رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بين ميادين الجيش والشعر.. عوض أحمد خليفة صاغ وجدان السودان بالكلمة والنغم

23-10-2025 | 16:54

الشاعر عوض أحمد خليفة

طباعة
دعاء برعي

استطاع الشاعر السوداني عوض أحمد خليفة، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم 23 أكتوبر أن يمزج بين الصرامة العسكرية ورهافة الإحساس الفني، ليصوغ قصائد ظلت حيّة في الذاكرة الجمعية للسودانيين لعقود طويلة، تحمل عبير الوطن ودفء العاطفة وصدق التجربة الإنسانية، فتنوعت أشعاره بين الرومانسي والوطني والإنساني

نشأته وتكوينه

وُلد عوض أحمد خليفة في يناير 1931  بالعاصمة السودانية الخرطوم، ونشأ في بيئة بسيطة، وغلبت على طفولته روح الانضباط والمسؤولية التي انعكست لاحقًا على شخصيته وشعره، والتحق مبكرًا بالمدارس النظامية، ثم انضم إلى الكلية الحربية السودانية ليتخرج ضابطًا بالجيش، فجمع بذلك بين ميدان الواجب الوطني وساحة الإبداع الفني.

انخرط عوض أحمد خليفة في المؤسسة العسكرية، لكن ذلك لم يخمد موهبته الشعرية، بل وجد في الخدمة العسكرية مصدر إلهام وإعانة للانضباط الفني والصدق الوجداني. ليكتب قصائده من قلب التجربة الحياتية، فجاء شعره صادقًا، قريبًا من الناس، مشبعًا بعطر الوطن والإنسان.

انطلاقة شعرية مع الأغنية السودانية

انتشرت أعمال خليفة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وهي حقبة شهدت ازدهار الأغنية السودانية الحديثة، فشكّل مع مجموعة من الشعراء والملحنين والمطربين جيلًا فنيًا أحدث ثورة في الذائقة الغنائية، وجعل من الشعر الغنائي السوداني لونًا مميزًا على الساحة العربية.

شكلت شراكته الفنية مع الفنان الراحل محمد وردي نقطة تحول فارقة في مسيرته، إذ تغنى وردي بعدد من أجمل قصائده، منها: "الطير المهاجر"، و"الود"، و"لو بهمسة"، و"يا جميل يا مدلل"، وكانت هذه الأغنيات نصوصًا شعرية ذات عمق لغوي وإنساني، عبرت عن الحنين والاغتراب والحب والوطن، فصارت جزءًا من الذاكرة الغنائية السودانية التي لا تشيخ.

أعماله بين الوطن والعاطفة

كتب خليفة عن الحب كقيمة إنسانية نبيلة، وعن الفراق والحنين، وعن الوطن بوصفه الأم التي لا تغيب عن القلب، فتناولت قصيدته الشهيرة "الطير المهاجر" حنين المغترب إلى وطنه، وكانت رمزًا لحالة وجدانية عامة عاشها السودانيون في فترات الاغتراب والتحول، فصوّر من خلالها مشاعر البعد والارتباط بالأرض بصدق جعلها نشيدًا وجدانيًا للأجيال.

أسلوبه الشعري

تميّزت لغة الشاعر عوض أحمد خليفة بالبساطة والصدق، حيث استخدم مفردات من الحياة اليومية السودانية، لكنه صاغها بروح شعرية، جعلت من نصوصه قابلة للغناء والحفظ، وفي الوقت ذاته غنية بالصور الفنية والمعاني الرقيقة، وكان يؤمن بأن الشعر ليس ترفًا لغويًا، بل رسالة وجدانية تمس الناس وتخاطب وجدانهم، لذلك جاءت كلماته قريبة من القلب، صادقة في المعنى، لا تصطنع البلاغة ولا تستعير العاطفة.

وفاته

رحل عوض أحمد خليفة في 23 أكتوبر 2019، وظل حتى هذا التاريخ رمزًا من رموز الإبداع الوطني، ورائدًا من رواد الأغنية السودانية الحديثة، وربط إرثه الشعري بين جيلين: جيل ما قبل الاستقلال الذي حلم بوطن حر، وجيل ما بعده الذي تغنى بالأمل والحب والإنسان..

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة