رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«الاصطفاف العربـى».. فريضة


11-9-2025 | 21:08

.

طباعة

«لحظات فاصلة».. الوصف الأقرب لما تشهده منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الحالية، بل يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، والحديث عن «ترتيب الأولويات»، لاسيما أن المنطقة منذ سنوات عدة، وتحديدًا منذ اليوم التالى لعملية «طوفان الأقصى» فى أكتوبر عام 2023، لم تكن على موعد مع «لحظة هادئة»، بل على العكس تمامًا، الأحداث تتسارع، والآراء تتبدل، والمواقف تتصاعد.

لعل أخر هذه الأحداث، الهجوم الذى نفذته دولة الاحتلال على العاصمة القطرية «الدوحة»، مستهدفة اجتماعاً لقيادات حركة «حماس» أثناء بحث بنود التفاوض على وقف إطلاق النار.

وفى بيان شديد اللهجة، أعربت الرئاسة المصرية، عن إدانتها الشديدة واستنكارها البالغ للعمل العدواني، مؤكدة أنه يمثل سابقة خطيرة وتطورًا مرفوضًا، ويعد اعتداءً مباشراً على سيادة دولة قطر الشقيقة، التى تضطلع بدور محورى فى جهود الوساطة من أجل وقف إطلاق النار فى قطاع غزة.

كما ترى مصر أن هذا التصعيد يقوض المساعى الدولية الرامية إلى التهدئة، ويهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة بأسرها.

وأعلنت مصر تضامنها الكامل مع دولة قطر الشقيقة قيادةً وشعبًا، داعية المجتمع الدولى إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه هذا الانتهاك الاسرائيلى الصارخ، والعمل الفورى على وقف العدوان الإسرائيلى، ومحاسبة المسئولين عنه، حتى لا يضاف إلى الافلات المعتاد لإسرائيل من المحاسبة.

ووسط هذا كله كانت مصر تقف «متصدرة المشهد»، لأسباب سياسية وأخرى تاريخية، ولم يكن ممكنًا أبدًا أن تقف «القاهرة» صامتة، فمسئوليتها التاريخية كـ «شقيقة كبرى للعرب» فرضت عليها أن تكون فى المواجهة، تجلس على «طاولة المفاوضات»، وتقدم الحلول تلو الأخرى للخروج من الأزمة المحتدمة، وفى الوقت ذاته تمارس دورها الدبلوماسى لتوضيح الصورة فى قطاع غزة أمام العالم.

ضغوط كثيرة تحملتها القيادة السياسية المصرية نتيجة موقفها الواضح مما يحدث فى القطاع، ومحاولات لم تتوقف يومًا جرت لإبعادها عن المشهد أو تحييدها، لا لشيء إلا لأن هناك من يعتبر مصر «حجر عثرة» يعوق تنفيذ المؤامرة الصهيونية فى فلسطين، بـ «شطب الحق الفلسطينى فى الدولة المستقلة»، وهو حق تدافع عنه مصر بكل ما تمتلك من قوة، وترفض رفضًا قاطعًا التراجع عن المطالبة به ودعمه فى المحافل الدولية، والتأكيد على أنه «الحل الوحيد» لغالبية مشكلات وأزمات «الشرق الأوسط».

تحركات القاهرة لم تكن فقط على الصعيد العالمى، بل كانت حاضرة فى المشهد العربى، ولعل الزيارات واللقاءات المتكررة التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكذلك وزير الخارجية د.بدر عبدالعاطى تؤكد هذا الأمر، فمن بغداد إلى الرياض، تحرك الرئيس، ومن عمان إلى بيروت تنقل الوزير، وذلك إدراكًا لمسئولية مصر فى «توحيد العرب» على موقف واحد «دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية».

القضية الفلسطينية، لم تكن الطريق الوحيد الذى سلكته مصر لتحقيق هدف «وحدة العرب»، بل جاءت العديد من المواقف لتثبت أن القاهرة تمتلك رؤية أشمل لـ «الوحدة»، رؤية سياسية ودبلوماسية واقتصادية، ولعل الصفقات التى أبرمتها مصر مع عدة دول عربية، منها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكذا دولة الكويت، وغيرها، تشير إلى أن إدارة الرئيس السيسى تعمل فى اتجاهات عدة لـ «تأمين مستقبل العرب» وجعل «الكلمة والقرار النهائى» بأيدى العرب، وليس أى طرف آخر.

«السيادة العربية»، ملف ثالث عملت عليه القيادة السياسية المصرية كثيرًا خلال الفترة الماضية، وهو ما تجلى فى اعتماد جامعة الدول العربية، مؤخراً، المبادرة «المصرية ـ السعودية» المشتركة التى تُعرف بـ «رؤية مشتركة للأمن والتعاون فى المنطقة»، وهى رؤية تعتبرها القاهرة «إطاراً حاكماً للترتيبات المستقبلية».

وجاء تعليق القاهرة على اعتماد «الجامعة العربية» للمبادرة، ليؤكد «المسئولية المصرية»، حيث أكدت أنه لا مجال للسماح بهيمنة أى طرف على المنطقة أو فرض ترتيبات أمنية أحادية تنتقص من أمن المنطقة واستقرارها.

القاهرة، أكدت أيضا أن «القرار يثبت حق الدول العربية الأصيل فى بلورة مبادئ حاكمة لترتيبات المنطقة، ويؤكد بصورة لا لبس فيها أن من حق الدول العربية أن تطرح وتفرض إرادتها ورؤيتها لبناء منظومة أمن وتعاون قائمة على الاحترام المتبادل وحسن الجوار والالتزام بقواعد القانون الدولى، وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، وجعل إنهاء الاحتلال المدخل الحقيقى إلى سلام عادل ومستدام».

أخبار الساعة