رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«صوت الوطن فى قلب العالم»


7-8-2025 | 19:18

.

طباعة
بقلـم: د.غادة جابر

فى مشهد وطنى بامتياز، شارك المصريون بالخارج يومى 1،2 أغسطس الجارى فى انتخابات مجلس الشيوخ، مقدمين عرفاناً وانتماء وولاء للوطن، تأتى هذه المشاركة فى إطار حرص الدولة المصرية على تمكين الجاليات من ممارسة حقوقها السياسية، وعلى تعزيز دورها الحيوى فى بناء مؤسسات الدولة، وتفعيل قنوات الاتصال بين المصريين فى الداخل والخارج، وبناء جسور الثقة بينهم.وأظهرت تقارير الهيئة الوطنية للانتخابات انتظام عملية التصويت فى معظم الدول التى توجد بها جاليات مصرية، وسط أجواء تنظيمية وإشراف كامل من البعثات الدبلوماسية، التى أدارت العملية الانتخابية باحترافية عالية، وقد أتيحت الفرصة لجميع المصريين المقيمين بالخارج وحرصت الدولة المصرية على تسهيل إجراءات التصويت.

 

أقيمت الانتخابات فى 137 مقرًا انتخابيًا موزعة على 121 دولة، وتم فتح الباب أمام تصويت المصريين بالخارج يومى الخميس والجمعة من الساعة 9 صباحًا حتى 9 مساء بالتوقيت المحلى لكل دولة، وجاءت أعلى نسب للمشاركة من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والكويت والإمارات، حيث شكلت هذه الدول الكتلة التصويتية الأعلي، نظرًا لكثافة الجالية المصرية بها، كما شهدت بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا وألمانيا وبريطانيا تفاعلًا ملحوظًا رغم تحديات التنقل والبعد الجغرافى.

المشاهد العامة داخل المقار الانتخابية عكست انضباطًا كبيرًا، وتنظيمًا لوجستيًا ناجحًا من جانب السفارات والقنصليات، التى وفرت أماكن مخصصة لكبار السن وذوى الهمم، إلى جانب تخصيص فرق إرشادية لتسهيل عملية الاقتراع، وضمان سلاسة الإجراءات دون ازدحام أو تعقيدات.

وعلى صعيد التمثيل السياسى، فإن إتاحة التصويت للمصريين بالخارج يعكس تقدير الدولة لدورهم، واعترافها الكامل بكونهم جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطنى، لقد بات من الواضح أن الدولة تسير بخطى ثابتة نحو تكريس مفاهيم المشاركة السياسية الشاملة، بعيدًا عن أى تمييز أو إقصاء.

من زاوية السياسة الخارجية، فإن نجاح العملية الانتخابية فى الخارج يعكس صورة مصر كدولة مستقرة، ذات مؤسسات قوية قادرة على تنظيم انتخابات نزيهة فى الداخل والخارج على حد سواء.. كما أن إجراء الانتخابات بهذا الشكل يعزز من الثقة الدولية فى المسار السياسى المصرى، وهو أمر له انعكاسات إيجابية على العلاقات الثنائية مع الدول المضيفة، خاصة فيما يتعلق بتعزيز التعاون القنصلى والدبلوماسى، كما أن السفارات المصرية استثمرت هذا الحدث لتعزيز العلاقات مع الجاليات، من خلال التواصل المباشر، وتقديم الخدمات، والاستماع إلى آراء ومقترحات الناخبين، ما أسهم فى تقوية الروابط بين الدولة وأبنائها فى المهجر.

وأظهرت المشاركة الواسعة للمرأة المصرية بالخارج، ولاسيما فى الدول الأوروبية، تطورًا لافتًا فى وعى الجالية بدور المرأة، ومدى اندماجها فى الحياة العامة والسياسية.. كما شارك عدد كبير من الشباب، خاصة أبناء الجيلين الثانى والثالث من المهاجرين، وهو مؤشر إيجابى على أن الهوية المصرية لا تزال حاضرة بقوة، حتى لمن وُلدوا أو تربوا بعيدًا عن أرض الوطن.

ولقد كانت انتخابات مجلس الشيوخ فى الخارج فرصة ذهبية لتعزيز مفهوم الانتماء والمواطنة، وجاءت كمؤشر حقيقى على أن المصريين، أينما وُجدوا، لا يزالون يحملون همّ الوطن، ويسهمون فى رسم مستقبله.

وفى ختام هذا الحدث الديمقراطى، يمكن القول إن الدولة المصرية نجحت فى اختبار جديد على طريق بناء جمهورية جديدة تتسع للجميع، وتضع فى اعتبارها أهمية إشراك كل مصرى فى صياغة مستقبل وطنه، بغض النظر عن مكان إقامته.

إن ما تحقق فى انتخابات مجلس الشيوخ 2025 بالخارج ليس مجرد رقم فى سجلات الناخبين، بل هو ترجمة فعلية لسياسة وطنية تراهن على وعى المواطن، وعلى دور الجاليات كجسر بين مصر والعالم، وكصوت حضارى يعبر عن مصر الجديدة، المستقرة، الطموحة.

وبينما تستعد البلاد لاستحقاقات قادمة، تبقى تجربة المصريين فى الخارج خلال انتخابات الشيوخ نموذجًا ملهمًا يمكن البناء عليه، وتحسينه، وتعزيزه، فى إطار التوسع الديمقراطى الذى تسير عليه مصر خلال السنوات الأخيرة.

فمن أبرز النقاط التى تم العمل عليها فى انتخابات هذا العام، التوسّع فى استخدام التقنيات الحديثة لتسهيل تسجيل الناخبين والتأكد من أهليتهم للمشاركة.. وقد أتاحت الهيئة الوطنية للانتخابات نظامًا إلكترونيًا متقدمًا لتحديث بيانات الناخبين بالخارج وتحديد أماكن تصويتهم قبل فترة كافية من بدء التصويت، ما ساعد على تقليل الازدحام وضمان دقة المعلومات، هذا التوجه الرقمى يعكس رؤية الدولة نحو تحسين كفاءة العملية الانتخابية، ويمنح المصريين بالخارج ثقة أكبر فى قدرتهم على المشاركة من أى مكان بالعالم، دون الحاجة إلى إجراءات معقدة أو طويلة.

ويعد مجلس الشيوخ إحدى الغرفتين التشريعيتين فى النظام السياسى المصرى، ويقوم بدور استشارى هام فى صياغة السياسات العامة، ومراجعة القوانين، ومناقشة الموضوعات ذات الطابع القومى والاستراتيجي. ووجود صوت للمصريين بالخارج فى هذا المجلس يمثل نقلة نوعية فى تمثيل الجاليات، واعترافًا بدورهم المتنامى فى دعم الاقتصاد الوطنى، وتعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية بين مصر والدول الأخرى.

وقد تميزت هذه الانتخابات بمشاركة عدد من المرشحين ذوى الخلفية الدولية، أو ممن لديهم تجربة طويلة فى العمل مع الجاليات بالخارج، وهو ما أعطى للمصريين المقيمين خارج البلاد شعورًا بأنهم جزء من عملية صنع القرار وليسوا مجرد جمهور متابع من بعيد، وكان التمثيل متنوعا يعكس طبيعة الجالية المصرية..

ومن الأمور اللافتة فى انتخابات 2025، التنوع الكبير فى الخلفيات المهنية والثقافية للمرشحين الذين خاضوا غمار المنافسة على مقاعد مجلس الشيوخ.

فلم تكن انتخابات مجلس الشيوخ فى الخارج مجرد حدث دستورى داخلى، بل حملت أيضًا دلالات سياسية ودبلوماسية مهمة، فمشاركة المصريين فى الخارج فى هذا الاستحقاق تعكس للعالم صورة إيجابية عن الحالة السياسية المصرية، ومدى نضج مؤسساتها، وقدرتها على تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة تشمل أبناءها فى المهجر، فمن منظور العلاقات الدولية، تعد مشاركة الجاليات فى الانتخابات بمثابة رسالة سياسية مزدوجة.. للدول المضيفة: حيث تؤكد احترام مصر للمشاركة السياسية، وحرصها على تعزيز الانتماء الوطنى دون تعارض مع قوانين الدول المستضيفة.

وللمجتمع الدولي، بوصف هذه الانتخابات امتدادًا لمنظومة ديمقراطية تسير بخطى ثابتة نحو التحديث والتوازن بين الاستقرار والإصلاح السياسى.

وقد استثمرت وزارة الخارجية المصرية، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للانتخابات، هذه اللحظة لتعزيز التواصل مع الجاليات، وتفعيل قنوات التعاون مع الدول الشريكة من خلال الدور الدبلوماسى الذى لعبته السفارات فى تسهيل التصويت وتنظيم العملية بكفاءة عالية.

وتعد الجاليات كمكوّن دبلوماسى شعبى فالجاليات المصرية فى الخارج أحد أهم أدوات القوة الناعمة لمصر، إذ تسهم فى تعزيز صورتها الدولية، وبناء الجسور مع الشعوب الأخرى. وتأتى مشاركة الجاليات فى انتخابات مجلس الشيوخ كتعبير مباشر عن تفعيل هذا الدور الشعبى فى خدمة السياسة الخارجية.

ومن هنا، يمكن قراءة هذه المشاركة كأداة لتعزيز ثقة الدول فى المسار السياسى المصرى، خصوصًا أن التصويت جرى فى بيئة منظمة وهادئة، وعكست انضباطًا سياسيًا يعزز من رصيد مصر فى ملف حقوق الإنسان، والديمقراطية، والحكم الرشيد، كما أن العملية الانتخابية منحت الجاليات فرصة للتفاعل السياسى الإيجابي، وهو ما سينعكس على علاقتهم بالوطن، ويزيد من رغبتهم فى لعب دور تنموى واستثمارى أكثر فاعلية فى المرحلة القادمة.

فانعكاسات المشاركة على مكانة مصر الدولية، يمكن رصد عدد من الانعكاسات المباشرة وغير المباشرة لمشاركة المصريين فى الخارج فى انتخابات الشيوخ: وتعزيز صورة الدولة كمستقرة سياسيًا: وهو ما ينعكس فى التقارير الدولية والإعلام الغربى، ويؤثر على تصنيفات المؤسسات الدولية لمناخ الاستثمار والوضع السياسى فى البلاد.

وتحسين قنوات التواصل مع الجاليات: الانتخابات تمثل فرصة لمد جسور جديدة بين مؤسسات الدولة والجاليات، بما فى ذلك الاستماع لمطالبهم ومقترحاتهم، وربطهم بالمؤسسات التشريعية من خلال ممثليهم.

تقوية الروابط الثنائية مع الدول التى تتم فيها الانتخابات: تنظيم الانتخابات فى مقار السفارات يفرض تنسيقًا دبلوماسيًا عالى المستوى مع الدول المضيفة، ويمنح تلك الدول ثقة فى التعاون المؤسسى مع مصر.

مشاركة النساء والشباب فى الخارج إشارات واعدة:

من الإشارات الإيجابية فى انتخابات الشيوخ هذا العام، ظهور مشاركة واضحة للمرأة المصرية بالخارج، خاصة فى دول الخليج وأوروبا، سواء كناخبات أو كعنصر نشط فى التنظيم داخل مقار السفارات، كما أظهرت اللجان الانتخابية حضورًا متزايدًا من الشباب، لاسيما من أبناء الجيل الثانى والثالث من الجالية، الذين وُلدوا أو نشأوا فى الخارج، لكن لا يزالون مرتبطين بالوطن الأم.

وهذا الحضور يؤكد أن الهوية المصرية لا تتلاشى رغم المسافات، وأن هناك جيلًا جديدًا من المصريين بالخارج قادر على المشاركة فى صياغة المستقبل الوطني، ويمتلك أدوات التعبير والتأثير.

وقد أثبتت انتخابات مجلس الشيوخ بالخارج 2025 أن المصريين المقيمين خارج البلاد لا يزالون جزءًا فاعلًا من المعادلة الوطنية، وأنهم قادرون على ممارسة حقهم السياسى بكفاءة ووعي. كما أثبتت الدولة المصرية، من خلال تنظيم هذه الانتخابات، أنها منفتحة على تعزيز مسارات المشاركة السياسية الشاملة، وأنها ترى فى مواطنيها بالخارج ركيزة من ركائز التنمية والدبلوماسية الشعبية.

وبينما نتطلع إلى استكمال الاستحقاقات الديمقراطية الأخرى، تظل مشاركة الجاليات المصرية فى الخارج علامة فارقة فى تاريخ التحول السياسى الحديث فى مصر، ورمزًا لقدرة المصريين على أن يكونوا حيثما وجدوا، سفراء لوطنهم، وصوتًا عابرًا للحدود.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة