يضره هو شخصيا، خاصة أن شعبيته بدأت تتراجع داخليًا وخارجيًا، بسبب سياسته التى يتبناها ويدافع عنها بقوة، بل تجاوز الأمر ذلك، وأصبح البعض يصفه بالديكتاتور الأعظم، ورغم ذلك يستمر ترامب فى فعل ما يريده!!.

 

معادلة غريبة على المجتمع الأمريكى، رئيس يفعل ما يحلو له من إرسال قوات خاصة إلى الولايات، بينما يفرض رسوما جمركية هنا وهناك، ويسيطر بنفوذه الرئاسى على بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، ويستحوذ على حصص فى الشركات، وعلى الجانب الآخر مؤسسات كبرى لا تستطيع إيقافه، هذا ما يحدث الآن على الساحة المحلية هناك، هذا المشهد غير الديمقراطى أدى إلى تراجع شعبية الرئيس فى الاستطلاعات الأخيرة إلى نحو 14 نقطة مئوية بالسالب، وهذا أقرب إلى نسبة تأييد جو بايدن العام الماضى بعد مناظرته المروعة معه.

لكن المحير هنا، هو كيف يستطيع ترامب تنفيذ ما يريده ومعظم الأمريكيين لا يجتمعون عليه؟!.. السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أشار إلى أن الجواب يكمن فى الدستور الأمريكى الذى يعطى الرئيس صلاحيات دستورية واسعة، حتى إن الوزراء أنفسهم لا حيلة لهم فى الأمر، ففى الولايات المتحدة لا يسمى الوزير وزيرًا، بل سكرتير، يمكن لترامب أن يقيله فى أى وقت، دون حتى أسباب أو محاسبة، وإذا تم الطعن على أى قرار اتخذه عن طريق القضاء، يماطل ترامب حتى لا ينفذه، والأمر بطبيعة الحال يستغرق وقتًا طويلًا يمكن الرئيس من تنفيذ قراره بالفعل، حتى يصدر قرار المحكمة.

وهذا أيضًا، ما أكده تقرير لمجلة الإيكونوميست الأمريكية، حيث شبهته بخوارزمية تيك توك، يجذب الانتباه ثم ينتقل إلى الخطوة التالية قبل أن يكتشف أعداؤه ما حدث للتو، فهو يتحرك أسرع بكثير من تلك القوى التى تعوقه وتترقبه، فعلى سبيل المثال، لم تقرر المحكمة العليا فى ولاية لوس أنجلوس، ما إذا كان نشر قوات هناك خلال يونيو الماضى يعد أمرًا قانونيًا أم لا، وبينما يأخذ القضاة وقتهم، قد يتبع الرئيس نفس السياسة فى شيكاغو، الأمر كذلك فى موضوع التعريفات الجمركية، فقد لا تصدر المحكمة حكمًا بشأن قانونية تعريفاته الجمركية من عدمه قريبًا.

حتى الآن امتثل ترامب لأحكام المحكمة العليا، لكن إذا سدّ أحد المنافذ القانونية، فسيلجأ إلى آخر، ويعود الوضع إلى ما هو عليه، بالإضافة إلى جانب آخر هام وهو أن الحزب الجمهورى يتركه يفعل ما يشاء، وهذا ليس لمجرد أنه حاصل على تأييد الجمهوريين بنسبة 90 فى المائة، بل إن الفكرة المنظمة للحزب جعلت ترامب على حق دائمًا، حتى عندما يناقض نفسه، لدرجة أن النقاشات السياسية تحولت إلى جدل تتناقش فيه الأطراف حول المعنى الحقيقى لكلمته.

وأكد «حسن» أن تراجع شعبية ترامب ليس على المستوى الداخلى فقط، بل خارجياً أيضًا، فهناك سخط على رسومه الجمركية فى كل البلاد التى فرضها عليها، حتى على مستوى الحلفاء، هناك توترات بسبب هذه التعريفات التجارية، كذلك الأمر فى طريقة علاجه للأزمة الأوكرانية، وأخيرًا فيما يخص القضية الفلسطينية، فعلى سبيل المثال، باتت بريطانيا تتحدث عن إمكانية قيام دولة فلسطينية، بينما هذا المقترح لا مكان له عند ترامب الذى يرى نتنياهو «بطلًا» -كما وصفه، رغم أنه يرقص على جثث الأطفال والمدنيين، ويعطيه الحق فى أن يضم ما يريده من أراضٍ فلسطينية دون وجود نية لإقامة دولة فسطينية مستقلة.

وأضاف «حسن»، أنه شرع الآن فى تغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى وزارة الحرب، مما يتناقض مع نيته فى الحصول على نوبل للسلام، ويربك مؤيديه الذين يدعمونه فى سياسة «أمريكا أولا»، لكن هذا الاسم فى هذا الوقت يضع تساؤلات عديدة حول الأسباب التى تدفع ترامب لذلك، وتبرز من جديد تناقضات أقواله وأفعاله.

أما فى الداخل الأمريكى كما ذكر «حسن»، فلأول مرة منذ بداية الحرب على غزة تظهر استطلاعات الرأى رغبة الأمريكيين فى وقف إطلاق النار ووقف إمداد إسرائيل بالسلاح لحين وقف الإبادة فى غزة، حيث اعتمد الإعلام الأمريكى فى بداية الحرب على إيصال وجهة النظر الإسرائيلية، لكن مع انتشار السوشيال ميديا والأخبار التى تُعرض عليها، أدرك الأمريكيون حقيقة ما يجرى داخل القطاع.

وأضاف السفير «رخا»، أن تخفيض برامج الرعاية الاجتماعية والتعريفات الجمركية والتضخم المؤدى لارتفاع الأسعار، كل هذا أدى إلى سخط الأمريكيين على ترامب، ففى النهاية ما يهم المواطن هناك، هو ما يكسبه وما ينفقه وما يدخره، وترامب أثر على كل هذه الأمور، وهناك شيء آخر كان من أسباب هذا السخط، وهو الشركات العابرة للقارات التى تعمل معظمها فى بلاد أخرى، وتصدر من جديد للولايات المتحدة، فمع وجود التعريفات، تضاعف سعر هذه المنتجات، مما أثر فى النهاية على استهلاكها وحركة البيع.

مشهد تعمه الفوضى بعض الشيء فى الولايات المتحدة التى تجاوز حد الدين العام لها 130 فى المائة ووصل حجم ديونها إلى أكثر من 36 تريليون دولار، وترامب يجرب حزمة من القرارات قد تنجح أو تفشل، وسياسيًا يقع عبء المعارضة على الديمقراطيين، لكن كما أكد السفير رخا حسن، أنهم منقسمون، وظهر ذلك الانقسام فى الانتخابات، وإصرارهم على ترشيح «بايدن» حتى آخر وقت، فهم كما يقول يحتاجون إلى قيادات وإلى ترتيب أوراقهم حتى تتسنى لهم الفرصة فى انتخابات التجديد النصفى فى نوفمبر العام القادم، بشأن انتزاع الأغلبية من الجمهوريين، والوقوف فى وجه دونالد ترامب، حيث إن انقسام الديمقراطيين يجعل الرئيس أكثر شعبية منهم، وهو بارع فى نصب الفخاخ لهم، والتى تجعلهم يبدون أكثر ديكتاتورية وتطرفًا.

فى النهاية، رأى «رخا أحمد حسن» أن ترامب سيكمل فترته الرئاسية بسلاسة، وربما سيحقق انتعاشة اقتصادية؛ لأن القوى الفاعلة فى الولايات المتحدة كانت تريد رجلا مثل هذا المقاول، والقطب العقارى لا يلتزم بقوانين، على أمل أن يخرج الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية.

أخبار الساعة