فقد أصدرت الجماعة الإرهابية (المكتب العام) وجناحها المسلح (حركة حسم)، بيانا على لسان مفكرها الجديد الإرهابى الهارب (محمد الإلهامى) يهدد فيه الجيش المصرى ويتوعد جنوده وضباطه وقادته بالقتل، ويهددهم بالدخول إلى نار جهنم فى الآخرة إذا لم يقتلوا فى الدنيا، كما يدعو الجنود وجنود الصف لعصيان قادتهم وعدم تنفيذ أوامرهم فهم فى عقيدته «كفار وجنود فرعون».
لكن.. لماذا الجيش المصرى؟
بالنظر للمنطقة العربية سنكتشف بسهولة أن الجيش المصرى هو الوحيد الباقى من كافة الجيوش العربية، وهو الوحيد القوى والمتماسك والقادر على إحباط المخططات الإسرائيلية والغربية، وهو يملك أكبر قوات بشرية فى إفريقيا بالكامل، كما أن مصر تتصدر القوى العسكرية فى إفريقيا بجيش يزيد تعداده عن مليون جندى، بالإضافة لعدد قوات الاحتياط التى يمتلكها كما أنها تمتلك أكبر قوة دفاع.
فقد سبق أن ساهم الإخوان الإرهابيون فى هدم الجيوش العربية وتقويضها كما فى العراق من قبل وسوريا حاليا، وفى السودان وفى اليمن وليبيا، ولأنه لم يتبق إلا الجيش المصرى فقد قرروا النيل منه، قبل تنفيذ مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين، المفارقة أنه الجيش الوحيد الذى هزم جيش دولة الاحتلال فى آخر معركة خاضها المحتل الإسرائيلى مع جيش نظامى، وهم يعلمون قوته وقدراته وإمكاناته، لذلك وضعوا خطة تتضمن حروب الجيلين الرابع والخامس تعتمد فى قدر منها على الجزء الأهم والأخطر فى استراتيجياتها، وهو خليط من الأدوات الإعلامية (عبر وسائل الإعلام التقليدية والجديدة معا) والتكتيكات الاقتصادية والنفسية والسياسية، مثل خفض الروح المعنوية ونشر السخرية من رجال القوات المسلحة، والترويج لاتهامات باطلة كاتهام الجيش بالاستيلاء على الحالة الاقتصادية المصرية، وأنه يكتنز الأسلحة ولم يخض أى حرب.
لينتقلوا للمرحلة الثانية وهى جر الدولة المصرية بفعل غير مدروس والتورط فى حروب خارجية يتم استنزاف الجيش وقواته فيها مثل اليمن أو ضرب سد النهضة الإثيوبى، أو محاربة السودان من أجل حلايب وشلاتين.
ثم الدخول للمرحلة الأخيرة منها وهى المواجهات العسكرية، بعد الاستنزاف خارجيا وتحطيم الجيش وقدراته والعودة للمربع صفر، ووقف مسار التنمية والخروج من التأثير السياسى العالمى وعدم الاستحقاق للدخول فى تحالفات اقتصادية، هذه الاتهامات كانت تستهدف صناعة توترات اجتماعية وانقسامات بين مختلف فئات المجتمع المصرى، والتأثير على الأمن القومى المصرى والاستقرار فى المنطقة.
هذا المخطط لم يكن ليتم إلا بجماعة الإخوان الخائنة، والتى تعمل كطابور خامس فى المنطقة، فقد استهدفوا الجيش المصرى بالدعاية السلبية لكل مراحل الخطة الإسرائيلية طوال السنوات 12 الماضية، هذا الانحياز والخدمات المجانية للعدو ليس مستغربًا عن جماعة عميلة تعمل بالوكالة عن أجهزة مخابرات أجنبية معادية، هدفهم وغايتهم هدم الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها الجيش المصري.
مثّل خطاب الإخوان الوقح ضد الجيش المصرى، دليلاً وبرهانًا على انحياز الإخوان للمخطط الإسرائيلى لخفض الروح المعنوية للقوات المسلحة، فتوقيت البيان الإخوانى جاء أثناء الاشتباك اللفظى مع إسرائيل، فكشفوا عن عمالتهم بغباء متناهٍ، أما مضمون الخطاب فكشف عن حجم الكراهية التى يكنها الإخوان للدولة المصرية وعلى رأسها القوات المسلحة ومحاولاتهم تحطيمها بكل ما أوتوا من قوة وبكل السبل والانتقام من عزلهم عن حكم مصر فى 2013.
الحرب ليست جديدة فقد بدأت من 2013، منذ أحبط الجيش المصرى كافة المخططات لإسقاط مصر والمنطقة فى الفوضى الأمنية باسم الربيع العربى، خططت لها إسرائيل وموّلتها دولة إقليمية ونفذها وينفذها الآن وسينفذها مستقبلا أفراد وأجهزة جماعة الإخوان الإرهابية، سواء فى برامجهم المذاعة فى دول إقليمية، أو عبر تناقل الألسنة الإخوانية وصبّ سمومهم فى آذان البسطاء وغرضهم توليد حالة غضب الشعبى يضغط على القيادة السياسية والعسكرية لوقف تحديث الجيش واستعداده ورفع كفاءته، حتى يظل ضعيفًا أمام الجيش الإسرائيلى غير قادر على حماية حدوده أو وقف مخططات التهجير.
ولما لم تنجح خطتهم أخذوا مسارا آخر، وهو التهكمات من تقدم فرع من أفرع القوات المسلحة فى إنتاج ما يحتاجه الشعب المصرى والدولة المصرية، من مزارع للأسماك ومصانع لألبان الأطفال، أو إنتاج مواد غذائية كادت تختفى من السوق تحت ضغوط بعض رجال الأعمال المرتبطين بالرأسمالية العالمية، هذه الصناعات التى قدمها رجال القوات المسلحة منعت خلق مزيد من الأزمات العذائية والاحتكارية فى الدولة، وفوّتت الفرصة على الإخوان ومموليهم وداعميهم من خلق غضب جماهيرى كانوا ينتظرون شرارته ليؤججوا فيها نارًا لا تنطفئ إلا بحرق الشعب والدولة ومؤسساتها، فناصبوه العداء وحاولوا تشويه كل منجزاته فى دعم واستقرار الدولة المصرية وتحقيق الحد الأدنى من الحياة الآمنة للمصريين.
لهذا ظلوا فى دوائرهم يحرّضون على الجيش ويغرسون الكراهية بين أبنائهم وحاولوا أن ينقلوه إلى الشعب المصرى من الفئات الأقل عمرًا، والتى لم تشهد خستهم ونذالتهم وتهديدهم للدولة المصرية بحرق الشعب والوطن، وأنهم لن يبقوا فيها حجرًا على حجر، حتى أن أحد أهم خطبائهم ومنظريهم الإرهابى الهارب «وجدى غنيم» كفَّر كل منْ يهتف للجيش المصرى، حتى ولو ردد أغنية تسلم الأيادى، كان ينشر الكراهية للجيش المصرى، ولم يتحدث ببنت شفة ضد الجيش الإسرائيلى ومجازره ضد الأشقاء الفلسطينيين، لم يدنْ أى اعتداء على أى شعب عربى أو مسلم سواء من أمريكا أو بريطانيا أو تركيا بل كان غايته وهدفه الجيش المصرى.
ورغم كل هذه السخافات تحمّل رجال القوات المسلحة وأهاليهم، وواجهوها بروح قتالية شجاعة ومواقف لا يملكها إلا الجندى المصرى والشعب المصرى والجيش المصرى، واجهوا كل الحرب الإعلامية القديمة والحديثة وكل ادعاءات الإخوان وإسرائيل، فلم يتورط القادة السياسيون ولا العسكريون فى حروب لا طائل منها إلا المجد الشخصى، ولم يراهنوا بقدرات الجيش برهان خاسر فى حرب ليست معركتنا، ولم يسمحوا باستنزاف قدرات القوات المسلحة، بل عملوا على تدعيمها وتقويتها ورفع كفاءة العاملين بها، وأعطوا درسا فى الصبر واختيار موعد المعركة ومكانها بشروط المصريين لا بشروط الأعداء وأبواقهم.
لم يحتجْ الجيش لحملات دعاية لإثبات وطنيته ولا لإثبات حب الناس لجنوده، فالجيش من المصريين، والمصريون أهل الجيش وهو المؤسسة الوطنية الوحيدة التى حمت الشعب والدولة والمؤسسات من الانهيار فى وقت حرج وصعب ودقيق.
هذا الالتفاف وهذا الحب أنفقت الدول المعادية مليارات لمجرد أن ينصرف الشعب عن الجيش، أو أن ينشق بعض جنوده، لكن الحقيقة التى قالها الرئيس عبد الفتاح السيسى قبل أن يتولى حكم مصر، «يبدو أنكم ما تعرفوش القوات المسلحة»، وكان يعنى أن عقيدة الجندى والضابط المصرى هى الدفاع عن الوطن والشعب والدولة مهما كلفه حياته.