الأزهر «مُختطف على يد الطيب»، عبارة جاءت على لسان أحد قادة الإخوان الإرهابية، لخصت بشكل كبير حالة عداء الجماعة للأزهر الشريف وإمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، فـ«الإرهابية» كانت تريد سحب البساط من تحت الأزهر وتحجيم دوره لتصبح مراكز الثقل للشيوخ والدعاة غير الأزهريين، ويكون الأزهر حكرًا للمنتمين للجماعة وأنصارها.
كما خططت وسعت «الإرهابية» للسيطرة على الأزهر والاستحواذ على كرسى «الإمام الأكبر»، لكن صمود الأزهر أفقد الإخوان صوابهم، فلجأوا للتطاول على «الطيب».
مشاهد كثيرة كانت حاضرة عبرت عن كره «الإرهابية» للإمام الطيب، فقبل أن يؤدى الرئيس المعزول محمد مرسى اليمين الدستورية، وفى الاحتفال الذى أقيم له بجامعة القاهرة عقب إعلان فوزه، انسحب «الطيب» ومرافقوه بعد أن فوجئ بأن المقعد المخصص له لا يليق بمقام الأزهر ولا بوضع الإمام الأكبر وهو بدرجة رئيس الوزراء.
وفى حفل تنصيب مرسى تجاهل المعزول يد «الطيب» الممدودة لمصافحته، متخطيًا إياها، فى مشهد بالغ السوء.. وحينما حدثت حالات تسمم فى المدينة الجامعية لجامعة الأزهر، استغلت «الإرهابية» الحادث للمطالبة بعزل شيخ الأزهر، أيضًا دفعت «الإرهابية» شبابها للتظاهر ضد الإمام الطيب وصل لحد محاولة اقتحام المشيخة.
وكان ظهور «الطيب» بجوار رموز وقيادات الدولة فى خطاب «3 يوليو»، بحضور الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، والبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمثابة غلق الطريق أمام مزاعم الإخوان وتصدير المشهد بأنه حرب على الإسلام.
وقال شيخ الأزهر فى مشهد عرضته الحلقة 30 من مسلسل «الاختيار 3»، إنه تبين من خلال الاجتماع أن مصر الآن أمام أمرين أحلاهما مر، وأن أشدهما مرارة هو صدام الشعب المصرى وسيلان دمائهم فى الشارع.. وأضاف أنه كان من الضرورى تأييد الرأى بانتخابات رئاسية مبكرة يحتكم فيها الشعب إلى صندوق الانتخاب.. و«أسأل الله أن تسلم مصر».
وأصدر الإمام الأكبر بيانًا عقب إلقاء الرئيس السيسى بيان 3 يوليو، وضع الطيب 4 أسس كانت بمثابة السند الشرعى للمؤسسات الوطنية للخروج على حكم الإخوان الفاشى، من بينها، أن قرار الدعم لثورة «30 يونيو» كان منعًا لصدام المصريين بسبب تعنت الإخوان، فضلًا عن الوقوف حائلًا ضد أى محاولة طائفية.
كما طالب شيخ الأزهر، فى بيان له يوم 2 يوليو، الجميع بتحمل مسؤولياته أمام الله والوطن والتاريخ، فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من هذه الأزمة، تقديرًا لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد، من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقنًا للدماء، وصونًا للأعراض والأموال، وحفاظًا على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخليًا وخارجيًا. وحذر وقتها من فتنة تجر البلاد إلى هاوية خطيرة ومستنقع كريه يشوه وجه مصر العظيم.
وقبل مشهد «3 يونيو» تصدى «الطيب» لفتوى أحد مشايخ السلفية بـ«تكفير الخارجين على طاعة مرسى وإهدار دمائهم»، وكان ذلك فى إشارة إلى الملايين الموقعين على استمارات «تمرد»؛ إلا أن الإمام الأكبر وجه ضربة للإرهابية وأكد فى بيان لمشيخة الأزهر أن «المعارضة السلمية للحاكم جائزة شرعًا»، محذرًا «من العنف وتكفير الخصوم واتهامهم فى دينهم».
كما حث «بيت العائلة المصرية» جموع المصريين على لم الشمل، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطنى، وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى.
وفى ظل محاولات الجماعات المتشددة لاختطاف الوطن وإرهاب أبنائه، وقف الأزهر مساندًا للدولة المصرية ومقدرات الشعب، وتضامن مع الكنيسة المصرية ضد استهداف المواطنين المسيحيين وكنائسهم، بعد محاولات تلك الجماعات لإيقاع الفتنة بين أبناء الوطن.. كما قام الأزهر بمساندة ودعم جهود القوات المسلحة، والشرطة فى حربهما المستمرة ضد الإرهاب، وقاد الأزهر مسيرة تجديد الخطاب الدينى، والتجديد المستمر للمناهج التعليمية، بما يتوافق مع متطلبات العصر.. وعقد الأزهر عدة مؤتمرات لمواجهة الإرهاب وتأكيد قيم التعايش والمواطنة.
ولم يكن الأزهر بمنأى عن الأخطار التى تهدد مصر من المنافذ الحدودية، فعمل على تعزيز تواصله مع أبناء الوطن فى المناطق النائية والحدودية مثل قوافل الشيخ زويد، ورفح، والعريش، وقوافل حلايب وشلاتين، وقوافل الوادى الجديد، وقوافل سيدى برانى والسلوم.
وهنا نقول إن الخلاف بين الأزهر و«الإرهابية» خلاف تاريخي، فعقب عزل الإخوان عن السلطة، أفتى الأزهر عبر «مركزه العالمى للفتوى الإلكترونية» بأن الانضمام للإخوان وجماعات الإرهاب أمر محرم شرعًا. وأوضح الأزهر حينها أن الإخوان شوهوا النصوص واقتطعوها من سياقها واستخدموها لتحقيق أهداف أو مآرب شخصية وإفساد فى الأرض بعد إصلاحها، من خلال غرس الفتنة والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد، بل أبناء الإنسانية كلها، ورمى المجتمعات بالكفر وغير ذلك، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل.
وصعّد الأزهر فى السنوات التالية الهجوم ضد الإخوان، حينما أصدر مرصده لمكافحة التطرف، بيانًا وصف الجماعة بـ«الإرهابية» وأنها تستخدم النصوص الشرعية فى غير موضعها وتحرف معانيها، لتبرير ترويع وتهديد أمن مصر. وحذر «المرصد» الشباب من الانخداع بفكر الإخوان، مؤكدًا أن «الإرهابية» تسعى لهدم أركان الدولة ونشر الفتنة.
فالأزهر كان ضد «الإخوان» منذ إنشاء «الإرهابية» على يد حسن البنا، فالإمام الأكبر الراحل محمد مصطفى المراغي، طالب رئيس الوزراء أحمد ماهر عام 1954 بحل جماعة «الإخوان»، لأن «المراغي» اكتشف الوجه الحقيقى للجماعة، وأن غرضها تحويل الجماعة إلى مرجعية بديلة عن الأزهر ورجاله من غير أن تكون مؤهلة لهذا الأمر، فأباحت لنفسها الفتوى فى الدين.
