«قروش قليلة فقط».. جملة بسيطة ظهرت بالتزامن مع الأنباء المتداولة حول تراجع سعر الدولار الأمريكى أمام الجنيه المصرى، وتناقلها بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعى، الذين حاولوا تناول الموضوع بـ «السخرية»، وفيما يمكن وصفه بـ «الحملة الممنهجة»، بدأت بعض الحسابات تتناقل «المنشورات الساخرة»، غير أن ساعات قليلة مضت، وبدأت الأصوات العاقلة والوطنية تسيطر على الموقف «أون لاين»، بعدما خرج الخبراء ليتحدثوا ويحللوا موقف «تراجع القروش».
«تراجع الدولار أمام الجنيه»، لم يشغل فقط بال «أهل مصر»، بل سريعًا تلقف الخبر العديد من الوسائل الإعلامية الإقليمية والدولية، وغالبيتها التزمت بتقديم «رؤية محايدة» لما حدث - ولا يزال - فى المعركة المستمرة بين «الدولار والجنيه» ، ليس هذا فحسب، لكنها استندت إلى شهادات مؤسسات اقتصادية دولية تثنى على الإجراءات المصرية والإصلاحات الهيكلية التى نفذتها «القاهرة» لتجبر «الورقة الخضراء» على التراجع، بعد ثباتها طوال عدة أشهر فوق حاجز الـ 50 جنيها، بل هناك مؤسسات تراجعت عن تقديراتها بعدما أثبتت مصر مقدرتها على إجبار الدولار على العودة للوراء قليلا.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، كانت شركة «إى إف جي هيرميس»، قد توقعت ارتفاع متوسط سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصرى إلى 51.75 جنيه، خلال العام المالى المقبل، مقارنة بتقديراتها السابقة البالغة 49.9 جنيه للعام المالى الحالى.
وأشارت التقديرات إلى تحسن ملحوظ فى أداء الاقتصاد المصرى، حيث توقعت «هيرميس» نمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 4.7 فى المائة فى العام المالى المقبل، مقارنة بمعدل 3.7 فى المائة متوقع للعام الحالى، ما يعكس تفاؤلا بشأن وتيرة التعافى الاقتصادى.
كذلك، رجحت «هيرميس» ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى إلى 45.1 مليار دولار بنهاية العام المالى المقبل، مقابل 44.8 مليار دولار فى توقعاتها للعام الجارى، مما يشير إلى استقرار نسبى فى الموارد الأجنبية للبلاد.
الخبراء بدورهم قدموا تحليلا لـ «التراجع» ، مؤكدين أن تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه جاء مدعومًا بوجود فائض من العملة الأجنبية لدى البنك المركزى، إلى جانب تطبيق مصر سياسة سعر صرف مرن، بالتزامن مع وجود بعثة صندوق النقد الدولى فى مصر، كما أوضح عدد منهم أن كسر الدولار لحاجز الـ50 جنيهًا فى عدد من البنوك جاء نتيجة لعدة عوامل، أبرزها زيادة المعروض من العملة الأجنبية داخل الجهاز المصرفى، ما انعكس على سعر الصرف، وأن ارتفاع المعروض من الدولار يرجع إلى زيادة تحويلات المصريين من الخارج، ونمو حجم الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب ارتفاع معدلات السياحة خلال الفترة الماضية.
ما حدث - ولا يزال يحدث - فى سوق الصرف، مما لا شك فيه أنه جاء بعد أشهر قليلة من القرارات المصيرية التى اتخذتها حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، والتى وصفها كثيرون بـ” القاسية»، فالجميع لا يزال يذكر قرار البنك المركزى فى مارس 2024 المتعلق بـالعودة مجددا إلى تحرير سعر الصرف بعد تعليقه بشكل مؤقت بهدف القضاء على السوق السوداء لتجارة العملة، وسد فجوة التمويل الأجنبى، وما هى إلا أشهر قليلة وحقق القرار المطلوب منه، كما ساهم القضاء على السوق السوداء فى عودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج ووصوله لمستوى قياسى خلال عام إلى 32.6 مليار دولار من مارس 2024 إلى فبراير 2025 بزيادة 72 فى المائة على أساس سنوى.
