عندما يجتمع العلم بالسرد القصصي، يخلق معادلة متقنة تصنع الإبهار والمعرفة، وهو ما فعله الكاتب والمخرج والطبيب الأمريكي مايكل كرايتون، أحد رواد أدب الخيال العلمي، الذي كسر القاعدة، ليصبح نموذجًا فريدًا للمبدع متعدد المواهب.
ولد كرايتون في مثل هذا اليوم 23 أكتوبر 1942 في مدينة شيكاغو، واكتشف موهبته للكتابة في سن صغيرة، فنشر أول مقال له في صحيفة الـ"نيويورك تايمز" وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، والتحق بالطب في جامعة هارفارد، لكن طريقه لم يتوقف عند سماعة الطبيب، فبين أروقة الجامعة بدأ يكتب قصصًا قصيرة، وسرعان ما لفت الأنظار بقدرته على تبسيط المفاهيم العلمية المعقدة وتحويلها إلى حبكات مشوقة تلامس الخيال وتستند إلى حقائق علمية دقيقة، وكان يكتب الروايات بأسماء مستعارة، حتى إنه ذات مرة بمساعدة أخيه "دوجلاس" نشر رواية باسم "مايكل دوجلاس".
كان كرايتون يكتب الروايات ويبنيها على الأساس العلمي ثم يدمج فيها الفن والخيال، وفي عام 1986 فازت روايته الغامضة "حالة الحاجة" بجائزة "إدجار" الأمريكية الشهيرة، المنسوبة للشاعر والناقد الأدبي"إدجار آلن بو" والتي تُمنح لكتاب الخيال والغموض.
كتب العديد من الروايات منها: "و ماذا بعد ؟؟"، "أكلة الموتي " و"حالة رعب"، وانطلقت شهرته العالمية مع روايته "الحالة النهائية" عام 1969، التي تناولت انتشار فيروس قاتل مصدره الفضاء الخارجي.
لفتت هذه الرواية الأنظار إلى قدرته على التنبؤ العلمي واستشراف المخاطر المستقبلية، لتتحول سريعًا إلى فيلم ناجح، لكن قمة مجده وشهرته جاءت مع روايته "الحديقة الجوارسية" في 1990 والتي أعادت الديناصورات إلى الحياة عبر استنساخ جيني خيالي واقعي التفاصيل وتحولت إلى فيلم بنفس الاسم، حقق مبيعات ضخمة تتجاوز الـمليار دولار، وكتب آخر روايتين قبل وفاته باسم "التالي" و"خطوط عرض القرصان"، كما قام بعيدًا عن مجال الروايات بكتابة بعض الكتب منها: "المرضى خمسة"، "الحياة الإلكترونية"، "الرحلات" و"جاسبر جونز".
خاض كرايتون تجربة الإخراج والكتابة السينمائية والتلفزيونية بنجاح لافت، وتحولت 12 رواية من رواياته إلى أعمال سينمائية منها: "سفير"، و"الشمس المشرقة" و"العالم المفقود" وهو جزء من سلسلة "الحديقة الجوراسية"، بالإضافة إلى إنتاج وإخراج بعض من الأفلام منها: "المحارب الـ13"، "سفير" و "إعصار" كما أنه صاحب فكرة و مخرج المسلسل التليفزيوني الشهير"إي آر" الذي كان يُعرض في الفترة من 1994 إلى 2009، لمدة ساعة في الأسبوع و يدور حول العلاقات الإنسانية في غرف الطوارئ بالمستشفيات.
وفي عام 1995، حصل على لقب الكاتب الأكثر مبيعًا، وبذلك يكون قد تفوق على كل من "ستيفن كينج" و"جون جريشام".
وتوفي مايكل كرايتون، في 4 نوفمبر 2008، وهو في السادسة والستين من عمره بسبب مرض السرطان، وكان رحيله مفاجئًا للجميع.